قالت صحيفة الجارديان البريطانية/ The Guardian، أن الحكومة المصرية، المستضيفة لقمة الأمم المتحدة المقبلة بشأن المناخ Cop27، قد “حذّرت المملكة المتحدة من التراجع عن أجندة المناخ العالمي” وهو ما وصفته الصحيفة بأنه “تدخل كبير أثارته مخاوف بشأن التزام ليز تراس بعدم تحقيق أي هدف”.

يأتي هذا التحذير قبل شهر تقريبا من استضافة مدينة شرم الشيخ للدورة السابعة والعشرين، للمؤتمر السنوي لأطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية، بشأن تغيُّر المناخ. وهو “من مضيف Cop 27 إلى مضيف Cop26، الذي عقد في جلاسكو الأسكتلندية في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي”.

أكد قصر باكنجهام أن الملك تشارلز الثالث لن يحضر الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر Cop 27

وتلفت الجارديان إلى أن التحذير “هو أمر غير معتاد من الناحية الدبلوماسية. فالمضيفين المتعاقبين مسؤولين عن تسليم سلس للمحادثات”. لكن، تُرجع الأمر إلى “تقارير تفيد بأن رئيسة وزراء المملكة المتحدة قد منعت الملك تشارلز الثالث فعليًا من حضور مؤتمر Cop27. وتعكس مخاوف المشاركين في المحادثات بشأن تغيير اتجاه بريطانيا”.

تقول: رئيس الوزراء السابق، بوريس جونسون، كان يُنظر إليه على أنه نصير قوي لهدف المملكة المتحدة المشترك مع العديد من الدول الغنية الأخرى. المتمثل في الوصول إلى صافي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري يساوي الصفر بحلول عام 2050.

اقرأ أيضا: ما الذي يمنع ملك بريطانيا من حضور قمة شرم الشيخ للمناخ؟

لكن تروس، على الرغم من أنها قالت إنها تدعم الهدف الصفري الصافي. فقد أزعجت نشطاء المناخ، من خلال تقديم أكثر من 100 ترخيص جديد للنفط والغاز في بحر الشمال، ورفع الحظر على التكسير، وإلغاء اللوائح الخضراء.

غياب ملكي

بعد أيام من التكهنات والجدل، أكد قصر باكنجهام أن ملك بريطانيا، الملك تشارلز الثالث، لن يحضر الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر Cop 27. جاء ذلك ردا على خبر نشرته صحيفة صنداي تايمز، زعمت فيه أن رئيسة الوزراء ليز تراس “أمرت” الملك بعدم الحضور، حسب تعبير الصحيفة.

بينما أعلن القصر أن “الملك طلب النصيحة وأعطتها السيدة تراس”. مؤكدا أنه “تم الاتفاق على عدم حضور الملك بصداقة واحترام متبادلين”.

وبينما أفاد مراسل القصر الملكي لدى BBC جوني ديمون، بعد أن نقل السؤال إلى القصر أن “الملك لا بد يشعر بخيبة أمل شخصيًا. نظرًا لعقود طويلة من حملته البيئية الشغوفة”. رد باكنجهام بأن فكرة عدم ارتياح الملك “ليست صحيحة”، وأنه “يدرك دائمًا دور الملك في التصرف بناءً على نصيحة الحكومة”. ودلل ذلك بزيارة الملك إلى القاهرة قبل عام- بمباركة الحكومة آنذاك- والتقى بالرئيس عبد الفتاح السيسي لحث الإدارة المصرية على استمرار جهودها المناخية.

في العام الماضي، ألقى تشارلز -وكان آنذاك أمير ويلز- خطابًا في حفل افتتاح COP26 في العاصمة الأسكتلندية جلاسكو، عندما استضافت بلاده القمة. كما ألقى كلمة الملكة الراحلة في الحدث عبر رابط الفيديو كما وجّه دعوة عاطفية لقادة العالم، لتبني “أرضية شبيهة بالحرب” بشأن تغير المناخ.

