في وقت يتسارع فيه إصدار قوائم الإفراج عن السجناء السياسيين، حتى قاربت أعدادهم الألف، بدأ البرلماني السابق والمحامي زياد العليمي (يقضي حكمًا مشددًا بالسجن فيما يسمى قضية “الأمل”)، إجراءات مقاضاة رئيس الوزراء ووزير الداخلية ومسئولين بقطاع السجون؛ لعدم تمكينه من التحكم في أضواء زنزانته في سجن “بدر 1″. الأمر الذي تسبب في حرمانه من النوم، وصنّفته الدعوى بـ”التعذيب النفسي”. وهو ما أشار إليه أيضًا وزير القوى العاملة الأسبق وعضو لجنة العفو كمال أبو عيطة، في حديثه عن قوائم الإفراج الأخيرة وإخفاء هويات دون إعلام ذويهم ما تركهم في ظروف صعبة دون مساعدة أومعين في مناطق جغرافيا بعيدة، الأمر الذي وصفه أبو عيطة بالرغبة في الإيذاء النفسي حتى اللحظة الأخيرة.

التعذيب بالتعريض للضوء

في دعواه التي أقامها محاميه خالد علي، وحملت رقم 3096 لسنة 77 قضائية، ذكر العليمي أن إدارة السجن تتعمد تعريضه وزملائه إلى إضاءة متواصلة على مدار اليوم، والحيلولة دون تحكمهم في مفاتيح الضوء، المتواجدة خارج باب الزنزانة. فضلًا عن حرمانهم من أسرة النوم، ما يمنعهم من الحصول على حقهم في الراحة بطريقة طبيعية.

وقد أشار إلى مطالبتهم إدارة السجن بإغلاق الإضاءة حتى يتمكنوا من النوم في الوقت المخصص لهم، وحاولوا التفاوض على تلك المواعيد، إلا أن إدارة السجن رفضت دون سبب واضح. ما اعتبره محاميه خالد علي تعمد واضح في تعريض صحة النزلاء للخطر ومسلك من مسالك التعذيب النفسي.

وقال “علي”، في منشور عبر صفحته الشخصية بـ”فيسبوك”: “إن مسلك إدارة السجن على هذا النحو يخالف نص المادة 56 من دستور جمهورية مصر العربية لعام 2014، التي أكدت على أن السجن دار إصلاح وتأهيل، وتخضع السجون وأماكن الاحتجاز للإشراف القضائي، ويحظر فيها كل ما ينافي كرامة الإنسان، أو يعرض صحة النزلاء للخطر”.

زياد العليمي
زياد العليمي

اقرأ أيضًا: في يوم واحد.. حوار وطني في الجيزة وسجناء رأي “يشربون الرمل” بالقاهرة

خالد علي: العليمي يعامل كما لو كان بالسجون الإسرائيلية

وقد أرفق “علي” بدعواه شهادة من أستاذ بالطب النفسي، تبين أن التعرض المستمر للضوء أثناء النوم قد يكون له تأثيرات سلبية على الصحة. وتشير إلى العديد من الدراسات التي أثبتت أن التعرض المستمر للإضاءة الصناعية وحدها أو ما قد يترتب عليها من حرمان من النوم يتسبب في اضطرابات نفسية جسيمة، تبدأ من التوتر والقلق والاكتئاب ومن ثم إضعاف قدرة الإنسان على التركيز”.

وأضاف “علي” في منشوره: “هذه وسائل تستخدم لتعذيب الأسرى داخل السجون الإسرائيلية، حيث يسمح لإدارات السجون بالإفلات من العقاب المعني باستخدام العنف الجسدي المباشر”، مبينًا أن التعذيب بواسطة التعرض المستمر للضوء أصبح يصنف ضمن التعذيب النفسي.

ولم تكن دعوى “العليمي” فيما يتعلق بأوضاع النزلاء في “سجن بدر” الشكوى الوحيدة التي تسربت عبر أهالي المحبوسين إلى الإعلام. وقد سبقتها شهادة نقلتها والدته الصحفية إكرام يوسف، وأخريات من بينهم أمل سليم، والدة عمر محمد الطالب بكلية الهندسة قسم عمارة المحكوم عليه بالمؤبد 25 سنة في القضية رقم (174). وكلها شهادات تحدثت عن تضييق وحرمان من أبسط سُبل الحياة تتعرض لها هذه الفئة من السجناء.

صورة من داخل سجن بدر (وكالات)
صورة من داخل سجن بدر (وكالات)

اقرأ أيضًا: 3 قوائم في سبتمبر.. المؤتمر الاقتصادي يسرع وتيرة إخلاءات السبيل

وقالت “أمل” عبر صفحتها بـ “فيسبوك” بتاريخ 9 أكتوبر/ تشرين الأول: “الناس اللي كانت منتظرة إني أطمنهم بعد الزيارة، للأسف مش هقدر أطمنكم. الوضع ما يتحكيش ومش هقدر أوصفه. كفاية أقولكم إني هطالب بزيارة دكتور لعمر والكشف عليه ودخول علاج؛ لأن حتى ده محروم منه وحالته الصحية والنفسية سيئة جدًا، وأول مره أشوف عمر الأنيق النظيف المنظم هدومه متسخة جدًا وريحتها سيئة. رفضوا أدخله أي ملابس، وقاعد بنفس الغيار من يوم الترحيل، يعنى 9 أيام بنفس الغيار.. دي حاجة بسيطة من اللي شوفته النهارده”.

