لم يكن تعيين الشيهانة العزاز نائباً للأمين العام لمجلس الوزراء في السعودية أمرًا مفاجئًا. فالمحامية الشابة يتم إعدادها لكي تكون واجهة للصورة التي يريد الأمير محمد بن سلمان -ولي عهد السعودية- تقديمها عن المملكة مستقبلا كدولة عصرية منفتحة.
“الشيهانة” -المولودة عام 1986 وقريبة من سنّ ولي العهد المولود عام 1985- أول امرأة سعودية تزاول مهنة المحاماة. وذلك بعد حصولها على رخصة من وزارة العدل في السعودية أعقبت حصولها على رخصة أخرى من قبل المحكمة العليا بنيويورك.
جذبت “الشيهانة” التي تظهر في الإعلام الغربي كامرأة متحررة -دون غطاء للرأس- الأنظار إليها وقت إعلان استراتيجية صندوق الاستثمارات العامة السعودية برئاسة ولي العهد. وقبلها عملت في العديد من الشركات الدولية في مجال المحاماة والاستشارات القانونية.
كانت “الشيهانة” -الحاصلة على شهادة البكالوريوس في القانون مع مرتبة الشرف من جامعة دورهام البريطانية- المروج لحقوق المرأة السعودية وإنجازاتها في مؤتمرات وندوات دولية ومحلية. ومع اعتمادها على الإنجليزية في الحديث والحضور الذهني الكبير بدأت تفرض وجودها على الساحة السعودية.
الصورة الذهنية لامرأة السعودية
منذ 2016 تظهر “الشيهانة” كمحاورة في كثير من اللقاءات. بينها أنشطة لجمعيات تنمية مجتمعية مثل “طموح“. التي استضافت قيادات سعودية تتحدث عن المرأة. منهم الأمير تركي الفيصل -رئيس المخابرات السعودية الأسبق- والذي تحدث عن طموحه في أن يكون للنساء دور مستقبلا في قيادة العالم.
وفي لقاءاته التلفزيونية -كلقائه المطول مع شبكة تلفزيون أمريكية محلية لمدينة بارك سيتي بولاية إلينوي- تحدثت “الشهيانة” عن نشأة أسرتها في مدينة القصيم -تبعد عن العاصمة الرياض 150 كيلو مترًا- وروّجت بطريق غير مباشر لما تشهده المملكة من تطورات إيجابية وفتح للألباب أمام النساء لدراسة القانون والسماح لهن بممارسة نشاط المحاماة.
تركيز “الشيهانة” على القصيم والأسرة ناجم من ارتباطها بوالدها المصور صالح العزاز الذي كان من أوائل مصوري الفوتوغرافيا السعوديين. لكنه لم يعرف على مستوى خارج المملكة إلا عام 1990 حينما التقط صورًا لتجمع احتجاجي لسعوديات يطالبن بالسماح للنساء بقيادة السيارات.
حقوق المرأة.. طريق “الشيهانة” لأمانة مجلس الوزراء السعودي
بعد 27 عامًا من صورة “العزاز” أصدر الملك السعودي أمرًا ملكيًا سمح للمرة الأولى بإعطاء رخص للنساء لقيادة السيارات وتأسيس مدارس لتعليم قيادة السيارات خاصة بالنساء في خمس مدن بالمملكة المحافظة.
وتقديرا لسيرة المُصور أطلقت وزارة الإعلام السعودية خلال السنوات القليلة الماضية جائزة تحمل اسمه ”صالح العزاز“. وتهدف إلى أن تصبح إحدى أهم الجوائز العربية والعالمية في مجال دعم الثقافة والإبداع وتطوير المواهب الشابة لخدمة مجتمعاتها.
على مدار ست سنوات ماضية كان نجم ابنة المصور الفوتوغرافي يزيد على المستوى السعودي والخارجي على حد سواء. إذ اختارتها مجلة “آريبيان بزنس” ضمن قائمة أكثر 50 امرأة تأثيراً في السعودية لعام 2021. ولقبت بصانعة الصفقات عام 2016 من مجلة “فاينانس مونثلي” البريطانية.
وخلال سنوات قليلة شغلت “الشيهانة” منصبي المستشار القانوني والأمين العام لمجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة السعودي. بعدما عملت منذ 2017 مديرة للصفقات في إدارة الشؤون القانونية في الصندوق السعودي -أحد أكبر الصناديق السيادية في العالم وأهم أذرع “رؤية 2030” التي تسعى عبرها المملكة للانتقال لاقتصاد ما بعد النفط.
أصبحت “الشيهانة” واجهة المملكة في المؤتمرات الاقتصادية والاستثمارية. وجاء من بين هذه المؤتمرات ما أقامه معهد FII -مؤسسة عالمية غير ربحية- حمل عنوان “كيف يمكن للسياسات القانونية الجديدة أن تعزز الاستثمار الأجنبي المباشر؟”. وحينها روّجت بشكل كبير للمملكة والتطور الذي تشهده. خاصة التعليم بجانب بيئة الاستثمار.
مرحلة تمكين المرأة في السعودية
ويأتي تمكين “الشيهانة” وسط سياسة نحو تمكين المرأة في المملكة. فقرار تعيينها تزامن مع تعيين الأميرة هيفاء بنت محمد بن سعود نائبا لوزير السياحة بالمرتبة الممتازة. كما جاء بعد عامين تقريبا من إصدار العاهل السعودي مرسوما يقضي بتعيين الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان بن عبد العزيز سفيرة للمملكة في الولايات المتحدة.
يجمع بين الشيهانة وريم دراستهما الغربية. فالأخيرة حاصلة على شهادة البكالوريوس في الآداب من كلية مونت فيرون بجامعة جورج واشنطن بأمريكا عام 1999. ومثلما كانت الشيهانة أول امرأة تمارس المحاماة كانت ريم أيضًا أول امرأة تتولى إدارة اتحاد متعدد الرياضات بالمملكة عبر منصبها كرئيسة للاتحاد السعودي للرياضة المجتمعية.
في مجتمع تؤلف فيه النساء 22% فقط من القوة العاملة وظل طوال تاريخه مصنفا كبلد محافظ تعيش فيه النساء في ظل الرجال تسعى السعودية لتقديم نفسها بحُلة جديدة كمجتمع عصري يمكن السيدات ويقلدهن أرفع المناصب.
ولتحقيق تلك الرؤية تحرص الرياض دائمًا على أن يكون عنوان “أول امرأة تتولى منصب (كذا) بالسعودية حاضرًا في الإعلام الغربي. فقبل سنوات تم اختيار رانيا نشار كأول رئيسة تنفيذية لبنك تجاري سعودي مدرج بالبورصة. بعدما شغلت مناصب قيادية بمجموعة “سامبا” المالية على مدار عقدين. وكذلك كانت ثريا عبيد أول سعودية تتولى رئاسة إحدى لجان مجلس الشورى. فضلا عن نورة الفايز أول سيدة تشغل منصب نائب وزير في تاريخ المملكة.