“كبير عائلته بعد وفاة والده. وأمي دموعها لا تجف عليه”.. هكذا تحدث ياسر إمام لـ”مصر 360″ عن شقيقه المحامي الحقوقي عمرو المحبوس احتياطيا في سجن انفرادي بمزرعة طرة مقتربا من عامه الثالث في محبسه هذا.
يروي “ياسر”: “عمرو كان يعيش مع والدته بعد انفصاله عن زوجته منذ 7 سنوات. وأمي تعاني الوحدة من بعده. وكل ما تتمناه أن ابنها يعود حرا قبل انقضاء عمرها”. وتابع: “عمرو حالة استثنائية لوالدتي. فهو ابنها الكبير ومصدر أمان لنا جميعا”.
وواصل: “عمرو كمان اتحرم من ابنه. ما شافوش إلا مرة واحدة من 3 سنين. كل مرة بازوره فيها بيبقى عايز يقول ما تسيبنيش وتمشي”.
قضى “عمرو” 29 شهرا في محبسه منذ أن قامت قوات الأمن بإلقاء القبض عليه من منزله في حي المعادي يوم 17 أكتوبر/تشرين الأول 2019. فيما قررت حبسه 15 يومًا احتياطيا على ذمة القضية رقم 488. قبل أن يتم تدويره في أغسطس/آب 2020 على ذمة القضية رقم 855 حصر أمن الدولة.
ويواجه “عمرو” تهمًا عدة أمام نيابة أمن الدولة طوارئ. منها مشاركة جماعة إرهابية وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ونشر أخبار وبيانات كاذبة.
من هو عمرو إمام؟
هو محامٍ حقوقي من مواليد القاهرة 1980 وأحد المحامين الحقوقيين في مصر الذين لعبوا خلال السنوات الماضية دورًا في الدفاع عن حقوق الإنسان عموما وعن المعتقلين السياسيين خصوصا.
تخرج “عمرو” في كلية الحقوق عام 2006 وامتهن المحاماة. وعمل في عدد من المنظمات الحقوقية بدأها بمركز “هشام مبارك للقانون”. وصولا إلى عمله بالشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان.
كان لعمرو إمام دور بارز مع آخرين في الدفاع عن عدد كبير من المعتقلين. الذين تم إلقاء القبض عليهم على خلفية أحداث 20 سبتمبر/أيلول.
وصفه مدير الشبكة العربية المحامي جمال عيد بأنه “كان يحاول إعادة اكتشاف نفسه من خلال الاستغراق في العمل. وإحنا كمان اكتشفناه من جديد لما عرفنا قد إيه أسر المعتقلين ارتبطت بيه. لأنه مش بس بيدافع عنهم. لكن بيسعدهم ويقوي عزيمتهم. عشان كدا اتصدموا لما عرفوا انه اتقبض عليه”.
ويستكمل “عيد”: “تلقينا عشرات المكالمات عبر الخط الساخن للشبكة العربية عايزين يساعدوا عمرو اللي وقف معاهم ودافع عنهم”. موجها التحية للمحامي عمرو إمام: “شكرا يا عمرو أنك تركت أثر جيد في نفس كتير من المظلومين”.
أجواء القبض عليه
قبل القبض على “إمام” بيوم واحد -تحديدا 16 أكتوبر/تشرين الأول 2019- أعلن “إمام” عبر صفحته الشخصية بموقع “فيسبوك” دخوله في إضراب جزئي عن الطعام. وذلك اعتراضا منه على ما حدث مع الناشطة والصحفية إسراء عبد الفتاح والناشط السياسي علاء عبد الفتاح والمحامي الحقوقي محمد الباقر.
وكتب “إمام” أيضا على صفحته بموقع فيسبوك قبل القبض عليه مباشرة: “أشعر أن دوري كمحامٍ عديم الجدوى في ظل غياب المحاسبة عن الجرائم والانتهاكات التي تحدث بحق البعض”.
وأعلن عبر صفحته تصعيد احتجاجه ودخول إضراب تام عن الطعام إن لم تتحقق مطالبه. وقال: “سأبدأ اعتصاما مفتوحا داخل أحد المباني القضائية مع إضرابي الكامل عن الطعام ثم بالتصعيد والإعلان عن توقفي عن تناول أي سوائل بخلاف المياه ثم إضراب شامل والتوقف عن تناول المياه”.
واعتبر “إمام” إعلانه هذا بمثابة بلاغ للنائب العام. لكن تم القبض عليه وحبسه في اليوم التالي لإعلانه موقفه.
وقالت الشبكة العربية في بيان لها إن حبس “إمام” “جاء بعد ممارسته دورا بارزا كمحامٍ حقوقي في الدفاع عن مئات المواطنين المقبوض عليهم على خلفية احتجاجات سبتمبر/أيلول 2019. وبعد يومين فقط من انتقاده وتعبيره عن رأيه السلمي لوقائع القبض على الصحفية إسراء عبد الفتاح”.
وفي 26 أغسطس/آب 2020 -وفقا لبيان الشبكة- استخرجت نيابة أمن الدولة العليا المحامي الحقوقي من محبسه في سجن طرة “عنبر الزراعة” وحققت معه في القضية رقم 855 لسنة 2020 حصر أمن دولة. وذلك بتهم الانضمام إلى جماعة إرهابية وارتكاب جريمة من جرائم تمويل الإرهاب.
في انتظار الإفراج
تم إدراج اسم عمرو إمام ضمن قائمة الإفراج التي تم إخلاء سبيلها يوم 24 إبريل/نيسان الماضي قبل إفطار الأسرة المصرية في رمضان. لكن وفقا لشقيقه “ياسر” أن “عمرو” هو الاسم الوحيد “اللي ماخرجش منها”. وقال “ياسر”: “كل يوم بنستنى خروجه. تعبنا من الانتظار. بنتمنى خروجه قبل عيد الأضحى. جت لنا وعود كتير أنها مجرد إجراءات بسيطة اللي موقفة الموضوع. وإحنا متعشمين في ربنا أنه ييسرها وتخلص عشان حرفيا الصبر بنشحته. والانتظار صعب. وهذه أسوأ فترة عدت علينا وعلى عمرو من وقت حبسه”.
فى آخر زيارة لـ”عمرو” من شقيقه يوم 26 يونيو/حزيران الماضي كتب “ياسر” على صفحته عبر فيسبوك: “إمبارح كانت زيارة عمرو وجلسته النهاردة. عمرو بيسلم على الناس كلها اللي بتسأل عليه. وبيشكر أي حد مهتم بخروجه. وبيقول لكل اللى خرجوا ألف حمد الله على سلامتكم. وعلى قد انتظاره للحظة خروجه بس كل ما باب السجن يتفتح وبيخرج حد بيحس بفرحة وانتصار شخصي له لأن يمكن دا سبب حبسه في النهاية”.
واختتم “ياسر” حديثه لـ”مصر 360″ بقوله: “أنا وأخواتي وأمي تعبنا من كلمة سجن وزيارة. مش عايز أروح هناك تاني بجد. ومش عايز أخويا يفضل هناك أكتر من كده. كمان مش عايز أشوفه تاني ورا أسوار وحديد بلبس أبيض. عايز أشوفه تاني بيضحك وقاعد وسطنا بالألوان. عايزه سعيد ومطمن عليه ابنه في حضنه”.