نظم مركز “جسور للدراسات الاستراتيجية” حلقة نقاشية حول النظام الانتخابي في مصر، بحضور أعضاء من البرلمان المصري بغرفتيه النواب والشيوخ وخبراء متخصصون في النظم السياسية. كذلك ناقشت الحلقة الحالة المصرية الخاصة في التصويت بالإضافة إلى السيناريو الانتخابي الأفضل للحالة المصرية.
اقرأ أيضا.. انتخابات الاتحادات الطلابية.. عزوف إجباري من الأحزاب
الحالة الانتخابية الراهنة في مصر وصفها الدكتور محمد عبد الغني، رئيس لجنة مباشرة الحقوق السياسية والتمثيل النيابي بالحوار الوطني، بأنها مساحة “فارغة” بين القانون (مباشرة الحقوق السياسية) والتطبيق، حيث لا يشعر المواطن أن صوته مؤثر، أو أنه يختار المرشح المناسب.
ويرى عبد الغنى أن المعضلة في الحالة الانتخابية التي وصفها بـ”الملتبسة” ليست في الدستور. لكن خلقها قانون مباشرة الحقوق السياسية الذي يحتاج إلى مراجعة بالإضافة إلى أهمية مراجعة قانون تقسيم الدوائر، اللذين حددا شكل انتخابات عام 2020، ما أفرز هذا المنتج النهائي الذى انعكس على الأداء البرلماني في النهاية.
وعن جدوى إجراء تعديل دستوري لضبط الأداء الانتخابي، قال عبد الغني إن الدستور الذي لابد أن نناقش العملية الانتخابية تحت مظلته، خلال جلسات الحوار الوطني، “خط أحمر”. وأضاف: “الدستور ليس محل نقاش حاليا، أو على الأقل لخمس سنوات مقبلة نحن لا نجري حوارا وطنيا لتعديل الدستور”.
كذلك قال عبد الغني: “من أبرز الشروط التي تم فرضها على الحوار قبل بدايته، عدم التطرق إلى الحديث عن تعديلات دستورية لمعالجة النظام الانتخابي”. كما يضيف: “دستور 2014 كان معبر عن تحالفات 30 يونيو بشكل كبير وليس له علاقة بالنظم الانتخابية. علينا عند الحديث عن النظام الانتخابي التعامل معه كما ورد في الدستور كأمر واقع”.
مساحة فراغ
واتفق الحضور في الحلقة النقاشية على أن “التراضي” أو المحاصصة الحزبية البرلمانية في نظام القوائم يُعد أحد أبرز التشوهات التي تحدث في العملية الانتخابية. وهو الأمر الذي يتطلب البحث عن بدائل إيجابية للنظام الانتخابي.
أنواع النظم الانتخابية
هناك سيناريوهات انتخابية يمكن اختيار النظام الانتخابي الأمثل من بينها، بما يتلاءم مع الحالة المصرية أشهرهم (الفردي والقائمة المغلقة، والنسبية).
يبين عبد الناصر قنديل نائب رئيس مركز جسور للدراسات الاستراتيجية، أن النظام الفردي هو الأقرب للناخب المصري. إذ أنه يسمح للناخب بعقد صفقاته مع المرشحين الذين يمثلونه. لكن يعيبه أنه لا يعزز الحزبية ولا يسمح بتكوين كتل متماسكة داخل المجالس المحلية تعكس مصالح الناخبين.
كذلك يضيف قنديل هناك أيضا القائمة المطلقة المغلقة، وهو أكثر نظام يستطيع التعامل مع الكتل المنصوص عليها في الدستور، ولكن يعيبه أنه يجبر الناخب على اختيار قائمة بأكملها حتى لو لم يتفق على كافة الموجودين بالقائمة.
وعن القائمة النسبية، قال قنديل خلال الحلقة النقاشية، إن لها نظامان، الأول قائمة واحدة نسبية على مستوى المجلس بأكمله غير مشروطة بعتبة انتخابية وغير محددة العدد. لكنها تتناسب مع الأحزاب صغيرة الحجم. وهناك النظام المختلط الذي يسمح باستيفاء كافة الأشكال وهو الأنسب للحالة المصرية والناخب المصري يستطيع التعامل معه.