وذكرت رويترز أن الملك الجديد قام بحملة من أجل البيئة وقضايا أخرى أثناء جلوسه على كرسي ولاية العهد. لكنه قال الشهر الماضي إنه لم يعد من الممكن “إعطاء الكثير من وقتي وطاقاتي للجمعيات الخيرية والقضايا التي أهتم بها بشدة”.

تراس قد لا تحضر أيضا

بينما أشادت الحكومة المصرية بالملك تشارلز -الذي تحدث في بداية قمة باريس للمناخ في عام 2015 وكان حضوره هاما في مؤتمر كوب 26- بصفته نصيرا للبيئة، وقامت بتوجيه الدعوة إليه بشكل واضح. تشير الصحيفة إلى أن تراس، التي نصحت الملك بعدم المشاركة في القمة، قد لا تحضر أيضا.

وترى الجارديان أن احتمالية غياب تراس هي “إساءة كبيرة للمضيفين المصريين. الذين يعقدون قمة القادة لرؤساء الدول والحكومات كجزء من المؤتمر”.

ونقلت الجارديان عن متحدث باسم Cop27 قوله إن وزير الخارجية سامح شكري، الرئيس المعين للدورة السابعة والعشرين لمؤتمر المناخ، “أصيب بخيبة أمل من هذه التقارير”. موضحا أن مؤسسة الرئاسة المصرية “تقر بالالتزام الطويل والقوي لجلالة الملك بقضية المناخ. وتعتقد أن حضوره كان سيكون ذا قيمة مضافة كبيرة لإبراز العمل المناخي في هذه اللحظة الحرجة”.

وأضاف: نأمل ألا يشير هذا إلى أن المملكة المتحدة تتراجع عن أجندة المناخ العالمي بعد رئاستها لمؤتمر Cop26″.

وتابع: تمت دعوة جلالة الملك تشارلز كضيف خاص جدًا إلى Cop27. وقت أن كان صاحب السمو الملكي أمير ويلز، وتجددت الدعوة إليه بصفته جلالة الملك. وسيكون موضع ترحيب كبير في شرم الشيخ إذا شرفنا بحضوره “.

وأشار المتحدث أيضًا إلى أن تراس لا تزال مدعوة بصفتها رئيسة حكومة المملكة المتحدة. “جميع قادة الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، واتفاقية باريس، مدعوون لحضور قمة الأمم المتحدة هذه”.

ولفت إلى أن الحكومة ستعلن عن عدد رؤساء الدول والحكومات المشاركين من قمة شرم الشيخ “حتى الآن تلقت مصر عددًا مشجعًا للغاية من التأكيدات من رؤساء الدول والحكومات من كل منطقة.”

قالت تراس للبرلمان عندما كانت وزيرة للخارجية في يونيو/ حزيران الماضي “إننا نعمل بجد لتأمين إطلاق سراح علاء عبد الفتاح”

اقرأ أيضا: مؤتمر المناخ في شرم الشيخ.. التكلفة المادية والمعنوية و “شوكة النشطاء”

أزمة علاء عبد الفتاح

أشار تقرير الجارديان إلى أن “بعض دول الكومنولث تشعر بالقلق أيضًا، بشكل خاص، من أن تراس منعت الملك من حضور Cop27، حيث يتصرف كرئيس لدول الكومنولث، وبعضها من بين أكثر دول العالم عرضة لأزمة المناخ.

لكن متحدث باسم حكومة المملكة المتحدة قال: “لدينا سجل فخور عندما يتعلق الأمر بالشراكة في مؤتمرات المناخ. ونمضي قدمًا في خططنا لتحقيق صافي الصفر. إن 40% من قوتنا الآن تأتي من مصادر الطاقة النظيفة، وسنواصل الوفاء بهذه الوعود”.

كما أثار احتمال نزول القادة البريطانيين -بمن فيهم الملك تشارلز- إلى شرم الشيخ تساؤلات حول الرؤية المرتبطة بمثل هذه الزيارة. بينما لا يزال الناشط المصري/البريطاني علاء عبد الفتاح مضربًا عن الطعام داخل أحد السجون المصرية.

