قبل يومين، كان وسام مصطفى، الذي يعمل موظفًا بشركة مياه الشرب القاهرة، يزور أخته في مدينة النهضة بحي السلام في أقصى شرق القاهرة. وتعود وسام أن يلعب مع أبناء أخته الثلاثة بسمة وسيف ومريم، والأخيرة كانت “دلوعة خالها” بالتوصيف المصري. وبعد انقضاء اللعب أخرج وسام من جيبه ورقة مالية من فئة الـ10 جنيهات البلاستيكية الجديدة “البوليمر”، لكن مريم سحبت يدها وقالت لخالها :” مبقتش تجيب الشوكولاتة اللي بحبها!”.
اقرأ أيضًا.. حكاية “العشرة جنيه”.. من توقيع الاحتلال إلى البلاستيك
أول 10 جنيهات في تاريخ مصر
قبل 91 عامًا من تلك الحادثة، كان أول إصدار رسمي من العملة الورقية فئة الـ10 جنيهات، وتحديدًا عام 1931، حين بدأت حكومة الملك فؤاد إصدار هذه الفئة بعد اتساع استخدام النقود الورقية.
في ذلك الوقت كانت الـ10 جنيهات تستطيع شراء ما قيمته 967 جرامًا من الذهب عيار 21، حيث كان سعر الجرام منه حوالي 1.2 قرش، وكانت قدرتها الشرائية تصل إلى نحو 250 رطلاً من اللحم وفقًا لسعر رطل اللحم في ذلك الوقت. والرطل يساوي 453 جرام، أي الـ10 جنيهات كان قوتها الشرائية تعادل نحو 125 كيلو من اللحم.
وفقًا لقاعدة أجور الموظفين العاملين بالجهاز الإداري للدولة، كان متوسط راتب صغار الموظفين عام 1931 حوالي 3 جنيهات مصرية، في حين كان متوسط أجر الموظفين الكبار حوالي 16 جنيهًا.
الإصدار الثاني
بعد الإطاحة بالملك فاروق من الحكم وتولي محمد نجيب ثم تبعه جمال عبد الناصر، تغيرت العملة تبعًا لتحويل مصر من ملكية إلى جمهورية، تغيرت الـ10 جنيهات وصدرت منها نسخة جديدة عام 1964. في ذلك الوقت كانت قيمة العشرة جنيه تُعادل أجر 55 عامل يوميًا، إذ كانت يومية العامل 18 قرشًا، وفقًا لدراسة عن رواتب العاملين منذ ثورة 1952 وحتى الآن صادرة عن رئيس مجلس إدارة الأهرام السابق أحمد السيد النجار.
وكانت القوة الشرائية لـ10 جنيهات تساوي نحو 68 كيلو جرام من اللحم، حيث تراوح سعر الكيلو بين 25 إلى 50 قرشًا، في عهد عبد الناصر. وكانت قوتها الشرائية تساوي نحو 14.7 جرام من الذهب، حيث كان متوسط سعره في عهد عبدالناصر نحو 68 قرشًا.
كما كانت القوة الشرائية للعشرة جنيهات تساوي نحو 2000 رغيف، إذ بلغ متوسط سعر الرغيف في عهد عبد الناصر إلى 5 مليمات، وفقًا لتقارير إعلامية.
الإصدار الثالث
في عام 1970 ظهر إصدار جديد من فئة العشرة جنيهات استمر العمل به لمدة 9 أعوام، وفي ذلك الوقت انخفضت قيمة القوة الشرائية إلى الـ10 جنيهات، حيث انخفضت قيمة ما تستطيع شرائه من جرامات الذهب عيار 21 إلى 7.5 جرام من الذهب، وفقًا لتقارير صحفية نشرتها جريدة أخبار اليوم حينها.
كما بلغ قيمة ما تستطيع شرائه من اللحوم إلى 14.7 كيلو جرام من اللحوم، حيث كان ارتفع سعر الكيلو إلى 68 قرشًا، فيما كانت قوتها الشرائية تساوي نحو 40 كيلو سكر أبيض، حيث كان سعره حوالي 25 قرشًا، فيما انخفضت قوة الـ10 جنيهات الشرائية إلى 500 رغيف، والذي كان بلغ متوسط سعره نصف قرش في عهد السادات.
الإصدار الرابع
في عام 1979 أصدر البنك المركزي شكل جديد لفئة العشرة جنيهات تُقارب الإصدار المتداول حاليا، وفي ذلك الوقت بدأت سياسة الانفتاح الاقتصادي التي أقرها رئيس الجمهورية الراحل محمد أنور السادات، وتحولت مصر إلى ما يُشبه الرأسمالية، وارتفع سقف الأجور إلى 16 جنيهًا للعامل للمرة الأولى في تاريخ مصر.
