تراهن وزارة النقل على مشروع الأتوبيس الترددي “بي آر تي”، في حل مشكلة التكدس على الطريق الدائري، واستيعاب الزيادة السكانية المستمرة في محور تصب فيه عدة طرق سريعة قادمة من الأقاليم، خاصة منطقة شبرا الخيمة. ورغم أن الأتوبيس الترددي من المشروعات العالمية الأقل تكلفة، مقارنةً بالسكك الحديدية ومترو الأنفاق والترام. إلا أن الوضع مختلف في النسخة المصرية منه.
الترددي في مواجهة المترو.. حساب تكاليف الإنشاء
بحسب وزارة النقل، فإن الأتوبيس الترددي أرخص وسيلة نقل خضراء يمكن الاعتماد عليها لحل مشكلة الزحام. إذ تعادل تكلفة تنفيذ 425 كيلومترًا منه، تكلفة 7 كيلو مترات فقط من مترو الأنفاق.
وقد خصصت الدولة 600 مليون جنيه لشراء 100 حافلة ترددية. وهي أقل من ثمن شراء قطارين من “تالجو” الإسبانية، اللذين يبلغ ثمنهما معها 760 مليون دولار.
وتعمل تلك الحافلات بالطاقة الكهربائية، وتستهدف الدولة نقل 4 آلاف راكب عبرها في الساعة الواحدة. بما يعادل حمولة 286 سيارة ميكروباص من أصل 250 ألفًا تتحرك على الطريق ليل نهار.
بحسب الجهاز المركزي للإحصاء، فإن الأتوبيس الترددي سيخدم 12 مليون مصري. لكن العدد مرشح للارتفاع باعتبار أنه يخدم سكان القاهرة الكبرى البالغ عددهم 24 مليونًا.
اقرأ أيضًا: الأتوبيس الترددي يكتب نهاية 213 ألف ميكروباص على الدائري
تبلغ عدد المحطات المفترض إنشاؤها على الطريق الدائري 57 محطة، تخدم مناطق أغلبيتها تتسم بالكثافة السكنية. وتحمل المحطات الأسماء التالية: المشير طنطاوي / كايرو فيستفال سيتي/ أكاديمية الشرطة / طريق السويس/ عدلي منصور/ موقف العاشر/ غرب الرشاح/ محطة الترولي/ مؤسسة الزكاة/ مصرف بلبيس / عزبة الجزيرة/ المرج/ رشاح الخصوص/ السهبلي/ مسطرد/ متولي الشعراوي/ العصار /منطي / الإسكندرية الزراعي/ باسوس / باسوس – القناطر / الوراق / تحيا مصر / مترو إمبابة.
كما تتضمن محطات: أحمد عرابي/ أرض اللواء/ ترعة البراجيل / محور 26 يوليو/ المعتمدية/ زنين / صفط اللبن / كفر طهرمس/ منشية البكاري/ النور / مسجد المدينة/ فيصل/ الهرم/ ترسا / مصر للطيران/ الطالبية/ الكونيسة/ المنيب/ البحر الأعظم / الزهراء / العزبة/ محور الحضارة/ الجزائر / الأوتوستراد/ الهضبة الوسطى/ سيتي سنتر المعادي/ نادي الصيد/ البارون/ محور الشهيد/ مدخل التجمع. علاوة على بشتيل التي أصبحت محطة نهاية قطارات الوجه القبلي. ذلك باستثناء المتجهة إلى الإسكندرية، ومقامة على مساحة 57 فدانًا لخدمة 170 ألف راكب يوميًا.
الأتوبيس الترددي.. الجدوى الخدمية
تتسم حافلات “بي آر تي” بأن لها طريقا مستقلا دون تقاطعات. ما يجعلها تتلافى مشاكل الزحام المروري. ذلك إلى جانب القدرة على حمل أعداد ضخمة من الركاب، حسب تصميم الحافلة وعدد محاورها “مفاصلها” .
