بينما تتصاعد الأزمة بين شركات الهواتف الذكية الصينية والهند. والتي وصلت إلى حد الاتهامات بالتهرب الضريبي وغيرها، من أجل تطوير الصناعات المحلية لدلهي. تتحسس القاهرة خطواتها للاستفادة من الأزمة. والظهور كبديل للهند، من خلال توفير تسهيلات من شأنها تشجيع هذه الشركات على الاستثمار في السوق المصرية.

يلفت تقرير حديث للمونيتور/ Al Monitor، إلى جهود القاهرة كلاعب قوي يستطيع تقديم بديل أمام الشركات الصينية ذات الانتشار العالمي الواسع. ففي 13 سبتمبر/أيلول، وقّعت القاهرة مذكرة تفاهم مع شركة تصنيع الإلكترونيات الاستهلاكية الصينية Oppo، والتي بموجبها ستنشئ الشركة الصينية مصنعًا للهواتف المحمولة في مصر. بطاقة إنتاجية 4.5 مليون وحدة سنويًا، بتكلفة 20 مليون دولار.

صفقة إنشاء مصنع في مصر قد تنذر بخروج جماعي لشركات الهاتف المحمول الصينية من الهند

وفي مقال نُشر في 14 سبتمبر/ أيلول، نقلت صحيفة “جلوبال تايمز/ Global Times -الصينية الناطقة بالإنجليزية- عن مسؤول تنفيذي صيني مقيم في الهند قوله إن صفقة إنشاء مصنع في مصر “قد تنذر بخروج جماعي لشركات الهاتف المحمول الصينية من الهند. وسط تصاعد قمع البلاد للشركات الصينية”.

وأضاف المصدر -الذي طلب عدم الكشف عن هويته- إلى الصحيفة: “شعرت إدارات العلامات التجارية للهواتف الذكية الصينية في الهند بالتعرض للضغط. بسبب حملة الحكومة الهندية، وإجراءاتها “الحمائية”، لتحسين قدرة الشركات المحلية على صنع إلكترونيات متطورة، مثل الهواتف الذكية”.

وقال التقرير: “العلامات التجارية للهواتف الذكية الصينية تنظر أيضًا إلى إندونيسيا وبنجلادش ونيجيريا كبديل للهند”.

اقرأ أيضا: مصر تعزز تعاونها الدفاعي مع الهند.. التقنيات وقطع الغيار بأقل التكاليف

إجراءات قمعية

عمال هنود في مصنع هواتف محمولة

يُشير تقرير المونيتور إلى أن الأزمة بين الهند وشركات الهواتف الذكية الصينية وصلت إلى ذروتها في الأشهر الأخيرة. حيث “صعدت السلطات الهندية حملتها القمعية ضد هذه الشركات -وأبرزها Oppo- بحجة التهرب الضريبي”.

وأضاف: غادرت أكثر من 2800 شركة صينية السوق الهندية منذ عام 2014. وسط القيود المتزايدة من قبل السلطات الهندية، والتعريفات المرتفعة، حيث تسعى الهند إلى تعزيز صناعتها المحلية.

في 17 يوليو/ تموز، أشار تقرير نشرته صحيفة فاينانشيال تايمز/ The Financial Times  إلى أن ثلاث شركات هاتف محمول صينية تسيطر على حوالي 60% من سوق الهواتف الذكية في الهند. والتي تحاول تحفيز التصنيع المحلي، وتقليل الاعتماد على الواردات الصينية.

وأضاف التقرير أن “الهند تصر على أن القضايا القانونية ضد الشركات الصينية ليست ذات دوافع سياسية”.

حوافز القاهرة

في ظل هذه الأزمة، صعدت مصر لجذب الشركات الصينية إلى سوقها، من خلال تقديم حوافز استثمارية لها. و”تسعى الحكومة المصرية لإزالة أي عقبات قد تواجه الشركات الكبرى، التي تصنع الهواتف الذكية في مصر”. وفق المونيتور.

وفي مقابلة تلفزيونية يوم 14 سبتمبر/ أيلول، قال وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات عمرو طلعت. إن الحكومة المصرية “ستوفر الحوافز المطلوبة لهذه الشركات الجديدة. سواء أراض أو ترخيص أو حوافز استيراد”.

وأضاف: أيضًا، سيتم إعفاء هذه الشركات من معظم الرسوم الحكومية. طالما أنها تلتزم بنسبة 40% من المكونات المحلية في منتجاتها.

أيضا، ذكر طلعت في تصريح في 25 سبتمبر/ أيلول، أنه سيتم تشكيل لجنة مشتركة. تضم وزارات الصناعة والمالية والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. بهدف إيجاد حلول للمشاكل، التي يمكن أن تواجه المستثمرين في قطاع الاتصالات، وصناعة الهواتف الذكية في مصر.

