تزامنا مع انعقاد قمة الدول الأطراف الموقعة على الاتفاقية الإطارية للمناخ Cop27، والتي تستمر بشرم الشيخ حتى 18 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري. نشرت وكالة أنباء أسوشيتدبرس الأمريكية العالمية، تقريرا حول مستقبل الطاقة النظيفة في مصر، عبر زيارة لمحطة بنبان للطاقة الشمسية في جنوب البلاد.

يقول التقرير: من مسافة بعيدة، يمكن بسهولة الخلط بين المناظر الطبيعية التي لا نهاية لها من الألواح الشمسية الممتدة نحو الأفق، والمحاصيل التي تقترب من الحصاد. لكن هنا في الصحراء في جنوب مصر، كان العمال يزرعون سلعة ثمينة أخرى: الكهرباء.

رغم جهود الانتقال للطاقة النظيفة تعتمد الكثير من البنية التحتية للبلاد على الوقود الأحفوري

مع سطوع الشمس شبه الدائم والرياح على سواحل البحر الأحمر، يقول الخبراء إن مصر في وضع جيد يجعلها خضراء. بعد أن تضرب الشمس الألواح الشمسية الكهروضوئية، تولد الشحنة الحرارية الكهرباء التي يتم تشغيلها إلى أربع محطات طاقة مملوكة للحكومة، وتوزع الطاقة عبر الشبكة الوطنية في مصر. إنه جزء من جهود الدولة لزيادة إنتاج الطاقة المتجددة.

ومع ذلك، فهي أيضًا دولة نامية. وتواجه، مثل العديد من الدول الأخرى، عقبات في إجراء التحول إلى الطاقة النظيفة. حيث تعتمد الكثير من البنية التحتية للبلاد على الوقود الأحفوري، لتزويد الدولة التي يبلغ عدد سكانها حوالي 104 ملايين نسمة بالكهرباء.

اقرأ أيضا: هل يتحول الشرق الأوسط إلى “قوة شمسية عظمى”؟

تسريع الانتقال النظيف

بينما مصر ليست ملزمة بأي سقف لانبعاثات الكربون، لكنها تعهدت بتخفيف والحد من زيادة الانبعاثات عبر القطاعات الرئيسية الملوثة، مثل الكهرباء والنقل. ساعد على ذلك استخدامها للغاز الطبيعي -مما سمح بالابتعاد عن حرق الفحم والنفط وهي صناعات أكثر قذارة- ولكن مع ذلك، لا يزال الغاز وقودًا أحفوريًا.

ومن شرم الشيخ، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي كان يحضر مؤتمر المناخ، الجمعة، إن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وألمانيا سيقدمون حزمة بقيمة 500 مليون دولار لتمويل وتسهيل انتقال مصر إلى الطاقة النظيفة. وتسريع هدف البلاد الطموح للوصول إلى إنتاج 42% من الكهرباء المولدة من مصادر متجددة في عام 2030. أي قبل خمس سنوات مما كان مخططا له سابقا.

يشير التقرير إلى أن القاهرة، بصفتها مضيفة لقمة المناخ العالمية هذا العام، تضغط على الدول الأخرى لتنفيذ الوعود المناخية التي تم التعهد بها في المؤتمرات السابقة. ويلفت إلى أن مزرعة الألواح الشمسية، وهي المشروع الرائد في مصر المسمى “بنبان” على اسم قرية صغيرة. قد يضع البلاد في طليعة القارة الإفريقية عندما يتعلق الأمر بالطاقة المتجددة.

ينقل التقرير عن كريم الجندي، الخبير في تشاتام هاوس والمتخصص في الاستدامة الحضرية وسياسة المناخ. قوله إن مصر فشلت في تحقيق هدفها المتمثل في الحصول على 20% من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2022. لكن الرقم الحالي يقترب الآن من 10%، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية.

وأوضح الجندي أن هناك طلب أقل على الطاقة الشمسية “ويرجع ذلك جزئيًا إلى تدفق الغاز الطبيعي، وذلك بفضل الاكتشافات الجديدة الموجودة في الجانب المصري من البحر الأبيض المتوسط”.

وأضاف: لقد لاحظنا اهتمامًا أقل في العامين الماضيين بمشاريع الطاقة المتجددة المتكاملة في مصر. سواء من حيث الطاقة الشمسية في الجنوب، وطاقة الرياح.

