بهدف ضخ تحويلات المصريين في مشروعات داخل مصر تعتزم الدولة إنشاء شركة مُخصصة لاستقبال استثمارات المصريين العاملين بالخارج. وذلك حسبما أعلنت وزيرة الدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج -سها جندي- مؤخرا.
ووفقًا لتصريحات وزيرة الهجرة فإنها تتوقع إدراج أسهم تلك الشركة في سوق المال. حيث سيستطيع المصريون في الخارج الاستثمار في الشركة المزمع إنشاؤها عبر شراء أسهمها. أو من خلال الاستثمار الخاص بها دون توضيح مزيد من التفاصيل.
لم تكن هذه أول محاولة للحكومة المصرية لجذب وزيادة استقبال أموال المصريين في الخارج. إذ حاولت الحكومة زيادة التحويلات الدولارية للمصريين في الخارج عبر طريقتين. الأولى كانت في عام 2016 عبر إصدار شهادات دولارية للمصريين بالخارج أطلقت عليها اسم “شهادة بلادي”.
كما أجازت الحكومة للمصريين بالخارج شراء هذه الشهادات سواء بأسمائهم أو بأسماء أبنائهم القُصّر لمدد تتراوح بين عام حتى خمسة أعوام. بسعر عائد مميز بفئة 100 دولار للشهادة ومضاعفاتها ودون حد أقصى. ووصل سعر العائد لهذه الشهادات إلى 5.3% و4.5% و5.5% ويصرف العائد كل 6 أشهر.
أما الطريقة الثانية فكانت عبر طرح أراض وشقق للمصريين بالخارج. على أن يتم تسديد أثمانها بالدولار. وسُمي ذلك باسم “برنامج بيت الوطن”. وذلك في عدة مناطق بالمدن الجديدة. أبرزها العاصمة الإدارية الجديدة والعلمين الجديدة وصواري والقاهرة الجديدة والمنصورة الجديدة ومشروع “جنة”. بالإضافة إلى مدينتي والرحاب ومشروعات سكن مصر وبدر والشيخ زايد ودمياط الجديدة والقاهرة الجديدة والعبور والسادس من أكتوبر.
أموال المصريين بالخارج
وخلال السنوات العشر الماضية زادت نسبة تحويلات المصريين بمعدلات سنوية تراوحت بين 29% و21% إلى 11.4%. وجاءت 68.3% من تحويلات المصريين بالخارج من الدول العربية. وفي المرتبة الثانية جاءت من الولايات المتحدة وكندا بنسبة 17.9%. وفي المرتبة الثالثة جاءت دول الاتحاد الأوروبي بنسبة 10.1%. ووصلت النسبة من أستراليا والدول المجاورة لها إلى نحو 2.8%. وفي النهاية بلغت نسبة التحويلات من الدول الآسيوية والإفريقية نحو 0.7%.
(حجم التحويلات الدولارية سنويًا)
ويقدر عدد المصريين المقيمين في الخارج بنحو 10 ملايين مغترب. يقيم ثلثاهم في المنطقة العربية والباقي يتوزعون على دول العالم.
وقد تزايدت معدلات تحويلات المصريين في الخارج منذ قرار تحرير صرف الجنيه المصري في نوفمبر/تشرين الثاني 2016. حيث بلغت التحويلات في عام 2014 نحو 19.6 مليار دولار و18.3 مليار دولار في 2015 و18.7 مليار في 2016.
وقالت وزيرة التخطيط هالة السعيد في تصريحات سابقة إن مصادر النقد الأجنبي لمصر الموجودة حاليا نصفها يعتمد على تحويلات المصريين في الخارج. وجزء آخر يعتمد على السياحة والأخير يعتمد على الصادرات السلعية.
ويقول أيمن زهري الباحث الاقتصادي في دراسة بعنوان استراتيجيات توجيه تحويلات المصريين في الخارج إن التوظيف الأمثل لتحويلات المهاجرين المصريين وتحويل تلك التحويلات لتمويل التنمية لا يجب أن يعتمد على جذب تحويلات المستثمرين. ولكن يجب أن يعمل على تحفيز أصحاب المدخرات الصغيرة على الاستثمار في المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر.
استثمار المدخرات
والمصريون في الخارج عادة يمثلون كفاءات علمية وعمالة ماهرة تستفيد بفارق الأجور بين مصر وبلدان المهجر. وليس لديهم تراكمات مالية كبيرة تضعهم في مصاف المستثمرين -وفقًا للباحث أيمن زهري.
ويُضيف: “لذلك لا بد من العمل على مساعدة تلك الفئة الكبيرة من أصحاب التحويلات الصغيرة على توظيف جزء من مدخراتهم في الأنشطة الإنتاجية. عبر سياسات وأفكار مختلفة عن فرص الاستثمار التي لا تملكها إلا قلة قليلة منهم”.
ويُشير “زهري” إلى ضرورة توسيع الشبكات البنكية والمؤسسات المالية في الدول المضيفة. خاصة في بلدان الخليج والأردن وليبيا التي تستضيف الغالبية العظمى من المصريين في الخارج. نظرًا لأن مثل تلك المؤسسات المالية في بلدان المهجر من شأنها تحفيز المهاجرين على تحويل مدخراتهم لمصر.
كذلك العمل على تخفيض تكلفة التحويل وتقليل الوقت الذي تستغرقه عملية التحويل عبر التوظيف الأمثل للتكنولوجيا. واستحداث مُنتجات بنكية خاصة بالمغتربين وتطوير ما هو قائم منها بمزايا تفضيلية كفيلة بمنافسة المنتجات البنكية في بلدان المهجر.