الصور الشائعة تُقدم الإنسان ساعيًا للقوة ومحاولًا السيطرة، فالقوة حلم وهدف تمنح لك مساحات وقدرات عِدة لكن ماذا لو كان هناك من يميل إلى الضعف والجانب المُظلم؟
اقرأ أيضا.. التعافي من تعاطي الأذى
مكاسب الضعف
اختيارات الإنسان في حياته محدودة ومرتبطة بقدراته وظروفه وما هو متاح، وهذا يؤكد أن ليس كل ما يتمناه المرء يُدركه، بعض الناس يختار أن يظهر في موضع الضعف وقلة الحيلة، هذا الاختيار الذي يأتي وفق عدد من الحالات النفسية.
الانسحاق: كأن يكون الإنسان لا يثق في نفسه ويرى فيها صِغر ومن ثم هو طيلة الوقت ضعيف بشكل اختياري، وربما يصور لنفسه أنه كذلك لأنه لا يملك إمكانيات سواء مادية أو اجتماعية أو ثقافية، تُتيح له أن يكون صاحب رأي وهذه الفئة ترتاح إلى اختياراتها سواء تحت شعار “الرضا بالمكتوب” أو لكونها لا تتحمل نتائج أن تُبادر.
ذكاء الإدارة والاختيار: أما هؤلاء فتأتي اختيارات الضعف كنوع من الإدارة الباطنية للحدث ودفع الآخرين للقيادة الظاهرة وتحمل النتائج، بينما يبدون هم كمفعول بهم رغم كونهم الفاعل لكنه مستتر.
هذه الفئة التي تُفضل إظهار الضعف غالبا ما يكون أكثر أعضائها من النساء، مدفوعات إما بظروف تقلل من جهد المرأة وذكائها أو أنهن مدفوعات بعقل واع جدا وتقرير مصير بشكل غير نمطي.
الضعف كمعامل قوة
تخيل أن أحدهم طلب منك أن تقوده أو تُدافع عنه فماذا ستفعل؟ مثل هذه الطلبات تمنح الإنسان قوة كبيرة، تجعله ينتحل قوة ليست فيه، فقط ليكون أيقونة القوة بالنسبة لمن طلب منه.
من يختار الضعف عن وعي يُدرك جيدا أثر ضعفه أمام الآخرين، ويعلم أن ذلك يحفزهم لبذل مزيد من الجهد.
ما مشكلة إظهار ضعف غير حقيقي؟
الفئة التي تُفضل إظهار الضعف تلعب لُعبة السيطرة والتسلط ولكن بشكل مختلف، بمعنى أنها تدفع الآخر لبذل الجهد وتحمل النتائج، بينما تنعم هي بالمكاسب فقط.
على سبيل المثال للتوضيح: رجل يقول إنه لا حيلة له ولا يستطيع تدبير حياته، وما أصعب ضعف الرجل أو صورة العجز التي يقدمها، في تلك اللحظة فإن الآخر سواء كان رجلًا أو امرأة سيبادر لتدبير أمور الشخص الأول، موفرًا له طرق وبدائل على أن يحصد الأول ما يبذله الثاني.
ومثال آخر، حين تقدم امرأة نفسها كشخص ضعيف، ذلك الضعف المتوافق مع الصور النمطية عن المرأة، والتي تعزز من شعور الرجل بالقوة والسيطرة، في هذه الحالة فإن الآخر سيبذل كل الجهد ليُعطيها إحساس بالأمان والاستقرار، مقدمًا كل ما يقدر عليه.
مُدعي الضعف وقلة الحيلة نوعًا من الناس الذين يمتصون الطاقة، ويمارسون التسلط والإدارة على الآخرين، متهربين من المسئولية.
الفصل بين الادعاء والحقيقة
الإنسان ابن مخلص لثنائية الاختيارات الحياتية، متفائل ومكتئب حزين وسعيد، قوي وضعيف، هذه هي طبيعة الحياة فلا حالة دائمة، ولذا عند إعلان الضعف حالة سائدة، عليك بالتفكر قليلًا قبل المساندة غير المشروطة التي تتبع حالات الضعف التي يظهرها البعض.
فالشخص الذي يقدم الضعف عنوانه، هو إما يعاني مشكلة نفسية فيحتاج مساعدة، أو أنه يُمارس الضعف كلُعبة رابحة. فإذا كان يُعاني مشكلة ثقة، كان من واجب المحيطين به تعزيز ثقته في نفسه، وإذا كان يُعاني قلة إمكانيات حق له أن تدعمه دوائره المقربة.
أما إن كان يُمارس الضعف كلُعبة، فالمحيطين به يقعون تحت استغلاله وسيطرته ويحتاجون مساعدة للهرب من الأثر النفسي، إذ أن حالة الضعف المعلنة نوعًا من الفخاخ بحيث إنه إذا ابتعد، شعر كثيرًا أنه تخلى وباع.
المنطقي أنه لا أحد مهما قلت إمكانياته ضعيف دائما، ولذا عندما تجد هذا الشخص عليك أن تأخذ مسافة أمان، لإن هذه الفئة هي سالبة لكل ما هو جميل لديك.
والحقيقة أننا دومًا بحاجة لوجود مسافة في علاقتنا تلك المسافة التي تضمن ألا نتأذى، أو على الأقل هي مسافة تقلل من حجم الأذى والوجع الذي تتركه كثير من العلاقات،
بعض النساء يلجأن للضعف كحيلة بقاء ورغم تفهم الظروف التي تدفعهن لذلك، يبقى أن ادعاء حالة غير حقيقية، نوعًا من الغش الذي يُفسد العلاقات.
كلنا ضِعاف في لحظة لكن المؤكد أنه لا شخص ضعيف طول الوقت، وفي احتياج طول الوقت، أمثال هذه الفئة المتطلبة جديرين بتأملهم ودراسة سيطرتهم وتسلطهم على من حولهم، ومن المهم أن نفهم أنه ليست كل السيطرة والاستغلال تأتي من شخص يُمارس القوة والنفوذ في العلن، أحيانًا يكون العكس صحيح.