مجلس أعلى لفيسبوك. يمنع ويمرر. يجيز ويعترض. يحكم كخصم وقاضٍ. هكذا أعلنت إدارة “فيسبوك” تشكيل مجلس “الإشراف العالمي” الذي سيكون بمثابة “محكمة عليا” لكل ما ينشر على منصة التواصل الاجتماعية الكبرى.

اختير لهذا المجلس شخصيات عالمية منها الناشطة اليمنية توكل كرمان التي أثار انضمامها إلى المجلس رفضا كبيرا. إذ من المعروف عنها انحيازها ودفاعها عن الحركات الإسلاموية في الشرق الأوسط وعدم استقلاليتها سياسيا.

“حرية الرأي حق مكفول للمستخدمين ولكن بحدود”. و”جاء طلب من حكومة ما لشركة فيسبوك بحذف بوست لأنه ينتقد الرئيس وهذا يخالف قانون هذا البلد”.

هكذا جاء تعليق الكاتب الصحفي المصري خالد منصور -أحد أعضاء مجلس الإشراف على “فيسبوك”- في ويبينار خاص نظمه موقع “مصر 360” وتناول “ماهية ووظائف مجلس الإشراف على فيسبوك”.

الناشطة اليمنية توكل كرمان
الناشطة اليمنية توكل كرمان

وقال “منصور” إن مجلس الإشراف على “فيسبوك” ليس محكمة عليا. وأحد أهدافه الإعلان عن المعايير التي من خلالها يستبعد “فيسبوك” منشورات المستخدمين.

مسؤولية الشركة أساس فكرة المجلس

“منصور” استهل حديثه في الويبينار بفكرة المجلس. حيث قال: “جاءت فكرة المجلس من مسئولية الشركة عن مضامين المنشورات”. وتابع: “عندما يكون هناك محتوى يتضمن خطاب كراهية أو حضا على قتل أو تمييز ضد فئة معينة من الناس أعتقد هذه مسئولية فيسبوك أو ميتا حاليا. ومن هنا جاءت فكرة الإشراف على فيسبوك منذ عامين”.

ليس محكمة عليا

مجلس الإشراف على فيسبوك
مجلس الإشراف على فيسبوك

وعن الدور الرئيسي للمجلس قال “منصور”: “أن يأخذ قرارات نهائية غير قابلة للنقض من قبل الشركة ميتا بشأن المحتوي”. وأوضح: “بمعنى إذا كانت الشركة اتخذت قرارا بإزالة محتوى وصاحب المحتوى اعترض فمن حق المجلس أن يبت في الأمر ويأخذ قرارا ملزما للطرفين”.

وأشار إلى استقلاليه المجلس عن الشركة قائلا: “لا أعتقد أن (محكمة عليا) وصف دقيق على الإطلاق لما نقوم به. لأنه كيان مستقل عن فيسبوك. والشركة ألزمت نفسها عن طريق هذا المجلس تنفيذ قرارته. وتابع: “مصطلح (محكمة عليا) كان مصطلحا يفضله مؤسس فيسبوك -زوكربيرج”.

معايير اختيار الأعضاء

وبعد الجدل حول اختيار بعض الشخصيات في هذا المجلس “الإشرافي/الرقابي” على منشورات مستخدمي فيسبوك قال “منصور”: “الخبرة الكافية هي أهم المعايير في اختيار أعضاء المجلس. خصوصا في مجال الإعلام والقانون. هذا هو المعيار الواضح والأهم في اختيار الأعضاء ”

وتابع: “نخوض نقاشات حادة في المجلس. ويختلف كل منا في الآراء نظرا لاختلافنا في الأيديولوجيات والثقافات. لكن لا شك أن حرية الرأي والتعبير حق مكفول وفقا للمادة 19 بقانون حقوق الإنسان وكلنا نتفق على ذلك لكن بحدود”.

