شهدت الأيام الماضية، قفزة جنونية في سعر كرتونة البيض -بروتين الغلابة- والتي وصلت إلى 80 جنيهًا، في مناطق عدة على مستوى الجمهورية، رغم تحقيق مصر الاكتفاء الذاتي وعدم استيراد أية كميات من الخارج. فلماذا تضاعفت أسعار كرتونة البيض؟ وكيف تتأثر الأسرة محدودة ومتوسطة الدخل بالارتفاعات غير المسبوقة في أسعار السلع الغذائية الأساسية؟
الارتفاع غير المبرر في سعر كرتونة البيض، دفع شعبة المواد الغذائية، للمطالبة بتطبيق فكرة كتابة تاريخ الصلاحية على كل بيضة داخل المزرعة وإنشاء بورصة سلعية للبيض، لمنع سيطرة تجار التجزئة على التسعير اليومي لطبق البيض -وفق اتحاد منتجي الدواجن-.
اقرأ أيضًا.. أصوله تفوق دخل مصر القومي.. أين يتاجر صندوق الاستثمارات العامة السعودي؟
لماذا ارتفعت الأسعار؟
وخلال الشهرين الماضيين شهدت أسعار البيض ارتفاعًا متواصلًا إلى أن استقرت الأسعار بين 70 و75 جنيهًا لطبق البيض، ومع بداية الأسبوع المنقضي، قفزت الأسعار إلى مستوى الـ80 جنيهًا بعدد من المناطق على مستوى الجمهورية.
وأكد الدكتور ثروت الزيني نائب رئيس الاتحاد العام لمنتجي الدواجن، أن ارتفاع أسعار البيض جاء نتيجة تنامي الطلب خلال فترة الإجازات الصيفية وعيد الأضحى، في الوقت الذي ارتفعت به مدخلات الإنتاج أيضًا بشكل تجاوز الـ 100% خلال الشهرين الماضيين.
وأشار الزيني لـ”مصر 360″، إلى أن سعر طبق البيض بالمزارع وصل إلى 63 جنيهًا ويرتفع 15% عن ذلك لدى تجار التجزئة، وأعلى من ذلك داخل المحال التجارية والسوبر ماكت، موكدًا أن انخفاض الأسعار الفترة الحالية لن يكون على المستوى المطلوب.
وأضاف أن الاتحاد العام لمنتجي الدواجن طلب من مجلس الوزراء توفير 200 منفذ لتسويق البيض الأمر الذي يمكن أن يساهم في خفض أسعار البيض بنحو 15 جنيهًا في الكرتونة.
“الارتفاعات الحالية في أسعار كرتونة البيض غير مبررة، وقد تنخفض عقب اجتماع كبار منتجي الدواجن وعرض الوضع الحالي وتأكيد عدم وجود مبرر وتحديد سعر يناسب المستهلك ويغطي التكاليف”.. يقول عبدالعزيز السيد رئيس شعبة الدواجن بالقاهرة لـ “مصر 360”.
كما طالب بتدخل قوي للأجهزة الرقابية ووضع حل مع كبار المنتجين لوقف الارتفاعات غير المبررة في أسعار كرتونة البيض، قائلًا إن التكلفة والكميات التالفة وحدها لا تكفي لتكون مبررًا للارتفاعات الحالية.
بورصة لتحديد سعر عادل
ووصف حازم المنوفي عضو الشعبة العامة للمواد الغذائية بالاتحاد العام للغرف التجارية، الارتفاعات الحالية بأنها غير مبررة وغير منطقية، مؤكدًا أن السوق لا يحتمل الزيادة الحالية في الأسعار لاسيما في ظل الركود الحالي بشكل عام.
وأشار إلى أن أسعار كرتونة البيض قبل أيام كانت تصل إلى 75 جنيهًا، سرعان ما قفزت إلى 80 جنيهًا، مطالبًا المواطنين بالشراء على قدر الاستهلاك حتى لا يمثل طلبًا زيادة على السلع ويكون مبررًا لرفع الأسعار.
وقال المنوفي إنه يجب إنشاء بورصة لتحديد سعر البيض بشكل عادل ويكتب تاريخ صلاحية على البيضة، وتصدر الدولة قرارًا بتسجيل صلاحية على طبق البيض لمنع أي ممارسات احتكارية من قبل منتجي البيض في مصر، خاصة مع جهود الدولة لخفض أسعار الأعلاف وتوفير السلع.
