بعد أقل من أسبوع من انتخاب عبد الحليم علام نقيبا للمحامين شهدت نقابة المحامين عدة وقائع واتهامات بتعرض محامين للاعتداء من قبل ضباط شرطة. وهو ما يصعد الأزمات أمام النقيب الجديد. خاصة أن العلاقة بين أصحاب الروب الأسود والشرطة من أبرز الملفات التي تؤرق مسئولي نقابة المحامين.
ورغم أن قضية الاحتكاكات بين المحامين والضباط تعد من الموضوعات المعتادة بحكم طبيعة العمل وتنازع الاختصاصات. غير أن البعض ربط بين صعود النقيب الجديد ومحاولة بعض خصومه “تفخيخ” الساحة أمامه. وذلك لتعقيد الأمور بالنسبة له. بينما يراها البعض أنها “اختبار حقيقي للنقيب الجديد في ظل عدة أزمات يتعرض له أصحاب مهنة الدفاع عن المتهمين”.
لذلك طبعت نتائج انتخابات المحامين الأخيرة -أجريت 4 سبتمبر/أيلول الجاري- تعامل المحامين مع الأزمات التي كان أبطالها ضباط شرطة ومحامين. في ظل اتهامات يرددها أصحاب الروب الأسود بأنها “اعتداءات شبه ممنهجة” تجاههم لتكرارها في فترة قصيرة.
ضرب نار
أربع أزمات دارت خلال الساعات الأخيرة وشهدت مواجهات مهنية وشخصية بين محامين وضباط شرطة.
الواقعة الأولى شهدتها محافظة الإسماعيلية. تحديدا في محكمة “القنطرة شرق”.
وتقول التفاصيل التي رواها محامون إن أحد ضباط الشرطة نشبت بينه وبين محام مشادة كلامية على أثر رفض الضباط أن يتحدث مع موكلته في قفص الاتهام. وذلك ليخبرها أنه أحضر لها كفالة الإفراج عنها. وهو ما أثار ضباط الحراسة. فنهر أحدهم المحامي وطلب منه الابتعاد عن قفص حجز المتهمين. فحدث تجمهر وغضب عدد من المحامين نتيجة تصرف الضابط. وأدى تجمهر المحامين لقيام الضابط -بحسب أقوال محامين تحدثوا لـ”مصر 360″- بـ”إطلاق عدة أعيرة نارية من سلاحه تجاه المحامين وتهديدهم”.
الواقعة أدت لتفجر غضب المحامين خاصة من نقابة الإسماعيلية الفرعية. التي أعلنت عن اعتصام للمطالبة باتخاذ موقف ضد الضابط “المعتدي” حسب وصفهم. كما شكلت النقابة العامة لجنة برئاسة عضو المجلس نبيل عبد السلام ومحب مكاوي ونقيب الإسماعيلية الفرعية لمتابعة تحقيقات النيابة في الواقعة. وذلك اعتمادا على كاميرات التصوير الموجودة في المحكمة والتحريات حول ملابسات الواقعة.
اعتداء بالضرب في جلسة صلح
أما الواقعة الثانية التي اختلط فيها المهني بالخلاف الشخصي فتتلخص في تعرض محام في قويسنا بالمنوفية للضرب من ضابط شرطة. وذلك في أثناء مشاركة في جلسة صلح عرفية كان المحامي يمثل فيها أحد الخصوم المتنازعين. وكان الضابط يمثل الطرف الآخر.
واتهم المحامي -الذي لجأ لنقابته الفرعية- الضابط بـ”استغلال وظيفته في الاعتداء عليه”. وذلك في سياق منعه من الدفاع عن حقوق موكليه في جلسة الصلح العرفية.
سلاح أبيض وضرب محامية
وفي واقعة ثالثة سجلت أمام محكمة بنها بالقليوبية اتهم محام ضابط شرطة وصديقا له يعمل ضابط في جهة أخرى بالاعتداء عليه أمام محكمة بنها بسلاح أبيض.
