رغم مرور أسبوع على عمومية اتحاد المهن الطبية والاتفاق على بنود الإنفاق بعد أزمة الاتهامات بخصوصها لم يصدر إلى الآن بيان رسمي بقرارات هذه العمومية. ما أثار توترات بين المجلس وأعضاء الجمعية العمومية.
وجاءت أزمة الثقة بين أعضاء الجمعية العمومية ومجلس إدارة الاتحاد على خلفية قيام الاتحاد باستثمار أموال صندوق المعاشات في مشروعات “خاسرة” تخطت 50 مليون جنيه دون الرجوع للجمعية العمومية “بالتمرير”.
وقدم أعضاء الجمعية طلبات إلى المجلس مرتين لإلغاء التعاقد مع شركة “داف” للتحول الرقمي. موقعة من 1800 عضو تجاهلها الاتحاد ورد على الطلب بأنه “تم إنهاء التعاقد بالفعل”.
وتجاهل مجلس الاتحاد الدعوة لعقد الجمعية العمومية في معادها السنوي في شهر مايو/أيار الماضي. ما دفع بعض الأعضاء إلى جمع توقيعات من أعضاء النقابات الأربع لعقد جمعية عمومية طارئة.
ورفض الاتحاد عقد “العمومية” بحجة وجود أعضاء ممن لم يسددوا الاشتراكات في قوائم الموقعين. كما رفض استكمال القوائم بأعضاء آخرين. لتبدأ حملة جمع التوقيعات من جديد للضغط لعقد الجمعية.
وطالب الموقعون بعرض الميزانية من سنة 2018 مرفق معها تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات. وتجاهل الاتحاد المطلب واكتفى بعرض الميزانية بداية من 2019 ضمن أعمال الجمعية الأخيرة.
شراكة “داف” بداية الأزمة
بدأت الأزمة في مارس/آذار الماضي عندما دخل اتحاد نقابات المهن الطبية في شراكة بشراء نسبة 24% من أصول شركة “داف” للحلول الرقمية. ما اثر أزمة بين الاتحاد ونقابة الأطباء التي أبدت اعتراضا على ذلك المشروع بحسب الدكتور أحمد حسين -متحدث نقابة الأطباء في تصريحات صحفية سابقة.
وردت نقابة الأطباء رفض هذه الشراكة لكون هذه الشركة المعروض شراء أصول بها بمبلغ 50 مليون جنيه هي شركة ذات مسؤولية محدودة وخبراتها وسابق أعمالها لا تمثل أكثر من 1% تقريبا من المبلغ المطروح. لكن المجلس تعجل -حسب “حسين”- في اتخاذ القرار قبل إجراء دراسة كافية. ما أدى إلى إهدار مبلغ 24.5 مليون جنيه في مشروع مناقصة التحول الرقمي.
وأشارت الدكتورة منى مينا -عضو مجلس نقابة الأطباء سابقا- في منشور سابق لها على صفحتها بموقع فيسبوك بتاريخ 8 أغسطس/أب الماضي إلى وقائع إهدار أموال صندوق المعاشات. منها إهدار 21 مليون في شراء وحدات سكنية في عمارة متهالكة بمحافظة الإسكندرية لاستخدامها في خدمات المصايف. فضلا عن إهدار 38 مليون جنيه في مقر إداري للاتحاد في العاصمة الإدارية الجديدة. حيث تم دفع المبلغ كاملًا منذ أكثر من عام. ولا يزال أرض فراغ دون تصريح بناء.
ووجهت “مينا” إنذارا على يد محضر للاتحاد لوقف الشراكة مع شركة الحلول الرقمية “داف”.
كذلك واجه الاتحاد اتهاما بإهدار 32 مليون جنيه في مشروع توريد مواشي (عجول). وتم تسليم كامل المبلغ للمورد ولم يتم التوريد. ومررت الموافقة على الصفقة رغم معارضة أمين عام نقابة الأطباء البيطريين الدكتور محمد سيف -بحسب مينا.
وأوضحت “مينا”: “أتمنى أن يستجيب مجلس الاتحاد ويتراجع عن أي تعجل غير مبرر في إتمام صفقة ثارت حولها اعتراضات وشبهات كثيرة. وذلك لحين عرض الصفقة وكل ما يخصها على الجمعية العمومية للاتحاد”.
