بعد مضي نحو العامين من بدء توقيع اتفاقيات التطبيع العربية الإسرائيلية، التي عُرفت باتفاقيات “إبراهيم”، تكشف البيانات عن زيادة ملحوظة في حجم التجارة بين العرب وإسرائيل. إذ بحسب بيانات مركز الإحصاء الإسرائيلي، فإن التجارة بين إسرائيل والعرب زادت بنسبة 234% خلال العام 2021، مقارنة بعام 2020.

وكانت دولة الإمارات العربية المتحدة وقعت اتفاقية تطبيع للعلاقات في 15 سبتمبر/ أيلول 2020، وتبعتها اتفاقية تطبيع بين إسرائيل والبحرين. وبعد أقل من شهرين وقعت السودان اتفاقية لتصبح الدولة الخامسة التي تُعلن عن تطبيع علاقاتها مع إسرائيل بعد مصر والأردن والإمارات والبحرين. ثم وفي ديسمبر/ كانون الأول وقعت المغرب اتفاقية مع إسرائيل لتكون هي الدولة العربية السادسة لتنضم لاتفاقيات “إبراهيم” والتي أطلق عليها هذا الاسم على اسم النبي إبراهيم.

اقتصاد الألماس بين إسرائيل والإمارات

تُبين البيانات الصادرة عن البنك الدولي، أن حجم التجارة بين الإمارات وإسرائيل ارتفع من 50.8 مليون دولار خلال الفترة من يناير/كانون الثاني إلى يوليو/تموز 2020 إلى 613.9 مليون دولار خلال نفس الفترة من العام 2021.

ثم ارتفع حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال شهر يونيو/ حزيران الماضي فقط إلى 1.03 مليار دولار. وذلك بزيادة بلغت 97% عن الشهر نفسه من عام 2021. وبالفعل حدثت طفرة في التبادل التجاري بين البلدين. وبلغت ما يقرب من 3.99 مليار دولار خلال النصف الأول من عام 2022، مقارنة بالعام الماضي.

وفي أعقاب اتفاقية إبراهيم، وقعت الإمارات مع إسرائيل اتفاقية ثنائية للتجارة الحرة، ألغت بموجبها التعريفة الجمركية على أغلب صادرات الماس والمجوهرات من إسرائيل إلى الإمارات. وحاليًا تبلغ تلك الرسوم الجمركية على معظم الألماس والمجوهرات الإسرائيلية المصدرة إلى الإمارات 5%، بحسب تقرير آيدكس أونلاين.

حجم زيادة التجارة بين العرب وإسرائيل بعد اتفاقيات إبراهيم
حجم زيادة التجارة بين العرب وإسرائيل بعد اتفاقيات إبراهيم

كما شملت اتفاقية التجارة الحرة تعريفات جمركية منخفضة أو ملغاة على الأغذية والأدوية والأسمدة والمواد الكيميائية الأخرى. وفي عام 2021، استحوذت الإمارات على أكثر من 10% من صادرات الألماس الخام الإسرائيلية، بقيمة 188 مليون دولار. فيما بلغ إجمالي الواردات من الإمارات 244 مليون دولار، 11.8% من إجمالي واردات إسرائيل الخام خلال عام 2021.

خلال عام 2021، استحوذت تجارة الألماس على نحو 331.7 مليون دولار من إجمالي صادرات إسرائيل إلى الإمارات. بما يزيد عن ثُلثي قيمة صادرات إسرائيل للإمارات. وتعدّ الدولتان أكبر مركزين لتجارة الألماس في منطقة الشرق الأوسط. ثم وفي فبراير/ شباط الماضي، افتتحت بورصة الألماس الإسرائيلية IDE مكتبًا تمثيليًا لها في إمارة دبي للمرة الأول في تاريخها.

وجاء ذلك بعد يوم واحد فقط من إعلان مركز دبي للسلع المُتعددة، أن الإمارات أصبحت أكبر مركز لتجارة الألماس الخام في العالم. حيث تم تداول ما قيمته 22.8 مليار دولار من الماس الخام العام الماضي، بحسب بيانات آيدكس آونلاين.

مصر.. الغاز أولًا

تُظهر بيانات مكتب التجارة الإسرائيلي، زيادة في حجم التبادل التجاري بين مصر وإسرائيل من 92 مليون دولار عام 2020 إلى 122.4 مليون دولار خلال عام 2021. كما ارتفع التبادل التجاري بين مصر وإسرائيل إلى 88.5 مليون دولار خلال شهر يونيو/ حزيران الماضي، بنسبة بزيادة 17%، عن الشهر نفسه من العام 2021.

وخلال النصف الأول من العام الجاري 2022، زاد حجم التجارة بين البلدين إلى نحو 507 مليون دولار. ذلك بنسبة زيادة 49% عن نفس الفترة من العام 2021.

كما وافق الاتحاد الأوروبي وإسرائيل ومصر في يونيو/ حزيران الماضي على زيادة صادرات الغاز الإسرائيلية بشكل كبير إلى أوروبا عبر محطات الإسالة المصرية. ما يوفر للاتحاد الأوروبي بديلًا موثوقًا به للغاز الروسي، مع تعزيز التعاون الاقتصادي بين مصر وإسرائيل.