ونقلت “أمل” عن نجلها أن مياه الشرب بسجن بدر غير صالحة للاستخدام الآدمي والشرب، لدرجة أنه أقبل على زجاجة المياه التي بيدها أثناء الزيارة، كتائه في صحراء وجد نبع ماء. حيث قال لها: “ما فيش مياه نشتريها. بنضطر نشرب من الحنفية وبنبقى شايفين الرملة في الإزازة من تحت بس بنشرب غصب عننا والنور منور 24 ساعة كأنه ظهر طبعًا. ده لوحده يخلي الأعصاب تنهار. ده غير الكاميرا اللي جوا الأوضة دون مراعاة لأي خصوصية لينا كبني آدم”.

تسارع في قوائم الإفراج.. ولكن

هذه الشكاوى تزامنت مع تسارع في قوائم الإفراجات التي صدرت خلال الفترة الماضية، وكان آخرها إعلان المحامي طارق العوضي عن قائمة جديدة، اليوم الأحد 16 أكتوبر/ تشرين الأول، بـ 25 اسمًا، ضمت: محمد عبد الرازق إسماعيل – إسماعيل رزق إسماعيل – خالد عبد الرحيم عبد العزيز – طارق مصطفى محمد علي – السعيد جمال عبد الناصر – إسماعيل أبو زيد إسماعيل – عاطف السيد إمام – وليد أحمد بدوي عبد الوهاب – محمد وليد عبد المنعم – محمد حامد حمدان – ياسر سعد زغلول – طارق يحيى عبد الحميد – ناصر محمد عوض حسن – حمادة عيد جمعة – جمال طاهر جلال – جمال أبو ضيف عطية – حسين حسن محمد علي – حسام السعيد محمد عامر – إبراهيم حمدي عبد الرحمن – وليد راضي زكي – البدري حشمت مصطفى – يوسف حسام خليل – محمد أشرف عبد المبدي – رائد عادل سيد – عبد الحميد مصطفى عبد الحميد.

إلا أن قوائم الإفراج هذه وعلى تسارعها شهد بعضها غموضًا في إعلان أسماء المستفيدين منها حتى اللحظة الأخيرة من إخلاء السبيل، كما حدث مع قائمة السبعين التي أعلن عنها قبل أسبوع. الأمر الذي علق وزير القوى العاملة الأسبق وعضو لجنة العفو كمال أبو عيطة: “بأنه لا يوجد تفسير عاقل لحدوثه، وهو إخفاء حتى اللحظة الأخيرة لا يوجد سبب منطقي له سوى تعذيب المفرج عنهم، حيث لا يجد بعضهم من يستلمه عند بوابات الخروج، كما أنه يستهدف تعطيل استكمال إجراءات الإفراج بسبب عدم علم ذوي المخلى سبيلهم أو محاميهم قبلها”. مضيفًا أنه لا يمكن التكهن أو توقع عدد المفرج عنهم أو أسمائهم قبل إعلانها من الأجهزة المختصة، لذا، فإن كشف أسمائهم ضرورة وحق.

المفرج عنهم منذ إبريل/ نيسان

يبلغ عدد المفرج عنهم ضمن مبادرة العفو الرئاسي منذ أواخر إبريل/ نيسان الماضي 915 شخصًا حتى الآن.

وفي سبتمبر/ أيلول ازدادت وتيرة المفرج عنهم. إذ قررت النيابة العامة إخلاء سبيل 33 محبوسًا، في 9 سبتمبر، وضمت قائمة المخلى سبيلهم، الناشط أحمد ماهر عزت، واليوتيوبر أحمد السيد سبيع، وآخرين.

وأصدرت نيابة أمن الدولة العليا، في 15 سبتمبر/ أيلول، قرارات بإخلاء سبيل 46 من المحبوسين احتياطيًا على ذمة تحقيقات القضايا 880، 960، 1956، 41, 65, 915, 2000, 910, 2207 لسنة 2020 حصر أمن دولة، من بينهم المحامي هيثم محمدين.

وفي 26 من الشهر نفسه، أعلنت لجنة العفو الرئاسي إخلاء سبيل دفعة، ضمت 39 من المحبوسين احتياطيًا على ذمة عدد من القضايا، بعد استيفاء الإجراءات القانونية اللازمة.

كما تم الإفراج عن 28 من المحبوسين احتياطيًا -في وقت سابق- على ذمة عدد من القضايا، بالتنسيق مع الجهات المعنية بالدولة، ضمت الصحفيين صلاح الإمام ومجدي عطية الجندي، فضلا عن 5 سيدات، هن: أماني فاروق إسحاق شعبان، سيدة عبد الله محمد إبراهيم، شيرين شوقي محمد محمد عيد، حنان محمد جمعة جودة، ورحاب محمد هاشم العرابي، بالإضافة إلى 21 محبوسًا آخرين.

وفي أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، أعلن عن اللإراج عن قائمة جديدة ضمت 70، أخلي سبيلهم بعدها بأيام، ولم تحدد أسمائهم إلا وقت إخلاء سبيلهم، عبر محامين جمعوا تلك الأسماء، وفق منشور سابق للمحامي خالد علي.