مع دعوة عدد من النشطاء المصريين للاحتجاجات، بالتزامن مع انعقاد الدورة السابعة والعشرين لقمة الأمم المتحدة للمناخ، الشهر المقبل (نوفمبر/ تشرين الثاني) بمدينة شرم الشيخ، تواردت تغريدات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عن إقامة قوات الأمن نقاط تفتيش في الشوارع، حيث تُجري عمليات فحص للهواتف النقالة التي يحملها المواطنون؛ بحثًا عن محتوى مناهض للحكومة.

وذكر تقرير حديث لـ ميدل إيست مونيتور/ Middle East Monitor، أنه “يمكن توقيف واحتجاز الأشخاص الذين يتم العثور على عبارات انتقادية، أو محتوى مناهض للحكومة. ذلك على الرغم من أنه لا يمكن فحص المراسلات الإلكترونية إلا بأمر قضائي”.

أفراد من الأمن يستوقفون مواطنة من أجل فحص هاتفها بوسط القاهرة- أرشيفية

وفق التقرير؛ فإنه عادة ما تتم عمليات التفتيش الفوري في الفترة التي تسبق الذكرى السنوية لثورة يناير/ كانون الثاني 2011، عندما أطاح المصريون بالرئيس الأسبق حسني مبارك. كما يتكرر الأمر في 30 يونيو/ حزيران 2013، عندما أطاح المتظاهرون والجيش بنظام الإخوان المسلمين. بينما ينتشر أفراد الأمن في الساحات الرئيسية بالعاصمة القاهرة، لمنع المصريين من التجمع للتظاهر.

أيضًا، يتم تحذير العديد من المواطنين بعدم العودة إلى ميدان التحرير بالقاهرة -مركز احتجاجات 2011- أو الشوارع المحيطة، حيث يتوقع المزيد من الاحتجاجات. بينما نُقل آخرون إلى مراكز الشرطة، للتحقيق معهم واستجوابهم، حول سبب تواجدهم في المنطقة وما إذا كانوا يخططون للمشاركة في الاحتجاجات.

اقرأ أيضًا: “معاناة ما بعد السجن”.. باحثون عن الحياة يروون تجاربهم مع العمل بعد الحبس الاحتياطي

خوفا

يشير التقرير إلى أن هذه الحواجز الأمنية بدأت في الظهور بشكل متكرر بعد الدعوات للخروج في احتجاجات سبتمبر/ أيلول خلال عامي 2019 و2020، عندما دعا البعض إلى التظاهر ضد النظام الحالي.

يذكر التقرير أن مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي أفادوا بأنه تم إيقاف وسائل النقل العام، وطُلب من الركاب النزول، حتى يمكن التحقق من بطاقات الهوية، وحسابات وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بهم.

وبالإضافة إلى دعوات الاحتجاج، مارس نشطاء في مجال حقوق الإنسان ضغطًا متزايدًا على الحكومة لـ “التوقف عن ارتكاب التجاوزات قبل COP27”. حيث دعا Cop Civic Space، وهو تحالف مصري لحقوق الإنسان في COP27، السلطات المصرية إلى إطلاق سراح السجناء السياسيين.

وخلال الأيام الماضية، كتب نشطاء عدة تغريدات بشأن انتشار عناصر الأمن، متخفين أو بالزي الرسمي، واستيقافهم المواطنين، من أجل التحقق من هواتفهم المحمولة. ودعا بعضهم إلى إزالة تطبيقات التواصل الاجتماعي من الهواتف بشكل مؤقت، خوفًا من أن يتم اعتقال أحد بسبب الآراء على الشبكة العنكبوتية.

“وتشهد وسائل التواصل الاجتماعي في مصر بعض الدعوات للاحتجاجات في 11/11 حيث تستضيف البلاد COP27. بينما “كان رد فعل الحكومة -كالمعتاد- من خلال نقاط التفتيش الهستيرية في الشوارع الحيوية. واختيار الأشخاص بشكل تعسفي لفتح هواتفهم لإجراء عمليات فحص غير قانونية لمحتوياتها”؛ كتب الباحث في شؤون مصر بمنظمة “هيومن رايتس ووتش” عمرو مجدي.

