اليوم الاثنين 14 نوفمبر، تنعقد قمة في غاية الأهمية بين الرئيسين الأمريكي جو بايدن والصيني تشي چين بينج على هامش قمة العشرين (G 20) في جزيرة “بالي” الإندونسية لبحث عدد من القضايا العالمية، على رأسها الغزو الروسي لأوكرانيا وإجراءات كوريا الشمالية الاستفزازية الأخيرة، والقضية التايوانية، والقضايا العالقة بموضوع الرقائق الإلكترونية، وخاصة بعد أن أعلنت كبريات الشركات والمؤسسات الصينية عن تعطل الإنتاج لديها بسبب الإجراءات الأمريكية ضد الصين في هذا المجال.
اقرأ أيضا.. مناورات بوتين وأردوغان في دول الغبار البشري
قضايا كثيرة، إقليمية ودولية، سيناقشها زعيما أكبر دولتين في العالم، في ظل عدم حضور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. والأكثر إثارة للدهشة أن بوتين لن يشارك أيضا في قمة التعاون الاقتصادي في شرق آسيا والمحيط الهادي (آبيك) يومي 18 و19 نوفمبر الجاري أيضا والتي ستنعقد في بانكوك بتايلاند. أي أن الرئيس الروسي يغيب عن قمم مهمة، ومن ضمنها أيضا قمة المناخ المنعقدة في منتجع شرم الشيخ المصري، بينما تشارك واشنطن وبكين في لقاءات لبحث القضايا الإقليمية والدولية، رغم التباينات والمنافسات، وربما أيضا الصراعات.
غياب روسي ملحوظ ومؤثر ومزعج، ومثير للأسف لأن لا روسيا ولا الشعب الروسي يستحقان أي شكل من أشكال التغييب أو التعتيم. بينما صقور الحروب ينعقون في الصحف ووسائل الإعلام عبر حملات إعلامية رديئة بامتشاق السيوف ورفع رايات الحرب، وكأنهم فعلا يكرهون روسيا والشعب الروسي والثقافة الروسية، ويرغبون بأن يحدث لهم ما حدث للاتحاد السوفيتي: ألم يكونوا هم أنفسهم أو آباؤهم ورفاقهم الأشاوس السابقون، الذين كانوا ينعقون طوال 70 عاما بانهيار الإمبريالية والرأسمالية العالمية؟! أليسوا هم الذين كانوا يصرخون ويطبلون ويزمرون بانتصار الاشتراكية والشيوعية السوفيتية المجيدة، وانهيار أمريكا والغرب؟! فماذا حدث! إنهم يكررون نفس المأساة وكأنهم لا يتعلمون، أو لا يريدون أن يتعلموا.
لقد بدأت المؤسسات الأمريكية والصينية باللقاءات الثنائية للإعداد للقمة. وبدأت اللجان الفنية والتقنية تلتقي من أجل وضع النقاط على الحروف في عملية طويلة ومعقدة ستبدأ بلقاء قد يكون مهما بالفعل في قمة العشرين على الرغم من أن لا أحد يتوقع منه قرارات مصيرية.. إنها عملية مليئة بالشد والجذب وبالملفات الساخنة والخلافية. ولكنها خلافات ومنافسات بين قوتين كبيرتين مسؤولتين، وقادرتين على إدارة الملفات الخطيرة بمنطقية وبرجماتية وبرؤوس باردة، حرصا على واحد من أكبر أحجام التبادل التجاري في التاريخ (850 مليار دولار)، وحرصا أيضا على أن يظل حجم التبادل التجاري بين الصين نفسها وبين الاتحاد الأوروبي أيضا في أعلى مستوياته (800 مليار دولار).
