تستعد مدينة شرم الشيخ لاستقبال قمة المناخ “cop 27” في نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، بمشاركة العديد من دول العالم والهيئات الأممية والعالمية المعنية بالمناخ. ويأتي ذلك في إطار حالة من التأهب والاستعداد غير المسبوق من جانب الدولة والحكومة لإنجاح القمة.

وتجمع قمة المناخ الدول الأطراف الموقعة على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ، بالإضافة إلى آلاف الخبراء والصحفيين، وممثلي الشركات، والمجموعات غير الحكومية. كما تشكّل القمة، فرصة مهمة للمجتمع الدولي للالتقاء ومناقشة العمل النوعي الخاص بالمناخ والقائم على الحقوق.

ويعد المجتمع المدني أحد الفاعلين الأساسيين في مكافحة التدهور البيئي والتغيّرات المناخية، بالإضافة إلى دوره في رصد سياسات مكافحة التلوث والحد من التغيّرات المناخية، والتواصل مع الحكومات لتطبيق سياسات أكثر استدامة للبيئة. الأمر الذي يتطلب وجود ممثلين لعدد كبير من الجمعيات الأهلية في محاولة لتنفيذ دور فعّال لإنجاح قمة شرم الشيخ.

اقرأ أيضا.. مؤتمر المناخ في شرم الشيخ.. التكلفة المادية والمعنوية و”شوكة النشطاء”

بيان 36 جمعية أهلية

توقيع بروتوكول استضافة قمة المناخ 2022

من ناحية أخرى، قالت 36 منظمة وجمعية أهلية في بيان موقع، إنّه يجب على السلطات المصرية تخفيف قبضتها على الحيّز المدني، واحترام الحق في حرية التعبير، وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها، والتجمع السلمي، إن كانت تريد إنجاح قمة المناخ أو ما يعرف بـ”مؤتمر الأطراف 27″ (COP 27)، في شرم الشيخ.

وبحسب البيان، تحتاج قضايا البيئة إلى إتاحة آليات للديمقراطية والانفتاح للانخراط فيها. لكن هذا يصعب تحقيقه في الوقت الراهن خاصة في ظل تطبيق قانون التظاهر رقم (107) المعمول به في البلاد منذ نوفمبر/تشرين ثاني 2013، والذي ينظر إليه حقوقيا كعقبة أمام السماح بحرية التظاهر والاحتجاجات والتجمعات السلمية، حتى تلك المطالبة بمحاربة التغيّر المناخي.

بيان المنظمات الـ36 قال: “يتطلب العمل المناخي الراسخ والمراعي للحقوق مشاركة كاملة وهادفة من جميع الأطراف المعنية. بما في ذلك الدول، والنشطاء، والمجتمع المدني، وممثلي الشعوب الأصلية، والفئات الأشد عرضة لأضرار تغير المناخ. كما يؤدي النشطاء دورا مهما في النقاش العالمي حول المناخ من خلال توفير المعلومات ذات الصلة لصانعي السياسات، ووسائل الإعلام. ويمكن للمجموعات غير الحكومية تأدية عملها المهم فقط عندما يُسمح لها بممارسة حقها في حرية التجمع بشكل فعّال”.

لكن البيان تسائل أيضا عن الآليات المتاحة والصلاحيات الممنوحة للمجتمع المدني ليلعب دوره المنتظر في التنمية المحلية المستدامة؟

تضارب القانون

المجتمع المدني قدم عددا من التوصيات في قانون الجمعيات
المجتمع المدني قدم عددا من التوصيات في قانون الجمعيات

رغم أن القانون رقم 149 لسنة 2019 لتنظيم ممارسة العمل الأهلي الصادر في أغسطس/ آب 2019 تغلب على أهم معوقات العمل الأهلي التي شابت القانون السابق رقم 70 لسنة 2017. لكنها غير مترجمة على أرض الواقع. كذلك اللائحة التنفيذية للقانون، التي صدرت في 11 يناير/كانون الثاني 2021، والتي أظهرت العديد من التحفظات خاصة فيما يتعلق بالناحية الإدارية.

وكانت أبرز هذه التحفظات ما يتعلق بإجراءات تكوين وتشكيل الكيانات المحلية والأجنبية وفقا للمادة 32. إذ حددت مدة ستين يوما لاستخراج التصاريح في حالة الموافقات الخاصة بالمبادرات وقبول تلقي الأموال العينية.

الباحثة رانيا فهمي، المستشار السابق لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، تقول إن هذه الفترة طويلة جدا للحصول على تصريح. كما أضافت: “لا يوجد في نصوص القانون ما يوجب الإسراع بمنح هذه الموافقات لما لها من تأثير مباشر في تيسير العمل للجمعيات التي تكون في أمس الحاجة لأموال نقدية أو عينية لتنفيذ برامجها”.

عوائق

فهمي أشارت إلى أنه لمزيد من القيود، نص القانون على أن تجديد تصريح عمل المنظمة الأجنبية غير الحكومية، يحتاج إلى 30 يوم عمل بين التقدم بالطلب والموافقة عليه من الوزير المختص. إذ نصت المادة 111 على التقدم بالطلب قبل انتهاء مدة الترخيص بستين يوما ثم يصدر قرار بتجديد الترخيص في الطلب خلال تسعين يوما من تاريخ طلب التجديد. أي أن هناك ثلاثين يوما تصبح فيها المنظمة بلا ترخيص. كما لم توضح المادة ما هو وضع المنظمة أثناء هذه الفترة. مضيفة أن مثل تلك التصاريح تعوق عمل جمعيات تريد المشاركة في قمة المناخ بشرم الشيخ.

