مع ضغط الأزمة المالية والهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد المصري خلال العامين الأخيرين، والتي تزايدت بسبب الأزمة الأوكرانية الروسية، ارتفعت الاستثمارات الخليجية في مصر. خاصة خلال الربعين الأول والثاني من العام المالي السابق.

تُبين نشرة القطاع الخارجي الصادرة عن البنك المركزي، أن حجم استثمارات 4 دول خليجية هي الإمارات والسعودية وقطر والكويت بلغ نحو 2.63 مليار دولار خلال الربعين الأول والثاني من العام 2021/ 2022، مقارنة بـ1.26 مليار دولار نفس الفترة من العام المالي 2020/ 2021.

تلك الاستثمارات أخذت شكل صفقات استحواذ واندماج. إذ يُظهر تقرير صادر عن شركة “بيكر آند ماكنزي” – إحدى أكبر شركات القانون في الولايات المتحدة الأمريكية – ارتفاع نسبة الاستحواذ والاندماج خلال العام 2021 إلى 49% مقارنة بعام 2020.

ويُوضح التقرير الصادر في فبراير/شباط الماضي، أن عدد صفقات الاستحواذ والاندماج في الاقتصاد المصري بلغت 233 صفقة بقيمة 9.9 مليار دولار. منها 118 صفقة من خارج البلاد بقيمة 6.5 مليار دولار، و115 صفقة محلية بقيمة 3.4 مليار دولار.

تقرير المكتب الأمريكي، صدر قبل صفقات الإمارات والسعودية الأخيرة، والتي تمت خلال الربعين الثالث والرابع من العام المالي 2021/ 2022. لم يُظهر البنك المركزي المصري بياناتها حتى الآن. وخلال ذلك الوقت، كانت الإمارات والسعودية استحوذتا على مجموعة ضخمة من الأصول المصرية.

أيضًا، تُظهر بيانات البنك المركزي الصادرة عن شهر مايو/ أيار الماضي، أن استثمارات الإمارات للربع المالي الثاني من العام 2021/ 2022 مثلت نسبة 91.2% من إجمالي الاستثمارات الأجنبية لمصر. حيث بلغت 1.46 مليار دولار من إجمالي 1.6 مليار دولار.

فيما بلغت الاستثمارات القطرية 109.8 مليون دولار بنسبة 6.8 % خلال الربع الأول من العام المالي نفسه. كما وصل حجم الاستثمارات الكويتية إلى 155.6 مليون دولار بنسبة 9.7%. وحتى ذلك الوقت لم تكن السعودية قد دخلت على خط الاستحواذات كما فعلت خلال الربعين الأخيرين للعام المالي 2021/ 2022.

حجم الاستثمارات الخليجية خلال أخر 6 أرباع مالية (2020- 2022)
حجم الاستثمارات الخليجية خلال أخر 6 أرباع مالية (2020- 2022)

الإمارات.. أعلى قائمة الاستحواذات

تصدرت الإمارات قائمة الدول المستحوذة على أصول مصرية خلال 2021. إذ أبرمت نحو 20 صفقة بزيادة بنسبة 67% عن العام السابق عليه بقيمة تقترب من 2 مليار دولار.

وقد أحصت “مصر 360″، مجموعة من تلك الصفقات الكبرى اعتمادًا على المواقع الإخبارية وبيانات البورصة المصرية.

في ديسمبر/كانون الأول الماضي، استحوذ كونسرتيوم (تحالف) إماراتي بقيادة شركة الدار العقارية ومجموعة القابضة ADQ على حصة أغلبية 85% من شركة السادس من أكتوبر/تشرين الأول “سوديك”. وذلك مقابل 6 مليار جنيه ونفذت الصفقة نهاية شهر ديسمبر/كانون الأول 2021.

وفي إبريل/نيسان الماضي، استحوذت شركة أبوظبي القابضة  ADQ على حصص بـ5 شركات تضمنت البنك التجاري الدولي، وفوري، وأبو قير للأسمدة، ومصر لإنتاج الأسمدة موبكو، والإسكندرية لتداول الحاويات، مقابل نحو 1.8 مليار دولار.

