تعاقدت الحكومة المصرية خلال الفترة الماضية، مع رجال أعمال وعدد من الجامعات لدفع تكاليف إنشاء محطات ركاب في مشروعات النقل الجاري تنفيذها مثل المونوريل والقطار الكهربائي الخفيف lLR، مقابل وضع أسمائهم عليها، بقيمة تصل لنحو 6 ملايين يورو.
وكشف وزير النقل كامل الوزير، أنه تم الانتهاء من التعاقد مع كل من أحمد السويدي وياسين منصور وملاك كومباوند بالتجمع الخامس، على دفع تكاليف إنشاء محطات ركاب في مشروعات النقل مقابل تسمية المحطات بأسمائهم ومشروعات مملوكة لهم. كجزء من تدبير تمويل إنشاء المشروعات الفترة القادمة.
تعاقدات وزارة النقل فتحت الباب للتقصي حول أسباب اللجوء إلى تلك المبادرات. وهل الأمر يتعلق بضعف تمويل مشروعات النقل أو نقص الموارد الخاصة بالحكومة والتي تعتمد عليها في تدبير تكلفة إنشاء المشروعات المخطط تنفيذها.
اقرأ أيضًا.. الأتوبيس الترددي عزيزي المواطن.. هدية حكومية يرفضها “شعب الدائري”
المرحلة الثانية للقطار الكهربائي الخفيف
أحد المشروعات التي تعمل عليها وزارة النقل حاليا وتسعى لاجتذاب رؤوس أموال لتنفيذها مقابل “التسمية” هي المرحلة الثانية من مشروع القطار الكهربائي الخفيف والبالغ طوله 18.5 كيلو متر ويضم 4 محطات، بينما يبلغ طول المرحلة الثالثة 16 كيلو مترًا وتضم 3 محطات.
وتقول مصادر بوزارة النقل، إن مشروع القطار الكهربائي أحد المشروعات التي سيطبق عليها نظام التسمية مقابل تكلفة الإنشاء، وذلك كخطة تضمن توفير جزء من التلكفة الإجمالية للمحطات “مراحل المشروع فيها محطات كتير وطولها أكبر عشان كده كان لازم تفكر في أفكار خارج الصندوق لتدبير التكلفة”.
أضاف لـ”مصر 360″، أن الفكرة سيتم تعميمها على عدد من المشروعات القادمة، ويتم العمل أيضًا على أفكار جديدة للتطبيق مستقبلًا “لازم الموارد تزيد عشان نقدر ننفذ”.
وللقطار الكهربائي اتجاهان أحدهما للعاصمة الإدارية الجديدة والآخر لمدينة العاشر من رمضان، ومحطات المرحلة الأولى التي تم تشغيلها فعليا من محطة عدلي منصور وحتى العاصمة الإدارية وتضم محطات (عدلي منصور- العبور- المستقبل- الشروق- هليوبوليس الجديدة – بدر).
ويخدم مشروع القطار الكهربائي الخفيف المدن الجديدة العبور والشروق والمستقبل وبدر والعاشر من رمضان والعاصمة الإدارية.
ضعف تمويل أم نقص موارد؟
يشرح الخبير في مجال النقل حسن مهدي لـ”مصر 360″، موقف تمويل كم المشروعات المنفذة بقطاع النقل، موضحًا أن الحكومة أولت اهتمامًا شبه مضاعف لقطاع النقل خلال السنوات الماضية، ولاتزال مستمرة في ذلك رغم صعوبة توفير كم التمويلات اللازمة لإجمالي الطرق والمحطات المنفذة.
جزء من القروض التي حصلت عليها الدولة الفترة الماضية تم توجيهه إلى مشروعات النقل. لا بات القطاع مطالبًا بتدبير مزيد من الموارد الذاتية للاستمرار في التنفيذ وإجراءات الصيانة الدورية لمشروعات القطاع القديمة.
قطاع النقل عانى لسنوات من نقص الموارد وكانت أحد السبل في سبيل تعويض ذلك هو رفع الأسعار لكن ذلك ليس كافيًا، فالقطاع مطالب بالبحث عن موارد ذاتية جديدة قادرة على تحمل تكلفة التنفيذ، يواصل مهدي.
