تنتظر طهران هذه الأيام أن تنقل الإدارة الأمريكية قريبا ردها على التصريحات الإيرانية. بشأن نص الاتفاقية التي قدمها الأوروبيون للطرفين في ختام الجولة الأخيرة من المحادثات في فيينا، في محاولة أخيرة لإعادة إحياء الاتفاق النووي. والتي على الرغم من تحديدها “صيغة نهائية”، إلا أن الطرفين لم يعلنا قبولها.

في تقرير قصير، يشير إلداد شافيت، وسيما شاين، الباحثان بمعهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي. إلى أنه “لا تزال هناك ثغرات ومطالب إيرانية خاصة بشأن الضمانات التي ستمنح لطهران، في حال قررت الإدارة المقبلة في واشنطن الانسحاب من الاتفاق”.

يقول التقرير: “تكرارا. يتخذ الإيرانيون والأمريكيون خطوات لإعداد الرأي العام -في أعقاب معارضة داخلية وخارجية متوقعة- مع التقليل من حجم التنازلات التي قدموها. وإبراز الإنجازات، في حال التوقيع على اتفاق”. مشيرا إلى أنه “حتى الآن، لم يتم تقديم أي تفاصيل رسمية حول مضمون الاتفاق، ومعظم المعلومات الموجودة هناك تأتي من تسريبات من مصادر إيرانية”.

أمّا جوهر الاتفاق، فهو أن ترفع الولايات المتحدة العقوبات التي أعيد فرضها على إيران بعد انسحاب إدارة ترامب من الاتفاقية. نتيجة لذلك، ستستأنف إيران صادرات النفط، وستكون قادرة على تلقي المبالغ الكبيرة المجمدة في الدول التي اشترت النفط ولم تستطع تحويل المدفوعات من خلال النظام المصرفي. وستكون قادرة على التمتع بالتجارة الحرة والتعاون الاقتصادي.

اقرأ أيضا: على طاولة “الاتفاق النووي”.. كيف تدير إيران ملفها الأصعب؟

قضايا عالقة يجب حلها

أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية، أمس الاثنين، أن الاتفاق بشأن إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة -الاتفاق النووي- صار “أقرب الآن مما كان عليه قبل أسبوعين”.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس، في إفادة صحفية، إن الاتفاق “أقرب الآن مما كان عليه قبل أسبوعين، لكن النتيجة لا تزال غير مؤكدة لأنه لا تزال هناك فجوات بين الجانبين. في النهاية، الرئيس بايدن، سيوقع فقط على اتفاق يلبي مصالح أمننا القومي الأساسية”.

وتابع: “إذا كان هناك رد إيراني واضح على اقتراح الاتحاد الأوروبي. فلست متأكدا من أننا سنكون في ذهاب وإياب كما نحن الآن”، وكرر أن الولايات المتحدة “تنقل تعليقاتها بشكل مباشر وسري إلى الاتحاد الأوروبي”. مضيفا أن بلاده لم ترسل بعد ردها على الرد الإيراني “حيث إنهم يواصلون المراجعات والمشاورات. ويعملون بأسرع ما يمكن لإعداد الرد المناسب”.

وأضاف: “هذه عملية نريد أن نتأكد من إجرائها بصرامة والاهتمام بالتفاصيل الضرورية، وأستطيع أن أضمن لكم أننا لن نأخذ يوما واحدا أكثر مما هو ضروري”. وذكر أن الولايات المتحدة “تشجعت من أن إيران يبدو أنها تخلت عن بعض مطالبها غير المبدئية، مثل إزالة الحرس الثوري الإيراني من قائمة المنظمات الإرهابية”، لكنه أضاف أنه “لا تزال هناك بعض القضايا العالقة التي يجب حلها، وبعض الفجوات التي يجب معالجتها”.

وقلل برايس من مزاعم طهران بأن الولايات المتحدة “تتعمد التحرك ببطء” في الرد على الاتحاد الأوروبي. ورفض الإفصاح عما إذا كانت الولايات المتحدة تنتظر فقط حتى الانتهاء من المشاورات مع مستشار الأمن القومي الإسرائيلي -الموجود في واشنطن لعقد اجتماعات رفيعة المستوى هذا الأسبوع- وشدد على أن “الولايات المتحدة كانت تجري مناقشات مع إسرائيل منذ البداية”.

ضمانات طهران ومماطلة واشنطن

قبيل إفادة برايس، اتهمت إيران، أمس الاثنين، الولايات المتحدة بـ “المماطلة” في المحادثات التي تهدف إلى إحياء الاتفاق النووي المبرم في عام 2015. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني: “الأمريكيون يماطلون وهناك تقاعس من الجانب الأوروبي. أمريكا وأوروبا بحاجة إلى اتفاق أكثر من حاجة إيران له”.

وأضاف كنعاني خلال مؤتمر صحفي أنه “لا يزال يتعين حل بعض القضايا العالقة”. مشيرا إلى أنها مهمة للغاية. وأوضح أن بلاده “تريد صفقة مستدامة تحافظ على حقوقها المشروعة”.