تقليل الانبعاثات

أعلن بايدن، أيضا في شرم الشيخ، أنه سيعمل مع مصر على تقليل انبعاثات الغاز. من خلال “تحييد ما يقرب من 14 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، والتي تقوم مصر حاليًا بإشعالها، أو تنفيسها، أو تسريبها من عمليات النفط والغاز”.

وقال: بسبب هذا التعاون، رفعت مصر من مستوى طموحها المناخي”. مشيرًا إلى أهداف المناخ التي يتعين على الدول تقديمها إلى الأمم المتحدة بما يتماشى مع اتفاقية باريس.

بالتزامن مع هذا الحديث، يلفت تقرير الوكالة الإخبارية إلى أن الحكومة المصرية كشفت عن القليل من التفاصيل حول كيفية تنفيذ أو تمويل رؤية 2035. أو خطة 2030 المنقحة التي ذكرتها الولايات المتحدة وألمانيا في بيان مشترك مع مصر.

يقول: من المرجح أن يلعب الاستثمار الأجنبي دورًا كبيرًا، حيث تتطلع البلدان في أوروبا جنوبًا للحصول على الطاقة الشمسية المصرية. حيث خصص البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير 10 مليارات دولار لتمويل أكثر من 150 مشروعًا في جميع أنحاء مصر، مع إعلان بنبان كأحد نجاحاته الرئيسية.

يلفت التقرير كذلك إلى أنه “تم تصميم المزرعة المترامية الأطراف لتنمو مع زيادة الطلب على الطاقة الشمسية”. ونقل عن فيصل عيسى، المدير العام لفرع مصر في شركة ليكيلا، وهي شركة هولندية استثمرت في بنبان، قوله: “إنها توفر إمكانات كبيرة لنا وللمستثمرين الآخرين”.

وأضاف التقرير إلى أن هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة أشارت إلى أن بنبان “قد خفضت بالفعل إنتاج البلاد السنوي من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. لكن هناك طريق طويل يجب عبوره”.

وتابع: في عام 2020، شكلت مصادر الطاقة المتجددة 6% من استهلاك الطاقة في مصر، وفقًا لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية. حيث شكلت المنتجات البترولية 36% والغاز الطبيعي بنسبة 57%، وشكل الفحم 1% فقط.

من المرجح أن يلعب الاستثمار الأجنبي دورًا كبيرًا حيث تتطلع البلدان في أوروبا جنوبًا للحصول على الطاقة الشمسية

اقرأ أيضا: مصر تتوسع في الطاقة الشمسية.. عقبتان أمام الإنتاج المنزلي

الفاتورة

يوضح التقرير أنه “قد يكون لمصر أيضًا حافزًا أقل للاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة. في الوقت الذي تكافح فيه التحديات المحلية، بما في ذلك الأزمة الاقتصادية الناجمة عن جائحة فيروس كورونا، والحرب الروسية في أوكرانيا”.

ولفت إلى أن آثار تغير المناخ “صارت محسوسة بالفعل في دلتا نهر النيل”. حيث أدى ارتفاع منسوب مياه البحار إلى زحف الملح الذي يقضي على الجذور والمزارع، ويدمر سبل عيش المزارعين المصريين.

وبينما تمثل أكبر دولة في العالم العربي من حيث عدد السكان 0.6% فقط من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية. لكنها تواجه مستويات عالية من التلوث الحضري، حيث يعيش معظم السكان في أحياء مكتظة بالسكان على طول ضفاف النيل الخصبة وشمال الدلتا.

يضيف مراسل الوكالة الموجود في مصر: هنا، عوادم السيارات ووسائل النقل الجماعي التي تعمل بالديزل تسد الشوارع. يزيد تعرض المصريين لتلوث الهواء، في المتوسط، 13 مرة عن الإرشادات التي أوصت بها منظمة الصحة العالمية. والتي كانت مسؤولة عن 90559 حالة وفاة مبكرة “في مصر” في عام 2019، وفقًا للإحصاءات التي جمعتها الأمم المتحدة.

وأشار إلى أن “القاهرة، عاصمة البلاد المزدحمة، تعد ثاني أكبر مصدر لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري. بعد حقل ظهر العملاق للغاز الطبيعي، وفقًا لـ “كلايمت ترايس”

وبينما الـ 90% المتبقية من أراضي مصر هي صحراء غير صالحة للسكن. قالت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة -مقرها أبو ظبي- أنه من خلال الاستفادة بشكل أفضل من الامتدادات والسواحل الشاسعة. فإن الدولة الواقعة في شمال إفريقيا، يمكن أن تولد أكثر من نصف احتياجاتها من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030.