وتُقدر احتياطيات الغاز في شرق البحر المتوسط ​​بنحو 345 تريليون قدم مكعب. ورغم أنه لايكاد يكفي الاستهلاك لدول الاتحاد الأوروبي، لكنه على الأقل يمنح الاتحاد فرصة للمناورة أمام روسيا.

اقرأ أيضًا: بعد عام من اتفاقيات إبراهام.. لماذا كان الخليج الأقرب للتطبيع والإمارات الأكثر دعمًا لإسرائيل؟

وبحسب البيانات الصادرة عن وزارة البترول المصرية في مايو/ أيار الماضي، ارتفعت صادرات مصر من الغاز بنسبة 98% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي لتصل إلى 3.8 مليار دولار. وكانت قيمة صادرات مصر من الغاز الطبيعي زادت خلال العام 2021 بنسبة قدرت بـ768% لتبلغ 3.9 مليار دولار، مقابل 456 مليون دولار خلال عام 2020.

وتشترك الحكومة المصرية في ملكية محطتي إسالة للغاز الطبيعي في دمياط ورشيد، بإجمالي 12 مليون طنًا سنويًا. فيما رفعت الحكومة من قيمة حصتها في محطة إسالة دمياط بعد تسوية أزمتها مع شركة يونيون فينوسا في 2021.

الأردن.. المياه مقابل الطاقة

وبالنسبة للأردن، زاد حجم التبادل التجاري من 136.2 مليون دولار خلال عام 2020 إلى 224.2 مليون دولار خلال عام 2021. كما ارتفع حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال النصف الأول من العام الجاري إلى 885.4 مليون دولار، بزيادة 49% مقارنة بنفس الفترة من العام 2021.

كما يشمل التعاون الاقتصادي أيضًا مجال الطاقة المُتجددة. ففي نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، وقعت الأردن وإسرائيل والإمارات العربية المتحدة مذكرة بإشراف الولايات المتحدة، لتطوير مشروع الازدهار “الأخضر – الأزرق”. وسيشهد استغلال الأردن لمساحاته الصحراوية لتوفير الطاقة الشمسية في إسرائيل، مقابل 200 مليون متر مكعب من المياه المحلاة.

ويُلزم الاتفاق إسرائيل ببيع 50 مليون متر مكعب إضافي من المياه للأردن. وفي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وقعت إسرائيل والأردن عقودا تسمح للأردن بشراء مياه إضافية بسعر 64 سنتًا للمتر المكعب لمدة عام واحد، مع خيار شراء الكمية نفسها لمدة عامين آخرين، لكن بسعر أعلى.

المغرب.. زيادة صادرات إسرائيل

كما تُظهر البيانات، ارتفاع حجم تجارة المغرب مع إسرائيل من 14.9 مليون دولار عام 2020 إلى 20.8 مليون دولار في 2021. فيما بلغت الصادرات الإسرائيلية إلى المغرب 30.72 مليون دولار خلال عام 2021، وفقًا لقاعدة بيانات الأمم المتحدة COMTRADE حول التجارة الدولية.

وفي فبراير/ شباط الماضي وقعت البلدان اتفاق تجاري لتسهيل الاستثمار. ويُلزم الاتفاق البلدان بتسهيل التجارة والاستثمارات في مجالات الطيران والسيارات والأغذية الزراعية والمنسوجات والصناعات الدوائية على وجه الخصوص.

البحرين.. تجارة بدأت من الصفر

يكشف بيان مكتب التجارة الإسرائيلي أن التجارة بين إسرائيل والبحرين زادت إلى 2.8 مليون دولار في يونيو 2022 من صفر في يونيو 2021. وفي النصف الأول من عام 2022، بلغ حجم التبادل التجاري الثنائي بين البلدين إلى 16.5 مليون دولار. ذلك مقارنة بـ( 0 ) في النصف الأول من عام 2021.

وفي أغسطس/ آب الجاري وقعت البحرين وإسرائيل اتفاقية تعاون في مجال التكنولوجيا المالية “الفنتك”. وذلك لتطوير مبادرات مشتركة ودعم الصناعة في كلا البلدين. وبحسب اتفاقية التعاون الجديدة، ستعمل صناعات التكنولوجيا المتقدمة الإسرائيلية IATI وهي منظمة شاملة لشركات التكنولوجيا الفائقة وعلوم الحياة وخليج البحرين للتكنولوجيا المالية ومقرها المنامة معا لتسهيل التعارف والتواصل بين الشركات الناشئة وشركات رأس المال الاستثماري التي تسعى إلى الاستثمار والتوسع في كلا البلدين.

في النهاية، كانت إسرائيل ربما الأكثر تربحًا من وراء اتفاقية إبراهيم حيث زادت صادراتها إلى الدول العربية، فيما عدا الإمارات التي استفادت أيضًا من تجارة الألماس والتكنولوجيا الإسرائيلية. فيما تتحسس مصر خطواتها للاستفادة من زيادة صادرات الغاز الإسرائيلي عبر محطات إسالة الغاز. ويبحث الأردن عن المياه من وراء اتفاقيات التطبيع. فيما يبدو السودان البلد الوحيد الذي لايزال بعيدًا عن يد إسرائيل، ربما ليس لوقت بعيد.