أصدرت محكمة جنح أمن دولة طوارئ، اليوم الاثنين، حكمها بحبس الباحث أحمد سمير سنطاوي لمدة ثلاث سنوات. وذلك على خلفية اتهامه بـ”نشر أخبار كاذبة من خارج البلاد حول الأوضاع الداخلية”. وذلك ضمن إجراءات إعادة محاكمته في القضية رقم 774 لسنة 2021 جنح أمن دولة طوارئ، وفق ما ذكر المحامي أحمد راغب.
ومن المقرر أن يتقدم دفاع سنطاوي بتظلم لمكتب التصديقات على “أحكام أمن الدولة طوارئ”، لعدم وجود استئناف على أحكامها، نظرًا لكونها محكمة استثنائية. كما سيتم تقديم طلب آخر للجنة العفو لإلغاء العقوبة بعفو رئاسي، أسوة بالمهندس يحيى حسين عبد الهادي وحسام مؤنس، واللذان صدر بحقهما عفو مؤخرًا. كما يسعى دفاعه لبحث إمكانية الإفراج الشرطي، لقضائه نصف مدة الحكم بالفعل، وذلك بعد التصديق عليه.
وكان المحامي أحمد راغب، دفاع سنطاوي، قد أعلن في وقت سابق -في بيان على موقع التواصل الاجتماعي Facebook- أنه “تم إلغاء حكم حبس الباحث أحمد سمير سنطاوي 4 سنوات، وإعادة محاكمته مرة أخرى”. لافتا إلى أنه “تقرر إعادة القضية رقم 744 لسنة 2021 جنح أمن دولة طوارئ التجمع الأول، من مكتب التصديق على أحكام محكمة أمن الدولة طوارئ لمحكمة القاهرة الجديدة مرة أخرى. بعد الموافقة على مذكرة المكتب بإلغاء الحكم الصادر بجلسة 22 يونيو/ حزيران 2021، مع الأمر بإعادة محاكمته أمام هيئة أخرى”.
بعد صدور الحكم الأول تقدم دفاع سنطاوي بعدد من التظلمات والالتماسات لمكتب التصديقات على أحكام محكمة أمن الدولة طوارئ. وتم نظر أولي جلسات إعادة محاكمة الباحث في 21 فبراير/ شباط 2022، بمحكمة جنح أمن الدولة طوارئ في التجمع الأول.
من هو أحمد سمير سنطاوي؟
كان سنطاوي طالبا في برنامج ماجستير الإنثروبولوجيا بجامعة أوروبا المركزية بالنمسا. وتركز أبحاثه على الحقوق الإنجابية، ووضع الإجهاض في مصر، ما بين القانون والشريعة والمجتمع. وكان قد عاد إلى مصر في منتصف ديسمبر/ كانون الأول 2020، في إجازة. وعند وصوله إلى مطار شرم الشيخ، تم توقيفه لمدة ساعتين، واستجوابه بشكل غير رسمي عن سبب سفره ومجال دراسته.
استمرت ملاحقة سنطاوي أمنيًّا دون سبب في أعقاب عودته. بعد 5 أسابيع من التوقيف بالمطار، داهمت قوات الأمن منزل أسرته في 23 يناير/ كانون الثاني 2021. ورغم عدم تواجده بالمنزل، تم تفتيش المكان، وتصوير هويات المتواجدين به، فضلًا على التحفظ على نظام المراقبة الموجود بالمنزل. بالمخالفة للمواد 50 و51 من قانون الإجراءات الجنائية.
وفي 30 يناير/ كانون الثاني، ذهب سنطاوي إلى قسم الشرطة، لكن طُلب منه الانصراف، والعودة مرة أخرى يوم الاثنين الأول من فبراير/ شباط 2021. حينها، احتُجز دون إبلاغه بالسبب، ليظل مختفيًا قسريًّا حتى يوم 6 فبراير/ شباط 2021.
