قالت السفيرة باربرا ليف مساعدة وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى إنها لا يمكنها تأكيد أو نفي مشاركة الرئيس الأمريكي جو بايدن في قمة شرم الشيخ للمناخ. وتطرقت السفيرة لأوضاع المنطقة مشيرة إلى أن أولوية بلادها هي إزالة ما أسمته الضغوط الإيرانية على المنطقة، مرحبة بالتعاون المصري القطري في سياق السعي لإزالة هذه القيود، وبالمثل رحبت بخطوات إزالة التوتر بين تركيا من جانب والسعودية والإمارات من الجانب الآخر.
أدلت السفيرة بهذه التصريحات قبل يوم واحد من مغادرتها القاهرة متوجهة إلى العاصمة الإماراتية أبو ظبي، ضمن جولتها الأولى منذ توليها المنصب رسميا.
وفي لقاء استغرق 40 دقيقة، تحدثت “ليف” مع عدد قليل من ممثلي الإعلام المصري، من بينهم “مصر 360”. وطرحت عددا من النقاط التي تخص السياسة الأمريكية في الشرق الأدنى والعالم. كما ردت على أسئلة المحررين الدبلوماسين.
تناولت “ليف” استعدادات مصر لمؤتمر المناخ المقرر انعقاده في شرم الشيخ، بالإضافة إلى الموقف الحالي في ليبيا. والحرب الروسية في أوكرانيا.
ووفق بيان من الخارجية الأمريكية، تقوم ليف بجولة في المنطقة تشمل زيارة كل من مصر والإمارات والكويت وقطر. وتتضمن لقاء كبار المسئولين الحكوميين وممثلين عن المنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني.
وحسب بيان الخارجية الأمريكية، ناقشت ليف في مصر مجموعة من القضايا الثنائية، من بينها تخفيف التصعيد على الساحة الإقليمية، والحفاظ على الاستقرار في المنطقة. ومن المقرر أن تناقش “ليف” في الإمارات التحديات الأمنية الإقليمية. بما ذلك الحاجة الملحة إلى ضمان اتفاق جديد على هدنة موسعة وتسوية سياسية أوسع نطاقا في اليمن.
اقرأ أيضا: مساعدة بلينكن للشرق الأدنى: قلقون من الأوضاع الأمنية بالضفة.. لا نقدم أي توجيه أو رأي بشأن قائد بعينه في العراق
بينما تطرح “ليف” أثناء زيارتها في الكويت مسألة التطورات الإقليمية والتعاون الأمني الثنائي، تناقش في قطر التعاون الاقتصادي والأمني والسياسي، ودعم قطر لإعادة توطين الأفغان.
استعدادات قمة المناخ
في البداية، تحدثت “ليف” إلى ممثلي الإعلام المصري بشكل مقتضب حول زيارتها للقاهرة، والتي استعرقت ثلاثة أيام من 11 وحتى 14 أكتوبر/ تشرين الأول، حيث التقت وزير الخارجية المصري سامح شكري، لمناقشة مجموعة من الموضوعات أهمها ضمان الاستقرار في الضفة الغربية وأمن مصر المائي والقضية الليبية وحقوق الإنسان والاستقرار الإقليمي وقمة المناخ في شرم الشيخ.
كما التقت “ليف” عددا من مسئولي المنظمات ونشطاء المجتمع المدني، وكذلك السفيرة مشيرة خطاب، رئيسة المجلس القومي لحقوق الإنسان. كذلك أشارت إلى أنها لا يمكنها تأكيد أو نفي مشاركة الرئيس الأمريكي جو بايدن في قمة المناخ كوب 27 في شرم الشيخ الشهر المقبل، رغم نشر صحيفة الواشنطن بوست خبرا عن مشاركة “بايدن” في المؤتمر، بينما قالت “ليف” إن تحركات وزيارات الرئيس معني بها البيت الأبيض وحده. وأنه حتى الآن لم يُصدر تصريحا رسميا بشأن الحضور أو الاعتذار عن مؤتمر شرم الشيخ.
وأضافت ليف: “تردد كثيرا مؤخرا هذا السؤال حول مشاركة الرئيس في قمة شرم الشيخ المناخية. من حق الجميع أن يسأل، ويجب عليَّ أن أجيب بالطبع. لكن إجابة هذا السؤال لدى البيت الأبيض”.
