في كأس العالم 1998، أثار فوز إيران على الولايات المتحدة بهدفين لهدف أيامًا من الاحتفالات في جميع أنحاء البلاد. وبعد دقائق من المباراة، هنأ المرشد الأعلى، علي خامنئي، الأمة بفوزها على خصومها “المتغطرسين”. وشبّه المباراة بـ”الانتصارات السابقة” ضد “الشيطان الأكبر”.
لكن في التاسع والعشرين من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، حين يلتقي المنتخبان في المونديال مجددًا على ملعب “الثمامة” في قطر بآخر جولات المجموعة، فإنه من المرجح ألا يتلقوا الاحتفاء ذاته من المرشد الأعلى إن حققوا الانتصار. بل وربما ينتقدهم حال تعرضوا للخسارة.
والسبب؟ لاعبو المنتخب الإيراني اختاروا دعم الاحتجاجات الشعبية المتواصلة في بلادهم. وأظهروا ذلك برفض غناء نشيد الجمهورية الإسلامية في افتتاح مباراتهم في المونديال أمام إنجلترا. حيث تلقى رجال المدرب كارلوس كيروش هزيمةً مذلةً بسداسية. لكن الإثارة لم تحضر على أرض الملعب فقط، بل قبلها بأشهر وخلف الكواليس وفي العلن.
اقرأ أيضًا: كأس العالم 2022.. كرة القدم تحت سياط السياسة
“يقال في كثير من الأحيان إن الحرب أخطر من أن تترك للجنرالات. لكن في الجمهورية الإسلامية، الرياضة خطيرة للغاية بحيث لا يمكن تركها للرياضيين”، يقول قمبيز فروهر، وهو مستشار استراتيجي يركز على الأمن القومي في إيران، وعمل على تداخل “السياسة المؤدلجة” مع الرياضة الإيرانية، وطبيعة التدخل الحكومي فيها.
وهنا تحديدًا شعر نظام الملالي بالخطر، حين تبنى لاعبو المنتخب الموقف الرياضي الداعم للاحتجاجات. ليس فقط لأنها حدثت في منصة عالمية مثل المونديال، ولكن لأنها كانت تتويجًا لأشهر طوال من الزخم الرياضي المعترض على قمع النظام. وقد كانت لحظة المونديال تتويجًا لهذا المسعى الذي أظهر أن غضب المجتمع الإيراني اتسع مثلما لم يتسع من قبل؛ ليشمل غالبية فئاته وطبقاته.
تقول أليكس فاتانكا، الزميل البارز في معهد الشرق الأوسط بواشنطن: “لطالما وقف لاعبو كرة القدم في إيران إلى جانب الشعب”. لكن لرسم صورة أوضح لطبيعة مواقف لاعبي الكرة، نحتاج للعودة إلى الوراء قليلًا.
الحرس الثوري والكرة
على مدى العقدين الماضيين، سيطر على إدارة معظم الأندية الرياضية رجال يمثلون المنظمات السياسية أو الأمنية العسكرية التابعة للنظام، مع وجود أفراد سابقين في الحرس الثوري على رأس تلك الإدارات.
والحرس الثوري هو بمثابة كيان مواز للقوات المسلحة ومعني بحماية نظام الجمهورية الإسلامية في الداخل والخارج. وتضخم دوره بشكل عام في الحياة السياسية والاقتصادية بالأعوام الأخيرة.
وصلت السيطرة الكبيرة للحرس الثوري على الرياضة الإيرانية إلى تعهد وزير الخارجية الأسبق، علي أكبر ولايتي، خلال ترشحه للانتخابات الرئاسية عام 2013 إلى نقل إدارة الرياضة إلى محترفين بدلًا من رجال الحرس الثوري. لم يفز ولايتي ولكن “حتى لو كان قد فاز، فمن المحتمل أنه لن يكون قادرًا على الوفاء بوعده. الفوائد المالية لإدارة نادٍ رياضي أكبر من أن يتجاهلها الحرس الثوري”، مثلما يقول قمبيز فروهر.
ويشير فروهر إلى أن دوافع الحرس الثوري الإيراني ليست مالية بحتة. إذ يرى الحرس الثوري أن الرياضة هي شكل من أشكال الرقابة الاجتماعية يتم استغلالها لتحقيق أهداف السياسة المحلية. تجذب أكثر الرياضات شعبية في البلاد، المصارعة وكرة القدم، فئة ديموجرافية “سكانية” من الذكور الشباب غالبًا من خلفيات اجتماعية واقتصادية فقيرة، والتي تحتاج إلى إدارتها وتوجيهها.
