تستكشف توقعات كبار الاقتصاديين بتقرير” سبتمبر للمنتدى الاقتصادي العالمي” العديد من التحديات الرئيسية التي تقود الاقتصاد العالمي حاليًا، وتعكر صفو حياة الأفراد والشركات في جميع أنحاء العالم، في مقدمتها التضخم، وأزمة تكلفة المعيشة، وأمن الغذاء والطاقة، والسياسة النقدية، واضطراب سوق العمل، ونتائج أزمة الديون.

وقبل أيام، تم إطلاق إصدار سبتمبر/ أيلول 2022 من تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي. والذي يتناول توقعات كبار الاقتصاديين، في وقت وصف التقرير الوضع الاقتصادي العالمي بأنه “يتسم بخطر اقتصادي كبير، مع ارتفاع معدل التضخم إلى مستويات لم نشهدها منذ جيل، وتراجع توقعات النمو مرة أخرى في جميع المناطق”.

يصف التقرير الذي اعتمد على الآراء الجماعية ووجهات النظر الفردية لمجموعة من كبار الاقتصاديين، من خلال استبيان الخبراء الاقتصاديين في المنتدى والمشاورات مع مجتمع كبار الاقتصاديين. الوضع الحالي في العالم بـ “نحن في افاق مظلمة “.

وتوقع التقرير أن تكون الشهور المقبلة مؤلمة على مستوى عام بما تشمله من تحديات ملحة، للاقتصادات والمجتمعات في ملفات الطاقة والغذاء وتكلفة المعيشة

لقراءة التقرير كاملا اضغط هنا

يستشهد الاستطلاع بتوقعات البنك الدولي بأن عام 2022 سيكون أحد أسوأ الأعوام بالنسبة للفقر العالمي منذ مطلع القرن، وقد جاء في المرتبة الثانية بعد عام 2020، وهو العام الذي وقع في قبضة جائحة فيروس كورونا. كما تسببت الحرب في أوكرانيا في اضطراب اقتصادي عالمي، أدى إلى ارتفاع معدلات التضخم.

اقرأ أيضا: الولايات المتحدة تقود حرب تضخم عالمية.. والدول المثقلة بالديون أكبر الخاسرين

مخاوف الركود العالمي

يقول التقرير إن التوقعات الخاصة بالنمو الاقتصادي تراجعت عالميا. واعتبر 64% من المشاركين في الاستطلاع   أن الركود العالمي “محتمل إلى حد ما”. بينما ما يقرب من 90% ممن شملهم الاستطلاع، يتوقعون أن يكون النمو في أوروبا “ضعيفًا” أو “ضعيفًا للغاية”. بسبب الحرب مع تضخم مرتفع وتهديدات تعرض لها إمدادات الطاقة. ومن المتوقع، وفق التقرير، أن تكون توقعات النمو أسوأ عالميا خلال 2023 في جميع أنحاء القارة الأوربية.

توقعات نمو الاقتصاد العالمي في 2022/2023

نمو ضعيف في الصين وقارة آسيا

ومن المتوقع حدوث نمو ضعيف أو ضعيف للغاية في الصين، وفق 67% ممن شملهم الاستطلاع. خاصة مع التأثر بقيود COVID-19 والمخاوف بشأن قطاع العقارات. ومع ذلك، يتوقع المزيد من المشاركين أن ينتعش اقتصاد الصين في عام 2023 .

وعلى الرغم من أن ما يقرب من 65% ممن شملهم الاستطلاع يتوقعون نموًا معتدلاً أو أفضل في الولايات المتحدة في عام 2022. تنخفض التوقعات المتفائلة إلى 37% عندما يتعلق الأمر بعام 2023. وتعتبر احتمالية استمرار تشديد السياسة النقدية عاملاً رئيسياً في ذلك.

كذلك، يتوقع أربعة من كل عشرة خبراء اقتصاديين أن يكون النمو ضعيفًا في آسيا الوسطى في عام 2023.

 

الشرق الأوسط : مصادر الطاقة تساهم في معدلات النمو

بينما في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، يتوقع 43% من الخبراء أن يحدث نموًا ضعيفًا في عام 2022.  مع توقع نسبة أعلى بكثير من 60% من المشاركين نفس معدلات النمو فى عام 2022/ 2023.

مع ذلك، تبدو الصورة أقل كآبة في أجزاء أخرى من العالم. حيث يقول التقرير إن 71% يتوقعون أن يكون النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا معتدلاً أو أفضل. ويرون أن هذا يعتمد على تتمتع به المنطقة من  مصادر  الطاقة .

وفي جنوب آسيا، تتوقع الغالبية العظمى من الاقتصاديين نموًا معتدلاً في كل من عامي 2022 و2023. ويتوقعون نموًا معتدلاً في أمريكا اللاتينية العام المقبل مقارنةً ببقية عام 2022. لتصل إلى 56%، ارتفاعًا من 50%.

توقعات نمو العمالة في 2022/2023

التضخم وأزمة الديون

يشير الاستطلاع إلى أن معدلات التضخم المرتفعة للغاية هي عامل رئيسي في ضعف توقعات النمو العالمي. وأن التشديد النقدي من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، والبنك المركزي الأوروبي، قد أثر على توقعات كبار الاقتصاديين للعام المقبل.

