أعاد استحواذ شركة مواني أبوظبي -المملوكة لصندوق الثروة الإماراتي- على شركتين مصريتين تعملان في القطاع البحري مطلع يوليو/تموز الجاري- الحديث عن الشركات الأجنبية العاملة في المواني المصرية. خاصة بعد حديث الحكومة عن ضم 7 موانٍ مصرية في شركة قابضة واحدة تمهيدًا لطرحها أمام المستثمرين في البورصة المصرية.

ويُمثل قطاع خدمات النقل والشحن 2.5% من إجمالي القيمة السوقية للشركات المقيدة في البورصة المصرية. ويضم القطاع 3 شركات ذات مساهمة حكومية. وهي شركات “القناة للتوكيلات الملاحية-العربية المتحدة للشحن والتفريغ-الإسكندرية لتداول الحاويات والبضائع التي استحوذت عليها الإمارات”-وشركة واحدة خاصة هي الشركة المصرية لخدمات النقل “إيجيترانس”.

وتعمل في مصر 6 محطات لتداول الحاويات. منها 3 حكومية تتبع القابضة للنقل البحري والبري. وتعمل في “الإسكندرية وبورسعيد ودمياط” لتداول الحاويات. إلى جانب شركات أجنبية هي قناة السويس للحاويات بشرق بورسعيد. ومواني دبي العالمية بالسخنة. والإسكندرية لمحطات الحاويات الدولية بالإسكندرية والدخيلة.

وتأتي تلك الاستحواذات بعدما كلف الرئيس عبد الفتاح السيسي نهاية إبريل/نيسان الماضي الحكومة بإعلان برنامج لمشاركة القطاع الخاص في الأصول المملوكة للدولة. على أن يستهدف البرنامج 10 مليارات دولار سنويا ولمدة 4 سنوات بقيمة إجمالية 40 مليار دولار.

وتستهدف الحكومة المصرية زيادة نسبة القطاع الخاص في الاستثمارات المنفذة إلى 65% خلال 3 سنوات مقارنة بنحو 30% حاليا. كما تستهدف جمع نحو 5.7 مليار جنيه من حصيلة بيع الأصول المملوكة لها في الموازنة العامة للعام المالي 2022-2023. وهذا أقل من موازنة العام الجاري بنحو 3.22 مليار جنيه. والتي بلغت 9.017 مليار جنيه.

 

مواني مصر
مواني مصر

مواني أبوظبي.. الأحدث في مصر

ويعدّ استحواذ مواني أبوظبي على الشركتين المصريتين بامتلاك نحو 70% من شركة IACC السعودية. والتي تملك شركتي ترانسمار وترانسكارجو. هو الأول من نوعه في مصر. وبحسب بيانات الصفقة بلغت قيمتها نحو 140 مليون دولار.

وترانسمار شركة إقليمية لنقل الحاويات في البحرين المتوسط والأحمر والخليج العربي وشرق أفريقيا. أما شركة رانسكارجو فهي المشغل الحصري للشحن وتفريغ الحاويات في ميناء الأدبية بالسويس.

ترانسمار قامت خلال عام 2021 بمناولة 109 آلاف حاوية نمطية

رانسكارجو قامات في عام 2021 بمناولة 92 ألف حاوية نمطية و1.2 مليون طن من البضائع الصلبة

الشركتان حققتا عائدات 325 مليون درهم إماراتي في 2021

المصدر: مواقع إخبارية

مواني دبي بالعين السخنة

 

ميناء الأدبية
ميناء الأدبية

إلى الجنوب من ميناء الأدبية يقع ميناء العين السخنة الذي يعدّ أول استثمار إماراتي في قطاع النقل البحري في مصر. والذي حصلت فيه مواني دبي على حق امتياز إدارة وتشغيل الميناء لمدة 25 عامًا. وذلك مقابل 670 مليون دولار فقط عام 2008.