كان رد فعل الحكومة من خلال نقاط التفتيش في الشوارع الحيوية. واختيار الأشخاص بشكل تعسفي لفتح هواتفهم

اقرأ أيضا: زياد العليمي يتهم الحكومة بالتعذيب في دعوى قضائية.. وإفراجات يشوبها تنكيل

وغرّد حساب باسم “الفرعون الكبير”: “تصفح الشرطة المصرية للهواتف المحمولة أمر مخيف بشكل لا يصدق. يمكنك أن تكون غير سياسي. لكن، مع رسم معادي للحكومة أو مزحة على فيسبوك. يمكن أن يؤدي هذا إلى توقيفك ولن تعرف متى أو كيف ستخرج”.

وغرّدت سناء سيف، شقيقة الناشط المحبوس في قضية نشر علاء عبد الفتاح: “بدأت الشرطة بوسط القاهرة في إيقاف المشاة لفحص محتويات هواتفهم المحمولة. أصبح هذا إجراءً معتادًا في شهر يناير تقريبًا عندما نقترب من ذكرى الانتفاضة. يبدو أنه حدث هذا العام في وقت مبكر من باب المجاملة لـ COP27”.

تقول سناء: يبدو أنه حدث هذا العام في وقت مبكر من باب المجاملة لـ COP27

ليست المرة الأولى

في عام 2013، حظرت الحكومة المصرية فعليًا الاحتجاجات بقانون جديد، وعد بغرامات كبيرة وسجن المتظاهرين. وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2019، أصدر المجلس القومي لحقوق الإنسان بيانًا انتقد فيه “توقيف المواطنين أثناء سيرهم في الشوارع وإجبارهم على إطلاع رجال الشرطة على هواتفهم النقالة وفحصها”. وقال إن هذا “يخالف نصوصًا عديدة في الدستور، تضفي حماية على حرمة الحياة الخاصة وكذا تحصين مراسلات المواطنين واتصالاتهم”.

كما ندد البيان بـ “التوسع في توقيف المواطنين العابرين في الطرقات والميادين، من دون تمكينهم من الاتصال بذويهم وأهلهم. ومن دون إبلاغهم بالتهمة المسندة إليهم”، معتبرا هذه الإجراءات “عدوانا على الحقوق التي كفلها الدستور”.

وقتها، ردت وزارة الداخلية، في بيان على صفحتها على موقع “فيسبوك”، بأن المجلس “اعتمد على معلومات مصادر غير موثوق بها. تسعى لإحداث نوع من البلبلة والتوتر في الشارع المصري”. وأن “جميع حالات الضبط التي تمت خلال الأيام الماضية جاءت وفقا للقانون. ومن بينها حالات التلبس، التي تتيح لمأموري الضبط القضائي تفتيش الأشخاص وما بحوزتهم من متعلقات منقولة -الهواتف المحمولة أو خلافه- وفقا لصحيح القانون”.

لا يحق لها

أجاز قانون تقنية الجرائم المعلوماتية، رقم 175 لسنة 2018، لجهة التحقيق المختصة -بحسب الأحوال في المادة السادسة منه- أن تصدر أمرًا مسببًا لمأموري الضبط القضائي المختصين -الشرطة- بتفتيش أجهزة الحاسب الآلي والبرامج المعلوماتية والتقنية للمتهم، لمدة لا تزيد على 30 يومًا قابلة للتجديد لمرة واحدة، متى كان لذلك فائدة في ظهور الحقيقة على ارتكاب جريمة، في شأن أحد الجرائم الواردة حصريا في هذا القانون.

وطبقا للمادتين 199 و206، قيدت سلطات النيابة العامة في مراقبة المحادثات. وكذلك ضبط الرسائل والخطابات في مكاتب البرق والبريد، بلزوم استئذان القاضي الجزئي لتعلق الإجراء بحقوق غير المتهم. وفق المادة 6 من قانون جرائم تقنية المعلومات. كما أن قانون الإجراءات الجنائية خوّل لمأموري الضبط القضائي، في حالة التلبس فقط، سلطتي القبض والتفتيش. وهي سلطات استثنائية، لا يجوز التوسع فيها أو القياس عليها.

وهكذا، لا يصح لرجل الضبط القضائي -الشرطة- أن يمارس إجراء التفتيش الإلكتروني من تلقاء نفسه، حتى عند التلبس بجريمة. حيث أن تفتيش الهاتف المحمول أو الحاسب الآلي وبرنامج وأنظمة المعلومات، قد يتضمن الاطلاع على ما هو صادر ووارد من بيانات ومعلومات، ومن ضمنها الرسائل الخاصة. وهو أمر قصره قانون الإجراءات الجنائية في المادة 97 على قاض التحقيق. وأجاز له عند الضرورة تكليف أحد أعضاء النيابة العامة بذلك ولم يخوله ندب أحد رجال الضبط القضائي.