ظهر سنطاوي، أمام نيابة أمن الدولة العليا، التي باشرت التحقيق معه في القضية 65 لسنة 2021. وواجهته باتهامه بالانضمام إلى جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها، ونشر أخبار وبيانات كاذبة. من شأنها الإضرار بالأمن والنظام العام، واستخدام حساب على أحد مواقع التواصل الاجتماعي بغرض نشر أخبار كاذبة.
خلال التحقيق، اشتكى سنطاوي إلى النيابة مما تعرض له من معاملة سيئة، وتعذيب بدني، خلال الفترة التي اختفى فيها قسريًّا. وطلب فريق الدفاع من النيابة إحالته للطب الشرعي، لإثبات ما تعرض له من اعتداء بدني، لكن تم تجاهل الطلب. في نهاية التحقيق أمرت النيابة بحبس سنطاوي 15 يومًا على ذمة التحقيق.
قضيتان وتهمة واحدة
تم إيداع سنطاوي رهن الحبس الاحتياطي بليمان طرة، وفي يوم 21 مايو/أيار 2021، اعتدى عليه بالضرب نائب مأمور السجن. وفي اليوم التالي، استدعته نيابة أمن الدولة العليا للتحقيق معه على ذمة قضية جديدة برقم 877 لسنة 2021. وواجهته بنفس الاتهامات الموجهة إليه في القضية الأولى، ومن بينها الانضمام إلى جماعة إرهابية. ونشر أخبار وبيانات كاذبة، من شأنها الإضرار بالأمن والنظام العام.
أمرت النيابة بحبس سنطاوي 15 يومًا على ذمة التحقيقات في القضية الثانية ليصبح محبوسًا على ذمة قضيتين بالاتهامات نفسها. في مخالفة صريحة لنص المادتين 454 و455 من قانون الإجراءات الجنائية، اللتين تؤكدان على عدم جواز محاكمة الشخص على نفس الواقعة مرتين.
في 26 مايو/ أيار 2021، أمرت نيابة أمن الدولة العليا بإحالة 4 متهمين إلى المحاكمة، هم أحمد سمير سنطاوي المحبوس احتياطيًّا، إلى جانب ثلاثة آخرين (غيابيًّا)، على خلفية اتهامهم “بإذاعة أخبار وإشاعات كاذبة حول الأوضاع الداخلية للبلاد من شأنها إضعاف هيبة الدولة واعتبارها، والإضرار بمصالحها القومية، وتكدير الأمن العام وإلقاء الرعب بين الناس”. وطالبت النيابةُ المحكمةَ بعقاب المتهمين بموجب قانون العقوبات.
في 11 يونيو/ حزيران 2021، انعقدت أولى جلسات محاكمة سنطاوي، على ذمة القضية رقم 774 لسنة 2021 جنح أمن الدولة طوارئ. والمقيدة برقم 877 لسنة 2021 حصر نيابة أمن الدولة العليا، وفي 22 يونيو/ حزيران 2021 أصدرت محكمة أمن الدولة العليا طوارئ حكمًا عليه بالسجن لمدة 4 سنوات وغرامة 500 جنيه.
تمت محاكمة سنطاوي أمام محكمة أمن الدولة العليا بموجب قانون الطوارئ، ليصدر الحكم نهائيًّا، غير قابل للطعن عليه، باعتبار أن المحكمة انعقدت للبت في اتهامات وقعت في ظل حالة الطوارئ القائمة منذ إبريل/ نيسان 2017. حيث تكرر صدور قرارات بفرض حالة الطوارئ لمدة 3 أشهر، ثم قرار آخر بمدها ثلاثة أشهر إضافية، ثم يتكرر الأمر بقرار آخر بفرض الطوارئ مرة جديدة، وذلك حتى 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021. عندما أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي إلغاء الطوارئ للمرة الأولى، بعد ما يزيد على 4 سنوات من فرضها.