للمرة الثالثة أبلغت إدارة سجن وادى النطرون امتناع الناشط السياسي علاء عبد الفتاح عن حضور زيارة ذويه. فضلا عن رفضه إرسال خطاب لهم بذلك.

وأعربت أسرة “علاء” عن قلقها على حياة نجلها. فيما شككت في رواية إدارة السجن بدون دليل من “علاء” تؤكد صحتها.

واستنكرت شقيقته المحامية الحقوقية منى سيف رفض مأمور السجن مقابلة والدتها. ونقلت عن والدتها عبر صفحتها الشخصية بموقع “فيسبوك” قولها: “ماما بتلخص الموضوع بوضوح: أنا مش مطلوب مني أعرف إيه اللي حصل. اللي أنا عارفاه إن ابني مخفي عني في ظروف إنه مضرب عن الطعام بقاله 115 يوم. في نفس السياق أحمد دومة اتمنعت عنه الزيارة وبعدين طلع مضروب. النيابة هي اللي شغلتها تعرف إيه اللي حصل”.

وطالبت أسرة “علاء” من النيابة العامة التدخل بالتحقيق لبيان حالته وإن كان على قيد الحياة أم لا. أو تقديم دليل كتابي بخط يده يثبت رفضه أو امتناعه عن مقابلة أهله خلال الزيارة. فضلا عن تمكين القنصلية البريطانية من زيارته. خاصة بعد حفظ البلاغ الذي تقدمت به شقيقته “منى” يوم 25 يوليو/تموز الجاري.

شكوك حول رفض الزيارة

وأثار تغيب “علاء” عن الزيارة الشكوك حول حالته الصحية. إذ إنه سلوك غير مسبوق بالنسبة له خلال سنوات حبسه.

وأوضحت أسرته أنه إن كان زعم إدارة السجن حقيقيا وأن “علاء” لا يرغب في مقابلتهم كان سيرسل لهم خطاب لطمأنتهم والتخفيف على والدته مشقة السفر من القاهرة إلى سجن وادي النطرون.

وقالت شقيقته منى سيف: “معاد الزيارة الأسبوعية لعلاء كان يوم السبت 16 يوليو. وكانت الأمور تسير بشكل طبيعي وأن حالته النفسية بدت أفضل بعد نقله إلى مجمع سجن وادي النطرون. وأبلغ والدته أنه هيكون فيه جواب لها لطمأنتها. لكن إدارة السجن سلموها بعض أغراضه دون الجواب الذي ذكره علاء لوالدته في الزيارة السابقة”.

وتابعت: “في الأسبوع التالي للزيارة يوم الأحد 24 يوليو/تموز الجاري زارت والدتي  علاء من خلال الاستثناء المتاح في كل السجون هذا الشهر. فسلمتها إدارة السجن جواب الأسبوع السابق الذي تم تعطيله. وبعد انتظار 6 ساعات بلغوها أن (علاء ممتنع عن الزيارة) دون إبداء أسباب أو معلومات أو أي جوابات أو رسايل تثبت صحة أقوالهم”.

وقالت الدكتورة ليلى سويف -أستاذ الرياضيات بجامعة القاهرة- “والدة علاء” إنها ستبلغ السفارة البريطانية بذلك. خاصة بعد إعلان وزيرة الخارجية البريطانية ليزا تراوس مساعيها لتأمين إطلاق سراحه.

احتمالات الرفض

وفسر المحامي الحقوقي خالد علي “امتناع علاء” عن زيارة أسرته باحتمالين: “الأول إن كان علاء رفض زيارة أهله فهذا يعني أنه كسجين وصل إلى حالة نفسية فقد معها أي أمل في الحياة أو النجاة. خاصة أنه ما زال مضربا عن الطعام. والاحتمال الثاني أنه لم يرفض الزيارة لكن هذا زعم إدارة السجن”. والاحتمال الثاني هو ما ترجحه الأسرة أيضًا.

وطالب “علي” عبر صفحته بموقع “فيسبوك” تمكين أسرة “علاء” أو المحامين من زيارته. أو خروج جواب بخط يده ليتأكدوا فعلا أن رفض الزيارة صادر منه. معلنا أنه تقدم ببلاغ يوم 26 يوليو/تموز إلى النائب العام يحمل رقم  “32638” لسنة 2022 عرائض النائب العام. كما طالب أيضا المجلس القومي لحقوق الإنسان أو كوادر حقوق الإنسان بالحوار الوطني بعمل مبادرة لزيارة “علاء” ومقابلته والوقوف على حقيقة وضعه.

ويقضى علاء عبد الفتاح حكما مشددا بالحبس خمس سنوات بتهمة نشر أخبار كاذبة. وكذا الانتماء إلى جماعة محظورة. وهو الحكم الذي أصدرته محكمة أمن الدولة طوارئ. وهي محاكمة استثنائية لا يمكن الطعن على أحكامها.

