أجلّت وزارة النقل والمواصلات موعد تطبيق الزيادة الجديدة على أسعار تذاكر مترو الأنفاق والتي كان مقررا لها أول أغسطس/آب. وقالت مصادر بوزارة النقل إن قرار زيادة أسعار تذاكر مترو الأنفاق لايزال قيد الدراسة، وإن كانت النسبة المتوقعة ستتراوح بين 25 و28%.

وكشف وزير النقل الفريق كامل الوزير الأسبوع الماضي، عن أن قرار تحريك أسعار التذاكر الخاصة بالمترو والقطارات قد يتم تطبيقه نهاية أغسطس/آب، مؤكدا اتخاذ قرار الزيادة فعلياً. فما هي رحلة صعود تذاكر مترو الأنفاق؟ ولماذا اتجهت الحكومة لإجراء هذا التحريك خلال الفترة الراهنة؟ وكيف سيتأثر المواطنين بالحركة المنتظرة؟.

رحلة أسعار تذاكر المترو

الزيادة التي سيتم الإعلان قريبا، ستكون الخامسة من نوعها خلال فترة 6 سنوات، والتي انطلقت أولى رحلاتها في عام 2017. حيث طُبقت الزيادة منتصف مارس من ذات العام، حينما قررت الوزارة رفع التذكرة من جنيه، إلى جنيهين لكل الخطوط. وبرَّرت الوزارة حينها الزيادة في ذلك الوقت، بسبب تراكم الخسائر وعجز شركة المترو عن شراء قطع الغيار اللازمة للتشغيل، وتعرُّض المرفق للتوقف.

وبعد انتهاء وزارة النقل في مايو 2018 من تركيب ماكينات الخروج والدخول الجديدة، قرت تقسيم محطات المترو إلى مناطق؛ كل منها بسعر. وبلغ سعر التذكرة الجديد في أغسطس 2018 بواقع 3 جنيهات لـ9 محطات. وبلغ سعر تذكرة المترو لـ16 محطة خمس جنيهات، وأكثر من 16 محطة بـ7 جنيهات، في كل خطوط المترو الثلاثة.

وبررت وزارة النقل، في تعليقها على الزيادة حينذاك، إلى أنه ليس من العدل أن يحاسَب راكب المرفق بسعر واحد لكل المحطات. وذكرت أن كل دول العالم تطبق تسعيرًا لكل عدد من محطات النقل، والزيادة أقل بكثير من القيمة التي يدفعها الراكب في المواصلات الأخرى.

وفي عام 2019، ومع بداية تشغيل محطات المترو الجديدة في الخط الثالث في يونيو 2019، في المسافة من “هارون- هليوبوليس- ألف مسكن- نادي الشمس” تم رفع أسعار تذاكر الخط الثالث منفردا. وبلغ سعر التذكرة في هذه الزيادة بواقع المنطقة الأولى بعدد 9 محطات، 5 جنيهات. والمنطقة الثانية بعدد 16 محطة 7 جنيهات، وما يزيد عن ذلك سعر التذكرة عشرة جنيهات واستمرار ثبات تذكرة الخطين الأول والثاني.

وأوضحت وزارة النقل أن الخط الثالث يتكبد يوميًّا 3 ملايين خسائر، ومن ثم رفع التذكرة هدفه الحفاظ على الخط. وأن الخط الثالث مصمَّم على الطراز الأوروبي، ويتمتع بجودة أفضل من باقي الخطوط. مضيفة حينذاك إلى أنه تم توفير مصاعد كهربائية بداية من دخول المحطات، وصولا للأرصفة، فضلا عن توفير ماكينات الكترونية لشراء التذكرة بدل الوقوف في الشبابيك.

أما الزيادة الرابعة فكانت في أغسطس 2020، حين قامت وزارة النقل برفع أسعار تذاكر المترو، بالتزامن من تشغيل 6 محطات جديدة، ضمت المحطات الجديدة وقتها المترو “النزهة- هشام بركات- قباء- عمر بن الخطاب- الهايكستب- عدلي منصور”.

لماذا ترفع الحكومة الأسعار؟

خط المترو الجديد

خلال الأشهر الماضية اتجهت الحكومة إلى التفكير فعليا في تحريك أسعار تذاكر المترو خلال 2022، في ظل تراكم مديونيات هيئات النقل، حتى أعلن الفريق كامل الوزير أن التطبيق الفعلي سينفذ خلال أغسطس/آب الجاري.

ويقول الخبير في مجال النقل الدكتور حسن مهدي، إن الحكومة تسعى جاهدة إلى تخفيض العجز في إيرادات هيئتي السكك الحديدية ومترو الأنفاق، وترى أن تحريك أسعار تذاكر المترو هو أحد السبل نحو ذلك.

وحدد مهدي لـ”مصر 360″، ثلاثة عوامل وراء قرار الزيادة المنتظر وهم أولًا زيادة أسعار الوقود خلال الشهر الماضي، ثانيا تخفيض مديونيات هيئات النقل، ثالثا الحفاظ على جودة الخدمات المقدمة للركاب وزيادة أعداد الخطوط.

تابع: “الحكومة تبرر زيادة سعر تذاكر المترو والقطارات، بارتفاع أعباء التشغيل عقب زيادة أسعار الطاقة عالميا وكذلك قطع الغيار”. كما أضاف أن النقل تسعى لخفض عجز الهيئات الحكومية المشغلة للقطارات والمترو من خلال الزيادات المتتالية في الأسعار، ما يحافظ على مستوى خدمات النقل الركاب المقدمة وانتظام مواعيدها، وإنشاء خطوط جديدة تستوعب المزيد من الركاب.

أما وزير النقل صرح بأن أسعار تذاكر المترو لابد أن يتم تحريكها “الأسعار لازم تزيد لأننا مش هنقدر نشيل كل الفارق ده”. كذلك أوضح أن الوزارة أجرت دراسة بشأن رفع زيادة سعر التذاكر السكك الحديدية ومترو الأنفاق عرضت على الجهات المعنية ورئاسة الوزراء ورئيس الجمهورية. وقال: “الكل أجمع على ضرورة تحريكها”، خاصة وأن الدولة قدمت دعم 6.4 مليار جنيه للسكة الحديد.

وأضاف وزير النقل “القرار ده غصب عني، وسيتم الإعلان عن أسعار التذاكر الجديدة قريبًا، وإحنا كدولة مسؤولة هدفنا أن تكون الزيادات في أضيق الحدود”.

وقال كامل الوزير، في تصريحات تليفزيونية لبرنامج “على مسؤوليتي”، إن إجمالي الديون على هيئة السكك الحديدية بلغ 83 مليار جنيه (4.4 مليار دولار) لصالح البنك المركزي وبنك الاستثمار القومي ووزارة المالية، بالإضافة إلى 5 مليارات جنيه (262.6 مليون دولار) لوزارة البترول، وقد تم إسقاط 35 مليار جنيه (1.8 مليار دولار) من هذه الديون، والتنازل عن قطعة أرض لصالح بنك الاستثمار القومي، ومازالت الهيئة مديونية لوزارة البترول بقيمة 5 مليارات جنيه.

28% زيادة متوقعة

وبشأن نسبة زيادة تذاكر المترو المتوقعة؛ فقد صرحت مصادر مسئولة بوزارة النقل أن الزيادة الجديدة ستتراوح بين 25 و28% على أقصى تقدير، لتخيف العبء الملقى على كاهل الموازنة العامة للدولة المثقلة بالدعم.

أضافت المصادر لـ”مصر 360″، أن الوفر المحقق من الزيادة المنتظرة سيتم توجيهه إلى موارد الوزارة لسداد الديون المستحقة على القطاع، ولسد العجز بين حجم الإنفاق والدخل السنوي للوزارة.

وتحتاج الهيئة حوالي 1.1 مليار جنيه لسد العجز بين الإيرادات والمصروفات، فلم تحصل هيئة السكك الحديدية على وقود من وزارة البترول خلال العام الماضي دون تسديد مقابل له، ما يزيد من حجم مصروفات القطاع، باعتبار أن الوقود يمثل 50% من تكلفة تشغيل القطارات والمترو.