ذكر معظم المشاركين -93%- إنهم يتوقعون أن يظل التضخم مرتفعًا في الولايات المتحدة وأوروبا. وباستثناء الصين والشرق الأوسط وشمال إفريقيا، يتوقع الاستطلاع “ارتفاع معدلات التضخم” في معظم مناطق العالم لبقية العام.

ومن بين الذين شملهم الاستطلاع، يتوقع 57% أن يكون التضخم إما معتدلاً أو منخفضًا العام المقبل في الولايات المتحدة، و52% عندما يتعلق الأمر بأوروبا. بينما قال ما يقرب من 80% من الذين تحدثوا إلى خبراء الاستطلاع إنهم يعتقدون أن أسعار الفائدة المرتفعة ستكون “فعالة” أو “فعالة للغاية”.

ولكن، يبدو أن هناك تفاؤلًا أقل في أماكن أخرى “في معظم أنحاء العالم، تتوقع نسبة صغيرة جدًا من الخبراء لدينا تضخمًا منخفضًا في العام المقبل. ولكن هناك تحولًا واضحًا من التوقعات” المرتفعة “إلى” المعتدلة “بين عام 2022 و2023”. في الوقت نفسه، يشير التقرير إلى أن “التشديد الحالي للسياسة النقدية قد يزيد من أعباء الدين العام التي ارتفعت بشكل ملحوظ خلال العقد الماضي. وأجمع أغلبية المشاركين -95%- حول مخاطر التخلف عن  سداد الديون  في البلدان منخفضة الدخل.

توقعات التضخم في 2022/2023

اقرأ أيضا: 2023.. الاقتصاد العالمي نحو “الركود”.. واستمرار شح الدولار في مصر

الغذاء وأمن الطاقة في خطر

في يوليو/ تموز 2022، شهدت أكثر من 125 دولة تضخمًا في أسعار المواد الغذائية، تجاوز 5%، وفقًا لبيانات البنك الدولي الواردة في التقرير. وقد ظهر ذلك في 90% من البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، وأكثر من 80% من البلدان ذات الدخل المرتفع.

لذلك، هناك تشاؤم لدى الخبراء بشأن الأمن الغذائي العالمي. والذي يعتقد المستجيبون أن الأمن الغذائي قد يكون معرضًا للخطر في مناطق واسعة من العالم في السنوات الثلاث المقبلة، وتزداد الأزمة في مناطق إفريقيا جنوب الصحراء والشرق الأوسط بشكل خاص، ولن تفلت حسب أراء عدد كبير من الخبراء أجزاء من جنوب ووسط آسيا من الأزمة.

وفيما يتعلق بأمن الطاقة، “بلغت أسعار الغاز الطبيعي مستويات قياسية للشهر الرابع على التوالي في أغسطس/ آب 2022، بزيادة قدرها 130% عن بداية العام، وبنسبة 250% تقريبًا على أساس سنوي”.  وبينما تنفق الحكومات -خاصة في أوروبا- المليارات على تدابير الدعم للأسر والشركات. قد يؤدي هذا إلى زيادة مستويات الاقتراض العام، المرتفعة بالفعل، بعد مستويات كبيرة من الإنفاق الحكومي على الأزمات السابقة، وفق الخبراء المشاركين.

توقعات السياسات النقدية في 2022/2023

ارتفاع تكلفة المعيشة قياسا بالأجور

أعرب كبار الاقتصاديين، الذين شملهم الاستطلاع، عن إجماعهم على أن الأجور لن تكون قادرة على مواكبة ارتفاع الأسعار في 2023. مع توقع انخفاض الأجور الحقيقية في الاقتصادات منخفضة وعالية الدخل خلال تلك الفترة.

يقول التقرير: انخفضت الأجور الحقيقية في جميع أنحاء منطقة اليورو بنسبة 1.7% على أساس سنوي في الربع الأول من عام 2022. بالإضافة إلى الصدمة الاقتصادية الناجمة عن تفشي COVID-19 في عام 2020. يمثل هذا أسوأ تضرر للأجور المعدلة حسب التضخم، منذ ما قبل الأزمة المالية العالمية في 2008.

ويشير الاستطلاع إلى أن “التهديد الذي تتعرض له مستويات المعيشة الأساسية، من المرجح أن يزيد من مخاطر الاضطراب المجتمعي”. وأن عدم الاستقرار السياسي العالمي بلغ الآن أعلى مستوياته منذ الأزمة المالية 2008، وفقًا لمؤشر السلام العالمي لعام 2022.

وقال ما يقرب من 80% ممن شملهم الاستطلاع إنهم يتوقعون أن تنطلق الاضطرابات الاجتماعية في البلدان منخفضة الدخل بسبب ارتفاع التكاليف.

وتتوقع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن يظل النمو الاقتصادي ضعيفًا في الجزء الأخير من عام 2022، وسيتباطأ أكثر في عام 2023. وتتوقع أيضًا أن يبدأ التضخم في الاقتصادات الكبرى في الانخفاض، لكنه يظل أعلى بكثير من أهداف البنك المركزي في كل مكان تقريبًا. وتقول إن تنويع العرض وخفض الطلب ضروريان لتجنب نقص الطاقة.