تدبير التمويل بات أزمة حقيقية لكافة مشروعات قطاعات الدولة وليس النقل فقط، كم القروض التي وجهت لتنفيذ المشروعات كبير للغاية في ظل نقص موارد القطاعات وبالتالي هناك ضرورة لتعظيم تلك الموارد -وفق مصادر خاصة-.
استكمال المشروعات الحالية في ظل الموارد الحالية سيكون صعب للغاية، خاصة وأن هناك نفقات باهظة تحتاجها عمليات الصيانة والإحلال للمشروعات القائمة منذ عقود “الموارد لن تكفي تنفيذ الخطط المستهدفة ومواصلة الإحلال والتجديد”.
أشارت المصادر إلى أن الحصول على قروض دولارية خارجية ليس أمرًا يسيرًا وبالتالي تبحث الحكومة عن مصادر أخرى لتعظيم مواردها الذاتية دون اللجوء إلى الاقتراض. خاصة وأن هناك حجم مشروعات قديمة تحتاج إلى توسعات كبيرة لاستيعاب الأحمال المتزايدة سنويًا على مستوى مشروعات النقل.
السويدي وياسين منصور.. إنشاء محطات مقابل التسمية
الفريق كامل الوزير، وزير النقل كشف أنه يمكن لرجال الأعمال ومؤسسات الدولة، وضع أسمائهم على أي من محطات مشروعات وسائل الجر الكهربائي الجديدة “المونوريل والقطار الكهربائي (LRT) الخفيف”، وغيرها من المشروعات.
وأوضح وزير النقل في تصريحات تلفزيونية، أن ملاك “كومباوند” في شارع التسعين بالتجمع الخامس تبرعوا بدفع ثمن محطة “مونوريل” بقيمة 6 ملايين يورو، مقابل تسمية المحطة باسم هذا الكومباوند، مشيرا إلى أنهم سددوا مليونا والباقي بالتقسيط.
وأضاف أن رجل الأعمال أحمد السويدي أيضا، قرر أن يسمي محطتين باسمه في مشروع “LRT”، واحدة باسم محطة السويدي، وثانية للكلية التكنولوجية، مشيرا إلى أنه تعهد أمام الرئيس السيسي بذلك، لافتا إلى أنها كان يريد أن يتعاقد بالجنيه المصري، إلا أن وزارة النقل أصرت على التعاقد باليورو مثل باقي رجال الأعمال.
وأشار وزير النقل إلى أن رجل الأعمال ياسين منصور، طلب التعاقد على تسمية محطة مونوريل باسمه أمام المول والكومباوند الخاصين به في مدينة 6 أكتوبر، مقابل دفع 6 ملايين يورو، مضيفا أن هناك أيضا عددا من الجامعات الخاصة التي تريد التعاقد على تسمية محطات باسمها ولكن تم التسهيل على هذه المؤسسات ودفع القيمة بالجنيه المصري.
وأوضح الوزير أن الصالة الكبرى في قطار المونوريل بمحطة عدلي منصور ستحتوي على ماكينات الصرف الآلي ومحلات ومطاعم شهيرة، مضيفا أن التعاقدات السنوية لهذه المحلات والمطاعم بلغ نحو 42 مليون جنيه سنويا، مشيرا إلى أنه تم تأجير جراج خاص أسفل المحطة.
تعاقدات بالعملة الأجنبية
التعاقدات التي أبرمتها وزارة النقل فيما يتعلق “بالتكلفة مقابل التسمية” جميعها تتم باليورو -ثمن محطة المونوريل حوالي 6 ملايين يورو-، فيما عدا التعاقدات مع بعض الجامعات المصرية التي يتم الاتفاق معها على سداد تكاليف المحطات بالجنيه المصري منها الجامعة الكندية وجامعة مصر.
عائد التعاقدات من المفترض أنه يعظم الدخل داخل أية وزارة. لكن هنا العائد مرتبط بتكلفة إنشاء فقط وليس عائد ثابتًا يمكن الاعتماد عليه مستقبلًا في مضاعفة موارد وزارة النقل. لكن وزارة النقل تنظر إليها على أنها أحد طرق الدعاية التي يمكن الاستفادة منها ولو مؤقتًا.
وقال كامل الوزير، وزير النقل، إن الذين تم التعاقد معهم سيستفيدون من الشق الإعلاني، ونحن سنتفيد بتعظيم الدخل، مشيرا إلى أن الوزارة تعمل على تعظيم الدخل، موضحًا في هذا الصدد أن الصالة الكبرى في قطار المونوريل محطة عدلي منصور ستحتوي على ماكينات الصرف الآلي ومحلات ومطاعم شهيرة. وأن قيمة التعاقد على المحلات والمطاعم أمام محطة عدلي منصور، ستصل لنحو 42 مليون جنيه سنويا.
هل تلجأ الدول الأجنبية لذات الأسلوب لتمويل المشاريع؟
الحكومات الأجنبية تنفيذ مشاريع مختلفة بكافة القطاعات لكن ذلك يكون مسبقاً بمجموعة من دراسات الجدوى الاقتصادية التي تحدد العائد الحقيقي من المشروع. وهنا تتكالب جهات التمويل المختلفة للمشاركة في تمويل المشاريع اعتمادا على العائد طويل الأجل المنتظر وفق الخبير الاقتصادي أبو بكر الديب.
في مصر نفتقر إلى دراسات الجدوى الاقتصادية طويلة الأجل للمشاريع، فهناك مشروعات تنفذ لكن عقب ذلك تحيطها كثير من المخاطر التي لم تكن في الحسبان قبل التنفيذ، “المستثمر الأجنبي وجهات التمويل ليست ساذجة.. لديهم دراسات شديدة الدقة حول أوضاع الأسواق المختلفة ومدى القدرة على سداد القروض وعمليات التمويل” وبالتالي لابد من إقناع الجهات الدولية بشكل مستمر بقدرة السوق على تحقيق عائد أعلى من القيمة المقدرة للمشروع. وهنا سيكون هناك إقبال كبير على المشاركة في تدبير التمويل.
تابع أن الدول الأجنبية تعمل على تعظيم عائد ومردود المشروعات الاقتصادية التي تنفذها من خلال طرق مختلفة قد يكون من ضمنها ابتكار سبل جديدة للدعاية والتسويق. بكون هذا العائد لا يكون هو الأساس في تنفيذ المشروع “تكلفة الانشاء تكون مدبرة قبل البدء بالمشروع حفاظا على الجدول الزمني المخطط للتنفيذ.. أما بدء المشروع ثم انتظار الوصول إلى طرق للتمويل ليس سليما 100٪”.
لفت إلى أن الدول الأجنبية تلجأ في بعض الأحيان إلى الاعتماد على نظام “حق الانتفاع” بمعنى أن يتم وضع اسم جهة ما على مشروع معين مثل ملاعب كورة القدم مقابل عائد يحدد من قبل الطرفين لمدة تطول أو تقصر حسب الاتفاق، لكن لا يتم التسمية مدى الحياة، ولكن كي يتم استغلال تلك المؤسسات أو المحطات أو الملاعب وغيرها في تعظيم العائد لسنوات أخرى قادمة.
رد النقل
من ناحية أخرى، قالت وزارة النقل في بيان إعلامي، إنه بشأن ما تناولته بعض المواقع الإلكترونية تحت عنوان “النقل تتعاون مع رجال أعمال لتسمية محطات مونوريل بأسمائهم مقابل تحمل تكاليف الإنشاء” أوضحت أنه في إطار الخطة الشاملة للاستثمار الإعلاني والتجاري والتسويقي الأمثل لمحطات المونوريل ووسائل النقل الجماعي الحديثة الأخرى فإنه يتم التعاقد مع شركات أو جامعات أو مؤسسات أو بنوك لتسمية المحطات بأسماء تلك الكيانات أو المؤسسات وليس بأسماء رجال أعمال مالكين لتلك الشركات أو المؤسسات.
كما أشارت الوزارة، إلى أن جانب تسمية عدد من المحطات بأسماء عدد من الرموز الوطنية مثل المشير طنطاوي، والمستشار هشام بركات، يأتي تخليدا لأسمائهم لما قدموه من أعمال وطنية عظيمة في سبيل خدمة الشعب المصري.