يقترب الباحث أمجد الجباس من إكمال 100 يوم في الحبس الاحتياطي على ذمة القضية رقم 330 حصر أمن الدولة طوارئ لسنة 2022. يأتي هذا عقب تجديد محكمة طوارئ التجمع الخامس بالقاهرة حبسه 15 يوما احتياطيا على ذمة التحقيقات. ووجهت له النيابة تهمة الانضمام إلى جماعة إرهابية وسوء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي دون تسجيل أي أحراز.
ألقي القبض على “الجباس” في 26 إبريل/نيسان الماضي في مطار القاهرة أثناء عودته من البحرين لقضاء الإجازة السنوية مع أسرته في مصر. وكان آخر اتصال تلفوني أجراه مع زوجته عقب وصوله إلى مطار القاهرة، أخبره فيها بسحب جواز سفره واقتياده إلى مكان غير معلوم، بعدها مباشرة أغلق هاتفه. اختفى الجباس لمدة يومين، قبل أن يظهر بعدها في نيابة التجمع الخامس يوم 28 إبريل/نيسان الماضي. قبل أن تتلقى زوجته اتصالا تلفونيا من أحد المحامين يخبرها فيه بأنه حضر التحقيقات مع زوجها وأنه محتجز في سجن أبو زعبل.
الجباس يريد المشاركة في الحوار الوطني
قضى الجباس أربع ساعات كاملة في أولى جلسات التحقيقات أمام النيابة ووفقا لحديث زوجته رندا مرسى، مع “مصر 360” فإن المحامي أخبرها بأن النيابة واجهته ببعض كتاباته على صفحته الشخصية في “فيسبوك”. كما أكد هو في أقواله: “دي مجرد آراء شخصية وأنا لا أنتمي إلى أي تيار أو حزب سياسي. هذه رؤيتي التحليلية في أحوال البلد السياسية والاقتصادية كباحث ومتخصص في المجال”.
اليوم يستكمل الجباس 98 يوما في الحبس الاحتياطي بسجن القناطر للرجال، بعد نقله وتجديد حبسه لأول مرة، وقبل انتهاء جلسة التجديد الأخيرة وأثناء استجوابه سألته النيابة: “هل لديك أقوال أخرى؟” ليرد الجباس: “نعم أريد المشاركة في الحوار الوطني.. هذا طلبي الوحيد”.
المحامي خالد علي، قائد فريق الدفاع عن الجباس قال في “فيسبوك”: “بعد ما خلصنا التجديد سألته ليه عايز تشارك في الحوار الوطني؟ قالي دي فرصة نسمع بعض يمكن يكون في نتيجة جديدة”.
من هو أمجد الجباس؟
ينتمي “الجباس” لعائلة كانت تعيش في حي العرب بمحافظة بورسعيد، لكن ظروف الحرب والتهجير دفعتهم للانتقال إلى الدقهلية حيث ولد “أمجد” سنة 1972.
“الجباس” باحث متخصص في العلوم السياسية تخرج في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة عام 1993 بتقدير جيد جدا مع مرتبة الشرف، وكان من بين الأوائل على الكلية. كما أنه حاصل على المركز الثاني على دفعته، ليتم تعيينه وقتها في الأمانة العامة لمجلس الشعب.
استكمل دراسته العليا فحصل على درجة الماجستير في العلوم السياسية بتقدير امتياز، ودبلوم الدراسات العربية بتقدير امتياز وحاليا بصدد تسجيل أطروحته للدكتوراة. كذلك نشرت رسالته للماجستير في كتاب أصدره مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية عام 2005 بعنوان “البرلمان والجمعيات الأهلية”.
كما شارك أيضا في تأليف وتحرير عدد من الكتب منها “ستون عاما على النكبة”، و”جامعة الدول العربية في ستين عاما”، و”حال الأمة العربية من 2010- 2011″، و”رياح التغيير”.
وأخيرا تم تعيينه في قسم البحوث في البرلمان وحصل على إجازة بدون راتب للعمل في قسم البحوث بمجلس النواب بدولة البحرين عام 2018.
الجباس يفند مثالب العقل العربي
ينتقد “الجباس” ما وصفه بتنميط الأفكار والتعميم في إصدار الأحكام. إذ اعتبرها من مثالب وعيوب العقل العربي. وقال في منشور له يوم 25إبريل/نيسان الماضي قبل القبض عليه بيوم واحد تحت عنوان “آفة حارتنا التعميم”:
“أحد آفات العقل العربي عموما هي التعميم والتنميط. يعني بسبب رفض بعض ممارسات الخطأ من جانب بعض ضباط الشرطة، خلاص بقى من السهل جدا التعميم بشأنهم وإطلاق أحكام عليهم جميعا أن كلهم على هذه الشاكلة. ومن ثم رفض أي تصور مخالف. وعدم تصديق أن ممكن يصدر عنهم سلوك مخالف. والحقيقة أن ده قول فيه تجني، مش بس لأنه غير منصف وفيه تجني، وإنما ضد المنطق وضد طبائع الأمور”.