وقضى “علاء” في الحبس الاحتياطي أكثر من عامين منذ معاودة القبض عليه في سبتمبر/أيلول 2019 . ودخل في إضراب عن الطعام يوم 2 إبريل/نيسان الماضي. وذلك احتجاجا على عدم منحه حقوقه المنصوص عليها بلائحة السجون كالتريض وإدخال الكتب والمجلات.

على نهج غاندي

تعرض “علاء” لمضايقات داخل محبسه بسجن “طرة 2 شديد الحراسة” أثناء فترة إضرابه عن الطعام. اعتراضا على ظروف حبسه وفقا لمنشور سابق لمحاميه خالد علي قبل نقل “علاء” لسجن وادي النطرون.

ونقلت والدة “علاء” عنه عبر صفحتها الشخصية بموقع “فيسبوك” بتاريخ 24 يونيو/حزيران الماضي بيانا توضيحيا عن نهجه في الإضراب عن الطعام. إذ قال “علاء” إنه مستمر في الإضراب على نهج الزعيم الهندي غاندي قائلا: “مستمر حتى يتم التعامل بجدية مع مطالبي أو إعادة محاكمتي أمام قضاء طبيعي دون أي تلاعب بالقانون ولا حرمان من حقوقي في الدفاع أو طبعا إطلاق سراحي”.

ويدخل “علاء” يومه رقم 116 مضربا عن الطعام. وقررت شقيقته “منى” الدخول معه في إضراب تضامنا منذ 11 يونيو/تموز الماضي.

ولجأت أسرته إلى تقديم بلاغ إلى النائب العام الاثنين الماضي حمل رقم (179304) لبيان وضع “علاء” وحالته الصحية. ووفقا لشقيقته فإن الأسرة قامت يوم الثلاثاء الماضي بإرسال تلغرافات إلى وزير الداخلية ومساعد وزير الداخلية لمصلحة السجون.

وأشار محاميه خالد علي إلى قيام إدارة السجن بمنعه من زيارة موكله رغم وجود تصريح النيابة بالمخالفة للقانون.

مشوار علاء

ينتمي علاء عبد الفتاح لأسرة لها باع بالدفاع عن حقوق الإنسان. فوالده المحامي والحقوقي الراحل أحمد سيف الإسلام حمد -المدير التنفيذي السابق لمركز هشام مبارك للقانون. ووالدته الدكتورة ليلى سويف -أستاذة الرياضيات البحتة بكلية العلوم جامعة القاهرة. وكلاهما نشطا سياسيا وحقوقيا منذ سبعينيات القرن الماضي في مصر.

و”علاء” مبرمج ومدون وناشط سياسي -41 عاما- بدأ مشواره في 2004 عندما أطلق مع زوجته مدونة “دلو مليء بالمعلومات” أو “دلو معلومات منال وعلاء”. وذلك لتغطية الأخبار كدعم للصحافة الشعبية. وفازت المدونة بجائزة منظمة “مراسلون بلا حدود”.

وتعرض “علاء” للحبس في 2006 أثناء وقفة احتجاجية مع حركة “كفاية” من أجل استقلال القضاء المصري. ثم انتقل بعدها للعيش مع زوجته منال حسن بجنوب أفريقيا.

ومع اندلاع ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 ظهر “علاء” كأحد رموز شباب الثورة. وفي العام نفسه قررت النيابة العسكرية حبسه على خلفية اتهامه بالتحريض والاشتراك في التعدي على أفراد القوات المسلحة وإتلاف معدات عسكرية والتظاهر والتجمهر وتكدير الأمن والسلم العام فيما يعرف بـ”أحداث ماسبيرو”.

وفي 23 فبراير/شباط 2015 صدر حكم على “علاء” بالحبس 5 سنوات بتهم التظاهر دون تصريح. ليخرج في مارس/آذار 2019 شريطة أن يوضع تحت المراقبة 5 سنوات أخرى. لكن في 29 سبتمبر/أيلول أعيد حبسه ضمن حملة اعتقالات واسعة. واتهم بنشر أخبار كاذبة والانضمام لجماعة إرهابية.

النقل والجنسية وطلبات الإفراج

نقل “علاء” بشكل مفاجئ من محبسه في سجن “العقرب” طرة شديد الحراسة إلى مركز الإصلاح والتأهيل في وادي النطرون. والذي يقضي به فترة عقوبته حتى الآن.

وفي 14 مايو/أيار الماضي تقدمت 500 سيدة من الأمهات والسيدات بطلب للمجلس القومي لحقوق الإنسان للتدخل للإفراج عنه. فيما تقدمت أسرته بطلب إلى السلطات البريطانية لحصوله على الجنسية عام 2019. كون والدته ولدت في لندن عام 1956 أثناء رحلة عمل أكاديمي لوالدتها. وحصل على الجنسية في إبريل/نيسان الماضي. وذلك كمخرج من “محنته” الحالية باعتباره مواطنا بريطانيا. على أمل أن تسمح إدارة السجن بزيارة القنصلية البريطانية له في محبسه لمناقشة المسارات القانونية المتاحة أمامه وتمكينه من التنسيق مع محاميه بإنجلترا لإعادة محاكمته هناك. وهو ما لم يحدث حتى الآن.