تتبنى الحكومة المصرية توجها نحو زيادة الاعتماد على الطاقة الشمسية الرخيصة كبديل لمحطات الوقود الأحفوري. لكن يقتصر التقدم في ذلك الملف على المشروعات الحكومية الكبيرة مع دور أقل بكثير للقطاع الخاص، والمشروعات الصغيرة والإنتاج المنزلي.
مصر تمتلك ميزة فريدة بأعلى نسبة سطوع شمس طوال العام، بجانب القدرة على نشر المحطات في نحو 85% من مساحة البلاد في ظل تركز السكان في 6% فقط من إجمالي المساحة التي تتسم بأنها أماكن صحراوية في الأساس.
اقرأ أيضا.. شركات الطاقة الشمسية تتعثر في “نفق نقص المكونات”.. أية مسئولية للحكومة؟
إنتاج مصر من الطاقة الشمسية والرياح بلغ حتى أغسطس 2021 3.5 جيجاوات كهرباء بحسب تقرير حديث لمنظمة “جلوبال إنيرجي مونيتور”. لكن تلك الأرقام ستتغير في القريب العاجل، مع تدشين الحكومة سلسلة مشروعات قبل مؤتمر المناخ كوب 27 في شرم الشيخ.
وتتضمن حزمة المشروعات قيد التنفيذ 3 محطات للطاقة الشمسية في شرم الشيخ بينها واحدة بقدرة 15 ميجاوات، والثانية في المطار. أما الثالثة بمركز المؤتمرات بقدرة 1.27 ميجاواط، بجانب مشروعات محطات صغيرة بالفنادق حاليا، لجعل شرم الشيخ مدينة خضراء.
من بين المشروعات الحكومية قيد التنفيذ حاليا محطة الغردقة بقدرة 20 ميجاوات، وأخرى في الزعفرانة بمحافظة البحر الأحمر بقدرة 50 ميجاوات، وثالثة في كوم أمبو بأسوان بقدرة 50 ميجاوات.
القطاع الخاص يستثمر في الطاقة الشمسية
بحسب وزارة الكهرباء والطاقة الجديدة والمتجددة، فإن مصر تخطط أن تكون ممرا لعبور الطاقة النظيفة وتسعى لتوطين الصناعة المحلية الخاصة بمهمات محطات الطاقة المتجددة سواء الشمسية أو الرياح. في إطار خطة الدولة لخفض التكلفة وتشجيع المستثمرين على التوسع في استثماراتهم على أرض مصر مع تقديم كافة التسهيلات لهم.
ويبني القطاع الخاص مشروعين للطاقة الشمسية، في كوم أمبو بأسوان بقدرة 200 ميجاوات لكل منهما، بنظام البناء والتملك والتشغيل (BOO). بجانب محطة ثالثة غرب النيل بقدرة 200 ميجاوات وبنظام المزايدات، ورابعة بقدرة 100 ميجاوات، بنظام البناء والتملك والتشغيل في غرب النيل أيضا.
وأصدرت وزارة الكهرباء الأطلس الشمسي في مارس 2018، ويحتوي على بيانات ومتوسطات الإشعاع الشمسي لفترة تصل إلى 15 سنة، ما بين المتوسطات السنوية والشهرية. بالإضافة إلى رصد مفصل لجميع الأراضي المخصصة لمشروعات الطاقة المتجددة والتي تبلغ مساحتها نحو 7600 كيلومتر مربع.
كما تتيح هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة الأراضي للشركات بنظام حق الانتفاع، ويوجد حاليا عدد كبير من شركات القطاع الخاص التي حصلت على شهادة التأهيل للعمل في مجال نظم الخلايا الفوتوفلطية بقدرة أعلى من 500 كيلو وات في الساعة حتى 20 ميجا وات في الساعة. وبعضها تأسس خصيصا للاستثمار في الطاقة الشمسية. كما دشنت الهيئة 46 مشروعا حاليا لخدمة شركات ومصانع في القطاع الخاص.
