كتبت- هنا الداعور
زاد منسوب المياه المتدفقة من إثيوبيا عبر النيل الأزرق -وهو الرافد الرئيسي لنهر النيل في السودان- مع استمرار هطول الأمطار فامتلأت فروع النيل وروافده ليخرج وضع المياه عن السيطرة.
هذا هو السبب وراء مقتل 80 سودانيا -حسب آخر حصيلة أعلنها متحدث الدفاع المدني السودني. فضلا عن إصابة 31 شخصا جراء مياه الفيضانات العارمة. فيما لا يزال آخرون من السودانيين ينتظرون مصيرهم. وسط توقعات مكتب الأمم المتحدة بتفاقم الأزمة. حيث أفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية (الأوتشا) أن 460 ألف شخص قد يتأثرون بالفيضانات وفق خطة الاستجابة لحالات الطوارئ في السودان لعام 2022.
حادث موسمي بلا حلول
في مشهد مأسوي يتكرر كل عام في فصل الخريف نري السودان يعاني من الأزمات الكارثية من أثر السيول والفيضانات التي تملأ البلاد وتبتلع البيوت وتغمر الشوارع والمحاصيل. وتودي بحياه كثير من شعب السودان. مع شلل الحياة العامة وإعلان حالة طوارئ في البلاد.
تندلع نداءات استغاثة متكررة من ولايات مختلفة بالإضافة إلى قطع عدد من الطرق القومية أبرزها الطريق الرابط بين مواني الصادرات والواردات الرئيسي على البحر الأحمر. هكذا حال السودان الذي يجري به شريان النيل. وبدلا من أن يكون مصدر حياة يكون مصر تهديد يضع السودان في بؤرة الكوارث الطبيعية.
فمنذ بداية رصد منسوب المياه عام 1902 اعتاد السودان ما تخلفه الفيضانات سنويا في الفترة من مايو/أيار إلى أكتوبر/تشرين الأول. وهي الفترة التي تصحبها غزارة في الأمطار مع ازياد منسوب المياه في الأنهار والأودية.
ذاكرة الفيضانات في السودان
في عام 1946 بلغ ارتفاع الفيضان نحو 17.4 متر مكعب وتسبب في دمار كبير في السودان. بخلاف نشره الأمراض المعدية.
كذلك عام 1988 بلغ ارتفاع الفيضان أقل نسبيا. حيث سجل 15.68 متر مكعب. ولكنه خلف 76 قتيلا ومئات الجرحى. فضلا عن الخسائر المادية.
ومن عام 1946 إلى عام 2007 راح 64 قتيلا ضحايا للفيضان بالإضافة إلى 335 مصابا. بالإضافة إلى 30 غرق ألف منزل.
وعام 2013 ارتفاع الفيضان إلى 17.4 متر مكعب وتضرر أكثر من 300 ألف شخص. وتم تدمير أكثر من 250 ألف منزل. كما أعلنت الوكالات الحكومية مقتل نحو 50 شخصا. وفي عام 2018 ارتفع منسوب الفيضان إلى 15.60 متر مكعب. وخلف ما لا يقل عن 23 قتيلا وجُرح أكثر من 60 وتم تدمير أكثر من 19 ألفا و640 منزلا. فيما تضرر نحو 222 ألف شخص.
أما في عام 2020 فقد كان الفيضان الأكثر تدميرا والذي تسبب في مقتل 138 شخصا وغمرت 100 ألف منزل. فيما أعلنت السلطات السودانية وقتها مناطق كوارث وأعلنت حالة الطوارئ في البلاد لثلاثة أشهر.
المناطق الأكثر تدميرا
وبالرغم من أن السودان بالكامل تجتاحه مياه الفيضانات فإن بعض المناطق تظل متصدرة للخطر الكامن في مياه الأمطار كالخرطوم. التي تتعطل الحياة بها تماما. نظرا لموقعها عند التقاء النيلين الأزرق والأبيض. كذلك ولايات سنار ونهر النيل والقضارف بمنطقة الفاو.
سدود السودان عاجزة
ستة سدود على نهر النيل في السودان تقف عاجزة أمام الفيضانات الكاسرة. لأنها خزانات قديمة وسعاتها لا تكفي لاستيعاب الكم الضخم لمياه الأمطار الموسمية خاصة حين يقترن فيضان النيل الأزرق وفيضان النيل الأبيض. فخزان “سنار” على النيل الأزرق تم بناؤه عام 1925 بسعة تخزين 0.07 مليار متر مكعب. وخزان “جبل أولياء” تم بناؤه عام 1937 على النيل الأبيض بسعة 0.3 مليار متر مكعب. فيما خزان “خشم القربة” على نهر عطبرة سعة تخزينه تصل إلى 0.8 مليار متر مكعب وقد تم بناؤه 1964. أما سد “الروصيرص” على النيل الأزرق فقد أنشئ عام 1966. وفي عام 2014 تمت تعليته ليصل إلى سعة 0.7 مليار متر مكعب. وسد “مروي” على نهر النيل بني عام 2009 بسعة 12.45 مليار متر مكعب. وأخيرا “مجمع سدي أعالي عطربة وستيت” وهو ما زال تحت الإنشاء.
وقد كشفت إحصاءات مسئولين سودانيين أن عدد المنازل التي دُمرت بشكل كامل في الفيضانات الحالية وصل إلى 17080 منزلا فيما تعرض 23850 منزلا لتدمير جزئي. بالإضافة إلى تدمير 33 مرفقا حكوميا و39 متجرا و1470 فدان زراعي منذ بداية الفيضان.
ووفق جدول الخسائر والأضرار التفصيلية الصادر عن “المجلس القومي للدفاع المدني السوداني” فإن ولاية نهر النيل الأكثر تضررًا هذا العام. تليها ولاية جنوب كردفان. ثم شرق وجنوب ووسط دارفور وشمال كردفان وولايتا سنار والنيل الأبيض.
من جانبه قال وزير التنمية المحلية السوداني إن حالة التأهب “مستمرة” في السودان. و”نتوقع مزيدا من الأمطار”. مشيرا إلى احتياج السودان لدعم غذائي عاجل فضلا عن إيواء متضرري السيول. وناشد المنظمات والدول الصديقة المساعدة. موضحا أنه حال تعذر فتح الطرق قد تلجأ السلطات إلى فتح جسر جوي.