تنتظر هيئة قناة السويس حاليًا صدور قرار بالجريدة الرسمية بتأسيس صندوق خاص يحمل شخصية اعتبارية مستقلة. وذلك بعد موافقة الحكومة على تعديل أحكام القانون رقم 30 لسنة 1975 الخاص بنظام هيئة قناة السويس.
التعديلات التي أقرها مجلس الوزراء تتضمن تأسيس مقر رئيسي للصندوق بمحافظة الإسماعيلية. مع إنشاء فروع أو مكاتب له بالداخل. على أن يصدر النظام الأساسي له بقرار من رئيس الجمهورية قبل 20 سبتمبر/أيلول المقبل.
ويعطي القانون لهيئة قناة السويس حق إدارة شؤون المرفق واستغلاله وصيانته وتحسينه. كما أن لها ميزانية مستقلة تتبع في وضعها القواعد المعمول بها في المشروعات التجارية مع عدم الإخلال برقابة الجهاز المركزي للمحاسبات على الحساب الختامي لها.
كما تمتلك وضعية خاصة تختلف عن باقي الهيئات الاقتصادية. فالسنة المالية لها في أول يناير/كانون الثاني وتنتهي في آخر ديسمبر/كانون الأول من كل عام.
وتُعتبر أموال الهيئة أموالاً خاصة. كما تدير ميناء بورسعيد باعتباره جزءًا لا يتجزأ من مرفق القناة. فيما تشرف على كل العمليات البحرية فيه.
إضافة الصندوق لهيئة قناة السويس
بحسب ما ورد في بيان مجلس الوزراء في 20 يوليو/تموز الماضي فإن الصندوق سيعمل على التنمية الاقتصادية المستدامة لمرفق هيئة قناة السويس. وتطويره من خلال الاستغلال الأمثل لأمواله. وذلك وفقا لأفضل المعايير والقواعد الدولية لتعظيم قيمتها.
ويتشكل مجلس الصندوق بقرار من رئيس مجلس الوزراء. ويضم رئيس هيئة قناة السويس أو من ينيبه. وعضوية 4 من أعضاء مجلس الإدارة أو المديرين بهيئة قناة السويس يحددهم النظام الأساسي. بجانب ثلاثة أعضاء من ذوي الخبرة في المجالات الاقتصادية والقانونية والاستثمارية والمجالات ذات الصلة بأغراض الصندوق.
وتكون مدة عضويتهم أربع سنوات قابلة للتجديد لمدة مماثلة.
ويكون لصندوق هيئة قناة السويس مدير تنفيذي من ذوي الخبرة العملية في مجال الاستثمار ومتفرغ لإدارته. كما يكون له جمعية عمومية.
وقد حدد النظام الأساسي دورية انعقاد الجمعية العمومية خلال العام المالي.
الصناديق والشق الاستثماري
تُظهر طبيعة التشكيل المفترض لمجلس إدارة الصندوق فحوى تأسيسه. إذ يتضمن شقا استثماريًا كبيرا. فمن مهام صناديق الاستثمار بوجه عام إمكانية تنويع وتوزيع الاستثمارات بطريقة منهجية عبر نطاق أوسع من الأصول والمشروعات. وذلك للتقليل من مخاطر تركُّز الأصول والاستفادة من تباين عوائدها.
ويحمل الصندوق أيضًا بُعدًا تحوطيًا بمحاولة التخفيف من المخاطر وتعظيم العائد على الاستثمار. إذ تتضمن أهدافه مجابهة الأزمات والحالات الطارئة التي تحدث نتيجة أي ظروف استثنائية أو قوة قاهرة أو سوء في الأحوال الاقتصادية.
ويُقصد بالقوة القاهرة الظروف التي تجعل الوفاء بالالتزامات الناشئة عن العقود أمرًا مستحيلاً. وهي تختلف عن الظروف الاستثنائية في كونها عوامل تعجز الإرادة عن توقعها أو دفعها. وحال تحققها فإن العقد يجب فسخه. أما الظروف الاستثنائية فهي أمور مادية لم تكن متوقعة وقت نشوء التعاقد وترتبط بالعقود الزمنية.
ويتسم الصندوق أيضًا بدرجة أعلى من المرونة والشفافية والتقويم المستمر للأداء. إذ ينص قرار التأسيس -الذي لم يتم إقراره رسميًا- على انعقاد الجمعية العمومية له دوريا. ما يعني إفساح المجال لدراسة تقارير الأداء والميزانية والبيانات المالية عن الفترة السابقة للانعقاد ومناقشة تقارير المراجعة.
