التضخم هو الزيادة العامة والمتواصلة لمستوى الأسعار في اقتصاد ما، والمقياس الذي يشيع استخدامه للتضخم هو مؤشر أسعار المستهلكين الذي يقيس أسعار سلة تمثيلية من السلع والخدمات التي تشتريها الأسرة العادية. وتحتاج كل البلدان أشد الحاجة إلى اتخاذ قرارات وسياسات صائبة من شأنها تيسير النمو الاقتصادي المستدام وتقليص التضخم الذي يُؤثِّر على الفقراء أكثر من تأثيره على الأغنياء. وفيما يلي
1. تحسين “جودة” الإنفاق العام
والاستثمار في تدابير التكيف مع تغير المناخ. ويتعين عليها الارتقاء بجودة النفقات العامة الجارية وإعادة توجيهها.
وفي الوقت الحالي، تُهيمن أجور العاملين في القطاع العام، وأنظمة الدعم غير الموجَّهة لفئات بعينها، وأعباء خدمة الديون على الإنفاق العام، وتُسهِم جميعاً في أوجه الجمود في الموازنة. ومع أنه قد لا يوجد خيار يُذكَر أمام البلدان المعنية في الأمد القصير، فإنه يجب عليها تحسين جودة إنفاقها عن طريق ما يلي:
- جعل الإنفاق العام أكثر تركيزاً على تحسين الأداء
- تخفيض أنظمة دعم الطاقة غير المُوجَّهة لفئات بعينها
- إصلاح البنية التحتية والشركات المملوكة للدولة
- زيادة كفاءة إدارة الديون من أجل تقليص تكاليف خدمة الديون (على سبيل المثال من خلال تقليل الاعتماد على التمويل قصير الأجل المرتفع التكلفة).
ويساعد البنك الدولي مختلف البلدان في هذه الجهود من خلال استعراضات الإنفاق العام، وتحليلات أثر الضرائب والإنفاق الحكومي على الدخل الحقيقي، وإسداء المشورة بشأن تمويل البنية التحتية وإدارة الديون، وهو ما يجري الآن في مصر والمغرب ولبنان وغيرها.
2. تعزيز شفافية الديون وتفادي “الديون الخفية”
تصبح معروفة في أسوأ وقت ممكن، وذلك عندما تحدث بالفعل أزمة.
وخاصة في السياق السائد حالياً من ارتفاع مستويات الديون والإحجام عن تحمل المخاطر (في بلدان الأسواق الناشئة)، يجب على تلك البلدان ضمان الثقة في بيانات ديونها. وتُظهِر الخبرات العالمية أن “الديون الخفية” غالباً ماومع أن شفافية الديون تُشكِّل تحدياً عاماً في مختلف بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فإن لدى المنطقة إحصاءات جيدة إلى حد ما بشأن الديون، والديون الخفية مثل ما أصبح معروفاً في بلدان كموزامبيق لم تشهدها بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ولكن يجب على مختلف البلدان توخي الحذر من الالتزامات الطارئة سواء كانت ناجمة عن ضمانات حكومية لشركات مملوكة للدولة أو مشروعات القطاع العام، أو ضمانات ضمنية كما يحدث حينما تقترض شركة مملوكة للدولة على أساس دعمٍ مُتصوَر من الحكومة، أو التزامات أخرى. ومن الأمثلة المهمة في هذا الصدد اتفاقيات شراء الكهرباء: فهي في الغالب لا يتم الإفصاح عن تفاصيلها، وتُبرَم في سياقات ضعف استرداد التكاليف، مع احتمال أن تصبح التزامات على الحكومة.
3. تفادي “ھيمنة المالية العامة” والاعتماد المفرط على البنوك المركزية
تشير ھيمنة المالية العامة إلى وضْعٍ يصبح من المتوقع فيه أن يتم تمويل عجز الموازنة العامة والديون الحكومية بزيادة عرض النقود بمعنى تمويلها من خلال “طبع النقود”. وفي الظروف العادية، تظل الديون العامة التزاماتٍ يُمكن تحملها وتحت السيطرة من خلال مزيج من النمو الاقتصادي وفرض الضرائب. ولكن
ولا يبدو هذا وضعاً جيداً، ولبنان هو أصدق مثال على هيمنة المالية العامة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.وليس بمقدور البنوك المركزية أن تفعل الكثير إلا من خلال احتياطياتها من النقد الأجنبي وإدارتها لأنظمة العملة والقطاع المصرفي، ولكن لا يمكنها الحفاظ على استقرار الأسعار (التحكم في التضخم) إذا أصبحت الملاذ الأخير لإقراض الحكومات. وحينما يتداعى استقرار الأسعار، تتلاشى احتياطيات النقد الأجنبي بسرعة. ولتفادي هذا الوضع، تجد البنوك المركزية أنه لا بد من اللجوء إلى تقنين النقد الأجنبي، وهي ممارسة ذات تأثيرٌ تشويهي بدرجة كبيرة لا تفعل سوى تأجيل ما هو حتمي، مثلما حدث حينما تخلفت سري لانكا عن سداد ديونها الخارجية للمرة الأولى في تاريخها الشهر الماضي.
ويدعو بعض محافظي البنوك المركزية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى التحرك على وجه السرعة لإجراء إصلاحات هيكلية. وهذا أمر مفهوم ومفروغ منه. فإذا ساءت أوضاع المالية العامة، ولم يبدأ إجراء إصلاحات هيكلية، فإن أدوات البنوك المركزية تصبح غير مجدية.
4. حماية الفئات الفقيرة والأكثر احتياجاً
وتبلغ نسبة المواد الغذائية من الموازنة العامة أكثر من 30% في جيبوتي والجزائر والمغرب ومصر.
ومع أن بعض بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تدرس ما يمكنها اتخاذه من تدابير لإعادة تخصيص النفقات، فإن البعض الآخر بدأ بالفعل تنفيذ برامج لإصلاح الدعم يتم فيها اتخاذ آليات تعويض موجَّهة لحماية الفقراء من غلاء أسعار الغذاء والطاقة.
لإضافة 450 ألف أسرة إلى المنتفعين من هذه البرامج. وتحتاج هذه البرامج إلى إجراء تحليلات لضمان الوصول إلى فئات السكان المستهدفة، وإعطائهم القدر الكافي من الدعم.ومن الضروري لبلوغ هذه الغاية الحد من برامج الدعم الشامل واستخدام أنظمة الحماية الاجتماعية القائمة على التحويلات النقدية. وبالنسبة لشفافية البيانات بشأن جودة الإنفاق، فيعد هذا أمراً حيوياً أيضاً. والبنك الدولي على استعداد لمساعدة الحكومات التي يتعين عليها اتخاذ هذه القرارات الصعبة من خلال ما نقدمه من أنشطة تحليلية، وتمويل العمليات، والدعم على مستوى السياسات.
هذا التقرير نُشر بمدونات البنك الدولي