على الرغم من قيام الحكومة المصرية بخفضين كبيرين لقيمة الجنيه هذا العام، وإصدار حزمة إنقاذ جديدة من صندوق النقد الدولي بقيمة 3 مليارات دولار. إلا أن خبراء اقتصاديين أشاروا إلى أن الأوضاع المالية لمصر “لا تزال في وضع غير مستقر””. وفق تحليل حديث نشرته شبكة رويترز.
يقول التقرير: مع مدفوعات فوائد الديون التي من المقرر أن تمتص أكثر من 40% من عائدات الحكومة العام المقبل، ونقص العملة الأجنبية الذي لا يزال يضر بالاقتصاد. يظل المستثمرون حذرين من التعامل في السوق المصري، على الرغم من ارتفاع المعنويات بعد قرض صندوق النقد الدولي.
وأضاف: يشير مصرفيون في أكبر اقتصاد في شمال إفريقيا، إلى أن سعر السوق السوداء للجنيه المصري -من 26 إلى 26.5 جنيها للدولار- لا يزال أقل بنسبة 8% من السعر الرسمي البالغ 24.53 جنيها للدولار. على الرغم من انخفاض القيمة الإجمالية بنسبة 36% هذا العام.
في غضون ذلك، يلفت التقرير إلى أن تجار العملات الأجنبية في مصر مقتنعون بأن سعر الصرف سيكون 28 مقابل الدولار في هذا الوقت من العام المقبل. وقد وضع بنك نومورا الياباني مصر للتو على رأس قائمة البلدان المعرضة بشدة لخطر أزمة العملة.
اقرأ أيضا: الاتفاق مع الصندوق.. هل تعيد الحكومة النظر في مبادرة التمويل العقاري؟
أسوأ درجة
خلال تقرير صادر قبل أيام، حذّر بنك نومورا الياباني، من أن سبع دول. هي مصر، ورومانيا، وسريلانكا، وتركيا، وجمهورية التشيك، وباكستان، والمجر. معرضة الآن لخطر أزمات العملة.
وقال البنك الياباني إن 22 دولة من بين 32 دولة يغطيها نظام الإنذار الداخلي “داموكليس”، شهدت ارتفاع المخاطر منذ آخر تحديث لها منذ مايو/ أيار، مع أكبر الزيادات في جمهورية التشيك والبرازيل.
وقال الاقتصاديون في نومورا: “هذه هي أعلى درجة إجمالية منذ يوليو/ تموز 1999، وليست بعيدة جدًا عن ذروة الأزمة الآسيوية”. ووصفوها بأنها “علامة تحذير تنذر بالسوء لتزايد المخاطر على نطاق واسع في عملات الأسواق الناشئة.”
ويعالج النموذج الياباني 8 مؤشرات رئيسية حول احتياطيات العملات الأجنبية للبلد، وسعر الصرف، والصحة المالية، وأسعار الفائدة. وذلك لإعطاء النتيجة الإجمالية.
واستنادًا إلى بيانات من 61 أزمة مختلفة لعملات الأسواق الناشئة منذ عام 1996، يقدر نومورا أن الدرجة التي تزيد عن 100 تشير إلى فرصة بنسبة 64% لحدوث أزمة عملة في الأشهر الـ 12 التالية. بينما مصر، التي خفضت بالفعل قيمة عملتها بشكل كبير مرتين هذا العام، وسعت إلى برنامج صندوق النقد الدولي، تحقق الآن أسوأ درجة عند 165.
تحت الضغط
ينقل تقرير رويترز عن كارلا سليم، من بنك ستاندرد تشارترد، قولها: “من المرجح أن يظل الجنيه المصري تحت الضغط، حتى يتحقق مزيد من التدفقات الدولارية من دول مجلس التعاون الخليجي والاستثمار الأجنبي المباشر الملتزم”.
أتاحت صفقة الشهر الماضي مع صندوق النقد الدولي بعض الراحة للنظام المالي المصري. حيث ارتفعت سندات الحكومة المصرية -التي سيتم سدادها قريبًا- بنحو 15%، وتقلصت أقساط التأمين التي طالب بها المستثمرون للاحتفاظ بها بدلاً من سندات الخزانة الأمريكية بنحو الثلث. كما ارتفعت السندات التي لا يتعين دفعها لمدة 15-20 سنة أخرى بشكل حاد.