بوادر عودة مجموعة الاثنين (G2) لضبط إيقاع العالم
في ظل هذه التحولات الإقليمية والعالمية، ومغامرات المتطرفين التي وصلت لحد التهديد بالحرب العالمية الثالثة والحرب النووية، قد يصبح مفهوم التفاعل بين الصين والولايات المتحدة في صيغة (G2) (مجموعة الاثنين) مناسبا مرة أخرى. حول هذه الفكرة، جات افتتاحية نشرتها “صحيفة جنوب الصين الصباحية” يوم الخميس 10 نوفمبر 2022، حيث رأت الصحيفة أن تلك الصيغة قد تصبح مناسبة مرة أخرى على خلفية الاضطرابات التي تحدث في العالم وطول أمد الصراع بين روسيا وأوكرانيا.
وأشارت الصحيفة الصينية إلى أنه “في عالم على أعتاب حرب باردة جديدة، قد تجد صيغة G2 المهجورة للعلاقات الصينية- الأمريكية مكانتها مرة أخرى تحت الشمس”، معتبرة أن الأسبوعين المقبلين سيكونان مهمين للعالم بأسره. وذلك في ضوء مؤتمر الأمم المتحدة حول تغير المناخ في منتجع شرم الشيخ المصري، وقمة مجموعة العشرين في منتجع بالي في إندونيسيا.
وتابعت الجريدة: “من الواضح أن مصير هذه الأحداث والعالم بأسره سيعتمد على كيفية قيام بكين وواشنطن بالوقوف على أهبة الاستعداد للتعاون في ظل النظام الدولي متعدد الأقطاب، مدفوعا بالحرب التي طال أمدها بين روسيا وأوكرانيا والمشاحنات المريرة بين الولايات المتحدة والصين”.
افتتاحية الصحيفة الصينية تعتقد أن مناقشة مفهوم الارتباط غير الرسمي داخل صيغة G2 بين الصين والولايات المتحدة، والذي أصبح شائعا بعد الأزمة المالية العالمية عام 2008، قد عاد أيضا، وأصبح أمرا حيويا. وفي الواقع، فإن هذه الصيغة تطرح نفسها كصيغة حتمية بعد أن تأسس أمر واقع عالمي بحاجة ماسة إليها. أو بالأحرى، فهذه الصيغة بُعِثَت من جديد بشكل منطقي تماما، وكل ما يدور في العالم، وبين الصين والولايات المتحدة، يؤكد حيويتها وحتميتها. وهذه الصيغة، كما تقول الصحيفة، روج لها عالم السياسة الأمريكي ومستشار الأمن القومي السابق زبيجنيو بريجنسكي، والذي يتمثل في تقديم العلاقات الأمريكية الصينية كشراكة شاملة، ومنع الصدام بين الحضارتين. ووفقا لمؤيدي هذه الصيغة/ المشروع، فإن منح الصين مكانة شريك قريب من النظير، يمكن أن يساعد في تشجيع بكين على اللعب وفقا للقواعد، وتشجيع التعاون لتجنب المنافسة الصفرية معها.
هنا تصل الصحيفة إلى مربط الفرس، حيث تحاول تمرير فكرة أساسية: “بالنظر إلى الماضي، فإن تلك كانت بمثابة فرصة ضائعة بالنسبة للصين. فإذا قبلت بكين بصيغة G2 وهي مبادرة نادرة للقيادة المشتركة للولايات المتحدة والصين على المسرح العالمي، فقد يتغير مسار تنمية العلاقات الثنائية والعالم بأسره”. لكنها تعود لتقول: “إن هذا المفهوم في البداية لم يتعارض مع رغبة بكين في أن تصبح لاعبا معتبرا وعظيما على قدم المساواة مع واشنطن. ومع ذلك فقد رأت الصين في ذلك فخا من جانب الولايات المتحدة يهدف إلى إعاقة تنميتها.. وكان انسحاب بكين من صيغة G2 فيما بعد علامة فارقة في العلاقات الثنائية بين البلدين، ما مثل صعودا متزايد الثقة والحزم للصين، فضلا عن انعكاس حاد في سياسة واشنطن التي استمرت لعقود طويلة في التعامل مع الصين”. ومرة أخرى تعود الصحيفة لتشدد على أهمية وحيوية الفكرة: “في عالم من الفوضى وعدم اليقين بعد جائحة كورونا، من الواضح أن صيغة G2 قد اكتسبت أهمية ملحة حيث تحول تركيزها من التعاون إلى كيفية كبح التوترات”.
