عزيزي القاريء

أنت تحت السيطرة والمراقبة في كل دول العالم بلا استثناء، فالإنترنت جعل اختراق حياتك داخل المنزل أمرا متاحا، ففقدت أنت خصوصيتك، ولم تصبح هناك أسرار في حياتك، لكن الأخطر الآن أن حركة أموالك تحت المراقبة، تحت ما يسمى البنوك الرقمية، ثم أنت مراقب عبر الكاميرات المنتشرة في الشوارع.

الآن في الولايات المتحدة الأمريكية، هناك حركة مضادة لزرع شريحة رقمية في الأدمغة، خوفا من السيطرة على تحركات وقرارات البشر، وشركات تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي، ذهبت إلى ما هو أبعد عبر قراءة أفكارك وقراراتك، مما تكتبه على وسائل التواصل الاجتماعي، ومحادثاتك الهاتفية، إذًا نحن البشر نفقد بالتدريج ذاتنا لصالح فضاء رقمي يسيطر عليه من لا نعرفه ولا نعرف ماذا يريد.

وأخطر ما أعلن عنه، في تقرير جديد، أن الحكومة الصينية تستخدم حاليا أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي لمراقبة عقول العشرات من مسئولي الحزب الشيوعي الحاكم. ادعى باحثون في الصين أنهم طوروا برنامجا يمكنه تحليل تعبيرات الوجه وموجات الدماغ بدقة؛ لمراقبة ما إذا كان الأشخاص منتبهين “للأفكار والتثقيف السياسي”.

وبحسب مراسلة صحيفة “التايمز” البريطانية في بكين ديدي تانج، تم تطوير النظام من قبل باحثين في مركز هيفي الوطني للعلوم بالصين.

وأوضح المركز أنه سيتم استخدام هذه التكنولوجيا الفائقة “لزيادة ترسيخ ثقتهم (المسئولين) وعزمهم على أن يكونوا ممتنين للحزب، والاستماع إلى الحزب، والامتثال للحزب”.

وقال المعهد إنه شجع 43 من فريق البحث الأعضاء في الحزب على تلقي الدروس أثناء مراقبة البرنامج الجديد لهم. وقالت تانج إن التقرير الذي يشرح تفاصيل هذه التقنية تم نشره على الإنترنت في الأول من يوليو الجاري، لكنه حُذف بعد ذلك بوقت قصير.

الولايات المتحدة الأمريكية واليابان والصين وروسيا يتوجهون إلى هذا المضمار دون هوادة، للسيطرة على الداخل والخارج.

الآن، نحن في حروب من جيل جديد أبشع من حروب الماضي، فأصبح ما يسمى الاستقلال الوطني واستقلال القرار الوطني محل شكوك، والحرب الأمريكية الروسية على الأراضي الأوكرانية حرب تكسير إرادات؛ جانب منها يدور في الفضاء الرقمي، إذ تريد الولايات المتحدة استنزاف وإضعاف روسيا إلى حد لا يجعلها تفكر مستقبلا في خوض حرب جديدة على الأراضي الأوروبية، وروسيا تريد إعادة توزيع النفوذ والمصالح الاقتصادية، والولايات المتحدة وأوروبا أغلقوا برمجيات وصادرات متصلة بالصناعات الرقمية المتوجهة لروسيا، وروسيا أغلقت كل ما يدعم هذه الصناعات والبرمجيات مصدر منها، فضلا عن استخدام كل التقنيات الرقمية في حرب أوكرانيا.

العالم يتغير الآن، إذا لم تكن لدينا قناعة بأن نتغير وأن نجعل الجبهة الداخلية متماسكة والمواطن انتماءه للوطن بالقناعة والحب والحوار الحقيقي، سيصبح الوطن تحت رحمة الآخر.