تمثل قمة المناخ “كوب 27″المقرر عقدها في شرم الشيخ نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، فرصة كبيرة للقاهرة لعرض تأثيرات سد النهضة على الموارد المائية المصرية، ضمن تأثيرات وتحديات أخرى من المنتظر أن تتأثر بالسد الإثيوبي أهمها الزراعة والأمن الغذائي.

وبدا أن القاهرة تضع ضمن سياقات الإعداد للمؤتمر إبراز مخاطر سد النهضة الإثيوبي من جانب والحصول على تمويلات في الزراعة والموارد المائية من جانب آخر. بالإضافة إلى إبراز مشروعات الدولة الأخيرة في الطاقة النظيفة والنقل. وفي التقرير التالي عرض لعلاقات الترابط بين قمة المناخ ومستهدفات مصر وأهمها ملف سد النهضة..

اقرأ أيضا.. تهدد 5 دول عربية.. أزمة المياه تضرب الشرق الأوسط

المناخ وسد النهضة

قمة المناخ 27 في شرم الشيخ

عقب توليه موقع وزير الري أشار هاني سويلم، الخبير المائي، إلى أن قمة المناخ فرصة ستساعد في التعريف بمشكلات مصر ووضعها على الأجندة العالمية والسعي لحلول للفقر المائي. بما فيها الحصول على دعم دولي لمواجهة هذه التحديات أو تنفيذ مشروعات للتكيف أو التأقلم مع الآثار السلبية للتغيرات المناخية. خطاب وزير الري يؤكد اتجاه مصر لحشد تأييد دولي في قضية سد النهضة في إطار المساهمة في تعديل موازين القوى للوصول إلى اتفاق مع إثيوبيا بشأن التشغيل وإدارة السد وهو الهدف الذي لم يتحقق رغم طول فترات التفاوض وتعدد الوسطاء منذ أن وقعت مصر اتفاق إعلان المبادي عام 2015.

ويبدو أن الهدف الأكبر وربما القابل للتحقق من خلال المؤتمر هو الحصول على شركات ومشروعات تهدف للتكيّف مع آثار السد من نقص حصيلة المياه وما يفرضه ذلك من التجهيز لبدائل أخرى منها مشروعات تحديث أنظمة الري والزراعة وتغطية الترع والتوسع في تكنولوجيا الزراعة الحديثة ومعالجة مياه الصرف الصحي وتحلية مياه البحر.

توظف مصر مؤتمر المناخ لعقد شراكات في مجالات الطاقة النظيفة وتمويل مشروعاتها، وتطرح قضية الغذاء والمياه. وسبق أن استقبل وزير الري ستيفن هامر مستشار الشراكات العالمية والاستراتيجية المسئول عن تنسيق مشاركة البنك الدولي في مؤتمر المناخ COP27 لاستعراض الترتيبات اللازمة لتنظيم فعاليات المياه ضمن مؤتمر المناخ ومحاور المبادرة الدولية للتكيف بقطاع المياه مع آثار التغيرات المناخية والتي ستطلقها مصر بالتعاون مع العديد من الشركاء الدوليين.

وفي لقاء وزير الري مع وفد منظمة الأمم المتحدة، استعرض الجانبان التنسيق المشترك بين وزارة الموارد المائية والري ومنظمة الأمم المتحدة فيما يخص الإعداد لمؤتمر المياه والمزمع عقده في نيويورك في شهر مارس/آذار 2023. كما استعرض اللقاء الموقف التنفيذي لمشروع تعزيز التكيف مع التغيرات المناخية بالساحل الشمالي ودلتا نهر النيل، والذي يتم تمويله بمنحة من صندوق المناخ الأخضر بالتعاون مع البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة. إذ يهدف إلى مواجهة ارتفاع منسوب سطح البحر والظواهر الجوية الحادة والتي تؤثر على المناطق الساحلية، والذي يعد ضمن مشروعات حماية الشواطئ ومواجهة الآثار الناتجة عن التغيرات المناخية.

حوار إفريقي إفريقي

وزراء خارجية مصر وإثيوبيا والسوان مع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في إطار مفاوضات سد النهضة

وضمن صراع دبلوماسي يأتي خطاب مصر في اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة في دورتها الـ77 في نيويورك. حيث مثلت الجلسة مبادرة دبلوماسية بين مصر وإثيوبيا. حيث قال ديميكي ميكونين، وزير خارجية إثيوبيا: “ملتزمون بالحوار ثلاثي الأطراف حول سد النهضة”. وأضاف أن أفريقيا لا تملك مقعدا دائما في مجلس الأمن، والدعوة لأن تكون هناك حلول إفريقية للمشكلات الإفريقية لم تنل بعد ما تستحق من احترام”.

بينما أشار سامح شكري، وزير الخارجية المصري، أن بقاء أزمة سد النهضة يهدد مصالح شعوب المنطقة، ليس فقط الآن، ولكن للأجيال المقبلة. كما نوه إلى أن مؤتمر الأطراف الذي سينعقد في شرم الشيخ، سيكون له دور في حل مشكلتي انعدام الأمن الغذائي والمائي، كذلك تطرق إلى أن مسألة الأمن المائي ليست ناتجة بالضرورة عن نقص الموارد وتراجع كميات الأمطار وحسب، بل قد تعود بالأساس إلى عدم الالتزام بأحكام القانون الدولي ورغبة بعض الدول في الاستئثار بالمورد المائي.