وبحسب الاتفاقية الموقعة بين مواني دبي والحكومة المصرية فإن مواني دبي تمتلك 90% من أسهم شركة تطوير ميناء العين السخنة صاحبة امتياز حق الإدارة. بالإضافة إلى النص على قيام مواني دبي بتوسعة الطاقة الاستيعابية لميناء العين السخنة لتبلغ نحو 2 مليون حاوية سنويًا. وأن تستثمر نحو 1.5 مليار دولار خلال فترة 5 أعوام.

ويعدّ ميناء العين السخنة واحدًا من أكبر المواني المصرية على البحر الأحمر. لكن منذ توقيع عقود الامتياز مع “مواني دبي” الإماراتية لم يتحقق أي شيء على أرض الواقع. إذ لم تصل حركة تداول الحاويات بميناء العين السخنة إلى نسبة 20% من المتفق عليه خلال العقود المبرمة عام 2008 بشأن الطاقة الاستيعابية.

فحاليًا تصل الطاقة الاستيعابية للميناء إلى نحو 350 ألف حاوية فقط. وكان من المُفترض أن تصل طاقته الاستيعابية إلى 2 مليون حاوية سنويًا.

استثمارات تطوير مواني مصر
استثمارات تطوير مواني مصر

المواني بالأرقام

وبحسب البيانات الصادرة عن قطاع النقل البحري بلغت حركة تداول الحاويات لمواني “العين السخنة والسويس والأدبية وبورسعيد وشرق بورسعيد” إلى نحو 4 ملايين و764 ألف و583 حاوية فقط خلال 2021.

ونقلاً عن تصريحات سابقة لوزير النقل كامل الوزير -الذي ألمح إلى تأخر مصر في تطوير ميناء العين السخنة كثيرًا- أشار إلى وجود دول كانت السبب في عدم تطوير الميناء.

ووفقًا للوزير فإن تطوير ميناء العين السخنة سيشمل زيادة عمقه إلى 12 كم بدلاً من 3 كم حاليًا. إضافة لمضاعفة قدرته 4 مرات.

ومنذ عام 2021 بدأت الحكومة في تطوير الميناء الذي تبلغ مساحته 22.3 كم2. ويتوقع أن تُكلف أعمال التطوير نحو 1.2 مليار دولار.

ويتضمن التطوير إنشاء أرصفة جديدة بأطوال 12 كم طوليًا بعمق نحو 18 مترًا. إضافة إلى ساحات تداول بمسطح 5.6 مليون م2 ومناطق تجارية ولوجستية بمساحة 5.3 كم2. فضلاً عن وصول شبكة خطوط السكك الحديدية بطول 10 كم عبر القطار الكهربائي السريع لنقل البضائع والحاويات.

مواني دبي بقناة السويس

منطقة قناة السويس
منطقة قناة السويس

في سبتمبر/أيلول الماضي أعلنت الحكومة اتفاق هيئة قناة السويس ومواني دبي لاستحواذ الأخيرة على 49% من مشاريع المنطقة الاقتصادية لمحور قناة السويس. فيما تظل نسبة 51% مملوكة للحكومة المصرية.

ويستهدف مشروع تطوير منطقة قناة السويس الاقتصادية تطوير مساحة 95 كم2 بمنطقة العين السخنة. والتي تشمل منطقة صناعية بمساحة نحو 75 كم2 ومنطقة سكنية بمساحة نحو 20 كم2. والتي متوقع لها استيعاب نحو 650 ألف نسمة وتوفير نحو نصف مليون فرصة عمل.

ومن المستهدف أن تشتمل المنطقة الصناعية على العديد من الصناعات. وخاصة الصناعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر والخدمات اللوجستية ومواد البناء والصناعات الغذائية وصناعة الأقمشة والمنسوجات.

وسبق هذا الاستحواذ أيضًا توقيع اتفاق بين الإمارات ومصر لإنشاء شركة مساهمة جديدة باسم “شركة التحدي المصرية الإماراتية للأعمال البحرية والتكريك”.

وبموجب الاتفاق تكون الشركة مملوكة بنسبة 51% لشركة القناة لأعمال المواني والمشروعات الكبرى. وهي إحدى الشركات التابعة لهيئة قناة السويس. و49% لشركة الجرافات البحرية الإماراتية. وهي واحدة من كبرى الشركات العالمية المتخصصة في مشاريع التكريك وحفر القنوات والممرات المائية والمواني.

ومنذ إنشاء تلك الشركة وقد استحوذت على أعمال التكريك في القناة والبحيرات المصرية. حيث تم توزيع نسبة مساهمة أعمال التكريك بنسبة 51% لشركة القناة للمواني. و49% لشركة الجرافات الوطنية الإمارتية. وبدأت باكورة أعمالها بتنفيذ المرحلة الثالثة من مشروع إعادة كفاءة بحيرة المنزلة ومشروع تكريك ميناء جرجوب بكمية تكريك كبيرة جدًا.

وفي عام 2021 فازت تلك الشركة بأعمال التكريك في بحيرة البردويل في شمال سيناء. وهي ثاني أكبر بحيرة في مصر. والتي بلغت تكلفتها نحو 640 مليون جنيه.

شركة ميرسك في شرق بورسعيد

شركة ميرسك وإدارة شرق بورسعيد
شركة ميرسك وإدارة شرق بورسعيد

تُدير شركة ميرسك العالمية حركة الحاويات في ميناء شرق بورسعيد -أحد مواني المنطقة الاقتصادية لقناة السويس- وذلك عبر شركة قناة السويس لتداول الحاويات SCCT. والتي تمتلك فيها ميرسك نسبة 55% من الأسهم. فيما تمتلك هيئة قناة السويس نسبة 10.3% عبر شركاتها التابعة. و5% للبنك الأهلي المصري. فيما يملك القطاع الخاص المصري نسبة 9.7% ونسبة 20% لشركة كوسكو باسيفيك.

وحصلت شركة قناة السويس لتداول الحاويات على امتياز إنشاء وإدارة وتشغيل محطة حاويات ميناء شرق بورسعيد عام 2004 لمدة 30 عامًا. ووفقًا لبيانات الهيئة الاقتصادية لقناة السويس فإن ميناء شرق بورسعيد حقق أعلى معدل لتداول الحاويات في تاريخ المواني بلغ 3.8 مليون حاوية عام 2021.

محطة حاويات شرق بورسعيد
محطة حاويات شرق بورسعيد

وفي مايو/أيار الماضي بدأت شركة ميرسك التفاوض مع الحكومة المصرية للاستحواذ على حق إدارة وتشغيل رصيف جديد بطول 1000 متر لتداول البضائع العامة. والخط الجديد يستهدف الاستحواذ على كل الخدمات الملاحية المُقدمة للبضائع العامة الواردة والصادرة من وإلى ميناء شرق بورسعيد. خاصة أنه يستقبل مهمات المشروعات القومية الجاري تنفيذها ببورسعيد. منها خط سكة حديد الفردان ومصنع نيرك المتخصص في تصنيع وحدات السكك الحديدية والمترو. بجانب واردات المشروعات الصناعية المزمع إقامتها بالظهير الصناعي والمنطقة الصناعية الروسية.

مواني دبي وميرسك.. تخلف بالداخل وتعارض مع الخارج

شركة مواني دبي
شركة مواني دبي

يقول المهندس وائل قدور -خبير النقل البحري وعضو مجلس إدارة قناة السويس السابق- إن أبرز الشركات التي تُدير بعض المواني المصرية هي شركة ميرسك العالمية التي تُدير ميناء شرق بورسعيد. وهي شركة عالمية متخصصة في إدارة الحاويات.