أيضا، قال وليد رمضان، نائب رئيس شعبة المحمول والاتصالات بالغرف التجارية. في 19 سبتمبر/ أيلول، إن الشعبة أعدت ورقة عمل لتقديمها للحكومة، تتضمن مقترحات لتحفيز الشركات العالمية للاستثمار في مصر. هذه المقترحات تتضمن إعفاءات ضريبية، وتوفير مصانع لهذه الشركات. مقابل أسعار مخفضة يتم سدادها على مدى 10 أو 15 سنة، مع إعفاء من السداد خلال السنوات الثلاث الأولى.

اقرأ أيضا: المناطق الاقتصادية الخاصة في أفريقيا.. العولمة بسمات صينية

صنع في مصر

مصنع هواتف إنفينكس في مصر

لأن السوق المصري يتميز بارتفاع حجم الطلب على الهواتف، حيث يصل الطلب السنوي إلى 20 مليون وحدة. بحسب وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. شجع هذا الطلب المرتفع شركتين صينيتين أخريين للهاتف المحمول على إنشاء مصانع للهاتف في مصر، وهما Vivo وNokia.

في 22 يوليو/ تموز افتتح مصنع Vivo الجديد بمدينة العاشر من رمضان، والذي تم تشييده على مساحة تزيد عن 11 ألف متر مربع. بتكلفة تقدر بنحو 20 مليون دولار، لتصل إلى 30 مليون دولار في غضون عام. وفي أغسطس/ آب، أعلنت الشركة عن إطلاق هاتفين جديدين منقوش عليهما “صنع في مصر”.

أيضا في 6 أغسطس/آب، أعلنت مصر عن توقيع اتفاقية تعاون مع HMD International -الشركة المالكة لعلامة Nokia- والتي نصت على تصنيع مليون جهاز محمول خلال العام الجاري. وتصنيع ضعف هذه الكمية خلال الفترة المقبلة، بالإضافة إلى توفير تدريب فني للكوادر المصرية على أيدي خبراء الشركة من فنلندا.

وفي 21 سبتمبر/ أيلول، كشف مصدر مسئول بسوق الهواتف المحمولة أن شركة سامسونج/ Samsung من المرجح جدًا أن تصنع بعض أنواع الهواتف الذكية في مصر.

مصر كقاعدة صناعية إقليمية

يُشير تقرير المونيتور إلى أن القاهرة “تسعى إلى توطين صناعة الهواتف، بما يتماشى مع مبادرة الرئيس السيسي لجعل مصر قاعدة صناعية إقليمية”.

ففي فبراير 2018، أعلنت وزارة الاتصالات عن تصنيع أول هاتف ذكي مصري الصنع SICO، للبيع في مصر بأسعار رخيصة. و في 2019، أعلن السيسي عن مبادرة “مصر تصنع الإلكترونيات”، والتي تضمنت تنفيذ برنامج لجذب عدد من الشركات العالمية المصنعة للمنتجات الإلكترونية والهواتف الذكية. بالإضافة إلى تصنيع منتجات إلكترونية وهواتف مصرية الصنع.

وفي ديسمبر 2020، أعلنت شركة Infinix الصينية عن تصنيع هواتف في منطقة التكنولوجيا بأسيوط. بعد إطلاق خطوط إنتاج لهواتفها الذكية في مصر.

يقول إيهاب سعيد، عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية بالقاهرة ورئيس شعبة مراكز الاتصالات. “تلجأ شركات الهاتف المحمول العالمية، وخاصة الصينية منها، إلى مصر لعدة أسباب. أهمها أن القاهرة هي مركز توزيع لإفريقيا”.

وأوضح أن “الأزمة بين الشركات الصينية والهند في مصلحة مصر، لكن على الحكومة المصرية أن تسهل بسرعة إجراءات إنشاء المصنع”. وفق حديثه لـ المونيتور. مشيرا إلى أن مصر “تتمتع بمزايا تنافسية. حيث أن أسعار الطاقة فيها لم ترتفع، وتكاليف العمالة منخفضة، وهذه عوامل تجذب شركات الهاتف المحمول العالمية”.

وشدد على أن “الحكومة المصرية يجب ألا تترك مثل هذه المصانع فريسة للروتين وعقبات الاستثمار. حيث يجب أن تسعى لمساعدتهم على إنجاز مهامهم طوال الوقت، مع البناء على التجربة الناجحة لشركة Oppo الصينية. حتى تخدمها كنقطة انطلاق لشركات دولية أخرى “.