لم تعد كرة القدم مجرد أندية تجمع مجموعة من اللاعبين المهرة، وتؤهلهم من أجل حصد البطولات وإمتاع الجماهير، لكنها أصبحت مؤسسات اقتصادية تقترب إدارتها من فكر الشركات بمصروفات وإيرادات ومستهدفات للأرباح الصافية، وأصبح اللاعبون فيها مدخلات إنتاج يتم تطويرهم من أجل البيع والتسويق.

رغم إعلان الأندية في الخارج أوضاعها المالية بشكل مفضل، إلا إن الأندية العربية تتعامل مع ميزانياتها خلال العامين الماضيين باعتبارها أسرارا حربية، وحتى صفقات اللاعبين الأحرار “غير المرتبطين بعقود”، لا يتم الكشف عنها، باستثناء الأندية التابعة لجهات حكومية التي يتم الإعلان عن نتائج أعمالها في جمعيات عمومية، بينما الأندية الخاصة فلا سبيل للحصول على معلومات عنها.

اقرأ أيضًا.. الكرة المصرية والاقتصاد.. استثمار بلا عوائد ومليونيرات بلا ضرائب!

بحسب دراسة لـ”الشرق بلومبرج”، فإن الأهلي المصري جاء في المرتبة السابعة بين الأندية العربية على مستوى الإيرادات بقيمة 29.7 مليون دولار عام 2021 مقابل 17 مليون دولار لـ2020، بينما جاء الزمالك في المرتبة الـ16 بإيرادات بلغت 10.6 مليون دولار مقابل 10.65 مليون في العام السابق، فيما جاء الإسماعيلي بالمرتبة الـ 22 بإيرادات بلغت 3.9 مليون مقابل 5.2 مليون في الفترة المقارنة ذاتها.

كالمتوقع، جاءت الأندية السعودية في مقدمة الأندية العربية من ناحية الإيرادات إذ تصدر القائمة الهلال السعودي بقيمة 132.5 مليون دولار، تلاه النصر بقيمة 109 ملايين، والاتحاد السعودي 70 مليون، ثم الأهلي السعودي 64.25 مليون، تلاه الشباب بقيمة 49 مليونا، فالفتح بـ 44.5 مليون دولار.

بتحليل الأرقام سالفة الذكر، يتبين أن الأندية المصرية الأكثر إيرادا مجتمعة “الأهلي والزمالك والإسماعيلي” أقل من ربح نادي الشباب السعودي الذي يحتل المرتبة الخامسة بين الأندية السعودية في الربحية، رغم الجماهيرية الكبيرة لكل منها وتاريخها العريق.

الأندية المصرية.. مصروفات كبيرة وإيرادات “على قد الأيد”

الأهلي

في قائمة المصروفات، حافظ الأهلي المصري على المرتبة السابعة أيضا بـ35.6 مليون دولار، وتقدم الزمالك للمرتبة الـ11 بمصروفات 15 مليون دولار، بينما احتل الإسماعيلي المصري المرتبة الـ23 بمصروفات تتجاوز 5.2 مليون دولار. ومقارنة بالأندية السعودية لا تمثل إجمالي مصروفات الأندية المصرية 55.5 مليون دولار بما يعادل 40% فقط من مصروفات نادي النصر السعودي التي بلغت في 2021 نحو 138.8 مليون دولار.

تفتح مصروفات النادي الأهلي تساؤلا في ظل عدم تماشيها مع الإيرادات فمصروفاته قلت فقط 100 ألف دولار عن الاتفاق السعودي، لكنها إيراداته قلت عن النادي ذاته بنحو 14.7 مليون دولار.

خلت قائمة الأندية الأكثر ربحية عربيا من أي نادي مصري بينما تربح الفتح السعودي على القائمة بـ8.7 مليون دولار تلاه الهلال السعودي بـ6.7 مليون دولار ثم الفيصلي السعودي بمليون دولار وجاء الوداد المغربي رابعًا بـ 700 ألف دولار، ثم نهضة بركان المغربي أيضًا بـ15 ألف دولار فقط.

الزمالك في المرتبة الرابعة بين الأندية الأكثر خسارة

الزمالك

في المقابل تواجد الزمالك المصري في المرتبة الرابعة بين الأندية العربية الأكثر خسارة في 2021 بنحو 14.5 مليون دولار. فيما مثلت الأندية السعودية باقي القائمة بزعامة الاتحاد الذي خسر 35.5 مليون دولار، تلاه النصر بـ 29.8 ثم الأهلي السعودي بـ 26.5 مليون دولار، فالشباب السعودي بـ13 مليون دولار.