كان سؤال “مصر 360” حول نتائج لقاءات ليف بوزير الخارجية ورئيسة المجلس القومي لحقوق الإنسان وعدد من النشطاء والحقوقيين. وكذلك حول المخاوف التي أثارها نشطاء المناخ بخصوص التظاهر في قمة المناخ.
قالت “ليف” إن “Cop 27” هو حدث بالغ الأهمية في أجندة الولايات المتحدة، وهو أيضا مسؤولية كبرى. وكذلك هو شرف كبير لأية دولة تنظم الحدث، حيث تجمع دول العالم على طاولة واحدة، وجميع الحكومات تتحدث عن هذه المشكلة الملحة “المناخ”. كما أشارت إلى أن “هناك عدد من النشطاء الذين يدفعون حكوماتهم نحو خطوات حاسمة من أجل مكافحة التغيرات المناخية. هؤلاء من النشطاء ومنظمات المجتمع المدني، والقطاع الخاص، يودون أن يُسمع صوتهم خلال المناقشات”.
وأكدت: “المجتمع المدني يلعب دورا حقيقيا في هذا الأمر. يقومون بإعلام الجماهير، والحشد العالمي، ويمكن أن يكونوا شركاء مع الحكومات في تعبئة الجماهير عندما تشرع الحكومات في اتخاذ خطوات ملموسة. هذا يتطلب أشخاصا يقومون بالأمور بطرق مختلفة، ويفكرون بشكل مختلف حول المصادر التي نستخدمها”.
لذلك، نعتقد أن المجتمع المدني يلعب دورا ضخما وبالغ الأهمية في جميع أنحاء العالم لمكافحة التغيرات المناخية. ودورهم هذا لن ينتهي في اليوم التالي لختام Cop 27 بل سيستمر بعده. لذلك آمل أن يكون المجتمع المدني شريكا رئيسيا في المؤتمر.
أيضا أكدت “ليف”، ردا على سؤال كيف ترى الحوار الوطني في مصر. فقالت إنها تتابع الحوار الوطني والجدل الدائر حوله. وأضاف: “لكن حسب فهمي فإن الأمور لا زالت في مرحلة وضع الإطار والتهيئة، الأجندة والأهداف والمشاركين ومجموعات العمل. وأنا لديَّ فضول شديد حول كيف سيجري هذا الأمر. المناقشات والجدال والمخرجات التي ستنتج عن هذا الحوار”.
كما لفتت إلى أن قيام الإدارة المصرية هذا العام بإعادة تشكيل المجلس القومي لحقوق الإنسان وإعادة تفعيل دوره. هي “خطوة مهمة للتغيير والتطوير”.
اقرأ أيضا: حقبة جيوسياسية جديدة.. تضاؤل ثقة الشرق الأوسط في واشنطن
تواترات الشرق الاوسط
أشارت ليف إلى أن هناك الكثير من التخوفات الأمريكية بشأن العلاقات الأمريكية بدول المنطقة ومستقبل الشرق الأوسط. قالت: “هناك قائمة طويلة، لكن يمكنني القول إنني منذ انضممت لإدارة بايدن/ هاريس “كامالا هاريس نائبة الرئيس بايدن” قبل عام ونصف، جلسنا وتحدثنا عن الشرق الأوسط. كان هناك الكثير من القلق حول التحركات الإيرانية في المنطقة. حيث تدير طهران ميليشيات للحرب بالوكالة، وتقوم بتمويلها وتسليحها، وهؤلاء يقومون بمهاجمة دول صديقة وجارة لإيران”.
كما قالت: “لذلك، جاءت أولوية أن نقوم بما نستطيع لإزالة الضغوط الكثيرة التي تضع فيها إيران المنطقة. وأن نحافظ على سلامة العائلة الخليجية -دول مجلس التعاون- وأن نسعى أيضا لإنهاء التوترات الأخرى الموجودة. مثل التي كانت بين مصر وكل من قطر وتركيا، أو بين أنقرة وأبو ظبي أو الرياض. نسعى لمحو نقاط التوتر في كل طريق ممكن. وبالطبع، التوتر بين إيران ودول الخليج”.
نرحب بالتقارب المصري- القطري
من ناحية أخرى أعلنت “ليف” سعادة واشنطن بالمحاولات الأخيرة للتقارب القطري مع مصر، ومحاولات التقارب التركية مع القاهرة.
وأشارت إلى أن ذلك يساهم “على الأقل في تهدئة الأمور” لكن في ذات الوقت قالت: “إيران ستقوم بالمزيد من أجل إثارة التوتر في المنطقة لعرقلة الجهود التي يقوم بها الجميع من أجل إحلال السلام في المنطقة”.