وللوصول إلى نظام انتخابي أمثل للحالة المصرية، يتطلب الأمر، إعـادة التوافـق السياسـي والحـوار المجتمعي لصياغــة قالــب تنافســي يســمح بعدالــة التمثيــل الشــعبي. كما يتناســب مــع الأدوات التنفيذيــة المتاحة والممكنة التطبيــق كمطلــب رئيســي تتمســك بــه القــوى السياســية المنظمة، بحسب قنديل.
ويستوجب ذلك تحديد للأطر والمحددات النظريـة التـي يجـب الاعتماد عليهـا في صياغـة النظـام الانتخابي التنافسـي، وربطهـا بواقـع الممارسة الوطنيــة، ومــا يتضمنــه الدســتور مــن ضمانــات ومحــددات ترتبــط بعدالــة التمثيــل لصالــح الفئــات والجماعــات الوطنيــة الأولى بالرعايــة.
وهو الأمر الذي يجعل المواطن يستشـعر مـدى أهميته كناخب مـن أجـل الوصـول للاندماج القومـي والرضـا عـن نتائـج العمليـات الديمقراطيـة بمـا تفـرزه مـن نخبـة قـادرة علـي تمثيـل إرادات المواطنين في المسائل القوميـة والدفـاع عـن مصالحهـم ومتطلباتهـم في الهمـوم والمسائل الحياتيـة.
الطبيعة الاجتماعية للسكان
الوصول لنظام مناسب للحالة المصرية يحتاج إلى تمعن، لاختلاف الطبيعة الاجتماعية للسكان في المحافظات، وفقا للنائب محمود سامي الإمام عضو مجلس الشيوخ ورئيس الكتلة البرلمانية للحزب المصري الديمقراطي.
“تكمن المشكلة في أن المناطق الحضرية مختلفة تمامًا عن المناطق الريفية التي تفضل النظام الفردي، لكون أفرادها على معرفة بالمرشح، فهم ليسوا على قناعة بنظام القوائم رغم أنه يفيد ويخدم الأحزاب”. يقول عضو مجلس الشيوخ.
وأشار سامي خلال الحلقة النقاشية، إلى أن النظام المختلط لا يناسب المناطق الريفية أيضا، لأن الكثير من الناخبين أمّيين ويذهبون للتصويت بناء على استخدام الرموز الانتخابية للمرشحين.
وعن نظام ” الكوتة”، يبرر سامي أهمية وجوده: “مازلنا أمام فترة طويلة للوصول إلى الديمقراطية، على الأقل 10 سنوات، حتى نضمن تمثيل الفئات المختلفة فإنه يمكن السماح لنظام الكوتة لمدة كافية للتمكين”.
لكن رئيس لجنة مباشرة الحقوق السياسية، يرى أن النظام الانتخابي “المشوّه” يحتاج لمعالجة على المدى الطويل، لابد فيها من تجنب إغلاق أفق التفكير والنقاش، حتى “لا نضع الحوار الوطني في مأزق إذا خرجت النتائج غير مرضية للشارع. فستكون عواقب إجراءه أسوء من عدم إجرائه والدعوة له”.
يشدد عبد الغني على أن إيجاد نظام يدمج بين الأنظمة الانتخابية ويكون باب خروج للأزمة، هو تحدي رئيسي في ظل الظروف الراهنة، ويضيف: “الحالة التي سادت في عام 2012 والتي دفعت المواطنين بالشعور بضرورة الذهاب إلى صناديق الانتخابات لابد من إعادة توليدها مرة أخرى”.
تحديث القوانين
هناء فاروق، عضو مجلس النواب، قالت: “المرأة كانت من أهم المستفيدين من المشاركة في العملية الانتخابية رغم الذكورية والعشائرية”، كما ترى أن النظام المختلط هو الأنسب، كما أن القوائم تسمح للأحزاب بالتمثيل وفقا لأحجام قوائمها حتى لو بنسبة بسيطة. متوقعة أن تسهم جلسات الحوار الوطني في رسم خارطة الطريق خلال الفترة المقبلة.