يدير ناديي بيرسوبوليس والاستقلال -الناديان الأكثر شعبية في إيران- أفراد سابقون في الحرس الثوري أو شخصيات مرتبطة بالدولة العميقة. الاتحادات الرياضية، مثل كرة القدم والجودو والمصارعة، يديرها قادة سابقون كذلك ممن لديهم خبرة قليلة في الرياضة.
اقرأ أيضًا: 6 خبراء يحللون أحداث إيران: ضعف سيطرة يفضي لوحشية واستمرار العزلة “الدولية”
وفي أغسطس/ آب الماضي، أصبح مهدي تاج، القائد السابق للحرس الثوري من أصفهان، رئيسًا لاتحاد الكرة الإيراني. وقد عمل سابقًا مديرًا إداريًا في نادي برسبوليس قبل أن يترقى في المناصب؛ ليصل لأعلى سلطة كروية في البلاد.
يدلل فروهر المختص في الشأن الإيراني بمدى تداخل الأيديولوجيا في الرياضة بالمباراة بين إيران وكوريا الجنوبية في أكتوبر/تشرين الأول 2016 بتصفيات كأس العالم 2018. كان من المقرر عقدها في المساء الذي يسبق عطلة عاشوراء الدينية، وهو موعد مهم للشيعة المتدينين. ولكن بعد رفض الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) تأجيل المباراة أمرت المؤسسة الدينية الجماهير بارتداء الملابس السوداء وترديد الشعارات الدينية تكريمًا ليوم عاشوراء.
وبحسب موقع “إيران واير“، فإنه في عام 2018 فقط، كان ما لا يقل عن 10 أندية إيرانية لكرة القدم تحت رئاسة قادة حاليين أو سابقين للقوات العسكرية -على وجه الخصوص، الحرس الثوري. “إنهم يشغلون هذه المناصب بسبب سلطاتهم المالية وقوى الضغط الكبيرة، التي تضرب بجذورها في صلاتهم بالحرس الثوري الإيراني” يوضح الموقع الإيراني.
من منظور داخلي قدم نجم الكرة الإيراني، علي دائي، نظرة على كيفية إدارة الأمور عندما أجرى مقابلة صحفية بعد فترة وجيزة من إقالته من منصبه كمدرب لفريق سايبا، وهو فريق كان يعاني في منتصف جدول الدوري. وكشف دائي في المقابلة أن الاسم الحقيقي للرئيس التنفيذي لناديه لم يكن مصطفى مدبر كما هو معروف، بل غفور دراجيزي، قائد الحرس الثوري ومدير الأمن السابق في محطة التلفزيون الحكومية (IRIB).
ما لم يعرفه دائي أن دراجيزي كان أيضًا اسمًا مستعارًا. لم يكن الاسم الحقيقي لرئيس ناديه مدبر ولا دارجي، بل أمير منصور بوزرجيان. وبوزرجيان كان جزءًا من فرقة الاغتيال التي قتلت عبد الرحمن قاسملو، رئيس الحزب الديمقراطي لكردستان الإيرانية، عام 1989 في فيينا.
محمود إبراهيم زاده، أحد اللاعبين الإيرانيين المتقاعدين والذي لعب سابقًا في الدوري الألماني، قال مستنكرًا: “فيفا يعلم أن الاتحاد الإيراني وجميع الأندية (هناك) يسيطر عليها جنرالات عسكريون. إنهم مجموعة من الإرهابيين يديرون اتحادًا هو جزء من الفيفا”.
الرياضيون والاحتجاجات
في الماضي، ساعدت الرياضة قادة إيران على حشد درجة معينة من الوحدة الوطنية على الرغم من السخط العام المتأجج. ومع ذلك، دفعت الانتفاضة الحالية العديد من الرياضيين الحاليين والسابقين للوقوف مع المتظاهرين.
دعّم نجوم على غرار علي كريمي وعلي دائي التظاهرات منذ بدايتها ورفضوا مؤخرًا دعوات لحضور كأس العالم. إذ رفض دائي لأنه أراد “البقاء إلى جانب مواطني بلدي وتبادل التعازي للعائلات التي فقدت أحبائها مؤخرًا”. وبرر كريمي رفضه قائلاً: “الإيرانيون يمرون بوقت عصيب للغاية”.
ورداً على ذلك، وجّه لهم المتشددون -الداعمون للنظام- تهديدات طالت أملاكهم وحتى حياتهم. وفي الشهر الماضي، حذرت صحيفة “جافان” -التابعة للحرس الثوري الإسلامي- دائي من أن “كل من لا يعرف حدوده سيهْلَك”، وتم منعه من السفر لاحقًا. بينما اتهم القضاء الإيراني كريمي -الذي انتقل نهائيًا إلى دبي قبل 5 أشهر- غيابيًا بـ”العمل ضد الأمن القومي”.
