ينتهج البنك المركزي، حاليًا، توجهًا لإلغاء جميع الإجراءات الاستثنائية التي اتبعتها الإدارة السابقة لطارق عامر، فبعد إلغاء الحد الأقصى للإيداع. وكذلك الحد الأقصى لعمليات السحب النقدي اليومي للأفراد والشركات بنسبة 200%، وقد قرر رفع الحد الأقصى للإقراض بالبنوك الحكومية دون الحصول على موافقة منه.
بدأت البنوك الحكومية تطبيق قرار المركزي الجديد بمضاعفة المبالغ المخصصة لإقراض البنوك الحكومية للشركات بنسبة 100% إلى 500 مليون جنيه دون الرجوع إليه. ذلك بعد تطبيقها تعليمات شفهية منذ بداية 2022 بأن يتم الحصول على موافقة حال إقراضها مبالغ تزيد على 250 مليون جنيه.
يضم القطاع المصرفي المصري حاليًا 39 بنكا بينها 9 بنوك حكومية هي: الأهلي المصري، ومصر، والقاهرة، والزراعي، والتنمية الصناعية، والعقاري العربي، والمصرف المتحد، والتعمير والإسكان، والمصري لتنمية الصادرات. فيما يبلغ عدد البنوك العاملة بمصر 38 بنكا.
بحسب التعليمات الجديدة، فإن البنوك الحكومية عليها إخطار المركزي حال الإقراض بقيمة أعلى من نصف مليار جنيه مقابل ربع مليار في الاشتراطات السابقة. أما بنوك القطاع الخاص فلها حرية التصرف فيما يتعلق بالإقراض بشرط ألا تخالف قواعد البنك المركزي، فيما يتعلق بنسبة الإقراض لإجمالي الودائع.
رغم ارتفاع الفائدة
تقارير مؤشرات السلامة المالية، الصادر من البنك المركزي اليوم الإثنين، لأكبر 10 بنوك تشير إلى أن معدل توظيف القروض إلى الودائع بأكبر 10 بنوك، سجل 49.5% بنهاية شهر يونيو/ حزيران الماضي. فيما سجل معدل توظيف القروض إلى الودائع بالعملة المحلية 45.5%، وبلغ معدل توظيف القروض إلى الودائع بالعملة الأجنبية 73.9%.
تراجعت نسبة القروض غير المنتظمة لإجمالي القروض بأكبر 10 بنوك إلى 2.4% بنهاية يونيو/ حزيران 2022 مقابل 2.6% بنهاية الفترة ذاتها من العام الماضي. بينما ارتفعت نسبة القروض المقدمة للقطاع الخاص إلى إجمالي القروض الممنوحة للعملاء إلى 49.8% بنهاية يونيو/ حزيران 2022، مقابل 48.5% بنهاية الشهر ذاته من 2021.
سجل متوسط نسبة السيولة الفعلية لدى أكبر 10 بنوك بالعملة المحلية 44.4% بنهاية يونيو/ حزيران الماضي. فيما ارتفع متوسط نسبة السيولة الفعلية لدى البنوك بالعملة الأجنبية إلى 78.1% بنهاية يونيو/ حزيران 2022 مقابل 72.1% بنهاية الشهر نفسه من العام الماضي.
لكن لا تزال المعدلات المصرية لتوظيف الودائع بعيدة تماما عن المنطقة العربية. إذ وصل معدل القروض إلى الودائع %80.5 في السعودية بنهاية الربع الأول من 2020، و%78 في الإمارات، و%93.7 في عمان وفق تقرير لشركة مشاريع الكويت الاستثمارية لإدارة الأصول.
الخبير الاقتصادي أيمن فودة يقول إن قرار البنك المركزي هدفه التيسير على رجال الأعمال والمستثمرين وتشجيعهم على التوسع بالسوق. ذلك بما يخلق فرص عمل، ويساعد في الوقت ذاته على مواجهة النقص الموجود في السلع المستوردة من الخارج، بسبب سياسة فتح الاعتمادات المستندية ووضع أولويات لإدخال السلع الاستراتيجية ومستلزمات الإنتاج.
يضيف فودة أن السياسة النقدية المتشددة لها تداعيات على الاستثمار، والذي يجب أيضًا تنشيطه لمنع الاقتصاد من الركود وبالتالي القرار يستهدف الموازنة بين الفائدة التي يتم استخدامها كسلاح في مواجهة التضخم الذي سجل 15.2%. خاصة أن معدل الفائدة الحقيقة (الفرق بين معدل الفائدة والتضخم) أصبح سلبيًا.
ما تغير في قرارات عامر
منذ تولي حسن عبدالله قيادة البنك المركزي تم انتهاج سياسة تعتمد على مراجعة الإجراءات الاستثنائية التي تم فرضها في عهد سلفه طارق عامر. فقبل شهر تم إلغاء الحد الأقصى للإيداع، سواء الأفراد أو الشركات، في البنوك العاملة بمصر، ورفع الحد الأقصى لعمليات السحب النقدي اليومي للأفراد والشركات بنسبة 200% إلى 150 ألف جنيه يوميًا.
في الوقت ذاته، بدأت البنوك تتعامل بقدر من المرونة في فتح الاعتمادات المستندية للمستوردين. ذلك على عكس طارق عامر الذي أوقف التعامل بـ “مستندات التحصيل” في تنفيذ جميع العمليات الاستيرادية والعمل بالاعتمادات المستندية. الأمر الذي وصل حد تدخل من الرئاسة باستثناء المواد الخام ومستلزمات الإنتاج وتطبيق مستندات التحصيل عليها.
يلزم نظام الاعتمادات المستندية بأن يتم الاستيراد عبر التعامل بين بنكي المستورِد والمُصدّر لتنفيذ العملية الاستيرادية بالكامل. أما نظام مستندات التحصيل فيقصر دور البنك المصدر فقط على تحويل الأموال.
ووضع اتحاد الصناعات قائمة بأصناف تتراوح بين 6 و7 آلاف من مستلزمات الإنتاج تمهيدًا لاستثنائها من فتح الاعتمادات المستندية والتعامل مرة أخرى بمستندات التحصيل للاستيراد. وهي قائمة كان سبق إرسالها لوزارة التجارة والصناعة ويتم تنقيحها مجددًا تمهيدا لمناقشة البنك المركزي فيها.
كما أقر مجلس إدارة البنك المركزي تعديل قرار مجلس الإدارة السابق بخصوص الاجتماعات الدورية المنتظمة لتكون بصفة دورية منتظمة لا تقل عن 6 مرات خلال العام بناءً على دعوة رئيس المجلس أو أغلبية الأعضاء والرئيس التنفيذي بالبنك، على أن يكون الأصل هو الحضور الفعلي للأعضاء، وحال تعذر ذلك يجوز المشاركة عبر الفيديو أو الهاتف بعد موافقة رئيس المجلس وإبلاغ أمين سر المجلس. وذلك بما لا يتعدى مرتين خلال العام بالنسبة للعضو الواحد مع حضور أغلبية الأعضاء.
عدّل القرار الجديد قواعد أصدرها طارق عامر في مارس 2020 التي اشترط فيها عدم التقيد بالحد الأقصى لعدد مرات مشاركة عضو مجلس الإدارة بالفيديو أو الهاتف في اجتماع مجلس إدارة البنك وعدم اشتراط حضور أغلبية الأعضاء فعليًا.