وانسحبت العديد من الشركات من المرحلة الأولى لتعريفة تغذية الطاقة المتجددة عام 2017، لرفض الحكومة حينها السماح بالتحكيم الدولي خارج مصر حال حدوث نزاع. وهو ما أقرته الحكومة في المرحلة الثانية من مشروعات تعريفة التغذية مع تخفيضها إلى 8.4 سنت للكيلووات الواحد. بينما كانت في المرحلة الأولى 14.3 سنت للكيلوات.
عوائق أمام تنفيذ المحطات الصغيرة
أشاد مشاركون في ندوة الجمعية المصرية للأمم المتحدة، في مقرها بالقاهرة، حول مستقبل الطاقة الجديدة والمتجددة في مصر، عقدت قبل أيام، بجهود مصر في مجال الطاقة المتجددة. الندوة عقدت لمناقشة تخصيص الحكومة نحو 7650 كيلومتر مربع لمحطات الطاقة الجديدة والمتجددة. تلك المساحة تكفي لإنشاء ما يُنتج 55 جيجاوات من الكهرباء المولدة من الطاقة الشمسية، و35 جيجاوات من طاقة الرياح.
تؤكد هيئة الطاقة المتجددة أن محطات المصانع الصغيرة والمنازل ولدت 125 ميجاوات في ظل دعم البنك المركزي والبنوك الوطنية لإنشاء محطات شمسية بقروض بفائدة منخفضة. لكن لا تزال هناك عوائق تقف أمام انتشار الإنتاج المنزلي في مصر، أبرزها ارتفاع أعباء التأسيس التي تتكلف 70 ألف جنيه على الأقل وتزيد حسب حجم الخلايا. بجانب انخفاض عائد البيع للشبكة القومية للكهرباء الذي لا يزيد عن جنيه لكل كيلووات في الساعة.
من المعوقات أيضا بحسب خبراء عدم تأهيل الأسطح المصرية لتركيب الخلايا في ظل اكتظاظها بأطباق الدش. علاوة على الخلافات بين اتحاد الملاك على فكرة استغلالها، وعدم النص على طبيعة ملكيتها في العقود.
تلك العوائق وقفت أمام البرنامح الحكومي الذي استهدف توليد 4300 ميجاوات في الفترة من 2015-2017. بينها 2000 ميجاوات في الساعة من الطاقة الشمسية ومحطات بقدرات حتى 50 ميجاوات مع 300 ميجاوات في الساعة للقدرات أقل من 500 كيلو وات ضمن المرحلة الأولى.
عدد محدود للإنتاج المنزلي رغم التحفيز
وأنشأت وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة “وحدة تعريفة التغذية” في الشركة المصرية لنقل الكهرباء لتلقي طلبات المشروعات ضمن آلية تعريفة التغذية عبر اتفاقيات شراء طاقة طويلة الأجل وتستمر حتى نهاية العمر الافتراضي للمشروع بواقع 20 سنة لمشروعات الرياح، و25 سنة لمشروعات الطاقة الشمسية.
تشير تقديرات وكالة الطاقة الذرية إلى أن استهلاك الكهرباء في مصر ارتفع بمقدار ثلاثة أضعاف تقريبا في العقدين الماضيين. وكانت محطات الغاز التي قفزت بمقدار ثلاثة أضعاف هي كلمة السر في مواجهة تلك المشكلة.
بحسب مجلة الإيكونوميست فإن الأعوام الثمانية الماضية شهدت تركيب 749 وحدة فقط على الأسطح في جميع أنحاء البلاد، وهو رقم هزيل أحد مسبباته الروتين. فمن أجل تركيب وحدة يجب الحصول على كم كبير من الموافقات، بجانب غياب التخطيط العمراني في المدن القديمة التي تجعل الكثير من الأسطح لا تزورها الشمس.