بوتين الغارق في أوكرانيا ومناورات التفاوض الكوميدية
في يوم 30 أكتوبر 2022، وفي تحول جديد في الموقف الروسي حتى وإن كان شكليا، صرح الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف بأن “وجود إرادة لدى الولايات المتحدة للاستماع إلى المخاوف الروسية بما فيها تلك المتعلقة بالأمن، من شأنه أن يشكل أرضية للحوار بين الرئيسين، الروسي فلاديمير بوتين والأمريكي جو بايدن”. وقال إنه يعني توافر إرادة لدى الولايات المتحدة للعودة إلى الوضع الذي كان قائما في ديسمبر ويناير الماضيين. وذلك من دون أن يوضح الموقف من ضم الأراضي الأوكرانية واستمرار العمليات القتالية الروسية في أوكرانيا. كما أوضح بأن ما تطرحه روسيا قد لا يكون مناسبًا للجميع، ولكن الأمر يستحق الجلوس إلى طاولة التفاوض لبحث مقترحات موسكو الخاصة بالضمانات الأمنية.
وعلى الفور التقطت الخارجية الروسية الخيط، وصرح وزير الخارجية سيرجي لافروف أيضا بأن القيادة الروسية وعلى رأسها الرئيس فلاديمير بوتين مستعدة لإجراء مفاوضات بشأن أوكرانيا. وقال “نحن مستعدون للاستماع إلى مقترحات شركائنا الغربيين التي تهدف إلى نزع التوتر، لذلك إذا تم توجيه مقترحات واقعية لنا، تقوم على مبادئ المساواة واحترام مصالح بعضنا البعض، بهدف إيجاد حلول وسط وتحقيق التوازن بين مصالح جميع الدول، سنكون مع ذلك”.
إلى هذا الحد، يمكن اعتبار مثل تلك التصريحات إما حسن نية من جانب موسكو، أو محاولة يائسة لإيقاف العقوبات والخسائر المتوالية في أوكرانيا، وتقليص آثار الورطة التاريخية التي انزلقت إليها موسكو. ولكن الأمر كان مجرد “مزحة طفولية”، حيث بدأ مسؤولو الحلقات الوسطى يتلاعبون بموضوع المفاوضات ويغذون وسائل الإعلام الشعبوية ويوسعون من حملات التضليل. ففي يوم 8 نوفمبر 2022، توالت التصريحات المتضاربة، وكأن المؤسسات الروسية لا تنسق مع بعضها البعض، أو أن هناك قصدا لإثارة حالة من الارتباك والخلط واختلاق المشاكل الفرعية والشكلية بهدف إبعاد الاهتمام عن القضية الأساسية، وهي غزو روسيا لأوكرانيا من جهة، والتغطية على الخسائر الروسية هناك من جهة أخرى. في هذا اليوم، أعلن نائب وزير الخارجية الروسي أندريه رودينكو أن روسيا ليس لديها شروط مسبقة لإجراء مفاوضات مع أوكرانيا، لكن يتعين على كييف أن تظهر حسن النية. وأكد: “لا توجد شروط مسبقة من جانبنا، باستثناء الشرط الرئيسي – أن تظهر أوكرانيا حسن النية”.
وفي اليوم التالي، يوم 9 نوفمبر، صرح رئيس لجنة الأمن والدفاع في المجلس الفيدرالي فيكتور بونداريف بأن “الشروط التي طرحها الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي للمفاوضات مع روسيا سخيفة. وأن عودة مناطق دونباس وخيرسون وزابوروجيه إلى روسيا هي أصلا استعادة لوحدة أراضيها، لأن هذه الأراضي روسية في الأصل”. وقال “لن نسمح بعد الآن بالخروج على القانون على أراضي هذه الدولة المجاورة، أي ما حدث في أوكرانيا بعد ربيع عام 2014”. وفي نفس اليوم، أكدت المتحدثة باسم الخارجية الروسية أن موسكو لم ترفض قط إجراء مفاوضات مع أوكرانيا، ولكن هذه المفاوضات يجب أن تجري وفقا للأمر الواقع على الأرض. أي أن موسكو لم تتنازل عن أي من شروطها الخمسة التي زادت إلى ستة شروط بعد ضم المناطق الأوكرانية الأربع.
