قد تصرخ إحداهن في وجه شريكها مرددة العبارة الذائعة الصيت “الاهتمام ما بيتطلبش” وتكون بداية معركة وغضب ربما ينتج عنه قطيعة قصيرة المدة أو طويلة، فبين التجاهل والاهتمام تحدث المشكلة، حتى أننا نقف حيارى أمام الإنسان ذلك المخلوق المعقد فأيهما أكثر جذبًا له الاهتمام أم التجاهل؟

اقرأ أيضا.. لماذا الزواج مشروع فاشل؟ ثقافة القشور (5)

الاهتمام والجيلي

بصورة أو بأخرى تظهر حلوى الجيلي كتوصيف أقرب إلى الدقة عندما نصف تعريف الاهتمام، فهذا الشيء الرخو غير المتماسك، حتى وإنه قد اتخذ شكل الإناء الذي تماسك به نسبيًا، لكنه يظل هلامي، هل الاهتمام في المواظبة على الرسائل الصباحية؟ أم هو الشكل المادي المنعكس في هدايا مثلًا، أم هو الاتصالات، الحقيقة أنه لا أحد يمكنه وضع تعريفًا محددًا ولا وصفة مُسبقة يُمكن اعتمادها فيُصبح من ينفذها هو شخص مهتم، أو العكس.

ولكون الاهتمام حالة شعورية فإن له جانبين، وتوصيفات عديدة، فالشخص المهتم يمكنه تقديم أفعال عديدة، لكن المستقبل هو الذي يحدد ما يمكنه اعتباره اهتمام، وبالتالي، حتى يمكن التعرف على مفهوم الاهتمام فإن طرفي العلاقة لابد أن يتشاركا في تحديده والتعرف على جوانبه، فالاهتمام وإن كنا نعتقد أن له سمات واضحة فهو شعور لا يمكن الإمساك به، فما يُشعرك اليوم بالاهتمام قد يُصبح غدًا وسيلة لتكديرك.

التجاهل بين الأزواج

التجاهل الوجه الآخر للعملة

التجاهل فعل موجع، يكسر شيء في القلب، كسرًا غير متساو بل ينتج عنه نتوءات مدببة، كلما مررت به تجدد الجرح.

نظريًا فالتجاهل هو الفعل المضاد للاهتمام، لكنه هذا التجاهل ينطوي بداخله على اهتمام، فإن لم يكن لدى الشريك اهتمام بالآخر فإنه لن يشعر بتجاهله، وعدم اهتمامه.
يكتسب التجاهل قيمته من أهمية ومكانة الشخص الذي يمارسه لدى الشريك الذي يتم تجاهله، فكلما كانت المكانة كبيرة ولا يمكن منافسته كان التجاهل نصلًا حادًا يُجرح ويُشرح في الآخر.

فتجاهل من لا نهتم به غير مؤثر أو فارق، وأحيانا لا نلحظه، فكلا الفعلين التجاهل والاهتمام يستلزمان أن تكون هناك مشاعر وعلاقة ذات صفات عاطفية واضحة حتى وإن لم يتم البوح بها، والإعلان عنها.

أيهما أكثر جاذبية؟

الاستماع للشريك أحد وسائل الاهتمام

الأزمة الحقيقة أن البعض يتعامل مع الخبرات الحياتية بشكل منعزل، فما يدرسه في مادة الفيزياء مثلا، لا يحاول الفرد أن يستفيد به في حياته، ومهارات القيادة للسيارات لا تنعكس على مهارات إدارة الحوار، وهكذا، فلو أننا ننتبه قليلًا لتفصيلة بسيطة مثل العجين فإننا نلحظ أن الخبز عند عجنه فإنه يتم وضع قليل من السكر إلى جانب الملح، حتى إعداد الحلويات، ستجد أن المقادير تضم كلا المكونين الملح والسكر.

هذه الخبرة المطبخية نحتاجها في حياتنا، حيث تصنع الموازنة وتقدم مشاعر ناضجة، وعلاقة يطول عمرها، فالاهتمام المستمر سيتحول إلى عبء وضغط على الشريك، حد الملل والنفور، تكرار الرسائل الصباحية يؤدي إلى عاديتها، فتفقد قيمتها، حتى الهدايا مهما ارتفعت قيمتها تُصبح بلا تأثير بعد فترة، لكنه الأفضل دومًا السعي نحو الموائمة.

ألم التجاهل

كذلك التجاهل المستمر يصنع حالة من الألم لدى الشريك، والألم قادر على تغيير القلوب، تتبدل المشاعر ونفقد العزيز والحبيب.

قد يكون التجاهل علاجًا عظيمًا لفتور العلاقة، فيُعيد بث الروح إليها، لكن التجاهل كحل مهم وأساسي يصلح مع أصحاب الشخصية النرجسية ومتضخمي الذوات، فهؤلاء يقينهم أنهم مركز الحياة، ومن ثم عندما يتجاهلهم شخص فإن هذا التجاهل يكون أكثر جاذبية من الاهتمام.

المؤكد أن الوصفة السحرية في العلاقات هو تفهم طبيعة الشريك وعدم خداع النفس، فهذا الفهم هو العامل الأساسي في تحديد شكل الاهتمام وقدره، أو التجاهل.

والأمر لا يختلف باختلاف العلاقة صداقة أو ارتباط أو حتى علاقات العمل، في كل العلاقات عليك أن تدرس الطرف الآخر جيدًا قبل أن تبدأ في الاهتمام أو التجاهل، فالعشوائية قد تفلح مرة لكنها ستفقدك كثيرًا في العلاقة إذ لم تنتبه، فإنا كنا نقترب من آخر مدفوعين بالعاطفة والقلب، فإن استمرار العلاقة ونجاحها يتوقف على استخدام العقل.