نظل نحلم بالنصف الآخر، بمحبة تليق بالانتظار، بدفء عناق لا يفتر، وثقة تليق بحلم يولد في الليل ونحن نائمات. كيف ستنام وتعطيه ظهرها بينما هو يستبدلها كل يوم بامرأة جديدة؟
الصمت لا يليق بلحظات الألم، نحتاج لكلمات مواساة، لصراخ يمتزج بالغضب، لشخص نصوب عليه كل اللعنات، نسب كل الرجال ونُعيد تعريف الثقة.
نحتاج لبحر نغرق فيه، ونعود بلا ذاكرة، فلماذا لا يأتي النسيان سريعا، فتنسى ما عرفته، لكن السمك وحده يحتفظ بالنسيان كحق أصيل، ونظل نحن تدفعنا أمواج المعرفة، هذه أغنية تجدد الشجن، وأخرى تبدو وكأنها إلهام اللحظة.
الوقوف كتماثيل تجمدت بفعل الدهشة لا يفيد، يمتلك الرجل امرأته، فإن التفت لرجل وجب القصاص، لكنه سيمنح عينيه لمرصد يتتبع النجوم والأقمار، يتفحص ويعد صورا ضوئية لكل حوائية.
اقرأ أيضًا.. الطرق المختصرة نحو الألم
الصيد الناجح
في عمليات الصيد يكون الصياد الناجح هو الذي يُحافظ على هدوئه ويراقب في صمت، حتى تطمئن الفريسة، وتتحرك في ثقة، فيتحرك الصياد وينالها.
تبدو فكرة الخيانة مرفوضة جملة وتفصيلا، دون مناقشة الفعل، وآثاره، فهل خُلقنا بتلك السمة؟
الحقيقة أن فعل الخيانة كما نعرفه، وأن يرتبط رجل بامرأة أخرى بينما هو في علاقة مع امرأة، وأيا كانت تلك العلاقة ارتباط عاطفي أو زواج، لكن هذا الفعل يؤذي المرأة وقد يترك أثر لا يزول.
ستقف لتتلصص تراقب دأبه في صيد الأخريات، وهي تُفكر كيف ستكون الفريسة الجديدة. هل قصصت عليك نبأ أحدهم، دمث الخلق، يتحدث بهمس، يفوح عطره ليخطف القلوب، وحين يمر بجمع تقف النسوة ليلملمن نظراته.
حين امتلأت امرأته بحكايات النسوة، جمعت من عيونهم ملامحه فكان عاريا تماما، فأخذت تبكي حالها.
أعادت تكوين الصور، كم مرة وقف بصورته الأولى، وكم امرأة امتلأت به، حين كانت هي تقف هناك تملأ كفيه ببرودة ماء يتكاتف مع وحدة وبرد الشتاء.
نعم كانت منشغلة، تحمل على كتفيها بيت ينوء بحمله الرجال، تعسعس خلف الصغار، وترتق ضيق الحال، بعض من الوزن الزائد، ومساحيق اختفت من حجرتها، لم تلتفت لبشرتها التي جفت، رغم كل الماء المنساب في حوض الغسيل.
في مثل هذه الحالات نقف عاجزين أمام امرأة تشعر بخيانة زوجها/حبيبها كيف لنا أن نجمع دموعها لنثرها على أجساد الأخريات فيتطهرن من عذابها، وهي هناك تجلس متكورة على وجعها، تلوك سيره مع نهود وارفة.
هل الخيانة موجعة لفقد ما نملك؟
الخيانة لفظة مائعة تعتمد على الثقة والامتلاك، فمن يملك حق امتلاك الآخر؟ لماذا أغلقت عينيها إلى جواره وهي مطمئنة لكنه خذلها واستبدل طيفها بأخريات، ألبسها أرواح الأخريات بينما هي لم ترَ سواه.
تبكي المرأة حين يهجرها رجلها، لكن لماذا تنهار حين يعرف أخرى؟ هل هو إعلان بنقائصها؟ حين ينظر الرجل في عيون أخرى لا يعني أن شريكته تخلو من المحبة، لكنه اعتاد محبتها حتى بات لا يلحظها.
ربما ليست نقيصة النساء أن يخون الرجال، هم يبحثون عن مرافئ أخرى طيلة الوقت، وأنت يا سيدتي لم تحفظ ملاذك.
حين تركت الجدات لنا مأثوراتهن سخرن، لا حيلة لنا فى كثرة الصغار، وضيق اليد لم يترك مالًا نقتصه، لكن الرجل ينبت له أجنحة ويرفرف على أعشاش أخرى، وهي هناك تحمي البيت وتهندم ملابسه، وتفي بالأغراض الاجتماعية.
خيانة الرجل وخيانة المرأة
ماذا لو فتح صندوق رسائلها ووجد رسالة ود؟ تراه سيقتل امرأته؟ أم سيفتح الباب ويلقي بها خارجه بقميص النوم؟
الامتلاك في بلادنا يسير في اتجاه واحد، وهم لا يعرفون أن المرأة في بلادنا تعرف حين يلعب الرجل بذيله.
حين تعرف المرأة أن شريكها في علاقة تبوح لصديقاتها يجتمعن حولها للمساندة يقفن لترتيب الكلمات كما لو كن في عزاء، ترتسم الجدية، وبعض ملامح الحزن، مشفوعة بعبارات التعزية وحين نمر إلي الداخل ننشغل فى تبادل أحاديث بعيدة عن الحزن، نفعل معها ذات الأمر.
تجمع أدلة تقسيمه علي الأخريات، تحزن وترقد فى فراش الغدر، تُعدّد كم النساء اللواتي مر بهن، ترتب قطع البازل لحياتها، كانت فى لقاء أولياء الأمور، تكافح من أجل درجة مفقودة فى امتحان اللغة العربية، وتندد بمعاملة لا تليق بصغارها.
الصور مشوشة، وقطع من البازل أضاعها الأطفال، وهي لا تعرف أين كانت حين مر بفراش إحداهن.
بينما إن خانت المرأة صمت الرجل، فكر في الانتقام من غريمه، ويختلف نوع الانتقام والإحساس بالعار حسب وضع الشريك، فإن كانت زوجة جاء القتل عنوانًا للرد واسترجاع القيمة والهيبة.
ورغم أن الخيانة وصف واحد لكن ردود الفعل مختلفة، دون أن يُفكر الرجل أنه يخون شريكته مع امرأة أخرى، أو أن شريكته تخونه مع رجل آخر.
المبررات التقليدية للخيانة
المرأة التي تشعر بالخيانة لم تكن أولوية لذاتها فلماذا تلوم الآخر حين لم يجعلها أولوية له، لقد حفظها في ركن الذكرى، واعتنى بمكانتها فتحرك سرا، مثل سارق يخطف القبلات فى الخفاء، يخاف أن تعرف فتهبط إليه.
انفضِ عنك الوجع، لقد أنهيتِ سُحب البكاء، غيري من صورتك، وأحملي على كاهلكِ نصف أعمدة البيت، فرب البيت لابد أن يرعاه.