وأكدت أن هناك منطقتين في الشرق الأوسط تعتبرها واشنطن الأكثر خطورة بين النزاعات، وهما ليبيا واليمن، وهما “موضعان مليئان بالتعقيدات”، بحسب وصفها. وكذلك، لا يزال الصراع دائرا بين الرئيس السوري بشار الأسد والفصائل الأخرى.
وأوضحت: “أقضي وقتا طويلا من أجل ليبيا هذا العام، كما قضيت وقتا مماثلا في العام السابق من أجل اليمن”. كذلك لفتت إلى أنه من أول الأمور التي قام بها الرئيس بايدن في أعقاب تسلم منصبه هو تعيين مبعوث جديد إلى اليمن. والذي “كان واحدا ممن قادوا الجهود الدولية للوصول إلى هدنة مدتها ستة أشهر بين الطرفين المتحاربين. وهو إنجاز دبلوماسي كبير ولم يحدث طوال سنوات الحرب السابقة”، وفق “ليف”.
اتفاق حول ليبيا
عن الشأن الليبي، أكدت مساعدة وزير الخارجية الأمريكي أن واشنطن تواصل سعيها، بالتعاون مع مصر ودول أخرى في المنطقة، لإنهاء الصراع وإتمام الانتخابات الليبية.
وقالت إن الولايات المتحدة ومصر تشتركان في العديد من المخاوف والأهداف بشأن ليبيا. مشيرة إلى أن الأحداث التي شهدتها ليبيا خلال العقد الماضي، كان لها تأثيرها على الأمن القومي والحدود المصرية. موضحة أن كلا من القاهرة وواشنطن، أجريا العديد من المناقشات بشأن الوضع الليبي. كان آخرها لقاء وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بنظيره المصري سامح شكري في نيويورك، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأضافت: “كنت أحد الحاضرين. وكان اللقاء فرصة جيدة لتبادل وجهات النظر، وبالطبع، وجدت فرصة مماثلة هنا في القاهرة. ما أريد قوله إنه خلال اليومين الماضيين، اكتشفت أننا لسنا بعيدين عن القاهرة على النحو الذي نتخيله بالنسبة لهذه القضية. هناك فرصة حقيقية أمام ملايين الليبيين في أن يذهبوا إلى مراكز الاقتراع ويقوموا بانتخاب حكومتهم دون مزيد من القتال، وأن يكون هناك جيش موحد، وأن يستفيد الليبيون جميعا من موارد بلادهم”.
وأشارت إلى أن “هناك العديد من الخطوات التي لا زالت تتطلب الاهتمام. في الواقع نحن في واشنطن لا نحترم كثيرا فكرة أن تقوم حكومة بعينها بتحديد مناطق لنفوذها”. ولفتت إلى تعاون المجتمع الدولي، عبر دعم جهود مبعوث السكرتير العام للأمم المتحدة.
وقالت: “نحن محظوظون بأن يكون مبعوث الأمم المتحدة في ليبيا، والذي التقيته الأسبوع الماضي، يعرف ليبيا والأطراف المتصارعة فيها جيدا، وينسق بين القوى الدولية الفاعلة هناك، وبالتأكيد فإن مصر جزء رئيسي من هذا. حيث يتم الدفع نحو حكومة منتخبة تمثل الشعب الليبي، وهذ ما على الحكومة الانتقالية أن تقوم به”.
وأضافت: “لهذا أقول إنني أتفهم وجهة نظر الحكومة المصرية، وفي كل الأحوال يجب العمل على المنظومة الديمقراطية في ليبيا. وإذا لم يكن السيد الدبيبة “عبد الحميد الدبيبة رئيس ما يسمى حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا” على استعداد أن يدير هذا الأمر، فعليه أن يتنحى جانبا مثل الآخرين، وهو حر في اختياراته. يجب أن يتم تنفيذ الخطوات، وإلا لن نرى أي تغيير”.
ترى ليف أن المخيف في الحرب الروسية- الأوكرانية أن رجلا واحدا هو من أمر بها وقرر شنها
اقرأ أيضا: ما بعد أمريكا.. البحث عن الفرص والمخاطر في الشرق الأوسط
القضية الفلسطينية
خلال جولتها السابقة في المنطقة، والتي شملت الأراضي الفلسطينية وإسرائيل. أكدت ليف أنها ناقشت “مجموعة من المسائل فائقة الأهمية”، حسب تعبيرها، مع المسئولين الإسرائيليين والفلسطينيين.
