كتب- عبد الوهاب شعبان:

لم يغادر المصريون دائرة الصدمة، صباح أمس الأحد، بعد أن تناقلت صفحات وسائل التواصل الاجتماعي خبر حريق كنيسة “أبو سيفين” بمنطقة مطار إمبابة بالجيزة، مصحوبا بصور المبنى المتفحم، وأرقام الضحايا.

وسريعا تحركت مؤسسة الرئاسة لتضفي أهمية على الحدث فوق أهميته عبر تدوينة للرئيس عبد الفتاح السيسي جاءت على النحو التالي: أتابع عن كثب تطورات الحادث الأليم بكنيسة المنيرة بمحافظة الجيزة. وقد وجهت أجهزة، ومؤسسات الدولة كافة ،المعنية لاتخاذ الإجراءات اللازمة، وبشكل فوري للتعامل مع الحادث، وآثاره. وتقديم جميع أوجه الرعاية الصحية للمصابين، وأتقدم بخالص التعازي لأسر الضحايا الأبرياء الذين انتقلوا إلى جوار ربهم في بيت من بيوته التي يعبد بها”.

وعلى خلفية تتابع البيانات الكنسية، وإعلان الكنيسة الأرثوذكسية وفاة 41 شخصا، وإصابة آخرين، انتقل المصريون إلى القنوات المصرية لمتابعة تفاصيل الحادث الأليم الذي راح ضحيته أطفال أبرياء، وكاهن الكنيسة.

اقرأ أيضًا.. حرائق الكنائس.. كيف نتجاهل الأرقام وننتظر المعجزات؟

محتوى ترفيهي

وتناقل رواد مواقع التواصل الاجتماعي قرابة الثانية عشر ظهرا بعد نحو 4 ساعات من وقوع الحريق صورا متفرقة لمحتوى عدد من القنوات المصرية التي استمرت في عرض برامجها الترفيهية والمسلسلات. في حين أن بعضها سعى لتغطية الحدث غير أنه لم ينج من نقد لاذع لتغطيته الإعلامية على مدار الحدث.

ولاقت تدوينة للمراسل تامر مجدي يتساءل فيها،  عن مدى وجود القنوات المصرية في صدارة التغطية الميدانية والإخبارية لحادث كنيسة أبو سيفين، رواجا لدى رواد “فيسبوك”. إذ استغرب إقبال المشاهدين على قنوات “سكاي نيوز، والعربية” في حدث بمنطقة إمبابة، وليس في دولة مجاورة على حد قوله.

وفي الوقت الذي اعتبر خالد ميري وكيل نقابة الصحفيين أن الدولة كانت على قدر الحدث، من ناحية تضميد الجراح، والمساواة، وفتح التحقيقات العاجلة. لكنه رفض إدانة الإعلام المصري في تغطية الحدث. كما أكد أن القنوات المصرية التزمت بالمعايير المهنية، ونقلت من أرض الواقع لحظة بلحظة دون تجاوز. مستشهدا بقناة “إكسترا نيوز” التي كانت في نطاق التغطية على مدار الساعة-على حد قوله.

أخفقت في معادلة التوازن المهني

وعلى نحو يستدرك ما فات رؤى مؤيدة في المطلق لتناول الإعلام المصري لحادث الكنيسة المفجع، قال الدكتور رامي عطا، الباحث في شئون المواطنة، إن القنوات المصرية كان بوسعها أن تحدث توازنا مهنيا بين التغطية الحية الإخبارية التي تجيب على كل الأسئلة العالقة في أذهان المواطنين، مع الحفاظ على عدم جرح مشاعر الأسر بنقل مشاهد موجعة. وبذلك تحافظ على صدارتها الإعلامية، وتمنع المشاهد المصري من التجول لاستطلاع المعلومات من منصات أخرى.

أضاف في تصريح لـ”مصر360″ أن بعض قنواتنا اجتهدت لنقل الصورة، لكننا على المستوى الشعبي توقعنا أداء أفضل. ولفت إلى أن ثمة مشاهد كان لا بد من تسليط الضوء عليها مثل “كاهن الكنيسة” الذي لقى مصرعه متأثرا بالحريق. كذلك أردف قائلا: “كنا ننتظر أن نعرف سيرته، وقصته، ولماذا لم يخرج من الكنيسة مثلا”.

الباحث في شئون المواطنة أشار إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي خاصة “فيسبوك” حل بديلا للإعلام الرسمي في التغطية من قلب الحدث عبر صور وحوارات مع شهود عيان عبر تقنية البث المباشر، وإطلاع المواطن على تفاصيل الكنيسة، ومحيطها.

ولم يخف عطا رغبته في أن تتدارك قنواتنا الرسمية أخطاءها العابرة، وتناقش ضمن تبعات الحدث ملف تطوير الكنائس، وبند “الدفاع المدني”، وغيرها من الأمور التي من شأنها عدم تكرار الحادث.

الإعلام لم يكن على مستوى الحدث

تدوينة السيسي

على الصعيد ذاته وصف الأب رفيق جريش رئيس لجنة الإعلام بمجلس كنائس مصر، الإعلام الرسمي المصري بأنه لم يكن على مستوى الحدث الجلل على حد قوله. مؤكدا أن وفاة 41 شخصا، وإصابة 14 يعد عددا كبيرا جدا بالمقاييس المصرية والدولية.

وقال إن رئيس الجمهورية، والحكومة، سبقا الإعلام المصري في الاهتمام بالحدث من الناحيتين الاجتماعية والسياسية وتمثل ذلك “في تعزية الرئيس، وحرمه” .

كما أضاف في تصريح لـ”مصر360″ أنه كان من الممكن أن يكون الأداء أفضل من ذلك، في ظل تخمينات كثيرة صاحبت الإعلان عن الحادث. من بينها هل سببه “انفجار، أم ماس كهربائي”، وهنا كان دور الإعلام المصري في تقصي الحقائق، وتوضيحها.

جريش الذي رأى أن الصحافة أيضا لم تتعاط مع الحدث بما يليق قال إن سقوط مواطن في دولة مثل “أمريكا” يقيم الدنيا، ولا يقعدها، فكيف بـ”41 شخصا” بجانب المصابين. واستطرد قائلا: “حدث تراجع، ولا بد من تدارك ذلك”.

استثناء

إلى ذلك استنكر النائب عماد خليل عضو مجلس النواب إذاعة بعض القنوات لمحتوى ترفيهي تزامنا مع استنفار الدولة، والحكومة لتضميد جراح الأسر. ومحاولة الوقوف على أسباب الحادث، وتعزية كبار المسئولين، وفي مقدمتهم رئيس الجمهورية للكنيسة، وأسر الضحايا.

مع إقراره ما سماه معايير القنوات المصرية في الدقة، وحرصها على تفنيد الحقائق، إلا أن عنصر المفاجأة، وقوة الحادث، وتشعب تفاصيله من وجهة نظره،  أخذا من مجهود بعض القنوات وفي مقدمتها “إكسترا نيوز” على حد قوله.

وأضاف في تصريح لـ”مصر360″ أن مذيعات القناة الإخبارية سالفة الذكر ارتدين الزي الأسود احتراما لمشاعر أسر الضحايا، وذويهم. كما وصف تصرفها بـ”الأخلاقي”، ويدعم جدية الإعلام المصري في التعاطي مع الحادث.

واستطرد: “كنت بالصدفة في إحدى القنوات إبان وقوع الحادث في الثامنة والنصف صباحا، وعاينت عن قرب توجيهات إدارتها بالمتابعة الحية من خلال مراسليها. والإلمام سريعا بالتفاصيل من موقع الحدث”.