وأشار شكري إلى أن البعض يخطئ إذا تصور أن التمسك بتطبيق الوسائل السلمية لتسوية النزاعات المائية يأتي من قبيل الضعف. بل إنه ينبع من مكامن قوة وقدرة على صون الحقوق وحفظها من الضياع أو التفريط. بالإضافة إلى إدراك مسئول للآثار السلبية للصراعات على الشعوب قبل الحكومات.

وإفريقيا وفي إطار التحضير لمؤتمر المناخ، على هامش الاجتماع التحضيري لمؤتمر قمة المناخ، عقد شكري في كينشاسا عاصمة الكونغو الديمقراطية لقاءات مع مسئولي المنظمات الدولية والدول الفاعلة في العمل المناخي. وكان سد النهضة ضمن القضايا المطروحة للنقاش، إلى جانب توفير التمويل المناسب لمواجهة تحديات تغير المناخ.

ثوابت مصر

وزير الخارجية المصري في مؤتمر التحضير لقمة المناخ نوفمبر 2022

وتنسق من أجل ترتيبات مؤتمر المناخ كل من وزارتي البيئة والخارجية، وكثفت القاهرة نشاطها في الأسابيع الأخيرة وكان ضمنها لقاء شكري مع وزير خارجية الكونغو الديمقراطية كريستوف لوتندولا، في العاصمة كينشاسا. إذ أكد خلال اللقاء ثوابت الموقف المصري المتمسكة بضرورة التوصل لاتفاق (قانوني مُلزم) استنادا إلى قواعد القانون الدولي الراسخة في هذا الشأن.

كما التقى شكري يوم الأحد 11 سبتمبر/أيلول الماضي، مبعوثة سكرتير عام الأمم المتحدة الخاصة للقرن الإفريقي “هنا تيتي” للتشاور حول سد النهضة وقضايا القرن الإفريقي وسبل الدفاع عن المصالح الإفريقية خلال مؤتمر cop27. كما بحثت الخارجية مع وزير خارجية الصين أزمتي الغذاء والطاقة وقضيتي المناخ وسد النهضة يوم 25 سبتمبر/أيلول الماضي.

وإجمالا تربط مصر بين أزمة سد النهضة وأزمة المياه والتأثيرات العالمية لتغير المناخ. كما تطالب بمزيد من الدعم الدولي، لمواجهة أزمات نقص المياه بالتزامن مع زيادة عدد السكان والتغيرات المناخية.

وتطرح ذلك خلال جولات التحضير لمؤتمر المناخ سواء كان مع ممثلي المنظمات الأممية أو قادة الدول. كما يأتي تركيز الجهود سواء في المحيط العربي أو الإفريقي على كسب الدعم وتشجيع المؤسسات الدولية في الانخراط في مشروعات تعالج آثار سد النضهة خاصة فيما يتعلق بحصص المياه.

وفي مشروعات التمويل تخاطب مؤسسات التمويل الدولي، ومنها البنك الدولي، بالاضافة إلى هيئات الامم المتحدة المعنية بقضايا المناخ والغذاء والبيئة.

نشاط مكثف

من ناحية أخرى، تكثف وزارة الري لقاءتها مع الهيئات الدولية المعنية بقضايا المناخ والتصحر والمناخ، والتي كان ضمنها لقاء سويلم مع آلين ريتشارد دونواي، الرئيس الحالي للدورة الخامسة عشر لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر ووزير المياه والغابات السابق بدولة كوت ديفوار. كما التقى إلينا بانوفا المنسق المقيم للأمم المتحدة في مصر في نهاية سبتمبر/أيلول الماضي مع الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في مصر اليساندرو فراكاسيتي. كذلك تنفذ الحكومة مع البرنامج “مشروع تعزيز التكيف مع التغيرات المناخية” بتكلفة 31.4 مليون دولار، بجانب مساهمة من صندوق المناخ الأخضر الذي يدعم سبل مواجهة التغيرات المناخية.

وضمن المستهدفات أيضا مناقشة موقف الأنشطة الجارية والمستقبلية للمشروعات الممولة من “صندوق المناخ الأخضر” في مصر حيث تم التباحث حول تطبيق المرحلة القادمة للمشروع. فضلا عن بحث فرص التمويل المستقبلية، والتعاون بين وزارة الري والبرنامج في إعداد الدراسات البحثية والفنية اللازمة لاختيار أفضل التقنيات في مجال استخدام التغذية بالرمال لحماية الشواطئ من النحر.

كما عقد وزير الري اجتماعا مع مدير المنظمة الإسلامية للأمن الغذائي يرلان بايدوليت. وجرى خلال اللقاء بحث سبل تعزيز التعاون في مجال الموارد المائية والتعامل مع التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية.