لا ترى الولايات المتحدة أن الصين تخطط لغزو تايوان في العامين المقبلين. هكذا نقلت مجلة بولوتيكو عن مكتب السياسة الأعلى في وزارة الدفاع الأمريكية -البنتاجون- في إجابة على سؤال حول ما إذا كان لدى الجيش تقييم جديد حول ما إذا كانت الصين ستأخذ تايوان بالقوة في العامين المقبلين. وذلك رغم إطلاق بكين تدريبات عسكرية غير مسبوقة حول الجزيرة الأسبوع الماضي.

كانت بكين قد أجرت الأسبوع الماضي سلسلة غير مسبوقة من التدريبات العسكرية. ردًا على زيارة رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي إلى تايبيه عاصمة تايوان، حيث طوقت الجزيرة بست وحدات عسكرية نشطة. ودفعت بتحليق الطائرات العسكرية، بشكل متكرر، عبر الخط الفاصل بين المياه الإقليمية لتايوان ومياه الصين.

كما أطلق الجيش الصيني ما يقرب من عشرة صواريخ بالقرب من تايوان. بما في ذلك صاروخ واحد، على الأقل، يبدو أنه يطير مباشرة فوق الجزيرة.

اقرأ أيضا: “ألعاب الحرب”.. الصراع على تايوان يرجح النووي

مجرد صخب

تشير لارا سيليجمان، محررة الشؤون العسكرية في بولوتيكو، أن تصريحات كال “تعكس أن البنتاجون لا يعتقد أن الصين ستغزو تايوان قريبًا”. وأنها “محاولات من إدارة بايدن للتقليل من أهمية التدريبات الصينية”. حيث يقول المسؤولون الأمريكيون إنها صخب أكثر من كونها مؤشرًا على نشاط عسكري.

لكن كال أدان محاولة الصين لفرض أمر واقع جديد قائلا انها تسعى لـ”شق طريق إلى الوضع الراهن الجديد” مرارًا وتكرارًا.

وقال: في الحقيقة، إن الأنشطة في المضيق نفسه. العدد الهائل من القطع البحرية والجوية التي تعبر فوق خط الوسط الفعلي، وتزحف بالقرب من شواطئ تايوان. من الواضح أنها تبين أن بكين تحاول خلق نوع من الوضع الطبيعي الجديد، بهدف محاولة إكراه تايوان. ولكن أيضًا –بصراحة- لإكراه المجتمع الدولي، نظرًا لأهمية مضيق تايوان في الاقتصاد العالمي.

وأشار كال إلى أن رد فعل الصين على زيارة بيلوسي كان أزمة “مصطنعة”، حسب وصفه. مشيرا إلى أن “ممثلي الولايات المتحدة يسافرون بانتظام إلى تايوان”. لافتًا إلى أن الولايات المتحدة تواصل دعم سياسة الصين الواحدة ولا تعترف بتايوان كدولة منفصلة. لكن واشنطن تدعم تايبيه بمبيعات أسلحة للدفاع عن النفس.

وأوضح، “سياستنا لم تتغير، إنها دعم للوضع الراهن. سياسة الصين هي ما تغير”.

إبعاد أمريكا عن الصراع

رغم التقديرات الأمريكية بعدم التحرك العسكري الصيني، أوضح أستاذ الحكم في كلية كليرمونت ماكينا مينكسين باي. أنه على عكس السرد السائد، لم يكن هذا التحرك الصيني القوي في الأساس مفاجئا، لأن الرئيس الصيني شي جين بينج، ملتزم بإعادة توحيد تايوان خلال فترة حكمه.

دائما ما تنظر بكين إلى تايبيه باعتبارها مقاطعة انفصالية. لذا، إذا قرر الحزب الشيوعي الصيني غزو الجزيرة، قد يكون قادة الحزب على استعداد لتحمل مخاطر كبيرة لضمان انتهاء النزاع بشروط يراها مقبولة.