شعار قمة المناخ في شرم الشيخ COP 27

كما يحظر القانون على الجمعيات ممارسة أنشطة من شأنها الإخلال بالنظام العام والآداب العامة أو الوحدة الوطنية أو الأمن القومي. كذلك حظر القانون على الجمعيات، إجراء استطلاعات رأي أو نشر أو إتاحة نتائج أو إجراء بحوث ميدانية أو عرض نتائج تلك البحوث بدون الرجوع للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

المنظمات الـ36 انتقدت في بيانها تصريحات وزير الخارجية سامح شكري، التي قالها في مقابلة مع وكالة “أسوشيتد برس”، في 24 مايو/أيار الماضي. إذ أشار إلى أن الحكومة ستخصص “مرفق مجاور لمركز مؤتمرات قمة المناخ” في شرم الشيخ، ليتمكن النشطاء من تنظيم احتجاجاتهم والتعبير عن آرائهم. وقال بالنص: “الحكومة ستوفر للمشاركين إمكانية الوصول، كما هو معتاد في يوم واحد من المفاوضات، إلى قاعة المفاوضات نفسها”.

منظمة العفو الدولية قالت في بيان لها إنه “في الوقت الذي تستعد مصر لاستضافة المؤتمر الدولي لا يزال آلاف الأفراد، ومن بينهم مدافعين عن حقوق الإنسان وصحفيين، ومحتجين سلميين، ومحامين، وسياسيين معارضين، ونشطاء، قابعين في السجون”.

كما طالب ناصر أمين مدير المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة بفك ما اعتبره “حصارا على منظمات المجتمع المدني لتحقيق تمثيل فاعل وليس صوريا في قمة المناخ. وطالب أيضا بإغلاق القضية (173) التي مازال هناك ما يقرب من 17 شخصا من رموز العمل في المجتمع المدني المصري، ممنوعون من السفر وحساباتهم مقيدة بآثارها”.

قواعد منظمة للعمل

وعن السماح بالمشاركة في فعاليات قمة المناخ والتعبير عنها في شكل احتجاجات وتظاهر، قال عبد الناصر قنديل الباحث في المجتمع المدني، ورئيس وحدة الدراسات البرلمانية بمركز جسور، إنه لا يوجد مجتمع بلا قواعد تنظيم معلنة، قد نتفق أو نختلف معها، مضيفا أن قمة المناخ في شرم الشيخ ستعقد في مكان مؤمن بالكامل، يمكن المنظمات من إيصال صوتها للحكومات من خلاله.

ويضيف قنديل، أن كل الاحتجاجات على هامش قمة المناخ في “جلاسكو” (COP 26) كانت في المدينة التي نفذ فيها المؤتمر، وبالتالي إذا طلبت بعض المنظمات إقامة نشاط ما في مدينة أخرى غير التي تعقد فيها القمة في شرم الشيخ، لابد أن نسأل عن الغرض من هذا. بحسب ما قال.

ويكشف قنديل، أنه من الناحية المعلوماتية حجزت منظمات قاعات للمشاركة في فعاليات القمة بالفعل، كما بدأت في التحرك على الأرض. لكن قنديل أضاف أنه حتى الآن لم تعلن أي منظمات أجنبية وجود أي مشكلات في حجز أماكن الفعاليات رغم مشاركة 7 آلاف منظمة دفعة واحدة.

مطالب المجتمع المدني

الدكتورة عايدة سيف الدولة، مديرة مركز النديم لمناهضة العنف وأحد الموقعين على بيان المنظمات الـ36، قالت إنه على رأس مطالب المجتمع المدني، تحسين ظروف العمل والمشاركة في قمة المناخ (COP 27)، الإفراج عن المعتقلين السياسيين.

وأضافت لـ”مصر 360″: “هناك تخوفات من عدة منظمات تقدمت إلى هيئات الأمم المتحدة بطلب للمشاركة، وأحيل طلبها إلى الحكومة المصرية، بعدم قبوله في قمة المناخ بشرم الشيخ، خاصة في ظل صمت السلطة المصرية بشأن تقديم ردود رسمية على طلبات الجمعيات”.

وترى عايدة أن هناك تعسفا من قبل السلطات المصرية تجاه عمل الجمعيات الأهلية، إذ أغلقت وصادرت أموال العديد منها. كما عاقبت شخصيات حقوقية، والعاملين في عدد من الجمعيات وحاكمتهم، من بينهم المحامي الحقوقي محمد الباقر، مدير مركز عدالة للحقوق والحريات، الذي احتجز تعسفيا منذ سبتمبر/أيلول 2019.

ويرى جمال عيد مدير الشبكة العربية لحقوق الإنسان، أن ملف الحريات لا يزال يحتاج إلى إصلاح وبذل مزيد من الجهد خاصة قبل قمة المناخ المقبلة في شرم الشيخ. كما أشار إلى أن الأمر يؤثر على سمعة مصر، لأن العديد من المنظمات الدولية تعلم جيدا أن الدولة المصرية تستخدم قمة المناخ لتحسين صورتها، لكنها لا تريد أن تدفع ثمن ذلك من خلال السماح للمجتمع المدني والجمهور بالإعلان والتعبير عن مطالبهم.

عيد قال لـ”مصر 360″ إن التظاهرات من صلب عمل المنظمات الدولية والمجتمع المدني وإعلان مطالبها للجمهور وبدونها تكون قمة المناخ في شرم الشيخ بلا قيمة، لأنها لا تعبر عن رأي الجمهور ولا تتفاعل مع الحكومات.