“تحظى مؤلفات الكاتب جون رونالد تولكين بشعبية واسعة عبر الأجيال. إذ يعتبره الكثيرون المصدر الحقيقي لهذا النوع من روايات الخيال. الأمر مصدر فخر كبير لنا مع إطلاق هذا المسلسل المذهل، وأشكر عشرات ملايين المشاهدين الذين يشاركوننا الشغف بعالم المسلسل الشيق، والذين يشكلون المقياس الحقيقي لنجاحنا”. هكذا خرجت “جينيفر سالك” رئيسة استوديوهات أمازون بفخر شديد أثناء الحديث عن المسلسل الأشهر والأكثر كلفة على الإطلاق “خواتم السلطة”.

مسلسل “سيد الخواتم أو خواتم السلطة” مستلهم من أحداث روايتي “الهوبيت” و”سيد الخواتم” التي انطلقت أحداثها المرعبة والأكثر تشويقًا قبل آلاف السنين. جاءت بها أمازون لتعيد المشاهدين إلى حقبة تشكلت فيها القوى العظمى، وصعدت الممالك إلى المجد ثم سقطت في الخراب والفوضى. إذ تعد الرواية واحدة من أشهر الأعمال الأدبية في العالم.

اقرأ أيضا.. “جاتسي”.. عن نجاح المرأة وتوثيق معاناتها لا لتقديم عمل فني

علامات النجاح المبهر

الأمر لم يقتصر فقط على آراء المشاهدين العاديين أو تقييم النقاد والكتاب، بل إن المخرج الأشهر في هوليوود ستانلي كيوبريك كان يرى على سبيل المثال أن ثلاثية “The Lord of the Rings” لتولكين غير قابلة للاقتباس سينمائيا.

الأرقام تقول إن الرواية التي بُني المسلسل عليها حصلت بالفعل على جائزة أدب الخيال الدولية، وجائزة بروميثيوس هول أوف فيم، ولقب كتاب عملاء أمازون المفضل خلال الألفية فى عام 1999. كما أنها الرواية الأكثر شعبية في بريطانيا على مر العصور بحسب استبيان “القراءة الكبرى” الذي أجرته شبكة “BBC” في عام 2003. كما ترجمت أجزاء الرواية إلى أكثر من 38 لغة مختلفة، وحققت مبيعات تزيد عن 150 مليون نسخة.

هذا النجاح المبالغ فيه في أقصى التقديرات جعل رغبة “أمازون” في إنتاج مسلسل تقوم أحداثه على الرواية ليس لها حدود. إذ وضعت الشركة ميزانية تقدّر بحوالي 60 مليون دولار للحلقة الواحدة بإجمالي 462 مليون دولار لـ8 حلقات. أمازون دفعت قبلها مبلغ 250 مليونا سبق استثمارها في شراء الحقوق الأدبية من ورثة الكاتب لتصبح التكلفة الأعلى على الإطلاق لمسلسل في التاريخ الحديث.

المسلسل استقطب أكثر من 25 مليون مشاهد حول العالم في عرضه الأول، ليسجل بذلك أعلى نسبة مشاهدة لعرض أول على خدمة “أمازون برايم فيديو” في أكثر من 240 مدينة حول العالم.

يقود كل شيء

جزء من شخصيات مسلسل خواتم السلطة

لا تكتمل الأحداث دون توتر محموم ومتوقّع، ما يعطي هالة كبيرة للمسلسل تكسبه مشاهدات مليونية، لكنها تنزع عنه بعض الخطوط الفنية. فالمحافظة على الخط السردي للأحداث، والتوقّع السهل لما ستؤول إليه الأمور يسيران بالمشاهد بعيدا عن التشويق المطلوب. صناع العمل يدركون ذلك بالتأكيد، لكن ذلك لم يمنع وجود مساحة من التنميط على مستوى الخطاب والكتابة.

يتوقع المشاهد أن يرى صورة مبهرة مع تلك الميزانية الضخمة التي تحرك العمل، بالطبع مليارات الدولارات ستصنع صورة مبهرة في إطار من الفانتازيا. بينما يحرك كل ذلك خطاب محافظ وسيناريو صنع ليستقطب أكبر عدد ممكن من المشاهدين.

ستجد ذاتك في الغالب أينما كنت، الرجل الأبيض هناك بجانب مختلف الأعراق الأخرى. رجل ليس طويلا يحرك بعض الأحداث، والنساء في جوهر كل شيء. أبطال الخير يحاربون الشر بشكل مستقطب يحبّه الجمهور في كل مكان بالعالم لكنه ربما يقتل الدراما التي يترك أبطالها الحقيقيون في مناطق وسط بين هذا وذاك. لماذا؟ لأن الصوابية السياسية التي يخاف البعض تجاوزها تحيط كل شيء.

الصوابية السياسية التي تتناول العمل الدرامي على اعتبار أن صناعه يقصدون الشر أو الخير من وراءه. إذ لا يجوز لهم التناول العنيف الساخر ضمن أي سياق لأن ذلك يمثل خطورة للمجتمع.

الأقدم والأحدث

يتساءل كثيرون ما إذا كان عليهم الرجوع أولا لمشاهدة الأعمال السابقة المقتبسة عن الرواية ذاتها لفهم أحداث المسلسل. في الحقيقة الأمر لا يهم على الإطلاق. ويبدو أن أمازون تعلم ذلك جيدًا. المشاهد في “خواتم السلطة” لا يحتاج إلى قراءة الروايات الخاصة بالمسلسل أو حتى مشاهدة سلسلة أفلام سيد الخواتم قبل المسلسل الجديد. إذ يدور المسلسل في مرحلة زمنية مختلفة تسبق القصة في الأفلام بآلاف السنين لكن باستلهام الأحداث والسياق ذاته.

هذه المرة يتناول مسلسل خواتم السلطة The Rings of Power الأساطير البطولية للعصر الثاني الأسطوري لتاريخ “ميدل إيرث”، وهي الفترة الزمنية التي تقول أمازون إنها تعيد المشاهدين للحقبة الأسطورية التي تشكلت فيها القوى العظمى. وشهدت صعود ممالك إلى المجد وسقوط أخرى، عن طريق الأبطال ذوو الأسماء المميزة إلروند (روبرت أرامايو)، وأروندير والسيد كيليبريمبور والملك الأعلى جيل جالاد (بنيامين ووكر) من عالم الجان. والملكة الوصية ميرييل والربّان إلينديل ورجل الدولة فارازون وإيريان ابنة إلينديل وإيسيلدور وكيمين من أهل نومينور. إلى جانب برونوين وهالبراند وثيو ابن برونوين الوحيد من أهل الأراضي الجنوبية. وإلانور نوري (ماركيلا كافيناج) براندي فوت وبوبي براودفيلو ووالد نوري لارجو براندي فوت وزوجة أبي نوري العطوفة ماريجولد براندي فوت وسادوك هو مرشد الطريق للهارفوت.

لماذا نذكّر بتلك الأسماء؟ لأنها مغمورة بالكامل، بل تنطوي المهمة على تحدٍ كبير. إذ أن أبطاله وأعداءهم لم يكونوا موجودين تقريبًا في الثلاثية السينمائية والأعمال المشتقة منها. في حين أن مبتكريه والممثلين فيه مغمورون علينا تذكر بطولتهم الجديدة في المسلسل الأكثر تكلفة على الإطلاق.