وبينما تنادي أصوات في الولايات المتحدة وحلفاؤها بأن تكاليف الدفاع عن تايوان باهظة، لدرجة أن الأمر لا يستحق مقاومة الغزو. يقدر البعض أن الصين لديها عدة طرق لتحقيق هذا الهدف. أهمها، أن استخدام الأسلحة النووية قد يكون أكثر الوسائل فعالية لإبعاد الولايات المتحدة عن الصراع.

أمضت الصين عدة عقود في تحويل جيش التحرير الشعبي (PLA) إلى ما أطلق عليه الرئيس الصيني شي جين بينج “جيشًا من الطراز العالمي” يمكنه هزيمة أي طرف ثالث يتولى الدفاع عن تايوان. الآن، تعتمد استراتيجية الحرب الصينية، المعروفة باسم “منع الوصول/ إنكار المنطقة”. على القدرة على إبراز القوة العسكرية التقليدية لعدة آلاف من الأميال، من أجل منع التصدي بفعالية للهجوم الصيني على تايوان، وهو ما بدا في التحركات التي صاحبت زيارة بيلوسي إلى تايبيه.

في الوقت نفسه، توفر الترسانة النووية المتنامية لبكين نفوذًا إرغاميا للغير. ففي العام الماضي، حدد العلماء النوويون في مركز جيمس مارتن لدراسات حظر الانتشار، واتحاد العلماء الأمريكيين. ثلاثة حقول صوامع للصواريخ قيد الإنشاء في منطقة شينجيانج. كما ذكرت صحيفة فايننشال تايمز Financial Times البريطانية أن الصين “ربما أجرت اختبارات للطائرات الشراعية التي تفوق سرعتها سرعة الصوت. كجزء من نظام قصف مداري يمكنه التهرب من الدفاعات الصاروخية، وإيصال أسلحة نووية إلى أهداف في الولايات المتحدة”.

بينما تتوقع وزارة الدفاع الأمريكية أنه بحلول عام 2030، سيكون لدى الصين حوالي 1000 رأس حربي قابل للتسليم. وهو أكثر من ثلاثة أضعاف العدد الذي تمتلكه حاليًا.

اقرأ أيضا: أمريكا والصين وأزمة تايوان.. الحرب مؤجلة حتى إشعار آخر

فرض عقوبات على تايوان

خلال لقاء مع رئيسة تايوان تساي إنج ون في تايبيه، قالت نانسي بيلوسي -أرفع مسئول في الولايات المتحدة يزور الجزيرة منذ 25 عاماً- إنها جاءت إلى المنطقة “بسلام”. مؤكدة في الوقت نفسه أن الولايات المتحدة “لن تتخلى عن التزاماتها حيال الجزيرة الديمقراطية التي تعيش تحت التهديد الدائم لغزو صيني”.

رغم هذا، وردًا على زيارة بيلوسي، أعلنت بكين -أكبر شريك تجاري لتايبيه- فرض عقوبات على تايوان. حيث علقت إدارة الجمارك الصينية، استيراد بعض أنواع الفاكهة والأسماك من جارتها. مؤكدة أنها “رصدت مرارا نوعا من الطفيليات الضارة على ثمار الحمضيات، وسجلت مستويات مفرطة من مبيدات الحشرات”.

ورغم تسجيل التبادل التجاري ارتفاعا بنسبة 26% في عام 2021، ليصل إلى 328 مليار دولار، أعلنت وزارة التجارة الصينية “تعليق تصدير الرمال الطبيعية إلى تايوان” اعتبارًا من اليوم الأربعاء الماضي، دون إبداء أي تفسير، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء الفرنسية.

في المقابل، أكدت رئيسة تايوان، أن بلادها “لن تتراجع عن مواجهة تهديد الصين”، التي قامت بتنظيم مناورات عسكرية تنطوي على “خطورة” بالنسبة لتايوان، بالقرب من سواحل الجزيرة.