انتفاء الشبهة الجنائية
الدكتور محمد كامل سعودي -الأمين العام الأسبق لنقابة الصيادلة- قال إن النيابة انتهت إلى عدم الشبهة الجنائية في ما نسب من فساد وإهدار مال عام لمجلس الاتحاد في صفقة المواشي. ووجهت الاتهام للتاجر الأردني الهارب وأصدرت نشرة حمراء بملاحقته عبر الإنتربول.
وتابع أن هذه القرارات “تعكس عدم خبرة ودراية” ونتجت عن مجازفة خاطئة تسببت في إهدار أموال الصندوق. والأمر نفسه تكرر في شراء قطة الأرض بالعاصمة الإدارية الجديدة بقيمة 38 مليون بحجة أن السعر مناسب ومنافس بشكل غير متدبر. لذلك تم اتخاذ قرار من الجمعية بغل أيدي المجلس الحالي لعدم الخبرة في مجال الاستثمار.
ووصف الدكتور إيهاب الطاهر -عضو مجلس نقابة الأطباء- لـ”مصر 360″ الإدارة الحالية بالاتحاد بأنها “سيئة” لذا يجب إيقاف جميع أوجه الاستثمار في أي مشروعات جديدة لمدة 3 سنوات قادمة على الأقل. فضلا عن الاكتفاء بوضع أموال الصندوق في شكل ودائع بنكية بالبنوك المصرية. نظرا لوجود ارتباك بالوضع الاقتصادي العالمي. موضحا أن الدخول في أي مشروعات استثمارية حاليا “أمر محفوف بالمخاطر”.
اتحاد المهن الطبية قانونيا
تأسس اتحاد المهن الطبية وفقا للقانون رقم 63 لسنة 1949. ثم عدل بالقانون 13 لسنة 1983. وشكل الاتحاد أربع نقابات هي: الأطباء البشريون والصيادلة والأسنان والبيطريون.
وتقتصر مهمة اتحاد المهن الطبية على كونه عبارة عن صندوق للإعانات “حصالة” تجمع أموال دعم الطوارئ والمعاشات التي تتكون عن طريق نسب من اشتراكات أعضاء النقابات الأربع المكونة له. ليكون مسؤولا عن إدارة وتقييم وتنظيم العمل بمشروع العلاج الطبي الخاص بأعضاء النقابات وتسديد المعاشات عند بلوغ السن القانونية وصرف إعانة حالة الوفاة أو حدوث كوارث. ويحق للعضو أن يحصل على إعانات الاتحاد والنقابة.
أزمة تمويل صندوق المعاشات
وأثارت أزمة تمويل صندوق المعاشات خلافا بين أعضاء الجمعية العمومية للاتحاد وخرجت دعوات لانفصال نقابة الصيادلة -الممول الأكبر للصندوق- بداعي أنها ملتزمة بدفع الدمغات وهي أقل عددا من الأطباء البشريين. حيث يبلغ عدد الصيادلة قرابة 300 ألف بينما يبلغ عدد الأطباء 380 ألف عضو. فيما يتخلف الأطباء عن تسديد الدمغة عن العيادات الخاصة للاتحاد.
تلك الدعوات لاقت اعتراضا كبيرا من شيوخ المهنة. لأن قوة الاتحاد في وجود النقابات الأربع. والأمر يحتاج إلى ترتيب أوضاع البيت من الداخل فقط. واتفقوا على عدة مقترحات قدمت للجمعية الأخيرة نوقشت ولم يتم إقرارها.
وقال الطاهر: “قضية زيادة المعاش كانت من أهم البنود المدرجة على جدول الأعمال ولم تتخذ فيها الجمعية أي قرار. لأن الخبير الاكتواري رفض زيادة المعاش من 1000 جنيه إلى 1200 في ظل الوضع الحالي. دون توفير موارد حتى لا تمتد الأزمة وتطول أجيال الشباب”.
ومن ضمن القرارات التي اتخذتها الجمعية لتدبير موارد لزيادة المعاش وفقا للطاهر كان تقديم مقترحات بإلزام الأطباء بدفع قيمة مالية ثابتة على العيادات الخاصة. تُحصل كل سنة أثناء تسديد اشتراكات النقابة تحت حساب الدمغة الطبية.
