توقع البنك الدولي تباطؤ النشاط الاقتصادي لمصر خلال العام المالي 2022/2023 بعد انتعاش في العام المالي 2021/2022 بنسبة 6.6%. وذلك بسبب أوضاع الاقتصاد العالمي بعد الحرب الروسية-الأوكرانية وتشديد السياسة النقدية واستمرار تداعيات جائحة كورونا.

ويشير البنك -في تقرير المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا- إلى الصدمات المتزامنة التي تثير تحديات على الصعيد المحلي من ارتفاع التضخم. فضلا عن الأداء الضعيف للصادرات غير النفطية وأوضاع الاستثمار الأجنبي المباشر.

وأوضح التقرير ارتفاع التكاليف التي تواجهها الحكومة وأسعار الفائدة المرتفعة على صعيد توفير الاحتياجات التمويلية. لكنه أشار إلى أن الإصلاح الاقتصادي للحكومة المصرية منذ عام 2016 أكسب مصر مرونة في التعامل مع البيئة الصعبة الحالية.

وأكد أن سرعة التحول الاقتصادي في مصر لا تزال بطيئة. كما أن التوجه نحو قطاعات إنتاجية منخفضة غير قابلة للتداول أدت إلى محدودية اختراق الصادرات وتعقيدها. خاصة أن الاستثمار الأجنبي المباشر دون المستوى المحتمل.

وتشير التقديرات الرسمية إلى تحقيق مكاسب في الرفاهية بين عامي 2017 و2019. لكن معدل الفقر على المستوى القومي لا يزال عند حدود 29.7%. مع تأثر الدخول الحقيقية المحلية بالضغوط التضخمية المستمرة وتراجع الانتعاش الاقتصادي -بحسب التقرير. كما تبلغ نسبة مدفوعات الفائدة إلى الإيرادات في مصر 56% من الإيرادات الحكومية وهي نسبة مرتفعة للغاية.

البنك الدولي وحرية القطاع الخاص

 

الاقتصاد المصري يعاني أزمة الحرب الأوكرانية
الاقتصاد المصري يعاني أزمة الحرب الأوكرانية

يطالب البنك الدولي باستمرار متابعة الإصلاحات الهيكلية لإطلاق العنان لإمكانات القطاع الخاص في خلق قيمة مضافة أعلى وموجهة نحو التصدير. مؤكدا أن تلك الأنشطة ضرورية لخلق فرص العمل وتحسين مستويات المعيشة.

ويشير التقرير إلى انكماش مؤشر الإنتاج الصناعي على أساس شهري بنسبة 8.7% في إبريل/نيسان 2022. بجانب مؤشر مديري المشتريات إلى 45.2%. وهو أدنى مستوى خلال عامين. مع تقلصات أكثر وضوحا في نشاط القطاع الخاص غير النفطي. ما يعكس ارتفاع تكلفة مدخلات الإنتاج المستوردة.

وقد تسارع معدل التضخم الرئيسي في المناطق الحضرية والتضخم العام إلى 13.1٪ و13.7٪ على التوالي في المتوسط ​​خلال شهري مارس/آذار وأغسطس/آب 2022. وهي أرقام تتجاوز هدف البنك المركزي ببقاء التضخم عند (7 +/- 2%).

حرب أوكرانيا والضغوط على اقتصاد مصر

رغم تعديل السياسة النقدية وسعر الصرف فإن الحرب في أوكرانيا كثفت الضغوط على الاقتصاد المصري. فالاحتياطيات الرسمية والأصول بالعملات الأجنبية انخفضت رغم الدعم المالي من دول مجلس التعاون الخليجي في مارس/آذار الماضي. بالإضافة إلى الإصدار الناجح لأول مرة في مصر لأدوات دين بالدولار الأمريكي، بحسب البنك الدولي.

ودعا تقرير البنك إلى ضبط أوضاع المالية العامة لوضع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي على مسار هبوطي على المدى المتوسط. لكنه توقع استقرار نسبة عجز الحساب الجاري إلى الناتج المحلي الإجمالي خلال العام المالي 2022/2023. فارتفاع فاتورة الواردات والأثر السلبي لحرب أوكرانيا على الطلب سيقابله ارتفاع الصادرات النفطية وعائدات قناة السويس. فضلاً عن استمرار الانتعاش التدريجي في السياحة.

قناة السويس
قناة السويس

يقول التقرير إن الحساب الجاري سيظل مجهدًا. لكن سيستفيد من التمويل المحتمل من صندوق النقد الدولي الذي تم طلبه في مارس/آذار الماضي وحدوث تدفقات من دول مجلس التعاون الخليجي.

على مستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بوجه عام يتوقع خبراء البنك الدولي أن تنمو منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بنسبة 5.5% في عام 2022 بأسرع معدل منذ 2016 وبنسبة 3.5% عام 2023.

ويقسم الخبراء المنطقة لقسمين. أولهما دول التعاون الخليجي التي يتوقع تسارع النمو فيها إلى 6.9% عام 2022. مدفوعة بارتفاع أسعار النفط. وعلى العكس الدول المستوردة للنفط عند 4.5% عام 2022 و4.3% عام 2023.

ويتوقع الخبراء تسارع معدل نمو نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي بدول مجلس التعاون الخليجي إلى 5.5% عام .2022 على أن يتراجع إلى 2.4% عام 2023.

أما بالنسبة لدول المنطقة المستوردة للنفط فقد توقع التقرير أن يزيد عليها عبء خدمة الدين. مع رفعها سعر الفائدة على أي دين جديد تحصل عليه أو على الديون القائمة التي تعيد تمويلها.

ملف الديون.. تحذيرات لمصر والأردن وتونس

صندوق النقد الدولي
صندوق النقد الدولي

يحذر البنك الدولي من أن بعض بلدان المنطقة في وضع المديونية الحرجة. وتواجه مخاطر إعادة هيكلة الديون. وهي عملية قد تكون باهظة التكلفة. إذ تفقد تلك البلدان القدرة على الوصول إلى الأسواق الدولية. ويمكن أن تنخفض عملتها المحلية انخفاضًا حادًا. ويضعف القطاع المصرفي ويؤدي ذلك إلى تراجع الاستثمار والتجارة والنمو عدة سنوات من إعادة الهيكلة.

هذه الزيادة في التكلفة ليست ضئيلة. ففي عام 2022 تؤدي لزيادة بنسبة 2.6 نقطة مئوية في نسبة مدفوعات الفائدة إلى الإيرادات. وزيادة قدرها 5 نقاط في مصر والأردن. علاوة على ذلك تبلغ نسبة مدفوعات الفائدة إلى الإيرادات في مصر 56% من الإيرادات الحكومية وهي نسبة مرتفعة للغاية.

وإذا استمر ارتفاع أسعار الفائدة العالمية -حسب التقرير- فإن زيادة العبء سيثقل كاهل البلدان على تحمل ديونها بمرور الوقت. لا سيما في البلدان التي لديها مستويات مرتفعة من الديون بالفعل مثل الأردن وتونس ومصر.

ويقول التقرير إن سوريا وإيران ومصر ولبنان تدعم الواردات باستخدام أسعار صرف خاصة بمنتجات معينة تجعل شراء الواردات المستهدفة أرخص. ورغم أن أسعار الصرف المدعومة لا تظهر بالضرورة كإنفاق عام من الموازنة فإنها ليست بلا تكلفة. فعلى أقل تقدير يمكنها خفض احتياطيات البنك المركزي وربما إضعاف مركزه المالي.