اقرأ أيضًا: كيف استغلت الإمارات أزمة مصر المالية للاستحواذ على أصول ضخمة؟

وفي يوليو/تموز، استحوذت شركة أغذية الإماراتية على 60% من شركة أبو عوف العاملة في مجال صناعة وبيع منتجات القهوة والوجبات الخفيفة. كما استحوذت مجموعة مواني أبوظبي الإماراتية، على 70% من حصص من شركتي ترانسمار الدولية للنقل البحري “ترانسمار”، و”ترانسكارجو الدولية” “تي سي آي” المصريتين مقابل نحو 140 مليون دولار.

وفي الشهر نفسه أيضًا، استحوذت شركة أدنوك للتوزيع التابعة لشركة “بترول أبوظبي”، على 50% من أنشطة “توتال إنرجيز مصر”. وهي رابع أكبر شركة عاملة في مجال محطات الوقود بمصر، بقيمة 186 مليون دولار، إلى جانب 17.3 مليون دولار إضافية في حال استيفاء شروط محددة.

كما قدمت شركة سوديك، التابعة لشركة الدار الإماراتية في الشهر نفسه، عرضًا للاستحواذ على حصة أغلبية في شركة مدينة نصر للإسكان والتعمير، وهو عرض لا يزال خاضعًا لموافقة الجمعية العامة للشركة بعدما رفضه مجلس الإدارة وطالب برفع سعر السهم المقدم.

الإمارات والتعليم والصحة في مصر

في الوقت نفسه، تستثمر الإمارات في نحو 30 مدرسة دولية والتي زادت خلال السنوات الأخيرة بسبب الشراكة التي أبرمتها مجموعة جيمس التعليمية الإماراتية سنة 2018 مع المجموعة المالية المصرية “هيرميس” للاستثمار في قطاع التعليم. وقد استهدفت الاستحواذ على منشآت تعليمية قائمة، وشراء أراض مخصصة لإنشاء مدارس ومشروعات تعليمية جديدة. وأثمرت حتى الآن عن امتلاك أربع مدارس دولية من مدارس الصفوة، ومنها المدرسة البريطانية الدولية “مدينتي” ومدرسة مدينتي بفرعيها.

فضلًا عن استحواذ الإمارات على نحو 12 مستشفى على رأسها مجموعة كليوباترا المالكة لمستشفيات السلام الدولي ودار الفؤاد، إلى جانب شركة التشخيص المتكاملة القابضة المالكة لمعملي البرج والمختبر ويستحوذان على نسبة 10% من سوق التحاليل الطبية في مصر.

وتُشير بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إلى أنه من بين 35 ألف سرير بالقطاع الطبي الخاص، تستحوذ مستشفيات مجموعة كليوباترا على 8%. كما تستحوذ الإمارات على نسبة من مجموعة ألاميدا التي تدير 4 مستشفيات كبرى بالقطاع الخاص هم مستشفى السلام الدولي بالمعادي والسلام الدولي بالقاهرة الجديدة، ومستشفى دار الفؤاد بمدينة نصر، ودار الفؤاد بالسادس من أكتوبر.

حجم استثمارات أكبر 4 دول خليجية في مصر (2020- 2022)
حجم استثمارات أكبر 4 دول خليجية في مصر (2020- 2022)

السعودية.. استحواذات جديدة وشركة خاصة لإدارتها

تعمل في مصر نحو 6800 شركة سعودية، باستثمارات أكثر من 30 مليار دولار. وخلال الأشهر الأخيرة ارتفعت وتيرة صفقات الاستحواذ من جانب الشركات السعودية على أصول مصرية.

في 10 أغسطس/ آب الجاري، أعلنت وزارة التخطيط أن صندوق الاستثمارات العامة السعودي السيادي استحوذ على حصص أقلية في أربع شركات مصرية. وذلك بقيمة 1.3 مليار دولار.

والشركات المصرية الأربع هي: شركة أبو قير للأسمدة والصناعات الكيماوية وشركة مصر لإنتاج الأسمدة وشركة الإسكندرية لتداول الحاويات وشركة البضائع للاستثمارات المالية والرقمية.

وكان الصندوق استحوذ قبل ذلك في الشهر نفسه على حصة في شركة موبكو لإنتاج الأسمدة تبلغ 25% بقيمة 300 مليون دولار. كما أطلق صندوق الاستثمار السعودي شركة جديدة لإدارة استثماراته في مصر، في الوقت الذي يستعد فيه لتوظيف مليارات الدولارات في البلاد خلال الأشهر المقبلة.

