رغم نجاح المرأة المصرية في الحصول على قدر كبير من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، إلا أنها لا تزال تعاني أشكالا عدة من العنف. ووفق دراسة للمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، أجريت بالشراكة مع المجلس القومي للمرأة، بشأن العنف ضد المرأة في عام 2022 فقط، لا تزال نسبة النساء المصريات المعرضات للعنف عند أعلى مستوى لها على الإطلاق. حيث تعاني 75% من النساء من نوع واحد على الأقل من العنف، بينما تعاني 80% منهن من التحرش بأنواعه.
اقرأ أيضا.. توصيات “دام” لتوفير حماية اجتماعية لربات البيوت: 2 % من راتب الزوج في “حساب الزوجة”
الدراسة قسمت العنف الممارس ضد المرأة إلى عدة أنواع، أهمها التحرش الجنسي واللفظي، بالإضافة إلى الابتزاز الإلكتروني وضحايا العنف الأسري، وما أسمته بـ”ضحايا الرفض”. في التقرير التالي نبرز أهم نتائج الدراسة..
الابتزاز الإلكتروني:
بسنت خالد (3 يناير/ كانون الثاني 2022): في يناير/ كانون الثاني الماضي، تصدرت الفتاة القاصر “بسنت خالد” -بنت مدينة كفر الزيات بمحافظة الغربية (شمال البلاد)- مواقع التواصل بخبر انتحارها بتناول حبوب الغلة المسمومة، ذلك بعد أن تركت لوالدتها رسالة بخط يدها، دونت فيها: “ماما أرجو أنك تفهميني، دي صور متركبة.. والله العظيم وقسمًا بالله دي ما أنا.. أنا يا ماما مش البنت دي.. أنا يا ماما جالي اكتئاب بجد.. أنا مش قادرة أنا بتخنق، أنا تعبت”.
عقب الحادث تبين أن “بسنت” التي لم تتجاوز 17 عامًا وقعت ضحية الابتزاز بتركيب صور مفبركة لها من قبل أحد الشباب، الأمر الذي تفاعل معه رواد مواقع التواصل بهاشتاج “#حق_بسنت_لازم_يرجع”، ليتبين لاحقًا أن وراء ارتكاب الواقعة 5 شباب، وجهت لهم اتهامات بالاتجار بالبشر، باستغلالهم ضعف المجني عليها أمام تهديداتهم بنشر صور مخلّة منسوبة لها بقصد استغلالها جنسيًّا وإجبارها على ممارسة أفعال مخلة، واتهام بعضهم بهتك عرضها بالقوة والتهديد، وتهديدها بنشر صور خادشة لشرفها، وكان التهديد مصحوبًا بطلبات منها، واعتدائهم جميعًا بذلك على حرمة حياتها الخاصة، وتعديهم على المبادئ والقيم الأسرية في المجتمع المصري باستخدام شبكة المعلومات الدولية.
وقضت محكمة جنايات طنطا، الدائرة الأولى، بمعاقبة المتهمين الـ5 في قضية بسنت خالد ضحية الابتزاز الإلكتروني بالسجن 15 سنة لـ3 متهمين، ومعاقبة 2 آخرين بالسجن 5 سنوات.
هايدي شحتة (30 يناير/ كانون الثاني 2022): تكررت مأساة “بسنت” مع أخرى أصغر سنًا “هايدي شحتة – 14 عامًا”، ابنة محافظة الشرقية (شمالي البلاد) التي انتحرت أيضًا بتناول حبوب الغلال، متأثرة باستغلال بالابتزاز من 6 من جيرانها الذين فبركوا لها صورًا فاضحة، بقيادة سيدة، طلبًا لمبالغ مالية. وهو ما حدث، حيث خضعت الأسرة للضغوط وقدموا المبالغ المطلوبة، إلا أن التهديدات لم تتوقف حتى وفاة الفتاة.
وأصدرت محكمة جنايات الزقازيق بمحافظة الشرقية، في فبراير/ شباط الماضي، حكمها بالسجن المُشدد 6 سنوات للمتهمة الأولى (جارة الطفلة)، والسجن المشدد 10 سنوات للمدانتين ابنتي المتهمة الأولى، والسجن لمدة 6 سنوات لمتهمين آخرين.
ضحايا العنف الأسري:
طالبة الأسنان سارة خالد (منتصف يونيو/ حزيران 2022): لقيت طالبة الأسنان سارة خالد مصرعها إثر سقوطها من شرفة الطابق الخامس بعقار في منطقة مصر الجديدة بمحافظة القاهرة. وبيَّن تقرير الطب الشرعي أنها تعرضت لعنف بدني قبل وفاتها، نتج عنه بعض الكدمات في أنحاء متفرقة من جسدها.
