عقدت لجنة حقوق الإنسان الفرعية بالبرلمان الأوروبي، أمس الأربعاء، جلسة استماع شارك فيها الحقوقيان سناء سيف ورامي شعث، حول تطورات حالة حقوق الإنسان في مصر، قبيل انعقاد مؤتمر المناخ cop 27، والمقرر انعقاده في مدينة شرم الشيخ المصرية بين 6 – 18نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل. وقد تعرضت لممارسات حكومية مصرية تتناقد مع ما أعلن من تحسن في ملف حقوق الإنسان، بينما اختتمت الجلسة بكلمة لمديرة اللجنة ماري أرينا، قالت فيها :”ربما لن نغير النظام في مصر من أوروبا. لكن من واجبنا أن نتيح المجال لأشخاص غير قادرين على التحدث في بلادهم خوفًا على القمع، للتعبير عن مخاوفهم ومطالبهم”.

ما قالته سناء

في كلمتها، أشارت سناء سيف إلى السياسات البيئية في مصر. فقالت إن ما أعلنته الحكومة عن تبنيها مشروعات “الطاقة الخضراء” يتنافى مع توسعها في إنتاج النفط والغاز. فضلًا عن “ممارسات التعدي على الأراضي وتعمد تهجير السكان من أجل إقامة مصانع جديدة لتسييل الغاز الطبيعي المزمع بيعه لأوروبا”، واقتلاع الأشجار من شوارع العاصمة.

وبحسب بيانات واردة في المؤشر العالمي الذي يقيس جودة الهواء في 6475 مدينة حول العالم، فإن القاهرة تأتي ضمن الدول الأعلى في معدلات التلوث. بينما تحتل مصر المركز الـ 27 من بين 117 دولة على مؤشر تلوث الهواء خلال 2021.

مذبحة الأشجار في مدينة نصر (وكالات)
مذبحة الأشجار في مدينة نصر (وكالات)

وقد تم الربط بين تلك الإحصائية، وبين ما يمتلكه الفرد المصري من نصيب في المساحات الخضراء. وهو ماجاء في بيان رسمي صادر عن عضوة البرلمان الدكتورة ندى ثابت، ذكرت فيه أن نصيب الفرد من المساحات الخضراء في القاهرة يقدر بـ 5.1 متر مربع. وهو من أقل المعدلات بين مدن العالم. حيث يبلغ متوسط المعدل العالمي 81 مترًا مربعًا للفرد.

أما بالنسبة لإجمالي عدد السكان في عموم مصر، فقد أظهرت أحدث بيانات الجهاز المركزي للإحصاء في العام 2019 أن المساحات الخضراء الموجودة بالفعل في مصر أقل من 10% من المساحات الواجب توافرها لعدد السكان. كما أن تقريرًا أصدرته منظمة الصحة العالمية عام 2016، كشف أن تراجع المساحات الخضراء في مصر أدى إلى تخطي نسب التلوث فيها المؤشرات الدولية بمعدل 7 أضعاف، نتيجة لكثرة المخلفات وعوادم المصانع والسيارات وغيرها من ملوثات البيئة في غياب الأشجار والنباتات.

اقرأ أيضًا: الطريق إلى قمة المناخ مفروش بـ”الأشجار المقطوعة”.. برلمانيون وخبراء: جنون وتدمير

“سناء” التي لفتت -في كلمتها أمام البرلمان الأوروبي- إلى أزمة المناخ في مصر، تحدثت أيضًا عن عدم تمكن النشطاء المعنيين بالبيئة من الحديث عن الممارسات الخاطئة للحكومة أو إثارة مثل هذه المخاوف البيئية، خوفًا من الزج بهم في السجون.

وأضافت: “أنا هنا أتحدث لأنه لم يعد لدي ما أخسره. أما في مصر فلم يعد بإمكان أحد نقد الحكومة طالما أراد أن يبقى خارج القضبان”. وقد رفضت أن يكون الانشغال بقضايا البيئة وتغير المناخ مبررًا لتجنب الحديث عن أزمة حقوق الإنسان في مصر أو التطرق لها على استحياء. فقالت: “نحن نواجه مشاكل البيئة وتغيير المناخ من أجل ضمان الحياة. بينما حياة الجميع الآن في مصر في خطر”.

وفي تطرقها إلى قضية أخيها علاء عبد الفتاح -المضرب عن الطعام احتجاجًا على أوضاعه بالسجن- قالت سناء: “أخي في السجن، ومعه محاميه الذي جاء للدفاع عنه (محمد الباقر) فوجد نفسه محتجزًا على ذمة القضية نفسها ضمن آخرين. وتابعت “أخي لا يجب أن يموت في السجن، وأنا أثق أنه من الممكن إنقاذه، لأن الضغط الدولي على الحكومة المصرية يأتي بثماره، والدليل رامي شعث الذي يشاركنا اليوم، وزياد العليمي الذي تم إطلاق سراحه أمس”.