وبحسب بيان صادر عن السيادي السعودي، فإن الشركة الجديدة ستركز على الاستثمار في عدة قطاعات رئيسية، من ضمنها البنية التحتية والتطوير العقاري والرعاية الصحية والخدمات المالية. ذلك إضافة إلى المشروعات الغذائية والزراعية والصناعية مثل الصناعات الدوائية وغيرها من الفرص الاستثمارية الجاذبة.

وستسهم الشركة في تنمية وتعزيز الشراكة الاستثمارية لصندوق الاستثمارات العامة وشركات محفظته، والقطاع الخاص السعودي لعديد من الفرص الاستثمارية في مصر.

في مارس/آذار، استحوذت منصة ساري السعودية على شركة مورّد المتخصصة في قطاع الأعمال وسوق الجملة في مصر. وفي إبريل/نيسان رفعت شركة سيفنث انفستمنت السعودية، التابعة لصندوق الاستثمارات العامة حصتها في شركة العاشر من رمضان للصناعات الدوائية والمستحضرات التشخيصية “راميدا” المصرية، إلى 11.01%.

وفي الشهر نفسه، اشترت الشركة العربية لخدمات الإنترنت والاتصالات سلوشنز التابعة لشركة الاتصالات السعودية  STC المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة السعودي، حصة من شركة جيزة سيستمز تبلغ 44.7% بقيمة 145 مليون دولار.

الطاقة والصناعة والزراعة والبنوك

وفي يونيو/حزيران، اشترت عائلة الحكير السعودية 4.99% من شركة فاليو التي تنشط في مجال التقسيط والتأجير في السوق المصري، مقابل 12.4 مليون دولار، والذي رفع تقييم الشركة إلى نحو 247.4 مليون دولار.

وفي الشهر نفسه، استحوذت مجموعة صافولا السعودية، على أصول تابعة للشركة المصرية البلجيكية للاستثمارات الصناعية المصرية، مقابل 630 مليون جنيه. كما وقعت الشركة المصرية لنقل الكهرباء على اتفاقية مع شركة أكواباور السعودية في يونيو/حزيران أيضًا، لتنفيذ محطة طاقة رياح بقدرة 1100 ميجاوات في جبل الزيت وخليج السويس باستثمارات تصل إلى 1.5 مليار دولار.

اقرأ أيضًا: الشركات الأجنبية في مواني مصر: “تطوير” يشوبه الفساد وتعارض المصالح مع دبي

فضلًا عن استثمارات القطاع الخاص السعودي في مصر، وأبرزها في قطاع البنوك والتأمين، مثل بنك التمويل المصري السعودي، وبنك فيصل الإسلامي المصري، وبنك الدلتا الدولي، والبنك المصري الخليجي. وفي قطاع الفنادق والسياحة، تتمثل في فندق سميراميس انتركونتننتال بالقاهرة، وفندق فورسيزونز، ومجموعة فنادق سيتي ستارز بالقاهرة وفنادق ومنتجعات موفنبيك.

وهناك أيضًا استثمارات في القطاع الصناعي أبرزها شركة الزامل للمباني الحديدية المحدودة، وشركة المصنع الوطني لمكيفات الفريون أوليمبيك إلكتريك، وشركة مصر الخليج لتصنيع الزيوت، الشركة العربية لمنتجات الألبان، والشركة الاستثمارية للإنتاج والتصنيع، وشركة بيبسي بقشان للاستثمار”.

وفي القطاع الزراعي هناك “شركة المملكة للتنمية الزراعية، وشركة التنمية الزراعية العربية، وشركة الهجن المصرية، وشركة الوادي لتصدير الحاصلات الزراعية”، فضلا عن مشروعات في التمويل والاستثمار منها “مجموعة النعيم للاستثمار، والشركة السعودية المصرية للاستثمار والتمويل، وشركة أوريكس المالية المحدودة، وشركة كولدويل بانكر الشرق الأوسط للاستثمار”.

كما أعلنت وزارة التخطيط أن صندوق الاستثمارات العامة السعودي السيادي استحوذ على حصص أقلية في أربع شركات مصرية بقيمة 1.3 مليار دولار.
والشركات المصرية الأربع هي شركة أبو قير للأسمدة والصناعات الكيماوية وشركة مصر لإنتاج الأسمدة وشركة الإسكندرية لتداول الحاويات وشركة البضائع للاستثمارات المالية والرقمية.