هذه الحملة الغريبة تزامنت مع حملة أخرى حول وجود مفاوضات سرية بين موسكو وواشنطن بشأن أوكرانيا. وأظهرت وسائل الإعلام الروسية “مهنيتها التاريخية” خلال هذه الحملة التي كانت تعتمد على آراء المحللين والصحفيين، وعلى مواقع إلكترونية لم يسمع بها أحد. هذا إضافة إلى تصريحات صغار المسؤولين الروس الذين يستقون معلوماتهم من أفواه الصحفيين ومن “المواقع الإلكترونية السيارة”. وخلال الفترة من 8 إلى 11 نوفمبر تحولت الأزمة الأوكرانية إلى مجرد حملة بروباجندا غريبة الأطوار تختلط فيها الأسافين الأمنية والاستخباراتية بآراء صغار الصحفيين والمحررين. بينما الدول الغربية تواصل الاستغناء التدريجي عن موارد الطاقة الروسية، وتمد أوكرانيا بالأسلحة المتطورة، وتكشف عن سير أي مفاوضات أو اتصالات مع الجانب الروسي أو غيره، وتزود كييف أيضا بكافة المساعدات المالية واللوجستية الضرورية.
ماذا يجري في خيرسون!
يبدو أن حالة الخلط والتضليل هذه كان المقصود بها التعتيم على ما يجري ميدانيا في أوكرانيا، حيث أعلن وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو في اجتماع مع قائد العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا الجنرال سيرجي سوروفيكين الانسحاب الكامل من خيرسون وسحب كل القوات من ضواحيها. وهذه هي إحدى المناطق الأوكرانية الأربع التي تم ضمها مؤخرا إلى روسيا. وهي مفترق طرق استراتيجي، ومنطقة حيوية تتحكم في جزء كبير من خطوط إمدادات القرم.
هناك توقعات، بأنه بعد انتهاء القوات الأوكرانية من إعادة انتشارها في المناطق التي استعادتها من روسيا، سيهدأ القتال أو يتوقف على الجبهة الجنوبية، إلا من قصف هنا أو هناك. وقد تنتقل المعارك إلى القطاع الأوسط في اتجاه مدينة وميناء ماريوبول. ولكن في كل الأحوال لن تكون هناك عمليات واسعة النطاق خلال أشهر الشتاء. ومع ذلك، فهناك مخاوف من هجوم روسي مفاجئ وقصف من مسافات بعيدة بأسلحة نوعية، خاصة وأن الروس فرغوا خيرسون كلها من المدنيين، ونقلوا أعدادا ضخمة من السكان إلى أماكن أخرى، بما في ذلك إلى روسيا نفسها. ومن جهة أخرى، فإن الجنرال سوروفيكين، هو مهندس “البراميل المتفجرة” في سوريا! ما يعني أن المخاوف مبررة تماما بشأن إمكانية تدمير مقاطعة خيرسون وتسويتها بالأرض تماما، بحيث لا يمكن أن يستفيد منها أحد خلال السنوات المقبلة، وبدلا من كونها منطقة استراتيجية وعقدة طرق، تتحول إلى ثقب أسود يبتلع كل من يقترب منه.