وانتهت التحقيقات إلى أن الوفاة طبيعية ولا تشوبها واقعة جنائية، وألقي القبض على والديها بتهمة الضرب، قبل أن يخلى سبيلهما لاحقًا.
ضحايا الرفض:
نيرة أشرف (20 يونيو/ حزيران 2022): جوار سور جامعة المنصورة في محافظة الدقهلية، وفي وضح النهار، وقعت جريمة قتل الطالبة الجامعية نيرة على يد زميلها محمد عادل. تلك الجريمة التي التقطت تفاصيلها كاميرات المراقبة المثبتة بالشارع، وأكدت نية القتل العمد، ووفقًا لذلك أقرت المحكمة ضد المذكور الإدانة وحكمت بالإعدام، الذي لم ينفذ مع صدور قرار محكمة النقض بتحديد جلسة 26 يناير/ كانون الثاني المقبل لنظر طعن المتهم.
أقامت النيابة دليلها قِبل المتهم من شهادة 25 شاهدا، أكدوا رؤيتهم المذكور حال ارتكاب الجريمة، فضلا عما شهد به رئيس المباحث مجري التحريات من تطور الخلاف الناشئ بين المجني عليها وبين المذكور لرفضها الارتباط به وتعرضه الدائم لها، حتى عقد العزم على قتلها.
سلمى بهجت (9 أغسطس/ آب 2022): بالسيناريو نفسه تقريبًا، قتلت الطالبة سلمى بهجت على يد زميلها إسلام محمد بمدخل عقار سكني دائرة قسم أول الزقازيق بمحافظة الشرقية (شمالي البلاد)، طعنًا في أنحاء متفرقة من جسدها حتى فارقت الحياة، لرفضها وذويها خطبتها له. وقضت محكمة جنايات الزقازيق بمعاقبته بالإعدام شنقًا، عن الواقعة التي تم تصويرها من قبل شهود عيان.
الضحية الثالثة للرفض كانت خلود السيد (17 أكتوبر/ تشرين الأول 2022)، حين تسلل خطيبها السابق من شرفة مسكنها بمحافظة بورسعيد (شمالي شرق البلاد)، حيث تعيش وشقيقها الذي تعول، وقتلها خنقًا، لرفضها الاستمرار في خطبته لما تبين لها أنه متزوج. وقضى النائب العام بإحالته إلى محكمة الجنايات، التي قررت تأجيل القضية إلى دور انعقاد ديسمبر/ كانون الأول المقبل من العام الجاري.
العنف الجنسي:
قضت محكمة جنايات شمال القاهرة المنعقدة بالعباسية، بالسجن 3 سنوات ضد الفنان شادي نبيل، في اتهامه بهتك عرض 7 فتيات بالقاهرة ونويبع، داخل ورش تمثيل خاصة مملوكة له.
وكانت بعض الفتيات كتبن في يونيو/حزيران الماضي منشورات عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن استغلال المذكور حاجتهن للتدريب وسلطته عليهن، ثم اعتدى عليهن جنسيًا. وأبلغ عدد منهن الشرطة، وبناءً عليه تمت إحالته للمحاكمة.
في مايو/آيار الماضي، قضت محكمة جنايات القاهرة، بالسجن 3 سنوات وغرامة 200 ألف جنيه، بحق رجل الأعمال محمد الأمين، في اتهامه بقضية تعرض فتيات من نزيلات دار أيتام مملوكة له في بني سويف لاعتداء جنسي بالقوة والتهديد.
وفي الشهر نفسه، قررت النيابة العامة إخلاء سبيل فتاة صومالية على ذمة التحقيق معها في واقعة قتلها سائقَ مركبة (توك توك)، بعد محاولته مواقعتها. وأكدت تحريات الشرطة صحةَ روايتها في التحقيقات بعد استجوابها، حيث أقرَّت بقتلها السائق حالَ مقاومته أثناءَ محاولته مواقعتها كرهًا عنها.
وأوضحت المجني عليها أنها استقلت المركبة رفقة السائق لتوصيلها، وأنه قد اتخذ طريقًا غير مأهول، وتوقَّف مدعيًا عطلًا أصاب مركبته، ثم أشهر في وجهها سكينًا كان يخفيه أسفل مقعد القيادة، وهددها للموافقة على مواقعتها، ففرّت منه هاربة، ثم لحقها، وتمكن منها بعدما سقطت أرضًا، وشرع في مواقعتها واضعًا السكين على رقبتها، فقاومته وأمسكت السكين بكلتا يديها حتى أُصيبَت أصابعها بجروح، وانتزعته منه وطعنته به، فتركها، وفرَّت هاربةً تستغيث بأحد الخُفَراء.