وعلى الرغم من أن قيمة الجنيه بلغت 65-70 سنتًا للدولار، يؤكد المحللون أنها لا تزال تشير إلى الخطر.
وقال تشارلي روبرتسون، كبير الاقتصاديين في رينيسانس كابيتال: “مصر تتحمل عبء ديون مرتفع. ويمكن القول إنها أكثر عرضة للخطر حتى من باكستان، فيما يتعلق بمدفوعات الديون كنسبة من الإيرادات”.
وأضاف: “لكن الاختلاف هو أنها كانت استباقية وسارعت في التوجه إلى صندوق النقد الدولي”. مشيرًا إلى أن مصر تحظى أيضًا بدعم قوي من دول الخليج الغنية.
في الوقت نفسه، ظلت مبيعات أذون الخزانة المصرية قصيرة الأجل للأجانب -وهي مصدر رئيسي للتمويل الحكومي حتى الأزمة الأوكرانية- راكدة نسبيًا عند حوالي 4-6 مليارات جنيه مصري (163-244 مليون دولار)، وفق مصرفيين مصريين اثنين تحدثا لرويترز، وطلبا عدم الكشف عن هويتهما.
لكنهما أوضحا أن ذلك رجع جزئيًا إلى إحجام الحكومة عن رفع سعر الفائدة -أو العائد – على الأوراق النقدية، ليصير أعلى من معدل التضخم، لا سيما عندما يتم تسعير تخفيض حاد آخر لقيمة العملة.
اقرأ أيضا: الدعم صفر.. كيف تحملت الحكومة 40 مليار جنيه “كهرباء”؟.. توقعات بفواتير مضاعفة
مزيد من الانخفاض
هذا الشهر، عندما وجهت تحذيرًا بخفض التصنيف الائتماني لمصر ، قالت وكالة التصنيف الائتماني فيتش، إن تضخم عجز الحساب الجاري لمصر، ومدفوعات الديون الدولية البالغة 33.9 مليار دولار المستحقة على مدى ثلاث سنوات حتى منتصف عام 2025. تجعل مصر عرضة للخطر.
ويقول مصرفيون إنه مع وجود كميات محدودة للغاية من الدولارات وغيرها من العملات الأجنبية المتاحة في مصر، لا يزال المستوردون يواجهون مشاكل في تمويل السلع من الخارج، مما يخلق اختناقات للمصانع وتجار التجزئة.
ونقل التقرير عن فاروق سوسة، الخبير الاقتصادي في بنك جولدمان ساكس، قوله إن “تراكم طلب الشركات على النقد الأجنبي وشح السيولة في النظام سيستمران في دفع الجنيه إلى التراجع إذا سُمح له بالتداول بحرية”.
وقال سوسة: “تشير نماذج التقييم الأساسية إلى أن الجنيه مقوم بأقل من قيمته الحقيقية بنسبة تصل إلى 10% في الوقت الحالي”.
بينما قال جيمس سوانستون، من كابيتال إيكونوميكس، إن الجنيه “ربما كان يجب أن يضعف إلى ما لا يقل عن 25 مقابل الدولار، لحساب فرق التضخم مع شركاء مصر التجاريين الرئيسيين”.
وبينما استمرت مفاوضات صندوق النقد الدولي في مصر لمدة سبعة أشهر، وأدت إلى ثاني تخفيض كبير لقيمة العملة هذا العام. يواصل البنك المركزي السماح للجنيه بالضعف بشكل متزايد بمقدار 0.01 أو 0.02 جنيه في كل يوم تداول.
ويقول محللون إن العديد من المصريين في الشارع ينظرون إلى قوة العملة على أنها مقياس لمدى جودة إدارة الاقتصاد. ونتيجة لذلك، كانت الحكومة مترددة منذ فترة طويلة في السماح لها بالضعف السريع. كما تخشى السلطات أيضًا أن العملة المعومة بالكامل قد تتجاوز الحدود، مما يدفع الشركات إلى رفع أسعارها وتكثيف التضخم بالفعل عند أعلى مستوياته في أربع سنوات.