واختتم بقوله: “نحن 21 عضوا من ضمنهم رئيس وزراء الدنمارك ورئيس تحرير الجارديان. فضلا عن شخصيات حاصلة على جائزة نوبل للسلام. وكلهم لديهم مواقف واضحة للحفاظ على حرية الرأي”.

تحديات مجلس الإشراف على فيسبوك

 

ميتا وتقليص سلطة فيسبوك
ميتا وتقليص سلطة فيسبوك

ثلاثة تحديات تواجه المجلس وفق “منصور”. التحدي الأول يتمثل في كونه نموذجا غير مسبوق. فـ”ميتا” أول شركة تقرر التخلي عن جزء من سلطاتها بشكل طوعي لمجلس مستقل. ويستكمل: “التحدي الثاني يتمثل في كيفية الموازنة بين حرية التعبير من ناحية وحماية وكرامة الأفراد من ناحية أخرى”. ويتابع: “التحدي الثالث هو إمكانية صناعة دور فعلي ملحوظ مع عدد المستخدمين الذي يتخطى الملايين”.

طلبات الحكومات بحظر منشورات

وأشار خالد منصور خلال ويبينار “مصر 360” إلى ماهية طلبات الحكومات التي ترسل إلى الشركة. وقال: “المجلس لا يراجع الشركة في هذه الطلبات. نحن فقط نطلع على تقرير بشكل اختياري حول عدد الطلبات وطبيعتها. وهناك شقان جنائي كالنصب والاحتيال وشق آخر سياسي”. وأوضح: “جاء طلب من حكومة ما لشركة فيسبوك بحذف بوست (لأنه ينتقد الرئيس وهذا يخالف القانون في بلدنا). ولكن دون تعقب إلا في حالة الجنايات الواضحة”.

إشكالية الخوارزميات

خوارزميات فيسبوك وعقدة اللغة العربية
خوارزميات فيسبوك وعقدة اللغة العربية

“يوجد خلاف كوني متعلق بالقضية الفلسطينية ما بين فكرة مقاومة الإرهاب والإرهاب ذاته”. هكذا قال الكاتب الصحفي المصري خالد منصور فيما يخص إشكاليات خوارزميات فيسبوك”.

وتطرق خلال “الويبينار” إلى وجود خلل في خوارزميات/تعليمات برمجة فيسبوك. وأوضح: “الخوارزميات عبارة عن إعادة إنتاج للواقع بكل مشكلاته وانتماءاته الفكرية. وهي تعمل بانحياز ليس بسبب الشركة التي صنعتها وإنما بفعل الواقع الذي تعبر عنه”.

وتابع:” الخوارزميات تخطئ أحيانا وهو ما حدث بالفعل في إنستجرام وخلطت بين شهداء الأقصى كمجموعة مدرجة على قوائم الإرهاب وبين مَن استشهدوا من أجل المسجد الأقصى”.

ويرى “منصور”: “عدم وجود عامل بشري لتلقي الشكاوي من المستخدمين. خاصة في مناطق الصراع وانعدام قدرة الخوارزميات على فهم اللغة العربية بلهجاتها المختلفة من بلد إلى آخر. وبالمناسبة فهي من أهم مواضع الخلل في خوارزميات فيسبوك”.

وعبر الكاتب عن رؤيته لمعالجة تلك الإشكاليات: “على فيسبوك نشر قوائم كلمات الشتائم والسباب المسموح وغير المسموح في خوارزمياته حتى تتضح للجميع. وكذلك وجود أجندة بالمدرجين على قائمة الإرهاب. ولماذا هم مدرجون. كذلك أهم التوصيات العامة اللي تتبعها الشركات”.

ولفت إلى ماهية “المعايير المجتمعية” قائلا: “لا بد من تلقي المستخدم إجابة من الشركة توضح لماذا حذفت المنشورات بالضبط عند الاستئناف. وكيف للمستخدم أن يتعامل مع ما يسمى المعايير المجتمعية. وهذا ما نسعى إليه داخل المجلس”.