“لا يمكن الوصول لهذا الموقع/ This site can’t be reached”. عبارة تظهر بشكل مستمر للكثير من النشطاء المشاركين في مؤتمر القمة 27 للدول الأطراف لاتفاقية المناخ Cop27، والتي تستمر بمدينة شرم الشيخ حتى 18 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري. إذا ظهرت لك هذه العبارة، فأنت -بالتأكيد- تحاول الوصول إلى أحد المواقع التي حجبتها الحكومة المصرية.
لم يكن تأثير حجب المواقع في مصر ليصل إلى هذا الصدى العالمي، لولا أن أبرز تقرير لصحيفة الجارديان/ The Guardian، يتناول الصعوبات التي يواجهها بعض النشطاء للوصول إلى المعلومات. خاصة المتعلقة ببعض المنظمات المشاركة في المؤتمر.
يقول التقرير: وجد الحاضرون في اجتماع Cop27 للمناخ أن اتصال الإنترنت الخاص بالمؤتمر يمنع الوصول إلى موقع منظمة حقوق الإنسان العالمية “هيومن رايتس ووتش/ HRW“. بالإضافة إلى مواقع إخبارية رئيسية أخرى للحصول على معلومات أثناء المحادثات.
لكن وقت كتابة هذا السطور، تفقد محرر “مصر 360” عددا من المواقع المحجوبة، ليتكشف إزالة موقع المنظمة العالمية، وموقع قناة الجزيرة من قوائم الحجب. لكن مواقع أخرى مثل مدى مصر، لا زالت محجوبة.
اقرأ أيضا: هل تخصم قرارات الجهات الأمنية من رصيد “العفو الرئاسي”؟
عوائق المعلومات
يخشى المراقبون والحاضرون في مؤتمر Cop27 من أن العوائق “هي جزء من جهود السلطات المصرية لفصل مفاوضات المناخ الحيوية عن قضايا حقوق الإنسان”، حسب التقرير.
وأضاف: السلطات المصرية تسعى للتحكم فيما يمكن للمشاركين في منتجع شرم الشيخ البعيد رؤيته حول سجل مصر حول حقوق الإنسان الممتد لعقود من القمع. والحد من فهمهم للبلد الذي تجري فيه المحادثات.
ينقل تقرير الجارديان عن ألكساندريا فيلاسينور، الناشطة التي تقود منظمة الشباب المناخي “انتفاضة الأرض”. تغريده كتبتها على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، قالت فيها: “هناك الكثير من المواقع المحجوبة في مصر في Cop27. مما يجعل عملنا ملحوظًا ويصعب علينا. لا يمكننا استخدام موقعEarth Uprising Medium الخاص بنا، لأنه محظور”.
وأضافت: “لا يوجد عمل مناخي بدون الحقيقة والمعلومات”.
يوضح التقرير أن شركات الاتصالات المصرية “رفعت مؤقتًا حظرًا على مكالمات الصوت عبر بروتوكول الإنترنت (VoIP) في Cop27، مثل الاتصال عبر WhatsApp. “. لكن، مع ذلك “تركت السلطات نظامًا متطورًا وواسعًا لحجب المواقع التي تعتبر منتقدة للسلطات المصرية، بما في ذلك وسائل الإعلام المستقلة ومنظمات حقوق الإنسان”.
وتابع: قامت مجموعات حرية الإنترنت، بما في ذلك Korium وCitizen Lab، بتوثيق كيف تسمح تقنية الفحص العميق التي توفرها شركة Sandvine الكندية للسلطات المصرية بحجب المواقع الإلكترونية متى شاءت.
وتشير الجارديان إلى أن السلطات المصرية منعت الوصول إلى حوالي 700 موقع إلكتروني، بما في ذلك وسائل الإعلام الإخبارية المستقلة وجماعات المجتمع المدني. وأن هذا “يقيد بشدة الوصول إلى المعلومات التي يجب مناقشتها، بما في ذلك قضايا البيئة وحقوق الإنسان”.
ونقل عن مدير البيئة في هيومن رايتس ووتش، ريتشارد بيرسهاوس، قوله إن العمل المناخي الفعال “يتطلب المزيد من الأشخاص الذين يعبرون عن آرائهم، وليس أقل.
انتشر عدد المواقع المحجوبة منذ أن بدأت مصر في حجب المواقع الإخبارية المستقلة في عام 2017، بدءًا من “مدى مصر” و”قناة الجزيرة”، التي استهدفتها السلطات المصرية بشكل متكرر منذ عام 2013 بما في ذلك محاكمة لبعض صحفيي قناة الجزيرة.