ونقلت الصحيفة عن متحدث باسم داونينج ستريت قوله إن خطط سفر تروس “لم تتم تسويتها حتى موعد قريب من Cop27”. ورفض التعليق على المحادثات الخاصة بين رئيسة الوزراء والملك.

وقالت: قضى عبد الفتاح، أحد قادة انتفاضة 2011 في مصر، في إضراب عن الطعام لمدة 185 يومًا. وأخبر أسرته مؤخرًا أنه يعتقد أنه سيموت في السجن قبل Cop27. وبدأ إضرابه عن الطعام احتجاجًا على معاملته في الحجز، بما في ذلك جهود السلطات المصرية لمنع زيارة قنصلية قام بها مسؤولون بريطانيون لتقييم حالته الصحية.

وأضافت: قالت تراس للبرلمان عندما كانت وزيرة للخارجية في يونيو/ حزيران الماضي: “إننا نعمل بجد لتأمين إطلاق سراحه”. لكن منذ ذلك الحين لم تدل أي تصريحات أخرى في هذا الشأن. تهدد القضية بتقويض جهود مصر لاستخدام Cop27 لتقديم صورة إيجابية عن البلاد. وسط مزاعم بأن وصول المجتمع المدني إليها “محدود” وقد تقوم السلطات بتقييد الاحتجاجات.

تعهدات دولية

الاثنين الماضي، دعا وزير الخارجية سامح شكري، رئيس الدورة الجديدة من المؤتمر المناخي Cop27. الدول المتقدمة لمساعدة الدول الفقيرة في معالجة أزمة المناخ، في اجتماع سابق لمؤتمر COP27 في جمهورية الكونغو الديمقراطية. في إشارة إلى التعهد طويل الأمد للدول الغنية، والقائل بتقديم 100 مليار دولار سنويًا إلى البلدان النامية. لمساعدتها على خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، والتكيف مع تأثير الطقس القاسي، والذي لم يتم الوفاء به بعد.

ونقلت عن شكري قوله: لم نتسلم بعد التعهد بقيمة 100 مليار دولار، والذي يعد في حد ذاته رمزًا للثقة والطمأنينة أكثر من كونه علاجًا لاحتياجات المناخ الفعلية.

وأضاف أن “الكثير من التمويل المقدم كان في شكل قروض، يمكن أن تدفع البلدان الفقيرة إلى المزيد من الديون”. مشيرا إلى أن أدوات التمويل “لا تزال في الغالب عبارة عن قروض غير ميسرة/ وليست قروضًا ميسرة. ومنحًا تمثل 6% فقط من تمويل المناخ”.

وتابع: يجب أن نجد طريقة لمواجهة هذا التحدي. بدون تمويل مناسب وعادل يعمل كمحفز. سنواصل جميعًا الكفاح من أجل تقديم عمل مناخي مؤثر.

أيضا، حذر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، من الحاجة إلى مزيد من المساعدة للبلدان الفقيرة “التي تعاني من آثار كارثية من سوء الأحوال الجوية”. وأن هذه الخسائر والأضرار “تشير إلى تأثيرات خطيرة للغاية بحيث لا تستطيع البلدان التكيف معها”. ومن المرجح أن تكون المشكلة واحدة من أكبر مجالات الخلاف في Cop27.

قال جوتيريش: يجب أن يكون Cop27 مكانًا لاتخاذ إجراءات بشأن الخسائر والأضرار. هذا هو الاختبار الأول لمدى جدية الحكومات المتقدمة والنامية في تحمل الخسائر المناخية المتزايدة على البلدان الأكثر ضعفاً.

وحذر الأمين العام للأمم المتحدة من أن البنك الدولي وبنوك التنمية الأخرى “يجب أن ترفع مستوى تواجدها”. حيث تعرض البنك الدولي لانتقادات بسبب الإخفاقات المتصورة في معالجة تمويل المناخ، ولسلوك رئيس البنك، ديفيد مالباس، الذي عينه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.