لكن رغم ذلك فالميناء حالته سيئة -حسب قوله- بسبب “تخلف المنظومة المصرية وتقادم القوانين وتسببها في تعطل التطوير”. وذلك مقارنة بإدارة الشركة نفسها لميناء طنجة المغربي. والذي يعدّ أفضل ميناء على الساحل الجنوبي للبحر المتوسط -وفقًا لقدور.

وقال لـ”مصر 360″: “ما المناطق الاقتصادية المرتبطة بالمواني المصرية؟. الإجابة: ولا حاجة!. بقالك 12 سنة بتتكلم عن منطقة قناة السويس الاقتصادية لكن ضجيج بلا طحن”.

ويُقارن “قدور” المنطقة الاقتصادية بقناة السويس بالمنطقة الاقتصادية المحيطة بميناء “بيريه” اليوناني. الذي يعدّ أكبر ميناء لنقل الحاويات في البحر الأبيض المتوسط ورابع أكبر ميناء لنقل الحاويات في العالم بفضل الاستثمارات الصينية فيه.

ويرى “قدور” أن العقد الموقع بإدارة “ميرسك” ميناء شرق بورسعيد “مليء بالفساد”. وهذا وضع كاشف لحالة البلاد التي تُعاني من زيادة معدلات الفساد الإداري.

ويُتابع عضو مجلس إدارة قناة السويس السابق أن الشركة الأجنبية الثانية التي تُدير ميناء مصريا هي مواني دبي. والتي تُدير ميناء العين السخنة في السويس. والتي حصلت على حق امتياز إدارة الميناء لمدة 25 سنة بدءا من عام 2008.

ويصف “قدور” إدارة “مواني دبي” لميناء العين السخنة بـ”الإدارة اللعينة”. مضيفًا: “في الأصل هناك تعارض مصالح بين مصر ودبي. فإذا تطورت العين السخنة تراجعت إيرادات ميناء جبل علي الإماراتي. ماتجيبش عدوك وتقوله تعالى خد بالك من مصالحي”.

ويُشير إلى أن أهم ما ينقص المواني المصرية هو نقص التكنولوجيا واعتمادها على الأنظمة القديمة. التي عفا عليها الزمن. وعدم وجود إدارات محترفة بأغلب المواني المصرية حدث لنقص الكفاءات. متابعًا أنه رغم تمتع المواني بمواقع استراتيجية على طريق التجارة البحرية فإن نصيبها منها ضئيل جدًا بسبب تخلف البنية التحتية وعدم قدرتها على مسايرة الأنظمة العالمية.

شركات أخرى لإدارة المواني المصرية قريبًا

المواني المصرية
المواني المصرية

من جهته يعتقد الدكتور أحمد سلطان -مستشار وزارة النقل السابق لقطاع النقل البحري- أن دخول الشركات الأجنبية في قطاع النقل البحري يُسهم في تطويره وزيادة مدخوله بالنسبة للناتج القومي. خاصة أن تطوير القطاع تأخر كثيرًا خلال الفترة الماضية.

ويُضيف لـ”مصر 360″ أن هناك محاولات جادة لتطوير المواني المصرية والنقل البحري. وأن حجم التداول في المواني في نمو تدريجي خلال السنوات الماضية.

ويرى أن دور القطاع الخاص حيوي في الإدارة والتشغيل داخل المواني. فالقطاع الخاص في مصر لا يُدير المواني بشكل فعلي. إذ إن الحكومة لا تزال تُسيطر على ميناء العين السخنة وميناء شرق بورسعيد. ولا يمكن لأحد أن يبيع تلك المواني.

ويكشف مستشار وزارة النقل السابق وجود شركات أخرى في القريب ستتعاقد معها الحكومة لإدارة وتشغيل محطات تداول للحاويات. سواء في ميناءي العين السخنة وشرق بورسعيد أو في موانٍ أخرى. لافتًا إلى أن ذلك سيعمل على تنمية وتطوير المواني. خاصة حين تكون تلك الشركات ذات سمعة في قطاع النقل البحري العالمي.