تتوقع الدراسة أن يكون الأهلي المصري في أوضاع أفضل فاحتلاله المركز الثالث في مونديال الأندية ووصافة دوري الأبطال يمنحه قرابة 4 ملايين دولار تحسن أوضاعه المالية. على عكس الزمالك الذي سيجد صعوبة في ظل تكبيله بالقضايا الدولية والالتزامات واجبة السداد بجانب رفع رواتب بعض اللاعبين ما يجعله مطالبا بتوفير سيولة مالية كبيرة لضم لاعبين جددي في الانتقالات الحالية.

في توقعاتها للعام المالي، ترجح “الشرق بلومبرج” أن تكون الخسارة المالية من نصيب الأندية المصرية الثلاثة مع غالبية الأندية العربية باستثناء الهلال السعودي وشباب بلوزاد الجزائري والوداد والرجاء المغربيين.

على مستوى الدوريات بشكل عام، كان الدوري المغربي الأكثر تحقيقا للأرباح في 2021 إذ باع لاعبين بقيمة 9.1 مليون دولار بينما أنفق فقط مليوني دولار على ضم لاعبين. كذلك الحال بالنسبة للدوري التونسي الذي حقق إيرادات من بيع اللاعبين بقيمة 3.4 مليون دولار مقابل شراء لاعبين بـ 1.3 مليون دولار.

خلال تسع سنوات، جنى الدوري المغربي أرباحا من بيع اللاعبين بقيمة 51.7 مليون دولار، تلاه الدوري التونسي بقيمة 63.2 مليون دولار. بينما باع الجزائري لاعبون بقيمة 23 مليون دولار. فيما كان الدوري المصري الأكثر بيعا للاعبين بقيمة 111 مليون دولار لكنه اشترى في الوقت ذاته لاعبين بقيمة 101 مليون دولار لتتقلص الربحية إلى 10 ملايين دولار فقط.

دائمًا ما يكون سوق الانتقالات الأكثر شغلا للجمهور إذ يتضمن التدعيمات التي يقتنصها كل فريق لدعم حظوظه في التنافس. وعلى مستوى الأرقام كان الدوري السعودي الأكثر خسارة في سوق انتقالات اللاعبين على مدار ما يقرب منه عقد (2011 ـ 2020). إذ أنفق على ضم لاعبين 586.3 مليون دولار بينما باع في المقابل لاعبين بقيمة لا تتجاوز 105.1 مليون دولار.

حل في المركز الثاني الدوري القطري بإنفاق 338.6 مليون دولار بينما باع بـ60.2 مليون فقط، وجاء الدوري الإماراتي ثالثا بقيمة 373.4 مليون دولار ومبيعات لاعبين بقيمة 114 مليون دولار.

بيراميدز الأول مصريا والثاني عربيا في سوق الصفقات

بيراميدز

بالنسبة للأندية العربية الأفريقية الأكثر إنفاقا على سوق الصفقات خلال ما يناهز العقد. جاء الترجي في المرتبة الأولى تلاه بيراميدز المصري في المرتبة الثانية. بينما جاء فيوتشر المصري أيضًا في المرتبة السابعة. لكن على مستوى العقود احتلت أندية مصرية خمسة مراكز ضمن أكثر12 ناديًا بقائمة الصفقات من ناحية العدد، فالأهلي حسم 37 صفقة، والزمالك 32 ، وبيراميدز 32 ، ووادي دجلة 58، وسموحة 28.

من ناحية الأندية العربية الإفريقية الأكثر تصديرا للاعبين احتل وادي دجلة المصري المرتبة الأولى بنحو 52 صفقة وحل الأهلي ثالثًا بنحو 31 صفقة، وجاء الزمالك تاسعا بنحو 26 صفقة فقط.

الدعم الرسمي

وضعت الدراسة الأرقام التي تخص نشاط كرة القدم فقط في الأندية، لكنه لم توضح أيضًا إذا ما احتسبت الدعم المالي الذي تحصل عليه مختلف الأندية الرياضية الجماهيرية على مستوى الجمهورية من وزارة الشباب والتي تبلغ 42 مليون جنيه. والذي يهدف وفق الوزارة إلى استقرار الأوضاع بجميع الكيانات الرياضية سواء من الناحية المالية أو الإدارية. ودعم تكثيف أنشطتها المختلفة باعتبارها مؤسسات تقدم خدمات اجتماعية وثقافية وفنية فضلاً عن خدماتها الرياضية. وبالطبع يحصل الأهلي والزمالك على حصة الأسد منها إذ حصل نادى الزمالك على 22 مليون جنيه، والنادي الأهلي 19 مليون جنيه.