وكتب كريمي ردًا على أنباء مصادرة أمواله بأن “المنزل بدون أرض لا يساوي شيئًا”، وأنني “سأضحي بذلك من أجل الناس”. ولا يعد هذا أول موقف سياسي لكريمي إذ سبق وأن أظهر دعمه للحركة الخضراء عام 2009 والتي كانت موجهة ضد الرئيس الأسبق أحمدي نجاد آنذاك.
كما دافع كريمي عن زميله في اللعبة حسين ماهيني ووصفه بأنه “مشرف”، بعد أن نشرت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية -في سبتمبر/أيلول الماضي- نبأ اعتقال ماهيني بتهمة “تشجيع أعمال الشغب” على منصات التواصل الاجتماعي.
دعم العديد من الرياضيين الإيرانيين كريمي من خلال إعادة مشاركة قصصه أو الدفاع مباشرة عنه، بما في ذلك قائد المنتخب الإيراني السابق مهدي مهدفيكيا الذي كتب على موقع التواصل مُنتقدًا النظام “بدلاً من التعزية والاعتذار عن أخطائك، أنت تجعل الناس يكرهونك أكثر. عار عليك تلك الأفعال الشيطانية”. وانضم كذلك اللاعبان كريم باقري وووريا غافوري، وبطل المصارعة المخضرم رسول خادم.
اقرأ أيضًا: الحياة ثمنا لخصلة شعر.. احتجاجات إيران في أسبوعها الثالث
ووريا غفوري -ذو الأصول الكردية- هو قائد فريق استقلال طهران السابق الذي لم يُستدع إلى منتخب بلاده منذ سنوات. ويُرجّح أنه بسبب انتقاداته المتواصلة للنظام الإيراني ودعم الاحتجاجات المختلفة خلال الأعوام الماضية، ومطالباته بالسماح بحضور النساء في المدرجات. وقد انتقده المرشد الأعلى علي خامنئي ضمنيًا في إحدى خطبه.
وفي الرابع والعشرين من الشهر الجاري، ألقت السلطات القبض على غفوري بسبب دعمه للاحتجاجات الشعبية واتهمته بالدعاية ضد النظام في أبرز تصعيد ضد لاعبي الكرة في خضم المونديال، ورسالة غير مباشرة للاعبي المنتخب. إذ يعد غفوري اللاعب الأكثر شهرة الذي يتم القبض عليه.
والأمر لم يتوقف عند الكرة. أظهر لاعبو فرق الكرة الشاطئية وكرة السلة وكرة الماء دعمهم من خلال رفض غناء النشيد الوطني خلال مبارياتهم في الخارج. خلعت لاعبة رماية حجابها بعد إحدى البطولات. وانضمت إليها إلناز ركابي -وهي متسلقة توجت بالميدالية البرونزية في التسلق ببطولة العالم للسيدات العام الماضي.
اجتذبت المظاهرات، التي تمثل التحدي الأكبر لنظام الملالي منذ سنوات، الدعم من جميع شرائح المجتمع، بما في ذلك الطلاب والفنانين والمحامين والناشطين. وأدى دعم الشخصيات الرياضية المعروفة إلى زيادة الدعاية للاحتجاجات ورد الفعل الحكومي الوحشي الذي أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 450 شخصًا. كما تم اعتقال حوالي 14 ألف شخص، من بينهم رياضيون.
وفي سبتمبر/أيلول الماضي، أعدمت السلطات نافيد أفكاري، بطل المصارعة البالغ من العمر 27 عامًا، لمشاركته في احتجاجات مناهضة للحكومة منذ أكثر من عامين. كما استدعت السلطات أو استجوبت أو صادرت، بحسب تقارير، جوازات سفر عشرات الشخصيات العامة التي أيدت الاحتجاجات، بينهم مخرجون وممثلون ومغنون ولاعبو كرة.
الميزان الشعبي
من بين جميع لاعبي المنتخب الحاليين، كان سردار آزمون -مهاجم باير ليفركوزن الألماني- أول من جهر بصوته. “أقصى عقوبة يمكن أن أتلقاها هي الاستبعاد من المنتخب، وهو ثمن زهيد ندفعه مقابل خصلة واحدة من شعر امرأة إيرانية.. عار عليك قتل شعبنا بسهولة وتحيا نساء إيران”، كتب آزمون منشورًا سرعان ما مسحه.
لكن العديد من اللاعبين الدوليين الآخرين أظهروا دعمهم للمتظاهرين من خلال وضع خلفية سوداء على صور ملفاتهم الشخصية. وخلال مباراة إيران والسنغال الودية قبل شهرين، ارتدى جميع اللاعبين سترات سوداء، بدون علم أو رموز مميزة فيما وصف بأنه احتجاج على نظام بلادهم.
