لم تتوقف الانتقادات لقانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات رقم 148 لعام 2019 في أكثر من موضع أهمها “أزمة المعاش المبكر”. والتي أصبحت أكثر صعوبة بسبب الشروط التعجيزية وفق بنود المشروع الجديد.

يحكي أسامة عبد المعبود موظف سابق في القومية للأسمنت: “اشتغلت في الشركة القومية للأسمنت لمدة 34 عاما. وكانت الشركة من أنجح الشركات على مستوى الجمهورية. ومرة واحدة بسبب تدخل جهة سيادية تم تصفيتنا فبقيت في الشارع. والقانون الجديد للتأمينات منعني من الحصول على معاش”.

القانون الجديد يهدر حقوق العمال -بحسب طلعت خليل النائب السابق والأمين العام لحزب المحافظين. وأضاف: “ما كان يجب على البرلمان الموافقة على إصدار هذا القانون“. وتابع “خليل” -مقرر لجنة الدين العام وعجز الموازنة في محور الاقتصاد بالحوار الوطني: “سنطرح تعديل بنود هذا القانون في مناقشات الحوار الوطني”.

وفي مؤتمر أقامه حزب المحافظين أمس الأول اتفق الحضور على أن صدور هذا القانون دون الرجوع للعمال أو ممثليهم يمثل إصرارا على تغييب حالة الحوار المجتمعي المهمة.

وناشد “العالقون” -اسم متداول للمتضررين من إنفاذ القانون الجديد للتأمينات الاجتماعية والمعاشات- الرئيس السيسي للتدخل وتعديل البنود الخاصة باستحقاقات المعاش والتي وضعت شروطا تعجيزية لذلك.

شروط استحقاق المعاش.. تعجيزات قانون التأمينات

المعاشات في انتظار تدخل الرئيس
المعاشات في انتظار تدخل الرئيس

لقد وضع القانون شروطا أكثر صعوبة بالنسبة لاستحقاق المعاش. فالعاملون بأجر والعاملون بالخارج يستحقون معاش الشيخوخة عن سن الستين. والعمالة غير المنتظمة وأصحاب الأعمال ومَن في حكمهم يستحقون معاش الشيخوخة في الخامسة والستين. لكن يفترض أن يستحق الجميع معاش الشيخوخة في الخامسة والستين في عام 2040.

وزادت المدة اللازمة لاستحقاق المعاش في حالات الشيخوخة والعجز والوفاة بعد سنة من انتهاء خدمة المؤمّن عليه بمقدار الثلث من 120 إلى 180 شهرا. وذلك بعد 5 سنوات من تطبيق القانون.

كما زادت المدة التأمينية اللازمة لاستحقاق المعاش بأسباب غير الشيخوخة والعجز والوفاة من 240 إلى 300 شهر بعد 5 سنوات من تطبيق القانون.

وناشد “العالقون” رئيس الجمهورية بالتدخل الفوري لمد الفترة الانتقالية لتسوية المعاشات بين القانون القديم والجديد لتصبح 5 سنوات.

البرلمان وحقوق المتضررين

مجلس نواب مصر
مجلس نواب مصر

كان 60 نائبا فى الدورة البرلمانية السابقة طالبوا بتعديل بعض بنود القانون. وتحديدا المادة الخامسة التي تقف حائلاً بين هيئة التأمينات وحقوق المتضررين من العمال.

يقول جمال محمد عبده -موظف سابق بالتربية والتعليم: “بعد خدمة استمرت 28 سنة اتحرمت من الحصول على معاش بسبب بنود القانون الجديد. ورغم الشكاوى اللي قدمتها في البرلمان والإعلام مفيش حد اهتم. وكأن هناك تعليمات بالتعتيم على الأزمة دي”. ويضيف لـ”مصر 360″: “مش عارف أجيب فلوس منين أصرف على نفسي وعلى أسرتي. أريد حل لأزمة معاشي”. وتابع: “اللواء جمال عوض رئيس رئيس الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي طول الوقت بيقفل بابه في وشنا”.