وبحسب “الطاهر” تم إحالة كل الشركات المتعثرة واتخاذ كل القرارات القانونية والإدارية حيال حل التعثر وإصلاح أوضاعها مثل شركة الاتحاد لتنمية الثروة الحيوانية وشركة “مفكو للأدوية البيطرية” لتغطية العجز الاكتواري. وأيضا إلزام مجلس الاتحاد بإجراءات ملزمة لجمع قيمة الدمغة الطبية من المستشفيات الخاصة والحكومية التي تقدم علاجا بأجر حسب القانون.
ويمكن عبر هذين البندين -حسب الطاهر- تغطية العجز الاكتواري لزيادة المعاش. بالإضافة لإلزام النقابات الأربع سداد المديونيات والاشتراكات السنوية في مواعيدها.
التضامن مع نقابة الصيادلة
وأثار تجاهل المجلس مطالب الجمعية بتضامن الاتحاد مع رفع الحراسة عن نقابة الصيادلة استياء الأعضاء. إذ تقدم 290 عضوا خلال الجمعية العمومية بطلب إلى رئيس الاتحاد الدكتور حسين خيري وأبدوا أحقيتهم في تغيير جدول أعمال العمومية. خاصة أنها غير عادية.
وقال الأمين العام الأسبق لنقابة الصيادلة إنه تم الاتفاق على التضامن القانوني من النقابات الثلاث والاتحاد في القضية المرفوعة أمام مجلس الدولة لرفع الحراسة عن نقابة الصيادلة.
قرارات الجمعية
وعقدت الجمعية العمومية “الطارئة” لاتحاد المهن الطبية في 14 أكتوبر/تشرين أول الماضي بناء على طلب مسبب موقع عليه من أكثر من ألف عضو من النقابات الأربع المكونة للاتحاد في 14 سبتمبر/أيلول الماضي.
وطبقا لمادة 4 من قانون 13 لسنة 1983 يكون مجلس الاتحاد ملزما بعقد العمومية خلال شهر من تقديم الطلب. شرط أن يكون موقعا من 400 عضو من النقابات. وألا يقل نسبة تمثيل كل نقابة من الأربع نقابات عن 75 عضوا.
واتفقت الجمعية الطارئة على عدم إبرام اى صفقة من الاتحاد اكثر من 5 مليون جنيه قبل عرضها على الجمعية ، عدم تمويل اى أنشطة تريهية من صندوق المعاشات.
وقف ،كل الاستثمار لمدة ثلاث سنوات،وألغت مقترح مجلس الاتحاد بإنشاء لجنة للاستثمار مكونة من نفس المجموعة التى تسببت فى إهدار عشرات الملايين .
ومنعت الجمعية الاستثمارات فى اى قطاع من القطاعات ما عدا الاستثمار فى البنوك الوطنية فى شكل ودائع أو أوعية بنكية أو سندات أو شهادات وما شابه ذلك، وتحديد اختصاصات المجلس فى إدارة شئون الاتحاد العادية فقط بحسب سعودى.
وقف صرف اى بدالات أو حوافز أو مرتبات أو تعيين الأعضاء المجلس فى اى شركة مساهم فيها للاتحاد ، لسد كل الثغرات التى يمكن منها التربح أو التلاعب بأموال الصندوق.
تخوف من الالتفاف على قرارات الجمعية
وأبدى محمد كامل سعودي الأمين العام الأسبق لنقابة الصيادلة تخوفه من تأخر صدور البيان لئلا تكون محاولة للالتفاف على قرارات الجمعية. التي تم الاتفاق عليها أو تحريف البنود التي أقرتها الجمعية حتى تخرج عن المعنى والغرض المقصود.
وقال: “تم إغلاق أبواب التربح من العمل النقابي من ممثلي الاتحاد بالشركات التي يسهم فيها بمنع عمل الأعضاء بالشركات حتى لا يكون مراقبا عليها ويأخذ منها أجرا. ووقف تمويل الاتحاد لأي أنشطة ترفيهية من مصايف وأندية وخدمات سكنية ليست من اختصاصه. بل مهمة النقابات وفقا لميزانيتها وخططها الاجتماعية”.
وحمل “الطاهر” رئيس الاتحاد الدكتور حسين خيرى مسؤولية صياغة قرارات الجمعية صياغة دقيقة. كما صوت عليها الأعضاء دون حدوث أب تغيير. قائلا لـ”مصر 360″: “أعمال الجمعية مسجلة صوت وصورة. حدوث أي انحراف في الصياغة ستكون عواقبه وخيمة”.