ولكن من جهة أخرى، فالغرب بتحذيره الصارم والنهائي لبوتين من استخدام أي أسلحة نووية أو كيميائية في أوكرانيا، قطع على روسيا إمكانية استخدام أسلحة ممنوعة أو محرمة. كما أن بوادر الإنهاك بدأت تظهر على القوات الروسية، إلى جانب ظهور مشاكل في الجيش النظامي، ومشاكل في صناعة السلاح، ومشاكل في توافر التقنيات الدقيقة، ومشاكل اجتماعية بسبب التعبئة الجزئية. وهناك أنباء غير مؤكدة بعد حول الإعداد لعملية تعبئة جزئية جديدة بحلول شهر فبراير 2023. ومن المحتمل أن تكون تعبئة عامة في حال إذا لم يتم التوصل إلى أي شكل من أشكال التهدئة ولو حتى بنسبة 10%. والتعبئة المقبلة، سواء كانت جزئية أو عامة ستدفع الشعب إلى الغليان من جهة، وستعكس الحالة التي وصلت إليها القيادة الروسية من جهة أخرى. ومع ذلك، فمن المستبعد تماما وقوع أي انقلابات في روسيا أو إزاحة من أي نوع للرئيس فلاديمير بوتين. فهو منذ عام 2014، يقوم بتركيز السلطة في يده، ويستحدث أجهزة أمنية خاصة ونوعية وتابعة له مباشرة. لكن، لا يمكن استثناء وقوع انشقاقات وهروب وتقاعس، ومناورات بيروقراطية وتململ من جانب المنظومة الإدارية الروسية. كل ذلك يمكن أن يؤثر على المدى المتوسط إذا لم تظهر حلول ما للأزمة الأوكرانية مع بداية العام الثاني للغزو في 24 فبراير 2023.
تداعيات الفشل الروسي وغياب موسكو
لقد فشلت إدارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في دق أي إسفين بين الصين والولايات المتحدة. بينما الأخيرة لا يعنيها إلا تحقيق مصالحها، بعيدا عن سياسات “كيد النسا” و”دق الأسافين”. وبالتالي، استطاعت أن تضبط علاقاتها مع الصين، حتى عندما كادت تتعرض لهزة عنيفة بسبب زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكية نانسي بيلوسي إلى تايوان. وفي الحقيقة، يعود الفضل في ضبط العلاقة إلى الصين وليس إلى الولايات المتحدة على الرغم من محاولات روسيا آنذاك صب الزيت على النار، والسعي لدفع القيادة الصينية إلى ارتكاب حماقات مع تايوان مشابهة لحماقات القيادة الروسية في أوكرانيا. ولكن بكين كانت عاقلة وحكيمة وقادرة على ضبط أعصابها وضبط مصالحها.
اليوم تراجعت روسيا، وسمعة روسيا، إلى الخلفية. وصعدت الصين كقوة عظمى ثانية وشريكة للولايات المتحدة في بحث القضايا الدولية رغم اختلاف وجهات النظر وتباين المصالح نسبيا. بعد تراجع موسكو وسمعتها وتهميشها على أرض الواقع، أصبحت بكين وواشنطن تتعاملان بمسؤولية مشتركة في مناقشة تسوية الأمور في ملفات دولية عدة، من بينها الملف الروسي- الأوكراني، وتركتا روسيا تتفاهم مع تركيا عضو حلف الناتو والتي تلعب أكثر من لعبة مزدوجة، لم يتضرر منها الغرب بعد. أي جعلتا روسيا تقف على نفس المستوى الذي تقف عليه تركيا كقوة إقليمية، ولكنها تملك أسلحة نووية فقط. فيما بدأت تخفض من إنتاجها موارد الطاقة بسبب العقوبات الغربية، وتبيع ما تنتجه من نفط وغاز وأسلحة بأسعار منخفضة للغاية أو تتبرع بها مقابل دعمها لوجستيا وإعلاميا.
هذا ما تحدثنا عنه في بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، وحذرنا منه بشدة. ومع ذلك، فقد تم توريط روسيا التي نعرفها ونحبها ونحترمها.. روسيا الثقافة والتاريخ، روسيا الشعب الروسي العظيم قبل كل شيء، في حرب لا ناقة لها فيها ولا جمل، سوى طموحات قومية متطرفة وغير مبررة، وتعصب قومي ماضوي من أجل إحياء الإمبراطوريات الغاربة.