قالت: “شددت على رسالة الرئيس بايدن، التي أعرب عنها خلال رحلته في يوليو/ تموز للمنطقة. ومفادها بأن التزام الولايات المتحدة بأمن إسرائيل ثابت لا يتزحزح. وسنعمل لتعزيز كافة جوانب الشراكة الأمريكية- الإسرائيلية. وشددت، خلال اجتماعاتي مع كل من الإسرائيليين والفلسطينيين، على التزام الإدارة بإبقاء الرؤية المتمثلة بحل الدولتين في المستقبل على قيد الحياة”.
وتابعت: “ذلك حتى يتمكن الجانبان من العيش بأمن وأمان، والتمتع بتدابير متساوية من الحرية والأمن والازدهار. ويعني ذلك العمل معا بشكل تعاوني، على المسائل الاقتصادية والأمنية الرئيسية، وتخفيف الإجراءات الأحادية”.
هذه المرة، أشارت إلى أنها تناولت الموقف بين الفلسطينيين والإسرائيليين مع المسؤولين في القاهرة. حيث وصفت السلام بين الجانبين بأنه “عمل لم ينتهِ بعد”، حسب تعبيرها.
وقالت: “نحن منخرطون الآن في تحضيرات لاستقرار الأمن، لأن الانتخابات الإسرائيلية اقتربت كما تعلمون. وعلى مدار العام الماضي تحدثنا للفلسطينيين، وأخبرناهم أن عليهم ترتيب بيتهم من الداخل. لكن خلال العام السابق كان علينا العمل لإعادة بناء الثقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين”.
وأوضحت: “آمل في أن تكون الحكومة الإسرائيلية الجديدة، التي ستأتي بها الانتخابات المقبلة، قادرة على الجلوس على طاولة واحدة مع الفلسطينيين. وإدارة الصراع من أجل الوصول لحلول، وأتمنى من الفلسطينيين أن يكون لديهم آفاق سياسية مناسبة من أجل التفاوض”.
بوتين يُقرر وحده
بالحديث عن تطورات الصراع الروسي- الأوكراني، أشارت ليف إلى سعادتها عن انضمام مصر للإجماع العالمي للجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الأسبوع في إدانة ضم مناطق أوكرانية إلى الاتحاد الروسي.
قالت: “الأمر هنا ليس هل أنت مع الولايات المتحدة أو ضدها، بل هو هل أنت مع أوكرانيا أم روسيا. هل تؤيد من يعبثون بمقدرات وأمن دولة أخرى يتم تدميرها من جارتها الأكبر والأكثر قوة. ما يحدث الآن بين روسيا وأوكرانيا يجعلني أتذكر عندما كنت لا أزال شابة في بداية عملي الدبلوماسي خلال حرب الخليج عندما قامت دولة قوية بغزو جارتها الأصغر. حيث ادعت العراق، وكانت قوة اقتصادية وعسكرية هائلة، أن أمنها مُهدد بسبب جارتها الصغيرة “أي الكويت”. وهو ما نراه هنا الآن”.
وأضافت: “المخيف في هذه الحرب أن رجل واحد هو من أمر بها وقرر شنها. فقط رجل واحد، ليست القيادة العامة، أو الجيش، أو حتى أجهزة المخابرات هي من دفعه لشن هذه الحرب، بل هو قراره وحده”.
وأكدت أن الرئيس الروسي “دفع العالم كله إلى العديد من العواقب المخيفة الناتجة عن هذه الحرب، حتى على بلاد أخرى بعيدة عن المعركة مثل هنا في مصر. لقد أخبروني عندما اتيت إلى هنا أن أسعار الطعام قد ارتفعت بنسبة 20% تقريبا مقارنة بالعام الماضي”.
وعلّقت مساعدة وزير الخارجية الأمريكي على قصف العديد من المناطق المدنية في أوكرانيا، قائلة: “خرج الروس ليقولوا إن الصواريخ جميعها أصابت أهدافها بإحكام. هنا يجب أن نتساءل: هل كانوا يعلموا أنهم يقومون باستهداف المدنيين؟”.
الحقيقة التي تبدو واضحة هي أن بوتين يتعامل بمنطق أنه إذا خسر الحرب فلن يفوز أحد بأوكرانيا، لا الروس، ولا الغرب، ولا الأوكرانيون أنفسهم.