وقال: “نؤكد أن تبادل السجناء مع واشنطن موضوع منفصل، وليس له علاقة أو مرتبط بعملية المفاوضات لإحياء اتفاق عام 2015”.

اقرأ أيضا: هل تنجح إسرائيل في دفع بايدن إلى “ضغط” إيران؟

صيغة نهائية للاتفاق

بعد جولة أخرى من المحادثات حول إحياء الاتفاق النووي الإيراني الأسبوع الماضي طالبت طهران بغلق التحقيقات في أنشطة مواقعها النووية من قبل وكالة الطاقة الذرية. وهي الخاصة بشأن العثور على آثار يورانيوم مخصب في مواقع سرية، لم تعلن عن وجودها في المفاوضات، التي سبقت الاتفاق النووي لعام 2015.

وتقول طهران إن الاتفاق “نزع عن برنامجها النووي أي جانب عسكري محتمل”. وبشأن هذه النقطة فإن حلها سيكون في التفاوض المباشر بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإيران. وفق بحسب ما تمخضت عنه نتائج مفاوضات فيينا.

وحسب معطيات المسودة النهائية لإحياء الاتفاق -المقدم من الأوربيين- فهناك تسريبات أنه من المنتظر أن تتم الموافقة على مطالب طهران في هذا الشأن وغلق التحقيقات في التفاصيل.

وقبل أسابيع، عاد دبلوماسيون من الدول الموقعة على الاتفاق. وهم إيران والصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا. لإنقاذه مرة أخرى وعقد مفاوضات في فيينا والتوصل إلى “النص النهائي” وعرضه للمراجعة. ليؤكد مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، جاهزية الاتفاق للتوقيع حال وجود ردود إيجابية من طهران.

وأعلن بوريل “استمرار المحادثات مع إيران لإحياء الاتفاق النووي، وعرض النص النهائي أمام طرفي التفاوض الرئيسيين: إيران والولايات المتحدة”. وتضمنت المسودة النهائية للاتفاق حلولًا لما بين 4 إلى 5 نقاط كانت عالقة. اثنتان منها تتعلق بالعقوبات الأمريكية على إيران. وثالثة تتعلق بأنشطة طهران النووية في الأشهر الماضية.

من ضمن البنود أيضًا “استيفاء الحقوق، وضمان مصالح الشعب الإيراني. فضلا عن ضمان التنفيذ المستدام لالتزامات الطرف الآخر”. كذلك “منع تكرار السلوك غير القانوني الأمريكي” بحسب مسئول إيراني. في إشارة إلى أهمية ضمان عدم انسحاب اية إدارة أمريكية جديدة من الاتفاق، على غرار ما فعله الرئيس السابق دونالد ترامب.

كيف تتحرك إسرائيل؟

يقدم شافييت وشاين نصائح سريعة إلى صانع القرار الإسرائيلي بشأن الخطوات المرتقبة لإعادة الاتفاق. يشيران إلى أنه “ينبغي توجيه معظم انتباه إسرائيل إلى الترتيبات الجديدة المتعلقة بأجزاء البرنامج النووي التي تقدمت فيها إيران في السنوات الأخيرة. هذا ينطبق على مستويات التخصيب العالية، ونتائج ذلك على إزالة المواد الانشطارية خارج حدود إيران. وكذلك على تشغيل أجهزة الطرد المركزي الجديدة، التي ستبقى على أراضيها”.

وكتب الباحثان: بغض النظر عما هو محدد في الاتفاق، فإن القدرات المحسنة التي اكتسبتها واختبرتها إيران. ستمكنها من المضي قدماً في خططها في المستقبل، وفق جدول زمني متسارع، مما كان صحيحاً وقت الانسحاب الأمريكي من الاتفاقية. علاوة على ذلك، لا تزال الأسئلة المفتوحة أمام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تشكل قضية بعيدة عن الحل. ويمكن أن تزيد من الضبابية على عملية تنفيذ الاتفاقية، والعلاقات مع الغرب.

وأوضح الباحثان أنه رغم التواصل المباشر بين الدولة العبرية وواشنطن. لكن “قدرة إسرائيل على التأثير في المرحلة الحالية محدودة بشكل أساسي. إذا ركزت على محاولة تحفيز الإدارة الأمريكية على عدم قبول الاتفاقية، لأن الإدارة لا تزال ترى الحل الدبلوماسي هو أفضل طريقة”.

وتابعا: يجب أن تتركز الجهود الرئيسية -والتي تشمل زيارة رئيس مجلس الأمن القومي لواشنطن هذا الأسبوع- على تعزيز الحوار لصياغة موقف مشترك للبلدين، في اليوم التالي للسيناريوهين المحتملين. تحقيق اتفاق، أو -بدلاً من ذلك- انهياره، لأنه لا ينبغي أن يؤخذ على أنه افتراض عملي، بأن مصالح الولايات المتحدة وإسرائيل هي نفسها. وأنه لن تكون هناك خلافات في الرأي فيما يتعلق بمسارات العمل المطلوبة.