وقال هاني جنينة الخبير الاقتصادي، إن شركات النقل الجماعي التشاركي رفعت أسعارها خلال الشهر الماضي بعد تحريك الحكومة أسعار البنزين والسولار بنسبة تراوحت بين 7.4% إلى 25.7%.

ورفعت شركة “سويفل” خدماتها بنسبة 5%، وذلك على الحد الأدنى من الزيادة المقررة من الحكومة، ورفعت بنسبة تراوحت ما بين 10 و20% بحسب كل خط سير ومسافته، ورفعت “أوبر” أسعارها لتكون بداية الرحلة 9 جنيهات لـ”أوبر إكس” وارتفعت قيمة الكيلو إلى 3 جنيهات.

وأضاف جنينة لـ”مصر 360″، أن نسبة زيادة تذاكر المترو والقطارات تشمل تمويل إنشاء خطوط جديدة لخدمة المزيد من الركاب. كما أشار إلى ضرورة أن تبحث هيئات النقل عن آليات جديدة لتنويع الإيرادات مثل طرح محطات تموين السيارات والإعلانات على الطرق الجديدة.

ديون متراكمة

وخلال الأشهر الماضية سداد هيئة السكك الحديدية ديونا تقدر بـ 88 مليار جنيه، وحققت عجز سنوي قدره مليار جنيه، وفق وزير النقل كامل الوزير خلال مداخلة هاتفية ببرنامج “على مسئوليتي”.

وكشف الوزير أنه تم سداد 83 مليار جنيه للبنك المركزي ووزارة المالية والبنوك وتبقى 5 مليارات فقط ديونا لصالح وزارة البترول، كما تبقى مليار جنيه عجز سنوي. ولفت إلى وجود 5.5 مليار جنيه تدفعهم وزارة المالية دعما للطلبة والخطوط غير الاقتصادية.

أوضح أن هناك فئات لن تشملهم الزيادات في سعر تذاكر القطارات والمترو في حالة تنفيذها، مضيفا أنه طالب وزارة المالية بزيادة الأموال المخصصة للدعم، بعدما أسقطت الدولة 35 مليار جنيه من الديون، والبنك المركزي أسقط جزء من ديون السكك الحديدية، وبنك الاستثمار الوطني أسقط جزء من الديون.

وأردف أن الوزارة تتحمل 604 ملايين جنيه، نتيجة زيادة الوقود والمرتبات وقطع الغيار، ولذا تعمل الوزارة على زيادة الإعلانات ومصادر الدخل، مضيفا: “مش بنسيب مسمار خردة غير لما نستفيد منه”.

كيف تتأثر الطبقات المتوسطة والمحدودة؟

لجوء الحكومة إلى الزيادات المتواصلة للأسعار عموما، وتذاكر المترو والمرافق التي يستخدمها ملايين المواطنين في تنقلاتهم اليومية، أمر غير مقنع في ظل الأوضاع الاقتصادية التي تعاني منها شرائح عدة في المجتمع خاصة الطبقات المتوسطة ومحدودة الدخل -وفق رشاد عبده الخبير الاقتصادية-.

جزء من قرارات تحريك الأسعار قد يكون مرتبط بفاوضات صندوق النقد الدولي، الذي يشترط على الدولة اتخاذ إجراءات وقرارات معينة كنوع من الإصلاح الاقتصادي وفق رؤيتهم، ما يؤثر على أوضاع المواطنين خاصة المرتبطة بالأسعار.

دور وسائل النقل العامة والجماعية في خدمة شريحة كبيرة من المواطنين من الطبقات المتوسطة والفقيرة يحتم إعادة النظر في قرار رفع الأسعار الذي من شأنه أن يزيد الأعباء على طبقات مختلفة من المواطنين وفق رشاد عبده.

واعتبر أن القرار المرتقب مرتبط بقرار لجنة تسعير المشتقات البترولية الأخيرة، التي جرى بموجبها رفع أسعار المنتجات البترولية لمختلف قطاعات الدولة، وتسبب ذلك في رفع أسعار غالبية السلع والخدمات المقدمة للمواطنين ومنها النقل الجماعي.