وفي تلك الحقبة تراجعت قوة الـ10 جنيهات إلى حد أنها كانت تكفي بالكاد لشراء 8.5 كيلو جرام من اللحوم، حيث بلغ متوسط سعره في ذلك الوقت 1.125 قرشًا. وتراجعت قوة الـ10 جنيهات أمام جرامات الذهب، إذ باتت بالكاد كافية لشراء جرام واحد من الذهب والذي بلغ متوسط سعر عيار 21 ما بين 10 إلى 12 جنيهًا.
وفي عام تسعينات القرن الماضي، انخفضت أيضًا قيمة الـ10 جنيهات بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية وارتفاع معدلات التضخم، حيث أنها لم وفي بداية التسعينيات كانت بالكاد تكفي لشراء كيلو جرام واحد من اللحوم، ومع نهاية التسعينات لم تعد تكفي حيث كان بلغ متوسط سعر الكيلو في ذلك الوقت إلى 15 جنيهًا، وفقًا لتقارير صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
معدلات التضخم من 1960 إلى 2020
. 1960 0.30%
. 1965 14.8%
. 1970 3.8%
. 1975 9.7%
. 1980 20.8%
. 1985 12.1%
. 1990 16.8%
. 1995 15.7%
. 2000 2.70%
. 2005 4.9%
. 2010 11.3%
. 2015 10.4%
. 2020 5.5%
2022 15.3%
بيانات البنك الدولي
كما تراجعت قيمتها أمام جرامات الذهب إلى أنها كانت تعادي ثلث سعر جرام الذهب عيار 21، والذي كان متوسط سعره في نهاية التسعينات حوالي 33 جنيهًا. كما انخفضت قيمة ما تستطيع شرائه من الخبز إلى نحو 200 رغيف، بعدما زاد سعر الرغيف إلى 5 قروش.
الإصدار الخامس
في عام 2003، أجرى البنك المركزي تعديلات جديدة على شكل فئة العشرة جنيهات مرة أخرى، ليستمر العمل بها لمدة 13 عامًا. وفي ذلك الوقت كانت تراجعت قوتها الشرائية، إذ باتت غير كافية على شراء كيلو جرام من اللحوم، والذي بلغ سعره 17 جنيهًا عند مطلع الألفية ومع انتهاء العقد الأول كان سعر الكيلو يقترب من 40 جنيهًا.
فيما كان تضعضعت قوتها الشرائية تمامًا أمام جرام الذهب عيار 21، إذ كانت تُمثل نحو 0.11% من سعر جرام الذهب عيار 21، والذي كان متوسط سعره في ذلك الوقت 85 جنيهًا. فيما كانت لاتزال قادرة على شراء 200 رغيف من الخبز المدعم الحكومي بسبب سياسة تثبيت سعر رغيف الخبز.
الإصدار السادس
في عام 2015 أضاف البنك المركزي تعديلات جديدة على شكل العملة بإضافة العديد من العناصر التأمينية وهو الإصدار المتداول بين أيدينا حتى الآن، وفي ذلك الوقت كانت قوة الـ10 جنيهات الشرائية أمام الذهب تساوي 0.02% من عيار 21، والذي كان متوسط سعره في ذلك الوقت نحو 500 جنيهًا. كما تراجعت قوتها الشرائية أمام كيلو اللحوم لتبلغ نحو 0.12%، حيث كان سعر كيلو اللحوم يتراوح بين 77 إلى 80 جنيهًا.
الإصدار البوليمر
قبل يومين، في 5 يوليو/ تموز أصدر البنك المركزي شكل جديد من فئة الـ10 جنيهات مصنوعة من مادة البوليمر، وتعدّ أول عملة مصرية بلاستيكية.
بدفعًا من عوامل التضخم وانخفاض قيمة العملة المحلية الجنيه أمام العملات الأخرى، انخفضت قيمة الـ10 جنيهات إلى أنها باتت تُشكل نسبة 0.008% من سعر جرام الذهب عيار 21. كما أنها أصبحت لاتُمثل إلا نسبة 0.05% من قيمة سعر كيلو جرام من اللحوم بعدما ارتفع سعره إلى 180 جنيهًا.
في النهاية، ضم وسام يده قابضًا على الـ10 جنيهات ووضعها في جيبه، ومن ثم أخرج 20 جنيهًا وأعطاها لمريم حتى تستطيع شراء عبوة واحدة صغيرة من شيكولاتة من نوع سنيكرس.