صندوق هيئة قناة السويس.. لماذا الآن؟
خلال السنوات الماضية واجهت القناة تحديات كان أخطرها جنوح السفينة “إيفرجيفن” في مجرى القناة في مارس/آذار 2021. وذلك بعد أن انحرفت عن مسارها وأغلقت حركة السفن. وتسببت في ازدحام مروري هائل وتكدس للسفن في مدخل القناة. وتعطلت الملاحة البحرية 6 أيام حتى نجحت جهود تحريكها وعودة فتح الممر للسفن المحتجزة خلفها.
تأتي تلك الخطوة في ظل وجود وفرة في موارد قناة السويس بعد تحقيقها ارتفاعًا في الإيرادات بنسبة 20.7% خلال 2021-2022. لتسجل نحو 7 مليارات دولار. وهو أعلى عائد في تاريخها مقارنة بنحو 5.8 مليار دولار في 2020-2021 -بحسب مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء.
وقد بلغ عدد السفن العابرة لقناة السويس خلال 2021-2022 ارتفاعًا بنسبة 15.7%. مسجلة بذلك نحو 22 ألف سفينة. وذلك مقارنة بـ19 ألف سفينة في 2020-2021. كما قفزت الحمولة الصافية العابرة للقناة بنحو 10.9% لتصل إلى 1.32 مليار طن في 2021-2022. مقارنة بنحو 1.19 مليار طن في 2020-2021.
وقال أحمد الشامي -المستشار السابق لوزارة النقل لشئون النقل البحري– إن إنشاء الصندوق المستقل سيساعد على حسن استخدام الأصول والموارد وتزويد القناة بالموارد التكنولوجية وزيادة حصة التجارة العالمية.
وأضاف أن إنشاء صندوق مستقل للقناة سيسمح للقطاع الخاص بالعمل مع القطاع العام. وذلك للاستخدام الأمثل لموارده دون استنزاف ميزانية الدولة. مع التركيز على تقديم الخدمات اللوجستية للسفن العابرة للقناة وتقديم خدمات بحرية أخرى عبر شراكات مع شركات عالمية لتقديم تدريب فني للعمالة.
هل تحتاج هيئة قناة السويس إلى تمويلات؟
تجري الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس وهيئة قناة السويس مشروعات مشتركة لتعظيم الاستفادة من القناة. كأعمال التكريك في شرق بورسعيد ومشروعات تموين الوقود للسفن العابرة وتوسعة المجري الملاحي الذي تستمر أعماله حتى أغسطس/آب 2023. مع تأكيد من الهيئة أن هذه المشروعات تتم بموارد الهيئة الذاتية -وفق الفريق أسامة ربيع -رئيس هيئة قناة السويس.
وتبلغ التكلفة الاقتصادية لمشروع التوسعة 14 مليار دولار. ويستهدف عقب الانتهاء منه رفع عدد السفن العابرة للمجرى الملاحي للقناة إلى 95 سفينة يوميًا. مع خفض زمن العبور. بجانب تقليل المخاطر في الجزء الجنوبي.
يقول الدكتور وليد جاب الله -الخبير الاقتصادي- إن مصر تتجه في الفترة الأخيرة لتنويع مصادر الاستثمار عموما لزيادة النشاط الاقتصادي. إذ يتم إنشاء كثير من الصناديق بالبورصة. كما أنها تدار بفكر القطاع الخاص حتى لو كانت الدولة تمتلك الحصة الأكبر فيها.
ويضيف لـ”مصر 360″: “الصندوق سيكون الذراع الاستثمارية لهيئة قناة السويس”. فهي تمتلك كوادر تعمل في الأساس في مجال تطوير القناة والتجارة والمحاسبة. لكن مع ضخامة مشروعات تنمية محور قناة السويس والمشروعات الضخمة التي تضمها رأت الحكومة إنشاء صندوق استثمار يسهم في تنمية المنطقة.
ويشدد “جاب الله” على أن الصندوق سيكون دوره متعلقا بمشروعات تنمية محور قناة السويس وليس القناة كممر ملاحي. ووجود الصندوق أمر يصب في صالح الاستثمار عبر وجود شريك مصري يجذب الاستثمار الأجنبي المباشر. والذي يفضل وجود شريك محلي مضمون للشراكة معه وليس إنشاء مشروعات في دول لا يمتك الخبرة فيها.