كذلك واصل: “كل فئة من فئات المجتمع مهما كان موقفك الشخصي العام منها، لا تخلو بالتأكيد من وجود الكويس والوحش، الطيب والقبيح. صحيح في بعض الفئات بيكون غالب عليها أحد النمطين، لكن غلبة أحد النمطين لا تنفي وجود النمط الآخر.. ولو على استحياء وبنزر يسير”.
“أمجد” باحث رصين ودؤوب دائم التعليق على قرارات الحكومة وتحليلها وتوضيح مدى تأثيرها على الواقع والرأي العام.
أحد أهم تعليقاته على الشأن العام، كانت عبر صفحته الشخصية في “فيسبوك” عندما انتقد وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة رمضان الماضي. عندما علق على قرار منع صلاة التهجد في المساجد. إذ اعتبر القرار عاملا يزيد حالة الاحتقان في الشارع ضد الوزير ويقلل من شعبيته.
معركة الأوقاف
ونشر أمجد قرار الوزير بإنهاء خدمة أي إمام يسمح بصلاة التهجد في المساجد وعلق على واقعة “إغلاق مسجد المراغة بسبب إقامة صلاة التهجد” قبل إلقاء القبض عليه. “حسب اللي بيقوله وكيل الوزارة، فاللي مسك الميكروفون وطالب بإنهاء الصلاة أحد رواد المسجد، لما سمع حوار بين وكيل الوزارة ومدير الإدارة على بعد خطوات من المسجد بيسأل فيه عن غياب الإمام المسئول. الراجل جري مسك المايك مطالبا الإمام بإنهاء الصلاة خوفا من قيام الأوقاف بإغلاق المسجد. لكن حسب رواية مسئول الأوقاف، بسبب البلبلة اللي حصلت هو بنفسه مسك المايك، ونفى كلام الرجل ده، وأكمل الصلاة بالناس”.
كما استكمل: “شفتوا قرارات الحكومة عملت إيه في الناس من فئة المواطنين الشرفاء، وخليتهم بقوا ملكيين أكتر من الملك؟”.
وفى نفس اليوم 24 إبريل/ نيسان طرح أمجد استبيانا على قرارات وزيري التعليم والأوقاف، ومن هو أكثر وزير تسببت سياسته في حالة احتقان ضدهم في الشارع. وقال في “فيسبوك: “استبيان مهم من وجهة نظري هاسيبه مفتوح للإجابة عليه لحد الساعة اثنين الفجر. أي الوزيرين تبغضون قراراته أكثر: مختار جمعة، أم طارق شوقي؟”.
شارك الجباس في ثورة 2011 ودافع عنها بحماس، كما ناصر القضية الفلسطينية في العديد من كتاباته على صفحته الشخصية. قال: “لسبب غير مفهوم، وبدون بدون قصد أو ترتيب مني. صورة البروفايل أتعمل edit وبقت شعارات ثورة يناير عيش، حرية، عدالة اجتماعية. وشعار “مع القدس قلبا وقالبا” جزءا من الصورة. مش مجرد فريم قابل للتغيير والإزالة والحذف”.
“دي فعلا اللي يُطلق عليها رميةٌ بغير رامٍ، لأن مافيش حاجة بتعبر عن انحيازاتي الضمائرية والقلبية والإنسانية أكتر من موقفي من ثورة يناير ومن القدس، وهي انحيازات غير قابلة للتحول أو التبدل، أحملها علي عاتقي، وعليها أضبط بوصلتي، وأعض عليها بالنواجز، حتى يحين الأجل”. هكذا كتب الجباس.
موقفه من وفاة الباحث أيمن هدهود
أعلن “الجباس” موقفه من وفاة الباحث أيمن هدهود داخل مستشفى العباسية للصحة النفسية. لكنه سرعان ما خفف من حدة الانتقادات التي وجهت إلى الدولة في هذا الشأن. وقال تحت عنوان “الخلاصة بخصوص أيمن هدهود”: “أيمن لا كان معتقل ولا مختفي قسريا. ولا أتعرض لتعذيب في أمن الدولة، بالمعنى المتعارف عليه للتعذيب زي ما بيرويه الإسلاميين. الرواية اللي وردت في بيان النيابة صحيحة فعلا، للأسف من فترة وهو بيعاني من اضطرابات نفسية رفض يتعالج منها. سوء الحظ والإهمال وسوء التصرف والارتباك اللي شابوا التعامل مع حالته وظروفه لعبوا دورا كبيرا للأسف في النهاية اللي انتهى إليها”.
المحامي خالد علي أكد أن القانون لا يحرم المحبوس احتياطا من المشاركة في الحياة العامة وممارسة الحقوق السياسية. كما قال: “على حد علمي أن أمجد الجباس هو أول محبوس احتياطيا يتفاعل مع دعوة الحوار الوطني ويطلب المشاركة في جلساته ومناقشاته”.