رفض آزمون الاحتفال بهدفه في اللقاء. وأشارت تقارير إلى أن مدرب المنتخب كارلوس كيروش اضطر لتأجيل الإعلان عن قائمته المشاركة في المونديال بسبب ضغوطات من الاتحاد لاستبعاد آزمون لم يستجب لها.
حاول النظام الإيراني تدارك الأمر وتهدئة اللاعبين قبل المونديال حين استقبلهم الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي. كان عنوان اللقاء “من أجل العلم الإيراني”. وحصل رئيسي على القميص الفخري “اللاعب الثاني عشر”.
بسبب ذلك تعرض المنتخب لضغط هائل من المتظاهرين لإظهار الدعم في الفترة التي تسبق البطولة العالمية. وواجه اللاعبون وابلًا من الانتقادات العلنية بعد لقائهم رئيسي لالتزامهم الصمت حيال الاحتجاجات.
لذا، خلال المؤتمر الصحفي لمواجهة إنجلترا أعلن قائد المنتخب، إحسان حاج صفي، دعمه للاحتجاجات. وافتتح تصريحاته بالقول “باسم إله قوس قزح”. وهي عبارة قالها صبي يبلغ من العمر 10 سنوات، يُدعى كيان بيرفالك، قتل على يد قوات الأمن الإيرانية.
وقال حاج صفي إنه يقف إلى جانب الشعب الإيراني ويقدم تعازيه للأسر المكلومة في إيران. واصطف المدرب البرتغالي كيروش إلى جانب لاعبيه قائلاً إنه يمكنهم الاحتجاج ما دام أنهم يحترمون قواعد كأس العالم.
اقرأ أيضًا: موجة غضب عابرة أم ثورة.. هل يسقط “التشادور” النظام الإيراني؟
وبينما كان يُطلق الحكم صافرته خلال مواجهة إنجلترا كان الرصاص يُطلق على المحتجين في مدينتي بيرانشهر وجافانرود. وظهرت صور الجثث في الشوارع مع أنباء عن إصابة العشرات. وفي أنحاء مدن كردستان الإيرانية، أُشعلت النيران وسُمعت هتافات الموت للديكتاتور.
حمل بعض المشجعين في ملعب الثمامة لافتات كتب عليها “المرأة والحياة والحرية”. وهتف آخرون باسم علي كريمي، الذي دعا الإيرانيين يومها إلى النزول إلى الشوارع بسبب تدفق قوات من الجيش على مدينة مهاباد الكردية.
“إيران – 2؛ إنجلترا وإسرائيل والسعودية والخونة – 6″، كان ذلك العنوان الرئيسي في صحيفة “كيهان” اليومية المتشددة بعد المباراة. وقالت الصحيفة، التي تم تعيين رئيس تحريرها من قبل المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، إن هزيمة إيران جاءت بعد “أسابيع من الحرب النفسية غير العادلة وغير المسبوقة ضد الفريق … من الخونة المحليين والأجانب”. وأضافت أن “تيارًا إعلاميًا سياسيًا” سعى إلى “الإضرار بروح الفريق الإيراني بمهاجمته”.
وذكرت صحيفة يومية متشددة أخرى، “وطن أمروز”، أن المحتجين احتفلوا بهزيمة بلدهم المهينة في الشوارع وانفجرت الهتافات في المقاهي عندما كانت تسجل إنجلترا أهدافًا. كما أُطلقت أبواق السيارات فرحًا بعد المباراة.
وقال أحد المشجعين طلب عدم نشر اسمه لرويترز إنهم فخورون بالفريق لعدم غناء النشيد الوطني. وأضاف “كلنا حزينون لأن شعبنا يقتل في إيران لكننا جميعًا فخورون بفريقنا لأنهم لم يغنوا النشيد الوطني -لأنه ليس نشيدنا الوطني، إنه فقط من أجل النظام”.
إن الاحتجاج في كأس العالم، ينطوي على مخاطر كبيرة محتملة للاعبين الحاليين في المنتخب الإيراني. “اللاعبون يتعرضون لضغط كبير من قبل الحكومة.. إنه يؤثر على معيشتهم ومستقبلهم ومكاسبهم”، يقول أوميد نمازي -مساعد مدرب المنتخب الإيراني من 2011 إلى 2014. وقد صرح كيروش عقب السقوط المدوي “أنتم لا تعرفون ما مر به هؤلاء اللاعبين خلف الكواليس”.
لكن على الأقل، فشل النظام الإيراني في أن يُجرّف الحياة السياسية بين الشخصيات العامة ونجوم الكرة. ولم ينجح في فصلهم عن باقي المجتمع كما فعلت أنظمة القمع العربية المجاورة. وهكذا كانت الرسالة: كرة القدم أخطر من أن تُترك لغير الرياضيين.