مواقع محجوبة
في تقرير سابق، أفادت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، أنه بحلول سبتمبر/ أيلول 2020. أنه تم حجب 628 موقعًا في مصر، من بينها 116 موقعًا إخباريًا، و15 موقعًا تتناول قضايا حقوقية، و27 موقعًا للنقد السياسي، و349 موقعًا تتيح للمستخدمين تنزيل شبكة افتراضية خاصة -خدمات (VPN) محظورة أيضًا في مصر- وبالتالي تمنع مستخدمي الإنترنت من تخريب حظر الموقع.
وفي وقت سابق من هذا العام، تم توسيع الحجب على المواقع الإخبارية ليشمل منافذ إخبارية مستقلة، مما دفع منظمة حرية التعبير إلى القول إنه “لم تعلن أي وكالة حكومية حتى الآن مسؤوليتها عن قرارات الحجب هذه”.
أيضا، ذكرت هيومن رايتس ووتش قبل وقت قصير من بدء مؤتمر المناخ، أن “هناك حملة للدولة المصرية على النشاط البيئي والبحوث المستقلة، مما دفع العديد من النشطاء إلى السفر خارجا، وتقليص ما تستطيع الجماعات الموجودة داخل البلاد القيام به، خوفًا من الاعتقالات وإغلاق منظمتهم أو ما هو أسوأ”.
وقالت “عقبة أخرى أمام البحث المستقل هي القيود الشديدة على الوصول إلى المعلومات. هذه الرقابة الواسعة، إلى جانب الاعتقالات والملاحقات المنهجية للصحفيين. قد قيدت بشدة الوصول إلى المعلومات والتقارير حول الموضوعات التي تعتبرها الحكومة محظورة، بما في ذلك القضايا البيئية”.
اقرأ أيضا: الإضراب عن الطعام رغبة في النصر والحياة.. من يريد أن يموت علاء في السجن؟
العدلة المناخية وحقوق الإنسان
من المقرر أن تدير هيومن رايتس ووتش، مساء اليوم، ندوة مفتوحة عن حقوق الإنسان والعدالة المناخية يشارك فيها كل من سناء سيف شقيقة الناشط المصري/ البريطاني علاء عبد الفتاح، والأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أنياس كالامار، والمديرة التنفيذية لمنظمة هيومن رايتس ووتش تيرانا حسن، ووزيرة الدولة الألمانية جينيفر مورجان، وحسام بهجت مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية.
وتخصص الندوة، التي تقام بعنوان “العدالة المناخية وحقوق الإنسان في مؤتمر كوب 27 وما بعده”، وقتا للحديث عن تصعيد الناشط علاء عبد الفتاح لإضرابه الكامل عن الطعام والمياه، بالتزامن مع انعقاد القمة الدولية.
وتناول تقرير حديث لهيومن رايتس ووتش الإجراءات الأمنية التي اتخذتها السلطات المصرية لتأمين مؤتمر المناخ ومدينة شرم الشيخ. ونقل عن آدم كوجل، نائب مدير الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، قوله: ليس لدى الحكومة المصرية نية لتخفيف إجراءاتها الأمنية التعسفية والسماح بحرية التعبير والتجمع. ينبغي للسلطات المصرية ألا تمد قمعها لحقوق الإنسان إلى المساحة التي ستُعقد فيها القمة.
وأضاف التقرير: أصدرت الحكومة المصرية في 24 أكتوبر/تشرين الأول، تطبيقا للهواتف الذكية للحاضرين في “كوب27” يتطلب من المستخدمين تقديم معلومات شخصية، مثل أرقام جوازات سفرهم.
وتابع: يتطلب التطبيق، بناء على تحليل أولي أجرته منظمتان محليتان لحقوق الإنسان، الوصول إلى كاميرا الهاتف، والميكروفون، والموقع، والاتصال بـ “بلوتوث”. يمكن مشاركة جميع المعلومات التي يجمعها التطبيق مع أطراف ثالثة. المعلومات الواسعة النطاق تزيد مدى المراقبة وتثير مخاوف متعلقة بالخصوصية.
وأشار التقرير إلى “خطط من شأنها في الواقع تقييد وصول عامة الناس إلى مناقشات المناخ في شرم الشيخ”.
وذكرت المنظمة أن السلطات المصرية “اعتقلت العشرات منذ بداية أكتوبر/تشرين الأول لدعوتهم إلى احتجاجات مناهضة للحكومة في 11 نوفمبر/تشرين الثاني خلال المؤتمر. يواجه بعض المعتقلين، بحسب ما ورد، تهم “إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي” و”الانضمام إلى جماعة إرهابية”. وأفادت وسائل إعلام محلية أن عدد المعتقلين آخذ في الارتفاع”.