الأعلاف تضاعف سعر البيض
وبالرغم من تحقيق مصر الاكتفاء الذاتي من البيض، إلا أن الأسعار محكومة بعوامل خارجية على رأسها تسعيرة استيراد الأعلاف من الخارج، والتي تضاعفت خلال الأشهر الماضية تأثرًا بالتوترات العالمية نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية، باعتبار أوكرانيا واحدة من الدول المصدر للأعلاف عالميًا.
وواصل الدكتور ثروت الزيني نائب رئيس الاتحاد العام لمنتجي الدواجن، أن ارتفاع أسعار العلف والحبوب بنسب 120%، تسبب في رفع أسعار البيض وتجاوزه حاجز الـ 75 جنيهًا الأسبوع المنقضي.
تابع أن أسعار الأعلاف شهدت ارتفاعات متتالية في الأسواق خلال الأشهر الماضية، نتيجة الحرب بين روسيا وأوكرانيا، قبل أن تعاود الهدوء مرة أخرى، لكن السوق لم يشهد تراجعات في سعر طبق البيض حتى الآن.
وبحسب نبيل درويش رئيس اتحاد منتجي الدواجن السابق، تستورد مصر الأعلاف من أمريكا والبرازيل وأوكرانيا، ولكن النسبة الأكبر تستورد من أمريكا، حيث تنتج مصر نسبة لا تتعدى 15 إلى 20% من خامات الأعلاف التي تستهلك محليا، والباقي تستورده من الخارج.
تابع لـ”مصر 360″ أن سعر طن العلف يتراوح حاليًا بين 10.8 و11.5 هبوطًا وصعودًا، وفق أوضاع السوق العالمية، موضحًا أن تراجع أسعار الأعلاف في الأسواق سيتبعها تراجعًا على مستوى سعر بيع البيض في السوق بشكل تلقائي.
تجار التجزئة ومنافذ البيع
ويشرح السيد حامد تاجر دواجن، أن تجار التجزئة يتحكون بشكل كبير في تسعيرة بيع البيض اليومي، باعتبارهم الوسيط بين مزارع الدواجن ومنافذ البيع التي تحاول هي الأخرى تحقيق هامش ربح مرتفع للغاية بحسب منطقة البيع.
أضاف لـ “مصر 360″، أن أصحاب المزارع يتحملون النسبة الأكبر من تكاليف الإنتاج المتزايدة بين الحين والآخر، “أسعار العلف والأدوية وغيرها غالية جدًا وبنكسب أقل هامش ربح عشان نبيع”، موضحًا أن أصحاب مخازن البيع داخل المحافظات الكبرى يستحوذون على النسبة الأكبر من عمليات توزيع البيع يوميًا وبأسعار يقومون بتحديدها بما يحقق هامش ربح جيد لهم، في الوقت الذي يقوم فيه ملاك منافذ البيع والتوزيع “السوبر ماركت والمحلات التجارية” بإضافة أعلى هامش ربح لهم بما بتجاوز الـ 10 جنيهات في كرتونة البيض الواحدة، ما يخلق حالة من الزيادات غير المبررة في أسعار بيع البيض.
20% انخفاضًا في منافذ الزراعة
في السياق نفسه، قالت المهندسة منال إبراهيم، مشرف عام على منافذ وزارة الزراعة، إن أسعار السلع بمنافذ وزارة الزراعة تنخفض عن السلع بالأسواق الخارجية بنسب تتراوح من 20 إلى 30%، وذلك بناءً على تعليمات وزير الزراعة.
وأضافت “إبراهيم” لـ “مصر 360″، أن أسعار البيض بمنافذ وزارة الزراعة أقل من الخارج، حيث يصل سعر كرتونة البيض الأبيض إلى 65 جنيها، وكرتونة البيض الأحمر تسجل حوالى 66.5 جنيه.
وعن أسعار البيض الأورجانيك، أوضحت أن سعر الكرتونة يتراوح من 84 إلى 89 جنيهًا.
لفتت إلى أن الوزارة تسعى من خلالها مبادرات دعم أسعار السوق، إلى توفير السلع الاستهلاكية الأساسية للمواطنين بتسعيرة مناسبة للأسر المحدودة ومتوسطة الدخل، في ظل الارتفاع المتتالية على مستوى مختلف السلع والمنتحات الغذائية.