وقد طالبت الاتحاد الأوروبي والوفود المشاركة في مؤتمر المناخ بـ”أن يكونوا صوت الحقوقيين، ممثلين لهم ولمطالبهم. وأن يطرحوا قضية حقوق الإنسان في كل مناسبة وفي كل لقاء أو اجتماع”. فيما وعد النائب منير ساتوري، بمواصلة الضغط من أجل خروج علاء عبد الفتاح وغيره من النشطاء. مضيفًا أن “الدفاع عن حقوق البيئة وحماية المناخ لا يستهدف حماية الكوكب وإنما سكانه، ومن ثم فالدفاع عن حقوق (الإنسان)”.

شعث يفند

الحقوقي الفلسطيني رامي شعث، الذي أمضى أكثر من عامين في الحبس الاحتياطي وتنازل عن جنسيته المصرية لمغادرة البلاد، أشار في كلمته، إلى ما وصفه بـ”خداع الغرب” بتحسن أحوال حقوق الإنسان بمصر. فقال “إنه رغم إلغاء قانون الطوارئ ومرور عام على إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان لم يتغير الوضع الحقوقي في البلاد. ما يؤكد أن الاستراتيجية التي كتبتها وزارة الخارجية لم تكن معنية بالداخل وإنما موجهة للخارج”.

كما تطرق إلى إطلاق الحوار الوطني، فقال إنه “يأتي من طرف واحد، وإن 80% من أعضائه من ممثلي الحكومة”. مضيفًا أنه بعد 6 أشهر من إطلاقه لا يتعدى إنجازه الإفراج عن نسبة ضئيلة من “المحتجزين بلا سبب”. وأن هؤلاء المفرج عنهم مؤخرًا (رغم تجاوزهم فترة الحبس القانونية بشهور) معاناتهم مستمرة بعدما خسروا وظائفهم وتم التشهير بهم ووصمهم. فضلًا عن التهديدات والملاحقة، وشبح العودة للسجن مرة أخرى، إذا اعترضوا أو عبروا عن آرائهم مثل شريف الروبي.

اقرأ أيضًا: “معاناة ما بعد السجن”.. باحثون عن الحياة يروون تجاربهم مع العمل بعد الحبس الاحتياطي

كذلك، تناول شعث -في كلمته أمام البرلمان الأوروبي- إلى حديث الحكومة عن تحسن الأوضاع في السجون، والتغطية الإعلامية الدعائية المصاحبة لافتتاح أكبر مجمع للسجون في مصر. وقال إنه “أمر لم ينسحب بأي شكل على الأوضاع الداخلية الصعبة للسجناء، وسوء المعاملة والحرمان من التريض، والإهمال الصحي، والتعذيب، والحرمان من التواصل مع الأسر والمحامين”.

واختتم بأن “المشكلة ليست في غياب الاستراتيجية أو غياب الحوار، وإنما في القمع لبسط النفوذ”. مطالبًا ممثلي الاتحاد الأوروبي المشاركين في مؤتمر المناخ بـ”الحديث عن أزمة حقوق الإنسان في مصر”.

زياد العليمي غادر سجنه بعد 3 سنوات بقرار عفو رئاسي، الإثنين، وقبل أسبوعين من استضافة مصر لمؤتمر المناخ (كوب27).
زياد العليمي غادر سجنه بعد 3 سنوات بقرار عفو رئاسي، الإثنين، وقبل أسبوعين من استضافة مصر لمؤتمر المناخ (كوب27).

 الهدف تحسين الصورة

“الحكومة المصرية تحاول تصوير حقوق الإنسان باعتبارها عائقًا أمام القضية الرئيسية التي ستناقش في COP27. وبالتالي إرغام العالم على اختيار أحد القضيتين”؛ قال ريتشارد بيرسهاوس، ممثل منظمة “هيومان رايتس واتش، في كلمته. بينما أضاف أن “مصر تخسر معركة السرد المضلل بشأن سجلها الحقوقي”، وأن “مؤتمر المناخ بالنسبة للحكومة المصرية هو مجرد وسيلة لتحسين صورتها أمام العالم”.

وتطرق “بيرسهاوس” إلى “انخراط الجيش تقريبًا في كل المجالات”، وهو أمر لم تنكره الحكومة في مصر. ما يؤثر على فرص الشركات والمبادرات المجتمعية ومنها العاملة في مجال حماية البيئة.

وفي حديثه عن أزمة المجتمع المدني والمنظمات ككل في مصر، أشار ممثل “رايتس واتش” إلى المضايقات التي يتعرض لها النشطاء والمنظمات. وتشمل المنع من السفر، وتجميد الأصول، والملاحقات الأمنية، وعرقلة تلقي التمويلات، وعدم السماح بتنفيذ الأنشطة، وكذا الحيلولة دون الوصول للمعلومات. الأمر الذي ينسحب أيضًا على القيود المفروضة على تسجيل المنظمات للمشاركة في مؤتمر المناخ، وغياب المعايير أو ضوابط الاختيار للمشاركة، على حد قوله.

وقد طالب “بيرسهاوس” أعضاء البرلمان الأوروبي ووفود دول الاتحاد المشاركة في المؤتمر بضرورة طرح قضايا حقوق الإنسان. وكذا والمطالبة بالإفراج عن سجناء الرأي، وضمان حرية التعبير والتنظيم والتظاهر. ليس فقط أثناء المؤتمر وإنما بعده.