أما شعبان خليفة -رئيس نقابة العاملين بالقطاع الخاص ورئيس لجنة العمال بحزب المحافظين- فيقول: “قانون التأمينات الاجتماعية آثاره سلبية على العمال. وهناك عدد من الملاحظات السلبية ظهرت بعد تطبيقه. فالقانون خرج أساسا مشوهًا. إذ إنه لم يأخذ في الاعتبار المكتسبات القانونية التي حصل عليها المؤمّن عليهم وفق قانون التأمينات رقم 79 لسنة 1975”. مطالبًا بوضع القانون على رأس أجندات مجلس النواب لتعديله وإنصاف ملايين العمال وأسرهم.

وتابع “خليفة” أن قانون 148 لسنة 2019 أثار غضب العاملين بالقطاع الخاص. وذلك بعد أن تم رفع سن المعاش إلى 65 عامًا. وزيادة المدة التأمينية التي يستحق بموجبها العامل الحصول على معاش مبكر. ووضع شروط تعجيزية للحصول عليه مع ضياع حقوق العمال المشروعة المكتسبة من تطبيق القانون السابق رقم 79 لسنة 1975.

وشدد على حق العمال في أموال التأمينات التي اقتُطعت على مدار سنوات طويلة من رواتبهم. ويضيف: “هذا القانون لم يراعِ طبيعة العمل بالقطاع الخاص وما يتعرض له العمال من إصابات أو حالات فصل تعسفي للعمال فوق سن 50 سنة. والمهددون بعجز عن إيجاد فرصة عمل بسبب السن. فالقطاع الخاص لا توجد به فرص عمل لمن تجاوز سنّه 40 عاما إلا في أضيق الحدود”.

أهم البنود الخلافية في قانون التأمينات

أزمة المعاشات مع قانون التأمينات
أزمة المعاشات مع قانون التأمينات

وعن المواد التي يجب تعديلها في القانون يقول “خليفة”: “أهم مشكلات القانون تكمن في المادتين 21 و24. اللتين وضعتا شروطا تعجيزية يستحيل معها تطبيق المعاش المبكر”.

إبراهيم عبد الواحد -أحد العمال الذين حضروا مؤتمر “المحافظين”: “نطالب الدولة أن تتفهم أزمتنا. فجميعنا أصحاب حقوق مشروعة في التأمينات. ومدفوعة من اشتراكاتنا كلنا. وكنا نعول على القانون 79 لسنة 75 اللي كان بيحفظ جزء من حقوقنا. النهاردة لا أملك ما يمكنني من الصرف على أسرتي بسبب عدم حصولي على معاش مع تطبيق القانون الجديد. استلفت فلوس عشان آجي أحضر المؤتمر”.

كما يحكي علاء عبد النعيم -عامل في القطاع الخاص: “كنت أعمل في شركة (أمريكانا) وتم تطبيق قانون التأمينات الاجتماعية بأثر رجعي. وهو ما يؤثر فينا بشكل سلبي جدا خاصة في ظل الظروف الصعبة التي نمر بها”.

كذلك ياسر عبد القادر -أحد المتضررين من القانون- يقول: “نطالب بمد الفترة الانتقالية لقانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات رقم 148 لسنة 2019. لمنح فترة انتقالية مدتها 5 سنوات تبدأ من تاريخ العمل بالقانون في 1-1-2020”.

أما المهندس أكمل قرطام -رئيس حزب المحافظين- فقد أكد أهمية العمال لأي دولة: “كل الأفكار الصناعية الكبرى قامت على أكتاف العمال. فهم أساس أي نهضة لأي دولة”. فيما كشف وزير القوى العاملة الأسبق -أحمد البرعي- مميزات وعيوب صندوق التأمينات الاجتماعية. مؤكدا أن إنشاء هيئة مستقلة لإدارة مجلس التأمينات الاجتماعية أمر إيجابي في القانون الجديد. وأضاف: “القانون يقر لأول مرة استقلال هيئة التأمينات الاجتماعية. ولكن كان يجب تحديد كيفية تشكيل هيئة المجلس”. مشددا على أهمية إجراء تعديلات في قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات الجديد. خاصة ما يتعلق بسن المعاش ومواعيد التطبيق.