السعر العادل لكرتونة البيض
وواصل عبدالعزيز السيد، رئيس شعبة الثروة الداجنة بغرفة القاهرة التجارية، أنه لا يوجد أي مبرر لارتفاع أسعار البيض بهذا الشكل، منوها إلى أن سعر البيض وصل إلى 66.5 جنيه بالمزرعة للأحمر، ليصل إلى 77 جنيه للمستهلك، و64 جنيه للمزرعة للأبيض و72 جنيه للمستهلك.
أوضح أن سعر الكرتونة قد يصل إلى 80 جنيهًا للمستهلك في بعض المناطق، على الرغم من أن التكلفة العادلة تسجل 55 جنيهًا للكرتونة بالمزرعة، و60 جنيهًا للمستهلك، في ظل ارتفاع تكلفة مدخلات الإنتاج.
لفت إلى أن إنتاج البيض له تكلفة كبيرة بالإضافة إلى الكمية التالفة والأمراض، ولكن كل هذه الأسباب ليست مبررًا لهذه الزيادة الهائلة، مؤكدا على ضرورة التدخل من قبل الجهات الرقابية وإيجاد حل مع كبار المنتجين لتحديد سعر يناسب المواطن المصري.
كيف يتأثر المواطن محدود الدخل؟
غالبية الأسر المصرية تتأثر بشكل مباشر بارتفاع أسعار السلع الغذائية الأساسية ومنها البيض، باعتبارها الوجبات الأقل تكلفة يوميًا، لذا حال ارتفاعها أيضًا فيكون هناك مزيدًا من الضغوط الاقتصادية على الأسرة المصرية متوسطة ومحدودة الدخل -يقول الدكتور محمد الكيلاني، الخبير الاقتصادي لـ “مصر 360”.
متوسطة تكلفة الوجبات الغذائية اليومية على الأسر المحدودة ترتفع بشكل غير مبرر، باعتبار أن وجبة الإفطار قد تصل في المتوسط إلى 50 جنيه للأسرة المحدودة المكونى من 5 أفراد، ما يمثل ضغوطًا على باقي بنود الإنفاق -يواصل الكيلاني-.
أسعار السلع الغذائية باتت لا تتناسب مع متوسط دخل المواطن العادي، “تكلفة الزيت والسكر والبيض” باتت مُكلفة على محدودي الدخل حتى أن البعض يستغني حاليًا عن شراء سلع عديدة من تلك الأساسية لكل أسرة مثل البيض وكميات من السكر وغيره.
تابع أن تزايد الضغوط الملقاة على الأسر المحدودة ومتوسط الدخل، تخلق حالة من التذمر لديهم في ظل التحسن البطئ على مستوى هيكلة الأجور ونسب الزيادة السنوية في رواتب العمال والموظفين، في الوقت الذي ترتفع فيه معدلات التضخم بشكل مضطرد.
إنتاج مصر من البيض
ويصل إجمالي حجم إنتاج القطاع التجاري من الدواجن في مصر حوالي 1.4 مليار طائر، بينما ينتج القطاع الريفي حوالي 320 مليون دجاجة، كما تنتج مصر حوالي 14 مليار من بيض المائدة، وفق مركز المعلومات الصوتية والمرئية بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي.
ووفق التقرير الصادر نهاية أبريل 2022 “يبلغ حجم الاستثمارات في صناعة الدواجن بمصر حوالي 100 مليار جنيه، كما تستوعب صناعة الدواجن في مصر نحو 3 مليون عامل، حيث يبلغ اجمالي عدد المنشآت الداجنة حوالي 38 ألف منشأة تشمل: مزارع – مصانع أعلاف – مجازر – منافذ بيع ادويه بيطريه ولقاحات”.
وبحسب التقرير، وافقت المنظمة العالمية للصحة الحيوانية على تسجيل مصر رسمياً ضمن قائمة الدول التي تعتمد نظام المنشآت الخالية من مرض إنفلونزا الطيور، حيث تم اعتماد وتسجيل 40 منشأة داجنه معزولة، ضد انفلونزا الطيور في مصر، مما ساعد في فتح آفاق لتصدير الدواجن ومشتقاتها أمام منتجي هذه الصناعة، بعد توقف منذ عام 2006.