لا تزال القضية المعروفة إعلاميًا بـ”مذبحة الريف الأوروبي” منظورة أمام المحكمة، والتي راح ضحيتها مزارع وأبنتاه وحفيداه. تم العثور على جثامينهم بمزرعة بقرية الريف الأوروبي بمدينة الشيخ زايد بالجيزة، بالتزامن مع ما تم تداوله بمواقع التواصل الاجتماعي من أنباء حول الواقعة.
التحقيقات بينت أن المتهم (في العقد السادس من العمر) كان يشارك المجنيَّ عليهم العمل والإقامة بالمزرعة، وأنَّ باعثَه على الجريمة هو ضبطه حالَ شروعه في التعدي على إحدى المجنيِّ عليهم وافتضاح أمره. الأمر الذي دفعه لقتلهم جميعًا.
العنف البدني:
منتصف يونيو/حزيران الماضي، أيدت محكمة جنح مستأنف المنعقدة شمالي القاهرة، حكم أول درجة بحق “وليد. س”؛ لاعتدائه على زوجته ماري مجدي، في القضية المعروفة إعلاميًا بـ”سيدة الشومة”.
وكانت محكمة جنح الأميرية عاقبت الزوج بالاعتداء على زوجته ماري مجدي في الشرابية بالقاهرة، بالسجن سنة واحدة، وغرامة 20 ألف جنيه. حيث ورد إلى النيابة العامة بلاغ المجني عليها وابنتها بتعدي المتهم على الأُولى ضربًا باستخدام سكين وعصا خشبية وإحداث إصابتها بأنحاء متفرقة من جسدها؛ إثر خلافات أسرية.
وفي أعقاب ذلك رصدت وحدة الرصد والتحليل بإدارة البيان بمكتب النائب العام تداول مقطع مصور بمواقع التواصل الاجتماعي حال تعدي المتهم على زوجته. وبسؤال المجني عليها شهدت في التحقيقات بذات أقوال ابنتها. وقدَّمت بالأوراق مقطعًا مُصوّرًا يظهر به المتهم حال تعديه عليها. وعلى هذا قدَّمت النيابة العامة المتهم محبوسًا لمحاكمة جنائية عاجلة في ضوء ما ثبت في حقه من اتهام.
في 9 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، قضت محكمة جنح مستأنف الإسماعيلية، بتخفيف حكم الحبس على المتهم في الواقعة المعروفة بقضية “عريس الإسماعيلية” من عام إلى شهر مع إيقاف التنفيذ، في قضية ضرب زوجته، التي انتشر مقطع فيديو سابق لها قبل 8 أشهر، لتعدي زوجها عليها يوم زفافهما.
وكانت محكمة جنح ثان الإسماعيلية قضت على المتهم سابقا بالسجن لمدة سنة مع الشغل والنفاذ، وإعطاء المجني عليها تعويض مدني ألفى جنيه. بعد أن اتهمت المجني عليها زوجها بالتعدي المتكرر عليها بالضرب.
في يونيو/حزيران الماضي، رصدت وحدة الرصد والتحليل بإدارة البيان بمكتب النائب العام عدة منشورات بمواقع التواصل حول اختطاف أب لابنته “نورا” في منطقة المعادي بالقاهرة، واحتجازها والتعدي عليها بالضرب. وكان ذلك بالتزامن مع مباشرة النيابة تحقيقاتها منذ إبلاغ زوجة جدِّ المجني عليها بالواقعة.
وقضت محكمة جنايات القاهرة بمعاقبة الأب بالحبس عامًا عن تهمة الاعتداء على ابنته بالضرب واحتجازها، وبراءته من تهمه الخطف.
استهداف المتضامنات:
قضت دائرة الاستئناف في محكمة القاهرة الاقتصادية، بتغريم الصحفية رشا عزب، 10 آلاف جنيه، خلال جلسة استئناف الحكم ببراءتها في القضية المقامة ضدها من المخرج إسلام العزازي، بتهمة السب والقذف، في أغسطس/آب الماضي.
وكان المخرج المنشورة ضده 6 شهادات تحرش واغتصاب، رفع دعوى ضد الصحفية رشا عزب التي تضامنت مع الناجيات، مع ستة أشخاص، من بينهم المخرجتان عايدة الكاشف وسلمى الطرزي.
وتم تقديم بلاغ ضدهن في يناير/كانون الثاني 2021. لكن النيابة حفظت البلاغ في فبراير/شباط من العام نفسه، قبل أن يتقدم المخرج بطلب ثان لإعادة فتح التحقيق.