وتتخذ أتوبيسات “بي آر تي” عدة أشكال. فإما أن تكون ثنائية المحاور بطول 12 مترًا، وإما ثلاثية المحاور بطول 15 مترًا، وإما بمحور واحد بطول 18 مترًا ، أو بحافلة متعددة المفاصل بطول يتراوح بين 25 و30 مترًا.
بحسب معهد النقل وسياسات التنمية “أي تي دي بي“، فإن نظام الحافلات المتعددة يتضمن دفع الأجرة في المحطة بدلًا من السيارة. ما يلغي التأخير الناجم عن انتظار الركاب للدفع. كما يعتمد تصميم المحطات على توفير مساحات لمستخدمي الكراسي المتحركة والركاب ذوي الإعاقة وعربات الأطفال. ذلك لأن رصيف الانتظار مبني على مستوى باب الحافلة مباشرة دون سلالم.
أيضًا، تقلل “بي آر تي” عدد السيارات على الطريق وتباطؤ في حركة المرور. ما يعمل على تحسين جودة الهواء في المدن ويساعد في الوصول إلى أهداف الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون ومواكبة أهداف التغير المناخي.
بنهاية 2022، سيتم منع السلالم والمواقف الخاصة بالميكروباص على الطريق الدائري. مع إنشاء مواقف خاصة أسفل الطريق الدائري بالمناطق المختلفة التي يمر بها. على أن تحل محلها سلالم كهربائية في مناطق المحطات التي يمر بها الأتوبيس فقط. ما يقلل العشوائية التي يتسم بها الطريق حاليًا. ويخفض من تكرار الحوادث الناجمة عن مرور المشاة المفاجئ.
بحسب البيانات الرسمية، تراجع إجمالي الحوادث في مصر من 15 ألف حادثة أسفرت عن 9 آلاف حالة وفاة في 2013، إلى 6 آلاف حادثة أسفرت عن 3 آلاف حالة في 2019. وهو ما تعزوه الدولة إلى المشروع القومي للطرق.
رغم ذلك، فإن عيب التقادم السريع أزمة تواجه مشروع “الأتوبيس الترددي” بشكل عام. ففي حين أن فترات العمل بالنسبة للترام تمتد ما بين 40 و50 عامًا، تتقادم عربات الأتوبيس الترددي عند 10 سنوات.
تكلفة تمهيد المشروع.. الفاتورة الباهظة
بحسب تحليل “آي تي بي دي” فإن تكلفة “بي آر تي” أقل تكلفة بشكل عام في التشغيل من السكك الحديدية الخفيفة “إل آر تي”. وهي من السكك التي يتم بناؤها بتكاليف أقل، مع خفض المعايير مُقارنة بالسكك الحديدية الثقيلة، والتي تشبه بالترام لكن بسرعة أكبر.
ومع ذلك، فإن النسخة المصرية من الأتوبيس الترددي تواجه تحدي حساب تكاليف أعمال التوسعة والتعويضات التي تم تسديدها للمضارين من المشروع.
وقد سددت الدولة 40 ألف جنيه عن كل غرفة -بما يشمل المطبخ- لنحو 2100 وحدة سكنية (ما بين 160 و200 ألف جنيه للشقة الواحدة)، تم هدمها. وشملت التعويضات أيضًا مقابل نزع الملكية على المحال والوحدات السكنية والأراضي الفارغة حول الطريق الدائري، وهذه التعويضات تضل إلى 5.5 مليار جنيه.
وتشمل تكاليف تطوير الطريق الدائري كذلك إنشاء عدد من المحاور والكباري. وذلك بتكلفة 13.8 مليار جنيه، إلى جانب 2 مليار جنيه للخدمات الأساسية. ليكون إجمالي ما تم إنفاقه على الدائري فقط لتمهيد الطريق للمشروع الجديد 21.5 مليار جنيه.