فرحا لماجد الكدواني، وموهبته واجتهاده وصبره، يمكن لنا أن نقدم تحية لفيلمه الجديد” فضل ونعمة”، والذي أتمنى أن يكون نجاحه في شباك التذاكر تعويضا حقيقيا عن الغصة التي مازال يشعر بها بعد ضياع فرصة البطولة المطلقة قبل 17 عاما، بعد الفشل الذريع الذي مني به فيلمه “جي في السريع”، وأن يكون الفيلم بداية لمكانه كبطل سينمائي.
اقرأ أيضا.. عن الجانب الخفي لمديحة كامل في “سنوات الظهور والاختفاء”
تلك الغصة لم تكن مستحقة من أجل خطأ واحد في الاختيار، لكنه السوق الذي لم يقدر تفرد الكدواني كممثل فذ وكوميديان مبتكر في قدرته على الإضحاك بأقل إيماءة من وجهه. يبدو أخيرا أنه هزم السوق عملا بنصيحة عادل إمام التي رواها بتأثر في البرامج، بعد أن كاد يستسلم للحزن عقب سقوط فيلمه، أن “يواصل العمل دون أن يلتفت إلى شيء، تاركا السوق ليضعه في مكانه”، وقد فعل لكن ربما ليس في مكانه المستحق، إذا أفلتت موهبته بأدوار كاشفة لعمق تلك الموهبة، يؤديها كلها بسلاسة ويجعل منها بصمة لا تنسى.
أذكر ملاحظة ذكية للناقد محمود عبد الشكور، الذي علق على غياب الكدواني لسنوات عن الدراما الرمضانية التي طالما احتفظت لممثلين أقل منه مكانة وشعبية وموهبة، ورغم ذلك كان قادر على خطف الأضواء وأن يعلق في الذاكرة عبر مشاهد بسيطة في إعلانات رمضان، وهو أمر إن دل على شيء فإنما يدل على اعوجاج في المنطق، بينما تدرك السوق الإعلانية قيمته كبراند وشخص قادر على الوصول إلى قلوب الناس ببساطة، ظلت عين المنتج السينمائي والتلفزيوني مغلقة عن حجم تلك الموهبة، وكانت أول بطولة تلفزيونية له قبل عام، على منصة “شاهد” السعودية.
لم يمنح الكدواني فرصة البطولة السينمائية مرة أخرى إلا بعد نجاح مسلسل “موضوع عائلي” على منصة شاهد السعودية والذي عرض قبل عام، كان نجاحه –المتأخر- هو السبب في أن يقوم ببطولة فيلم “فضل ونعمة”، بل أن عدد كبير من عناصر المسلسل استخدمت في الفيلم كضمان كسول لنجاحه، كمحمد شاهين، ومحمد رضوان وسما إبراهيم وطه دسوقي.
الفيلم رغم أنه كتابة أيمن وتار الذي قدم الكثير من تجارب الكتابة السيئة: كمسلسل رجالة البيت وفيلم الكويسين من بطولة أحمد فهمي، والبعض لا يذهب للمأذون مرتين لكريم عبد العزيز، والأبلة طم طم لياسمين عبد العزيز، إلا أنه نجح تلك المرة في تقديم فيلم مسل وقادر على الإضحاك من القلب فعلا، بالطبع قد يحتاج وتار إلى اختبارات أخرى، فقد تكون موهبة الكدواني والكيمياء الواضحة بينه وبين هند صبري -الكوميديانة بامتياز- وكذلك الأداء الساحر لمحمد رضوان في دور المقدم عزت وهو أيضا موهبة كبيرة أخرى كادت أن تسحق لولا الفرصة المتأخرة وربما لتأخر نضجه الفني، فبمنطق السوق أيضا قد يكون كل ما يحتاجه الممثل فضلا عن اكتمال أدواته هو نضج ملامحه من أجل لعب أدوار يحتاجها السوق.
أتمنى أن يكون نجاح الفيلم فاتحة أدوار بطولة لماجد الكدواني، تستغل موهبته على نطاق أوسع، وربما يصلح فيلم فضل ونعمة الذي يحتوي على كوميديا عائلية ممتازة، أن يكون فيلما من عدة أجزاء، بعد نجاحه في خلق شخصيتين مرسومتين بشكل جيد كفضل ونعمة، اللذين يشبهان الكثير من الآباء، في محاولتهما لنيل احترام أولادهما وكذلك تأمين معيشتهما عبر التحايل والابتكار والمحاولة، وقد يخوضان من أجل ذلك مغامرة ضد عصابة. فيلم يثبت أن مصر قادرة على المنافسة في مجال الأفلام الكوميدية، وهو أمر مستمر على مدار تاريخها.