وأمام هذا الاتهام شكّلت نقابة المحامين لجنة برئاسة وكيل النقابة حمدي الجمال وعضو بمجلس النقابة العامة ونقيب محامي القليوبية لتقديم بلاغ للنائب العام حول الواقعة. التي باشرت النيابة التحقيق فيها. خاصة أن تحريات المباحث حولها كما أكد مصدر بالنقابة أكدت اعتداء الضابط وشخص آخر على المحامي مستخدمَين السلاح الأبيض.
أما الواقعة الرابعة فشهدتها محافظ أسيوط والتي شهدت اعتداء أحد أفراد الشرطة على محامية. ورغم محاولة الصلح بين الطرفين باعتذار المعتدي غير أن ذلك لم يوقف الغضب بين أوساط المحامين الذين حصروا الواقعة بأنها ضمن مسلسل الاعتداء المتكرر ضدهم. وقد أدى هذا الغضب بدوره لزيادة الغضب بين أوساط المحامين ضد مجلس نقابتهم الذي وصفوه بأنه “متخاذل” ولم يصدر بيانا لمناصرة المحامين واكتفى بالفرجة. وذلك على حد وصف المحامي محمد أبو العينين.
نقابة المحامين والأيادي الخفية
عضو مجلس النقابة محمد راضي مسعود وأحد المكلفين بإدارة الأزمة في المحامين قال لـ”مصر360″ إن ما يحدث بين المحامين والضباط مؤخرا تحركه إياد خفية. إذ تريد إشعال الفتنة وتأجيج الأزمات بين مكونات المجتمع. مضيفا: “يحاول البعض من النقابة أن تتخذ قرارات عشوائية وعدم انتظار تحقيقات النيابة والجهات القضائية”.
وأكد أن النقابة “لن تساير هذه التهورات ولن تنخرط في محاولات استخدام وقائع تؤجج الفتنة”. مشيرًا إلى أن النقابة لن تتخذ موقفا إلا بناء على معلومات مؤكدة.
وعن تحرك مجلس النقابة قال “راضي”: “ستنتظر ما ستذهب إليه التحقيقات خاصة أننا نقابة قانون ولا يمكن أن نتغاضى عنه. وسوف نعمل بكل جهد على حصول أي محام تعرض لاعتداء على حقه كاملا. مهما كان الشخص والجهة التي يمثلها. فالقانون هو الحكم. وشاهدنا خلال الساعات الماضية أن المحكمة أصدرت حكما بإعدام قاضٍ يشغل منصبا كبيرا بعد إدانته في قضية قتل زوجته. فالجميع متساوون أمام القانون المصري”.
وأكد أن قيادة النقابة تتعامل مع أزمات المحامين بطريقة تجمع بين الحفاظ على كيان الدولة ومؤسساتها والحفاظ على المحامين وحقوقهم. مؤكدا عدم تراخي الكيان النقابي في الدفاع عن أبنائه بكل الطرق القانونية.
أزمات سبتمبر
ويصف المحامي بالاستئناف العالي ياسر سعد ما يحدث حاليا من تصاعد الأزمات بين المحامين وضباط الشرطة بأنه “قضية موسمية” تعج بها المحاكم في بداية العمل القضائي في شهر سبتمبر/أيلول. وأضاف: “ستستمر هذه التوترات لأكتوبر/تشرين الأول. فهذا أمر يحدث كل عام مع عودة العمل القضائي نتيجة التزاحم وتشابك القضايا بعد استئناف عمل المحاكم”.
ويرى “سعد” أن الأزمة الحقيقية تتلخص في عدم وجود قواعد منظمة تضبط عمل المحامي وتوضح حقوقه باعتباره أحد أعمدة تحقيق العدالة. وهو الأمر الذي فرطت فيه مجالس النقابة المتعاقبة. ما يخلق دائما مشكلات وأزمات مع الضباط أو القضاة وأعضاء النيابة. ما يدعو لضرورة التحرك لسن قوانين تحمي حق المحامي في الدفاع عن موكليه ومراعاة طبيعة عمل داخل المحاكم وخارجها.